كتبت: أ.د. نادية حجازى
إن لم تعتادى تدوين تفاصيل الأموال التى تنفقينها فعليك أن تبدئى بمراقبة نمطك الخاص فى الإنفاق على مدار الشهر أو الفصل أو العام الماضى، ودققى فى كعب الشيكات والإيصالات الخاصة بك، أما بالنسبة للمشتريات المدفوعة نقدا، فعليك تخمين أسعارها بالتقريب ثم إبدئى بالتخطيط للشهر القادم بمحاولة تقدير المبالغ الخاصة بالإنفاق فيه، ستجدين أن بعض التكاليف غير مستحقة الدفع شهريا، فمنها ما يستحق الدفع سنويا أو نصف سنويا، مثل مخالفات السيارة وتأميناتها والإستقطاعات من الراتب، كما أن بعض التكاليف مستحقة الدفع غير متوقعة الدفع بشكل منتظم مثل أعمال صيانة السيارة والكتب المدرسية والتبرعات، ولهذا فإن الميزانية يفترض أن تشتمل على التكاليف الدورية مثل التكاليف الشهرية والسنوية ونصف السنوية كما ينبغى أن تتنبأ خطة الميزانية بالتكاليف غير الدورية وغير المنتظر دفعها مما يساعدك على تجنب صرف التكاليف المخصصة لشراء شئ ما فى شراء شئ طارئ أو غير متوقع.
خطة إنفاق الميزانية
يعرف معظمنا مقدار التكاليف التى يتم إنفاقها إجمالا فى المنزل شهريا بالتحديد، ومع ذلك قد لا تعرف الكثيرات منا أيضا فيما ذهبت المبالغ التى تم إنفاقها، أما تحديد الميزانية فإنه قائم على تحديد الكيفية التى يتم بها صرف النقود وخلق التوازن ما بين الإيرادات التي نحصلها والمصروفات التي ننفقها، لا بد من إعداد جدول بميزانية الشهر قبل بدايته! فالبنود والأنواع تشترك فيها أغلب البيوت، قومى بإعداد جدول يتضمن كافة البنود التى تكونين مسؤولة عنها، وبنهاية كل شهر قومى بإعداد ميزانية جديدة للشهر الذى يليه، وحددى قدر محدد من المال لتلبية شراء كل بند، وعلى مدار الشهر حاولى مراقبة القيمة الفعلية المصروفة فى كل بند، وفى نهاية الشهر قومى بملء العمود الخاص بالمبلغ (الحقيقى) المصروف، ثم قومى بحساب الفرق ما بين المصروف الحقيقى والآخر الذى تم تحديده فى الميزانية من قبل، وهذا ما يسمح بتحسين الأوضاع فى الشهر التالى.
وينبغى أن يتساوى إجمالى الإنفاق الشهرى مع إجمالى الدخل الشهرى، وبهذا يصبح الميزان عند خط الصفر، فإذا زاد إجمالى الإنفاق عن إجمالى الدخل يتحتم بالتالى البحث عن سبل لتخفيض الإنفاق، أما إذا زاد الدخل عن إجمالى الإنفاق فتهانينا الحارة! يمكنك إذن تخصيص النقود الزائدة فى أى من البنود الأخرى المهمة مثل التخلص من دين أو قومى بإدخارها قبل أن تتبدد.
تخصيص الأموال في مظاريف
يعد إستخدام النقود (بدلا من بطاقات الائتمان) فى عمليات الشراء بالدفع النقدى من الأمور التى يصعب مراقبتها، فتخصيص الأموال فى مظاريف من الطرق المستحسنة في حالة مراقبة الإنفاق فى بنود مثل التسوق، وتناول الوجبات خارج المنزل، والترفيه ومساحيق ومستحضرات التجميل والعناية بالشعر ومصروفات الجيب. فبمجرد الإنتهاء من إعداد نموذج جدول ميزانية الشهر، قومى بوضع المبلغ المخصص لكل بند فى مظروف خاص به، وأكتبى إسم كل بند على المظروف المخصص، على سبيل المثال أكتبى كلمة "التسوق" على المظروف الخاص بهذا البند، فكلما تحتاجين لأموال لصرفها فى بند التسوق فعليك بأخذها من المظروف المخصص لذلك دون غيره.
حاولى عدم تبديل النقود من مظروف لآخر، وخصصى مجموعة من المظاريف لكل بند من بنود إنفاقك، ولا ينصح بإستخدام بطاقات الإئتمان فى الإنفاق على مثل هذه البنود، حيث أن الإنفاق المبالغ فيه عليها شئ متوقع ولا تأخذى المظروف بأكمله معك فى كل مكان ولكن خذى منه المقدار الذى تحتاجين إليه وإتركى المظروف بالباقى آمنا فى المنزل.
تكييف الميزانية مع الواقع
إن جدول ميزانية الشهر ليس جامدا، فقد تتباين أنماط الإنفاق واحتياجاته من شهر لآخر، عندئذ قومى بتحديد الميزانية الشهرية حسب الزيادة والنقصان الطارئ على كل بند وقد يحدث أحيانا أن تنسى إدراج أحد بنود الإنفاق، وهنا إلزمى الصبر وحافظى على هذا النظام، فبعض الناس يمكنه التكيف مع هذا النظام بممارسته على مدار شهرين، بينما يستغرق البعض الآخر وقتا أطول فى التكيف، ولكن في النهاية فإنك ستخلصين إلى وضع أسلوب مناسب لحياتك فى إدارة الميزانية الخاصة بك وستتمكنين من السيطرة على أموالك وإنفاقك.
زيادة الدخل
إن الإلتزام بميزانيتك لا يعنى بالضرورة محاولة كسب مزيدا من المال، وإنما يعنى إدخار كل ما يمكنك مما تتحصلين عليه، والإدخار من أجل تحقيق الآمال يعنى الحاجة الماسة لزيادة الدخل. وطبقا لظروفك، يمكنك تدعيم دخولك الحالى بسبل شتى مثل المشاركة فى الأعمال التسويقية متعددة المستويات أو إدارة مشروع من المنزل أو النجاح فى مجال العمل الحر، كلها سبل لزيادة الدخل.
تخفيض الإنفاق
يعتبر تخفيض الإنفاق وسيلة أسرع وأكثر فاعلية من المحاولة زيادة إجمالى الدخل من أجل تحقيق الأهداف، وقبل أن تعصفى بهذا الإقتراح قائلة بأنه لا يوجد بند يمكن تخفيض الإنفاق فيه، يمكنك الجلوس لمراقبة جدول الميزانية مرة أخرى.
إختبرى مدى تقبل شعورك وشعور أسرتك تجاه تخفيض الإنفاق، هل لا زلت تحتاجين إلى مزيد من التكيف؟ هل يمكنك الإستغناء عن أى بند من بنود الميزانية؟ تذكرى دائما أن هناك فارق بين الإحتياجات الأساسية (الضروريات) والإحتياجات غير الضرورية (الأشياء المرغوب فيها)، فكثير من الأشياء نشتريها بوازع العادة وإن كان من الممكن الإستغناء عن شرائها، فكلنا يريد أن يقتنى ما يقتنيه جاره.
من أجل تخفيض الإنفاق، يجب عليك تحديد الأولويات وكافة العناصر التى لا تحمل أولوية قصوى يمكن تخفيضها، فتخفيض الإنفاق يعتبر أقل ألماً عندما نتذكر أهدافنا ولذلك فإحتفظى بقائمة أغراضك أو أهدافك معلقة في أى مكان بارز لتذكرينها على الدوام.
أضيفى لمسات بسيطة
فيما يلي أفكار رائعة تساعدك على تخفيض الإنفاق وإدخار الأموال:
- تسوقى برفقة قائمة مشتريات. قومى بإعداد قائمة بمشترياتك لتجنب شراء ما لا تحتاجين أو شراء المنتجات بكميات زائدة عن حاجتك.
- تسوقي بمعدة ممتلئة. تسوقى بعد تناول الوجبات الأساسية لتتجنبى شراء الأطعمة الجاهزة والتى تبدو جذابة لمعدة جائعة.
- حافظى على صحتك، إعلمى دائما أن من الحكمة الإقتصادية أن "الوقاية خير من العلاج"، وعلى هذا تأكدى من أنك أنت وأسرتك فى صحة جيدة، فهذا يخفض من نفقاتك الطبية وكذا حافظى على سيارتك وأدواتك المنزلية فى حالة جيدة.
- المشاركة، ما المانع من مشاركة الجيران والأصدقاء والزملاء والأقارب فى تبادل الجرائد والمجلات؟ أليس هذا أفضل ماليا من أن تشترى جريدة إشتراها جارك لتوه فى نفس اليوم؟
- إستخدمى المكتبات العامة، فهذا أفضل من شراء الكتب والمجلات الغالية المستوردة.
- المقايضة، إستخدم أجدادنا القدماء هذه الطريقة فى تبادل السلع والخدمات، فلماذا لا نحيى هذا التقليد الغائب؟ فقد تعرض إحدى الأمهات على جارتها أن تعطى درسا خصوصيا لإبنها فى اللغة الإنجليزية فى مقابل أن تقوم الأخرى بإصطحاب إبن الأولى مع إبنها إلى المدرسة كل صباح.
- المشاركة في الإنتقال والتسوق، فالمشاركة فى الإنتقال بسيارة واحدة يوفر نفقات الانتقال كما أنه مبدأ صديق للبيئة، وكذا فالمشاركة فى التسوق مع الآخرين يساعد على شراء كميات أكبر وبالتالى الحصول على خصم أكبر.
- تعلمى مهارات جديدة وقللى الإعتماد على الآخرين. وهذا إنما يعنى تعلم المهارات التي كنت من قبل تدفعين للآخرين من أجل الحصول عليها، فعلى سبيل المثال تعلمى أن تحلقى شعر زوجك وأبنائك!
- إستمتعى بمنزلك، فالطعام المنزلى أرخص ثمنا وأفضل صحيا، فإجعلى من منزلك مركزا لإستمتاعك.
- إقض وقت عشاء سعيد، إختارى فيلما وشاهديه بالمنزل مع الأصدقاء أو أفراد الأسرة بدلا من الإنفاق على دور العرض السينمائية.
- غيرى أسلوب حياتك، غيرى طريقة عنايتك بنفسك، فقومى بالعناية بوجهك ويديك ورجليك بنفسك بدلا من الذهاب إلى صالونات التجميل باهظة التكاليف، وأقلعى عن العادات غير الصحية والمكلفة مثل التدخين.
- رشدى إستهلاكك، وفرى المال لتحافظى على كوكب الأرض فلقد حان وقت للعودة لعادات جداتنا التى تتمثل فى توفير وإعادة إستخدام كل الأشياء، وحاولى تصريف شئونك بما هو متوفر لديك ورشدى إستهلاك الكهرباء والماء وحدى من إستخدام الهاتف.
بتحديد مستقبلك المالى تكونين قد أخذت أولى الخطوات فى تحقيق أحلامك.
إن الأم التى ليس لها عائل عليها التفكير مليا قبل أن تقرر ترك عملها والبدء فى مشروع منزلى، فخططى وإحسبى جيدا كم الأموال التي تحتاجينها لبدء مشروعك المنزلى، وتذكرى أن معظم المشروعات تحتاج إلى وقت يتراوح ما بين ستة إلى إثنا عشرة شهرا حتى يبدأ تدفق المال وإدرار العائد اللازم لإستمرار هذا المشروع، وتعتمد طول المدة اللازمة لإدرار العائد وتدفق المال على نوعية المشروع الذى تخططين للبدء فيه.
وإلى جانب تخطيطك للميزانية وتدفق المال الخاص بعملك، يتحتم عليك الأخذ فى الإعتبار إحتياجاتك المنزلية ونفقاتك الشخصية التى تحتاجين إلى وضعها فى أولوياتك قبل الإنفاق الخاص بعملك.
ويفضل أن تخبرى من حولك بأنك سوف تتركين العمل قبل تركه فعلا، كما يجب أن تحرصى على الحفاظ على علاقاتك قبل تركك للعمل، ولا تحطمى جسور التواصل عسى أن تحتاجى إلى إقامة علاقات عمل مع رؤسائك السابقين فى العمل أو زملائك.
هناك الكثير من الخطوات لا بد من إتخاذها ولكن لا تقلقى فإنك على الطريق الصحيح!
ساحة النقاش