الشاعرة والكاتبة الأديبة دكتورة مرفت محرم

تسبيحات

إن صفاء النفس وشفافية الروح ، فى لحظات البوح النورانى ، والإلهام الربانى ، تؤدى للارتقاء ، والطهر والنقاء ، وسلامة الفكر الخلاق ، وعميق الوعى والإدراك .... عندئذ سترى تجليات تدعو للانبهار ، لحظة انزواء غبار المادة الكثيف،  فتتجلى صنعة وعظمة الجبار اللطيف  
فيدرك الإنسان من أسرار الوجود والكون ، مالا يدركه الغافلون اللاهون ، المنغمسون فى أمور الحياة المادية ، بأبعادها اللاهية الملهية
فالإحساس بعظمة المولى تكمن فى تسبيح الكون : ظاهره ومخفيه ، مطيعه وعاصيه ، مدركه ولاهيه ،  مغيبه وواعيه ، متحركه وساكنه ،  حيه ومسجيه ، جميله وشائنه ،  مسبحا للمولى عاليه ... كل بطريقته ووسائله
فهو فى كل الأحوال ،  لغة اللسان ، وحال الكمال الذى يعجز الإنسان عن وصفه ، فيسبح بحمده فى خشوع واستسلام ، وسلام واطمئنان ، يناجيه  بالوجدان ، فيغدق عليه بالحنان والإلهام .....  بشرط واضح وصريح ، هو أن يوافق الذكر والتسبيح ، كف الجوارح عن محارم الله أوالتجريح
إن الإنسان يظل قلقاً ، فزعاً ، حائراً ، فى هذه الحياة ، مادام قلبه لاهياً عن ذكر الله .... فإذا عرف القلب طريقه إلى مولاه ، وامتلأ بخشيته وتقواه ؛ ألزم الجوارح بالطاعة  ورطب لسانه فى كل ساعة ... بذكر الإله ، ومحبته وتقواه ، طمعاً فى جنته ورضاه  
إن الكون جميعه يسبح بحمده ، ولا نرى إلا ظله ، ولا نفقه كنهه ، وعز من قائل (وإن من شىء إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا) الإسراء 44
إنها العظمة تتجلى فى صنعته ، وتسبيح خلقه بمشيئته ، فلا نملك الفهم أو القدرة على الاقتراب ، من عظمة المولى الوهاب ، إلا بالتسبيح والذكر ، والابتهال والشكر ، فما من مخلوق على وجه الأرض إلا ويلهث بالدعاء والأمل والرجاء  ، وعز من قائل (يسبح لله ما فى السموات وما فى الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم) الجمعة 1
والتسبيح هو التقديس والتمجيد ، والتنزيه من كل نقص وعيب ، ولا ريب أن الذكر الدائم لجلاله بكل إسم ووصف نسبه لذاته العلية ، وإخلاص العبادة له وحده بالاعتقاد والنية ، ثم بالقول والأفعال الحسنة الطيبة الهنية ، التى تليق برب البرية .... هى من متطلبات التسبيحات العلية
التى هى النطق بالشهادتين بحسن نية ، وبفهم صحيح لدلالاتهما القوية ، وإقامة الصلاة فى خشوع وروية واطمئنان ، وشكر الرحمن فى كل حين وآن  ... وإيتاء الزكاة تطهرا من الأدران ، والنجاة من النيران ،  وصوم رمضان فى طاعة وإخلاص ، لنفوز بالإنصاف ، والحج المبرور ، طمعاً فى الذنب المغفور ، بغير رفس ولا فسوق ولا جدال .... فنبتهل فى الدعاء ، والتوسل والرجاء ، للوصول للجنان ، ومحبة الرحمن
فتوحيد الإلوهية ، من التسبيحات الجلية ، وتقديس أفعاله الربانية ، مثل الخلق والرزق ، والإفناء والبعث ، وتفرده فى هذه الأمور ، التى هى من المقدرات الإلهية  
إن كل ما فى الوجود ، يعبد الله الموجود ، ويسبح بحمده ، ويخلص فى دعائة ، ويقدس أسماءه الحسنى ، وصفاته العلا ... فواجب الإنسان الأول فى الحياة ، هو أن يعبد الله ويسبح بحمده تسبيحاً يليق بمولاه   فالعابد يسبح الله وهو خاشع لعظمته ، عارف لجلاله وقدرته ، المنقاد لأوامره ، الذى يعلم بأن ناصيته ومرده إليه فيخلص فى إعلان إناباته وخشيته
اللهم اجعلنا من الذاكرين لجلاله ، المسبحين بحمده ، والناطقين باسمه الأعظم ، والمتلطفين بلطفه ، والمحتمبن بكنفه ، الساعين على أرضه ، المستظلين بسمائه ، الراضين بقضائه ، الشاكرين لعطائه 
...........
موقعى الشخصى على الرابط : 
http://drmervat.blogspot.com/

المصدر: موقعى الشخصى على الرابط : http://drmervat.blogspot.com/
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 135 مشاهدة
نشرت فى 13 ديسمبر 2011 بواسطة mervatmoharam

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

6,889