ما العمل؟؟!
والآن ما العمل مع هذا الوضع الذي تعيشه أمة الإسلام في هذه الأيام ؟
ما العمل مع المأساة التي تمر بها العراق؟ ومع المصائب التي تعاني منها فلسطين؟ ومع الكوارث التي تتوالى على الشيشان؟؟
ما العمل مع الظلم الذي يقع على المسلمين في كشمير وفي البوسنة وفي كوسوفو وفي الفلبين وفي بورما وفي أفغانستان وفي السودان وفي ليبيا وفي غيرها من بلاد المسلمين...؟؟
إنها ليست مشكلة دولة.. أو مشكلة مجتمع.. أو مشكلة فرد..
إنها مشكلة أمة كاملة..
أمة عاشت سنوات تقود غيرها فإذا بها تقاد!!..
أمة رفعت رأسها قروناً فإذا هي تطأطئ رأسها للشرق والغرب!!..
أمة ظلت دهراً تعلم الناس الخير وتضرب للناس الأمثال في الأخلاق، وتأخذ بأيديهم إلى طريق الله عز وجل.. فإذا بها بعد أن عَرَفت طريق الهدى وعَرَّفت به.. إذا بها تتبع هذا وذاك..
مشكلة خطيرة..
وأنا لست مع أنصاف الحلول ..
ولست مع تمييع القضايا..
ولست مع العلاج المؤقت..
نحن لا نريد تفريغاً للشحنات..
لا نريد مهبِّطات للحرارة دون علاج الأسباب الحقيقية للمرض..
لا نريد شعارات جوفاء ولا أصواتًا عالية ولا تشنُّجات مفتعلة..
لا نريد تعليق أخطائنا ومشاكلنا وهمومنا على شماعة حاكم أو عالم أو داعية أو جماعة أو صديق أو عدو..
نحن نريد فقهاً عميقاً لأسباب المرض.. وعلاجاً شرعياً لها..
والمشكلة في اعتقادي مشكلة فكرية في المقام الأول..
هي مشكلة سوء فهم خطير لكثير من الأصول الثوابت في الإسلام..
سوء فهم انتشر في أبناء الأمة من أقصاها إلى أقصاها.. إلا من رحم الله عز وجل..
والحل إذن في العودة إلى فهم الإسلام من مصادره الأصيلة..
في قضية العراق مثلاً:
تجد أطروحات كهذه:
ـ نجد من يقول: إن على صدام حسين أن يتنحى..
ـ وآخر يقول: على الدول العربية أن تسير في الطرق السلمية مهما تفاقم الأمر..
ـ وهناك من يقول: على الأمم المتحدة أن تتحرك..
ـ والبعض يقول: إن على الأمريكان أن يُنهوا حل المشكلة بسرعة..
ـ ورأي آخر يرى أنه يجب على العراق أن يدمر كل أسلحته..
ـ ومنهم من يقول: على المسلمين أن يستنفروا الصين وألمانيا وفرنسا وروسيا للوقوف أمام أمريكا..
ـ وفريق يريد درعاً بشرياً في العراق...
أهذه أطروحات كان سيضعها رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان يتابع معنا الموقف في العراق؟
نحن نريد توحيد المفاهيم على أساس شرع الله عز وجل..
ونريد حركة بهذه المفاهيم وسط أبنائنا وأحبابنا وجيراننا ومجتمعاتنا..
ونريد عملاً بكل مفهومٍٍ علمنا أنه في دين الله عز وجل..
مفاهيم تحتاجها الأمةُ:
سأطرح هنا بعض المفاهيم التي أشعر أن الأمة في احتياج لها..
أخاطب بها كل مسلم.. حاكماً كان أو محكوماً.. عربياً كان أو أعجمياً.. قريباً كان أو بعيداً.. يعيش في بلد محتل.. أو يعيش في بلد حر...
كل مسلم.. وأي مسلم.. رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً..
المفهوم الأول :ـ
ـ ما بدأنا به حديثنا.. أننا لسنا في زمان أبرهة.. فهناك قانون للنصر وضعه الله عز وجل للمسلمين هو قوله: "إن تنصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم".. ونصر الله يكون بتطبيق شرعه.
وقد يقول البعض: إن هذه مسؤولية الحاكم..
ولكن تطبيق الشرع يكون على ثلاث مستويات تشمل الفرد والمجتمع والحاكم كل له دوره في تطبيق شرع الله..
*المستوى الأول.. فردي:
ـ فعل الطاعات واجتناب المحرمات تطبيق للشرع..
ـ الصلاة والصيام والزكاة والحج تطبيق للشرع..
ـ عدم التعامل بالربا مثلاً تطبيق للشرع..
ـ الحجاب تطبيق للشرع..
ـ بر الوالدين ورعاية الجار وحفظ حقوق الطريق تطبيق للشرع....
هناك أمور كثيرة من أمور الشرع يقع تطبيقها على الفرد لا على الحاكم.
*المستوى الثاني.. المجتمع:
"كلكم راع.. وكلكم مسئول عن رعيته"..
ـ تستطيع أن تطبق الشرع في بيتك..
ـ تستطيع أن تطبق الشرع مع تلامذتك إن كنت مدرساً..
مع موظفي العمل إن كنت رئيساً..
مع زبائنك إن كنت تاجراً..
أمور كثيرة في المجتمع نستطيع أن نطبق فيها الشرع دون حاكم..
أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، محاربة للفساد.. محاربة للرشوة.. محاربة للوساطة على قدر ما تستطيع..
*المستوى الثالث..الحاكم :
هناك أمور تستلزم وجود حاكم حتى تُطبَّق.. مثل إقامة الحدود، وتسيير الجيوش للجهاد، ورفع الضرائب والمكوس.. ومنع الخمور, وإغلاق ملاهي الرقص والفجور، ووقف الموالاة مع أعداء الأمة, والاكتفاء بموالاة المؤمنين..
فإذا كان المسلمون لا يطبقون الشرع على أنفسهم في الإطار الذي يستطيعونه فكيف يتوقعون أن يهبهم الله نصراً ؟
هذا عكس السنة الإلهية.. والسنة الإلهية لا تبديل لها ولا تحويل..
"إن تنصروا الله ينصركم, ويثبِّت أقدامكم"..
ساحة النقاش