محمد شو

العالم بين يديك

authentication required

جواد البشيتي

"جولة الحسم" من انتخابات الرئاسة المصرية لن يكون فيها من "حُرِّيَّة" الإرادة السياسية للناخِب، الذي أدلى بصوته، أو لم يُدْلِ به، ما يجعلها انتخابات "ديمقراطية"، من حيث "المضمون"؛ ويكفي دليلًا على ذلك "السؤال- الخيار"، والذي هو "أشفيق أم مرسي؟".

إنَّهم نحو 50 مليون ناخِبٍ؛ فَكَمْ منهم سيَحْسِم أمْره، ويقرِّر الإدلاء بصوته، إذا ما ظلَّ "السؤال- الخيار" هو نفسه؟!

وحتى لا أبْدو مغاليًا أقول إنَّ جزءًا كبيرًا من الناخبين الذين سيقرِّرون عدم الإدلاء بأصواتهم إنَّما هُمْ، بمعنى ما، ضحايا هذا "السؤال- الخيار".

أمَّا الذين أدلوا بأصواتهم فليسوا كلهم مؤيِّدين حقيقيين للمرشَّحَيْن الرئاسيين شفيق ومرسي؛ فإنَّ جزءًا كبيرًا من هؤلاء سيصوِّتون بما يقيم الدليل على أنَّ تصويتهم يَفْتَقِر إلى "حُرِّيَّة" الإرادة السياسية لديهم؛ فهذا صَوَّت لمرسي نكايةً بشفيق، وذاك صوَّت لشفيق نكايةً بمرسي؛ وهذا إنَّما يعني أنَّ "النكاية" هي الدَّافِع الكامِن في تصويتهم "الحُر"!

في "الجولة الأولى"، تَفوَّق مرسي قليلًا على شفيق؛ لكنَّ هذا "الثنائي"، أيْ "شفيق- مرسي"، خَرَج "من هذه الجولة" فائزًا؛ فعلى مَنْ فاز؟

لقد فاز على "المرشَّح الثالث"، الذي لو توحَّد لكان هو أحد الطرفين الفائزين؛ وهذا "المرشَّح الثالث" هو، في المقام الأوَّل، "صباحي- أبو الفتوح".

والآن، أقول إنَّ "الخيار الأسوأ"، والذي ينبغي للثورة المصرية اجتنابه، وعدم الأخذ به، هو أنْ تَقِف بعض قواها موقفًا من "القطبين" يمكن أنْ يعود بالنفع والفائدة، انتخابيًّا، على مرشَّح العهد البائد شفيق؛ فإنَّ كل اعتراضٍ على المرشَّح الآخر مرسي، وكل خوفٍ وتطيُّر من أنْ يقع منصب الرئاسة في قبضة "الإخوان المسلمين"، يجب ألاَّ يُتَرْجَم بتصويت ناخبين مؤيِّدين للثورة لمصلحة شفيق؛ فهذا التصويت هو المحظور الأوَّل الآن.

إنَّ كل طرفٍ يَنْظُر إلى نفسه على أنَّه جزء من الثورة، أو تَنْظُر الثورة إليه على أنَّه جزء منها، ينبغي له، في هذه الساعة الحاسمة، أنْ يَدْعو علانية إلى عدم التصويت لمصلحة شفيق.

بعد ذلك، وانطلاقًا من ذلك، تَبْذُل قوى الثورة جميعًا "محاولتها الأخيرة" للاتِّفاق الذي من شأنه أنْ يجعل المرشَّح مرسي مختلفًا عمَّا كان، وبما يجعله هذا الاختلاف "الضروري والحيوي" مرشَّحًا رئاسيًّا هو الأقرب إلى الثورة، بمبادئها ومطالبها وغاياتها.

هذا الاتِّفاق، أو ما يشبهه، هو "الثَّمَن" الذي ينبغي لجماعة "الإخوان المسلمين"، ولسائر قوى وأحزاب "الإسلام السياسي"، دفعه الآن إذا ما أرادت، أو إذا ما أُريد، جَعْل المرشَّح الرئاسي مرسي "مرشَّح الثورة"، يُدْعى الناخبون المؤيِّدون للثورة إلى التصويت لمصلحته؛ وإلاَّ أُخِذَ بالخيار المزدوج الآتي: دعوة الناخبين المؤيِّدين للثورة إلى عدم التصويت لمصلحة شفيق، وتَرْك الناخب يختار في حرِّيَّة بين أنْ يصوِّت لمصلحة مرسي أو أنْ يلازِم بيته يوم الاقتراع.

إيَّاكم والانخداع بالمرشَّح شفيق؛ فهذا الجنرال "ابن العهد البائد" لا يضيره الآن أنْ يُضمِّن "برنامجه الانتخابي"، وأشباهه، كل شعارٍ "أو فكرة، أو عبارة" تَقَع موقِعًا حسنًا من نفوس ناخبين مؤيِّدين للثورة؛ لكن متطيِّرين من "الإخوان المسلمين"، ونفوذهم وسلطانهم؛ فغايته الآن هي الفوز بمنصب الرئاسة ولو كانت الوسيلة هي التضليل والخداع.

وإيَّاكم أنْ تُفضِّلوه على المرشَّح مرسي بدعوى أنَّ التعامُل معه، والصراع ضدَّه، إذا ما أصبح رئيسًا، أسهل وأيسر؛ فهذا الجنرال تَقِفُ وراءه، وتدعمه، قوى ليس التعامُل معها، والصراع ضدَّها، من السهولة واليسر الذي يَظُنُّون أو يتوهَّمون؛ فهل نسيتم الصراع المرير الذي خاضه "المجلس العسكري الأعلى "الحاكم""، وهو إحدى تلك القوى، من أجل أنْ يُبْقي الحُكْم في قبضة العسكر؟!

إنَّني ضد حُكْم جماعة "الإخوان المسلمين"؛ لكنَّ هذا لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، جَعْل هذا التطيُّر من حُكْم "الإسلام السياسي" سببًا لانتخاب "نظام حُكْمٍ" قامت الثورة من أجل إطاحته والقضاء عليه!

وفي "ميدان التحرير"، يمكن ويجب العثور على تلامذة نُجَبَاء لجان جاك روسو، وجون لوك، وفولتير، ومونتيسكيو، فتُصاغ "وثيقة حقوق" تشبه "إعلان حقوق الإنسان والمواطِن" الذي أصدرته الثورة الفرنسية، فالثورة إنَّما هي، في بعضٍ من أهم معانيها، "وثيقة دستورية جديدة"، تُوْلَد حيث وُلِدَت الثورة نفسها، وتُصاغ على أيدي صُنَّاع الثورة أنفسهم. <!--EndFragment-->

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 16 يونيو 2012 بواسطة mhmadshoo

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

268,985