كان هذا شأن السنة الإلهية في التعامل مع أعداء الحق ومع الجبابرة الظالمين في كل العصور السابقة وحتى زمان أبرهة كما رأينا..

     لكن الله تعالى شرّع سنة جديدة في الطريقة التي يُهلَك بها الظالمون بعد خمسين يوماً فقط من قصة أبرهة.. وذلك بميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم.. كانت حادثة الفيل هي آخر الحوادث التي يُنصر فيها الدين بخارقة..

نعم ما زالت سنة إهلاك الظالمين باقية..

"وقال الذين كفروا لرسلهم لنُخْرِجَنَّكُمْ من أرضنا.. أو لتعودُنَّ في ملتنا.. فأوحى إليهم ربهم: لنُهْلِكَنَّ الظالمين، ولنُسْكِنَنَّكُمُ الأرض من بعدهم.. ذلك لما خاف مقامي وخاف وعيد"

      أي أمة تخاف مقام الله عز وجل, وتخاف وعيده سبحانه.. لابد أن تُمَكَّنَ في النهاية, ولابد أن يُهلك الظالمون المحاربون لها..

سنة ماضية إلى يوم القيامة..

ـ ولكن الذي تغيَّر مع ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو طريقة الإهلاك..

كان الظالمون في السابق يُهلكون بالخوارق..

أما في الرسالة الجديدة رسالة الإسلام فالسنة هي:

"إن تنصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم"..

ـ لابد أن يقدم المسلمون العمل.. الخالص لله عز وجل.. والصحيح على منهاج النبوة..

فإذا قدم المسلمون العمل أنزل الله عز وجل ما يشبه الطير الأبابيل..

أنزل بركة ورحمة وأمناً وتأييداً وتوفيقاً على المؤمنين..

أنزل سخطاً ونقمة وعذاباً على الكافرين..

لكن بغير عمل..  لن تنزل الطير الأبابيل..

وبغير جهد وبذل وعطاء..  لن تُرمى حجارة من سجيل..

إنها السنة الجديدة الخاصة بأمة الإسلام..

وهي سنة ماضية إلى يوم القيامة.. لا تبديل لها ولا تحويل..

"إن تنصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم"..

كثير من الناس يُحبَطون من رؤية الظالمين يتمكنون من رقاب المؤمنين, ويتعلقون بأهداب أمل بعيد أو مستحيل أن تنزل الطير الأبابيل على الكافرين فتهلكهم، بينما يراقب المسلمون الموقف عن بعد!!..

     هذا وهم..  هذا غياب فهم..  هذا عدم فقه لسنة الله عز وجل في التغيير..

لابد أن يعتمد المسلمون على أنفسهم، وعلى سواعدهم، وعلى شرعهم ومنهجهم..

لابد أن يعتمد المسلمون على "ربهم".

     والاعتماد على الله لا يكون إلا كما يريد هو سبحانه، لا كما نريد نحن بأهوائنا..

الله عز وجل وضع لنا سننًا واضحة في التغيير، قد تختلف حسب المرحلة التي يعيشها المسلمون..

قد يكتفي المسلمون في زمن بالدعوة..  وقد تكون هذه الدعوة سراً, وقد تكون جهراً..

قد يحتاج المسلمون إلى معاهدة، وقد يحتاجون إلى جهاد..

قد يجاهدون قوماً, ويتركون آخرين..

وقد يجاهدون الكفار أجمعين..

وبحسب المرحلة تتغير الطريقة..

ولكن في كل الأحوال لابد أن يُقدِّم المسلمون شيئاً..

لا ينزل النصر على قوم كسالى..            

لا ينزل على قوم قاعدين..                                                                      

لا ينزل على قوم سلبيين..

لذلك لا يعجبني الدعاء الذي يدعو به بعض الناس..

"اللهم أهلك الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين"..!!

وأين دورك إذن ؟!

      أتكتفي بالمراقبة..  ثم تسوقك الأحداث سَوقاً إلى سيادة وتمكين وعزٍّ وصدارة؟

هذا وهم..  هذا ليس من سنن الله عز وجل..

إنما السنّة: "إن تنصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم"..

وتذكروا: نحن لسنا في زمان أبرهة..

       ولن تنزل الطير الأبابيل بعد ذلك على الظالمين إذا فرّ من أمامهم الصالحون في رءوس الجبال..

      نحن الآن نشاهد الصواريخ والطائرات والدبابات والبوارج الأمريكية تعربد في كل بلاد المسلمين.. والمسلمون ينظرون بحسرة لمن جاء يدمر بلادهم وأوطانهم.. ويقتِّل أبناءهم وشيوخهم ونساءهم.. وهم كما يظن البعض لا يملكون شيئاً.. فيقولون: عسى الله أن يرسل طيراً أبابيل.. أو يرمي بحجارة من سجيل..

عسى الله أن يُحدث معجزة..

عسى الله أن يأتي بخارقة..

إلى هؤلاء الذين يعتقدون مثل هذا الاعتقاد.. أوجه نداءً من قلبي..

إلى أولئك الذين ينتظرون الصواعق أن تنزل على قاصفات أمريكا..

وإلى أولئك الذين ينتظرون خسفاً بجنود الأمريكان في الكويت والسعودية والعراق وقطر وعُمان وتركيا وباكستان وأفغانستان وأوزبكستان وغيرها... وإلى أولئك الذين ينتظرون طوفاناً يغرق أساطيل الأمريكان في الخليج العربي والبحر الأبيض والأحمر، والأسود والأصفر... وكل ألوان الدنيا..

إلى هؤلاء جميعاً أقول: سيطول انتظاركم!!..

لن تنزل الطير الأبابيل أو أشباهها إلا بعمل..

سنة واضحة.. "إن تنصروا الله ينصركم، ويثبت أقدامكم"..

إخواني في الله..

نحن لسنا أعز على الله عز وجل من نبيه محمد صلى الله عليه وسلم..

المصدر: د/ راغب السرجانى
meetelhaloog

أهلا بكم فى موقع ميت الحلوج - موقعنا كلنا

  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 100 مشاهدة
نشرت فى 26 مارس 2011 بواسطة meetelhaloog

ساحة النقاش

ميت الحلوج

meetelhaloog
لكى يعلم الناس ان كلماتنا كالعرائس اذا عشنا من اجلها ومتنا فى سبيل تحقيقها دبت فيها الحياة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

38,252