محمد شو

العالم بين يديك

د‏.‏ وحيد عبد المجيد:

أخفق الإسلاميون في الجزائر في استكمال ما بدا حتى وقت قريب أنه حزام الإسلام السياسي الآخذ في التشكل في شمال أفريقيا بعد وصول أقرانهم إلى الحكم في تونس والمغرب واقترابهم منه في مصر وصعودهم الواضح في ليبيا التي تنتظر انتخاباتها الأولى بعد القذافي.

وبالرغم من أن الجزائر لم تشهد حراكًا من النوع الذي يُطلق عليه "الربيع العربي" أو ربيع الإسلام السياسي فقد اعتقد الإسلاميون أن قطار التغيير لا بد أن يصلها عبر الانتخابات مثلما حدث في المغرب. غير أن الجزائر أثبتت أنها مختلفة فأوقفت قطار "التغيير الإسلامي"، وحالت دون تشكل حزام للإسلام السياسي في شمال أفريقيا.

ونجح "حزب جبهة التحرير الوطني" في المحافظة على أكثريته وحصد 220 مقعدًا من أصل 464، بينما جاء التحالف الإسلامي الثلاثي الذي أُطلق عليه "تكتل الجزائر الخضراء" بقيادة "حمس" وراءه بمسافة كبيرة، فلم يحصل على سوى 48 مقعدًا بنسبة حوالي 10.5 في المائة فقط. كما حصل حزبان إسلاميان آخران على 11 مقعدًا منها سبعة لـ"حزب العدالة والتنمية" و4 لـ"جبهة التغيير".

ويمكن فهم الإخفاق الذي مُني به الإسلاميون في الجزائر بثلاثة عوامل أساسية: أولها أن وضع الإسلام السياسي في الجزائر كان مختلفًا تمامًا على مدى نحو عقد ونصف العقد عنه في باقي بلاد شمال أفريقيا. فكانت حركة "حمس" التي تعبر عن تيار "الإخوان المسلمين" جزءًا من السلطة منذ عام 1996. فقد دخلت الحكومة للمرة الأولى في ذلك العام بوزيرين في عهد الرئيس الأسبق اليمين زروال. ووصل عدد وزرائها إلى سبعة في بعض الحكومات التالية. وكان لها أربعة وزراء في الحكومة التي أجرت الانتخابات الأخيرة قبل أن تنسحب قبل عدة أشهر فقط من الائتلاف الذي كانت شريكًا ثالثًا فيه مع حزبي "جبهة التحرير الوطني" و"التجمع الوطني الديمقراطي".

ولا يمكن أن تكون في الحكم طول هذا الوقت ثم تقنع الكثير من الناخبين باعتبارها بديلًا عنه ويكفي هذا "الانفصام" السياسي لتفسير الهزيمة التي مُنيت بها "حمس" والإسلاميون في الانتخابات الجزائرية التي أُجريت في لحظة قد تكون بداية نهاية ما أُسمي "الربيع العربي" في مجمله، وليس "ربيع الإسلام السياسي" فقط.

وربما تكون حالة عدم الاستقرار السائدة في البلاد التي شهدت هذا "الربيع"، تفسيرًا ثانيًا، حيث فضل معظم الجزائريين المحافظة على الوضع القائم خوفًا من مجهول قد يكون مؤلمًا، وإبقاء حزب جبهة التحرير الوطني في السلطة بالرغم من كل مساوئه.

وثمة تفسير ثالث لإخفاق حركة "حمس" في اللحاق بقطار "ربيع الإسلاميين العرب"، وهو تفتت الحالة الإسلامية السياسية في الجزائر. فقد انقسمت "حمس" نفسها، وأسس المنشقون عليها بقيادة عبد المجيد مناصرة حزبًا جديدًا هو "جبهة التغيير الوطني" الذي حصل على أربعة مقاعد فقط. كما نال "حزب جبهة العدالة والتنمية" الذي أسسه عبد الله جاب الله، أحد أبرز رواد الحالة الإسلامية السياسية في الجزائر، سبعة مقاعد.

ورفض هذان الحزبان ""جبهة التغيير" و"العدالة والتنمية"" الانضمام إلى التكتل الذي قادته "حمس"، وهو تكتل "الجزائر الخضراء". ولم يكن لتحالف ثلاثة أحزاب إسلامية في إطار "تكتل الجزائر الخضراء" أثر ملموس بسبب حداثته، إذ تم الاتفاق عليه قبل أقل من شهرين على بداية الحملة الانتخابية الرسمية في 15 إبريل الماضي.

ولذلك كله وقف قطار "ربيع الإسلاميين العرب" عند حدود الجزائر ولم يتمكن من اجتيازها لأن أغلبية الناخبين لم يجدوا فيه ما يحفزهم على التغيير واستبدال تيار لم يلهمهم أداؤه في بلاد مجاورة لهم بآخر عرفوه وتعودوا عليه رغم عدم اقتناعهم به.

ولذلك كانت نسبة المشاركة في الانتخابات محدودة، بعد أن جاءت الحملات الانتخابية هزيلة فاترة. فقد غاب معظم الشباب عن الانتخابات، فيما استجاب من حضر لتحذير الرئيس بوتفليقة من تحول الجزائر إلى ما أسماه "ميدان تحرير" في إشارة إلى حالة عدم الاستقرار التي تعاني منها مصر وغيرها من بلاد "الربيع" التي تصدرها إسلاميون لم يظهر في أدائهم حتى الآن ما يشجع على تكرار التجربة في بلد آخر. <!--EndFragment-->

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 37 مشاهدة
نشرت فى 17 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

272,497