كتبت: الداعية ألفت مهنا
عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: " بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا نرى عليه أثر السفر ولا نعرفه، حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبته ووضع كفيه على فخذه ثم قال : يا محمد أخبرني عن الإسلام، ما الإسلام ؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا . قال: صدقت: قال عمر: فعجبنا له يسأله ويصدقه. فقال: يا محمد أخبرني عن الإيمان ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره. قال: صدقت. قال: فأخبرني عن الإحسان ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فقال: أخبرني عن الساعة متى الساعة؟ قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. فقال: أخبرني عن أماراتها. قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البناء، قال: ثم انطلق الرجل، قال عمر: فلبثت ثلاثا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم."
ورد هذا الحديث عن سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بصيغ متعددة ولكنها تشترك في المعني وقد ثبت صحة الحديث وما يهمنا في هذا المقام هو أن العلماء العاملين قد بينوا أن هذا الحديث مما يبني عليه الإسلام فهو أولا يوضح أهمية العلم في ديننا وأن هذا الدين لا يصلح إلا بالعلم وقد جاءت آيات الله في كتابه الكريم توضح هذه الحقيقة قال تعالي:
{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} الزمر 9. فالعلم أساس ولذلك قال أهل الله "إن الله لا يتخذ وليا جاهلا .. لو اتخذه لعلمه"
قال تعالي {وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } البقرة282
ثانيا : هذا الحديث يوضح أن الإنسان يرتقي من مقام إلي مقام، فمن مقام الإسلام إلي مقام الإيمان وصولا إلي مقام الإحسان،
قال سبحانه : {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ }الصافات164
وان كل مقام من هذه المقامات له أركان فإذا كان المسلم مكلف بالاهتمام بالشعائر الظاهرة التوحيد باللسان والنطق بالشهادة أن لا اله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله وأداء الصلوات المفروضة وإخراج الزكاة وصوم رمضان وحج البيت إن استطاع إليه سبيلا، وكل هذا من أعمال الجوارح .
فإن المؤمن حريص علي باطنه فهو يؤمن بالله بعقله فإذا تيقن صار هذا الإيمان عقيدة محلها القلب لا تقبل المناقشة فقد عقد عليها في القلب وكذلك الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وقد قال سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم: المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله، التقوى ههنا "وأشار إلى صدره، أي في القلب .
فإذا إستمر الإنسان في مجاهدة نفسه ووفقه الله سبحانه ووصل إلي مقام الإحسان الذي محله السر الذي يجعله دائم الحضور مع الله والذكر له في كل نفس موقنا أنه إن لم يكن يري الله فان الله يراه، وهذه المقامات سوف تكون قاعدة في كل ما نتناوله من معارف في جنة المعارف.
وسوف نبدأ إن شاء الله بمعرفة مقامات معرفة لا اله إلا الله حيث قال سبحانه {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ } محمد19
أسأل الله أن يعلمنا ما جهلنا و أن ينفعنا بما علمنا.
آمين آمين آمين
ساحة النقاش