رغم أنني كنت أرجح أن تكون الإعادة بين أبو الفتوح ومرسي إلى جانب توقعي أن يكون شفيق منافسا قويا ؛ لكن جاءت الإعادة بين مرسي وشفيق لا تخلو من المفاجأة للكثيرين ؛ وفي الإعادة كان نجاح أي منهما محتملا جدا بدليل أن النتيجة أظهرت ذلك حيث جاء الفارق قليلا بالفعل.

ورغم أنني كنت ملتزما أن أرضى بالنتيجة أيا كانت وأن أدعو إلى دعم الرئيس الذي اختاره الشعب إلا أنني بالفعل قد سعدت بالنتيجة التي حدثت لأنها كفتنا الجدل - في حالة لو نجح شفيق - بأن الثورة لم تنجح وأن النظام القديم سيعاد إنتاجه ؛ وبذلك رحم الله مصر من الدخول في هذا الانقسام وفي فقدان الثقة في كل شيء ، وهذا لا يعني أنني كنت سأتنكر لشفيق في حال لو نجح.

وبالطبع فإنني أهنئ الشعب المصري بمرسي وأهنئ مرسي بالرئاسة ونشفق عليه وندعو له بسداد الرأي والتوفيق وأن يرزقه الله البطانة الصالحة ويجنبه بطانة السوء.

ولا أريد الآن أن أخوض في قرار الرئيس بإلغاء قرار المجلس العسكري بحل مجلس الشعب لأنها قضية معقدة لأن القانون يقول شيئا والواقع وحاجة البلاد تقول شيئا ؛ والرئيس مرسي أراد أن يوفق بين الشيئين فلا هو تجاهل القانون وحكم المحكمة الدستورية ولا هو يريد أن يهمل متطلبات المرحلة التي تمر بها البلاد ؛ فهو لم يتجاهل حكم الدستورية حيث أعلن احترامه للحكم وأظهر أن ما يريده هو مجرد تأجيل تنفيذ الحكم لحين مواتاة الظروف لانتخاب مجلس جديد حتى نتجنب حدوث فراغ تشريعي ورقابي قد يضر بمصالح البلاد.

والذي أريد أن أؤكد عليه هو وجوب احترام الرئيس شخصه وقراراته ، وأن يكون تفاعلنا مع مؤسسة الرئاسة معتدلا بلا تفريط قد يؤدي إلى ضياع أو نقصان هيبتها وبلا إفراط قد يؤدي إلى تفرعنها والعودة إلى سابق الحال.

وهنا أدعو كل ذي رأي وكل ذي مسئولية أن يتجاوب مع قرار الرئيس وأن يبحث في الوجوه القانونية فإن كان بعضها يجيز ما ذهب إليه الرئيس وبعضها لا يجيزه فلنكن جميعا في صف الوجوه التي تجيزه وبذلك يكون فصل الخطاب ؛ فالفقهاء في الدين يختلفون ويأخذ الإمام بما يراه من آرائهم محققا للمصلحة ؛ وكذلك الفقهاء في القانون إن اختلفوا فليأخذ الرئيس بما يراه صالحا ويجب أن يرضى الجميع بما ارتآه رئيسهم فإنه هو المسئول الأول وهو الأكثر دراية باحتياجات المرحلة.

إن القرار الذي ينبغي أن يرفض هو ما كانت جميع الآراء متفقة على عدم قانونيته ؛ وهذا ليس حال ذلك القرار الذي نحن بصدده.

ومما يساعد على استمرار نقاء مؤسسة الرئاسة وقربها من الشعب وبعدها هن الشبهات والقيل والقال أن يبتعد النفعيون والمطبلون والمزمرون عن الرئيس وأسرته وأبنائه ؛ فقد سمعت أمس في أحد برامج التلفزيون بقناة الناس أن بعض الشركات تقدمت بعروض لأحد أبناء الرئيس وهو محامي يدعى أسامة ؛ وأتعجب من هؤلاء المتعجلين وما زال الرئيس في أسابيعه الأولى ؛ فماذا إذن يكون الحال حين تمر الشهور والأعوام ؟!

وهنا أدعو الرئيس مرسي أن يكون حازما وحاسما وأن يضرب بالدرة على رأس كل من يقترب من أبنائه وذويه بالعروض لا لشيء إلا لأنهم أبناء الرئيس أو ذووه ؛ فالشعب قد سئم مسلسل المنافع المتبادلة بين أقرباء رؤساء سابقين وشركات نفعية.

فيا رئيس الجمهورية أرجوك ألا تسمح بهذا فإنني أرجو لك الخير ولأبنائك وذويك ؛ ولن يكون الخير أبدا بوفرة المال وكثرته عن العد ؛ ولكن الخير الحقيقي سيكون في مراقبة الله ثم بالتاريخ الناصع الذي لا تشوبه شائبة والذي يندم الآن سلفك على التفريط فيه ويقول يا ليتني فعلت كذا ولم أفعل كذا.

وترجيحي أن الرئيس غير غافل عن مثل هذه الأمور ؛ ولكنها كلمة وجدت من واجبي أن أقولها.

ونعيد التهنئة للشعب بالرئيس وللرئيس بالرئاسة.

 

ودمتم بخير

 

 

المصدر: الكاتب د عبد العزيز محمد غانم
masry500

طابت أوقاتكم وبالله التوفيق

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 227 مشاهدة

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

111,835