أحمد صبري:
أثار قرار جامعة الدول العربية بغلق مكتبها في بغداد تساؤلات عدة حول أهدافه وتوقيته في هذا الظرف الذي تمر به مسيرة العمل العربي بفعل تداعيات "الربيع العربي" واتجاهات الأحداث في دوله.
ورغم أن السلطات العراقية بادرت بالاتصال بجامعة الدول العربية واستعدادها لتغطية نفقات مكتبها في بغداد وتأمينه بشكل كامل، إلا أن الخطوة جاءت في وقت يترأس العراق فيه القمة العربية التي انعقدت على أرضه في نهاية أذارـ مارس الماضي، ما فسرته بغداد على أنه محاولة لمصادرة استحقاق عراقي في مسار العمل العربي في ظرف بالغ الخطورة تمر به الأمة العربية.
وإذا أخذنا بنظر الاعتبار موازين القوى في مسار العمل العربي وتبدل الأدوار بين أطرافه على ضوء المتغيرات التي تشهدها بعض الأقطار العربية فإن قرار جامعة الدول العربية بغلق مكتبها في بغداد يندرج في هذا السياق.
فالقرار طبقا للراشح جاء معبرا عن هذا التحول الجديد في المعادلة الجديدة في مسيرة العمل العربي لصالح قوى صاعدة تحاول فرض رؤيتها للتغيير، وتوجيه بوصلة الأحداث فيه بعيدا عن الاستقطاب الإقليمي في تحديد أولويات الأحداث في المنطقة.
وهنا تلقي الأزمة السورية بظلالها على المشهد العربي الذي تسعى الدول التي تتصدر العمل العربي بتوظيف جامعة الدول العربية وقرارها الرسمي لخدمة توجهاتها التي تشعر أن العراق، بعد ترؤسه للقمة العربية في دورتها الحالية، لم يلبِّ المشاغل العربية في تعاطيه مع الأزمة السورية.
والسؤال: إذا كان هذا الانطباع عن قصور الدور العراقي في التعاطي مع أزمة باتت تهدد أمن المنطقة برمتها، لماذا عقدت القمة العربية في بغداد؟
والجواب بتقديرنا: إن عقد القمة العربية المؤجلة في بغداد كان بضغط أمريكي ورغبة إيرانية لمنح العراق دورا ربما يساعد بعض الأطراف العربية الإقليمية في تجسيير هوة الخلافات بينها، وتبديد القلق العربي من عمق العلاقة بين بغداد وطهران وانعكاس ذلك على الأمن القومي العربي.
ونضيف إلى ذلك أن الموقف العراقي إزاء تطورات الأحداث في سوريا هو أحد أسباب قرار جامعة الدول العربية بغلق مكتبها في بغداد كرسالة تعكس القلق العربي من حقيقة الموقف العراقي من الأزمة السورية.
فالدول التي تتصدر القرار الرسمي العربي رأت في موقف العراق إزاء الأزمة السورية يتقاطع مع الاجتماع العربي حول هذه القضية وينزع عن العراق شرعية قيادته للعمل العربي.
ونخلص إلى القول: إن العراق يحتاج إلى خطوات جادة وملموسة لطمأنة دول الجوار العربي، وتبديد مخاوفها إزاء مواقفه من القضايا الساخنة بإجراءات عملية، في مقدمتها الانفتاح على محيطه العربي، وتأكيد خياره كدولة مؤثرة في منظومة العمل العربي، بعيدا عن أي إملاءات خارجية تتقاطع مع موجبات الأمن العربي ووحدة موقف دوله إزاء التهديدات الخارجية.
وبهذه الاشتراطات الملبية للشواغل العربية يمكن أن يستعيد العراق دوره في مسار العمل العربي المشترك. <!--EndFragment-->
نشرت فى 23 يونيو 2012
بواسطة mhmadshoo
عدد زيارات الموقع
276,748
ساحة النقاش