المقالة: فحوى الخطاب القرآني ودلالة التكرار

 

من الشائع في أدبيات العربية " أن الأمر إذا تكرر تقرر" وصار في حكم الملزمات على سواء بين صيغ الأوامر أو صيغ النواهي، فقد توظف آلية التكرار فيما يفهم منه محاولة رفع الشك المتبادر لذهن المخاطب ( بفتح الطاء ) في الموضوع أو توهمه توهما يدفع المتكلم إلى تحصين كلامه من الاشتباه عند السامع، وقد يُتقصد به غرض بلاغي يتغيى منه إبراز فاعلية العملية الإبلاغية الإفضائية ضمن أحواز الجماعة اللغوية، أو لتثبيت صور القضايا المهمة والتأكيد عليها إبقاء لها من هذا الطريق حية وحاضرة في حس المتلقي حيث يعمل التكرار على تأدية دور تثبيتي تذكيري لافت في المواقف المختلفة.

وحديثنا يتناول المسألة من هذا الجانب تحديدا ضاربين صفحا عما يمكن أن يثار نقضا لهذا المعنى من أن هناك تكرارا يصل إلى مستويات قاتمة من الروتين مثلما تشهد له حياتنا اليومية حيث يغدو حينها نوعا من الظهور الخفاء الذي لا يلفت نظرا، و لا يشد انتباها . 

ومن سبيل حديثنا عن التكرار بالمعنى المراد ما يذكر للكندي الفيلسوف ( ت 252 هـ ) من قوله لأبي العباس المبرد : " إني لأجد في كلام العرب حشوا، فقال أبو العباس المبرد: في أي موضع وجدت ذلك ؟. فقال: أجد العرب يقولون: عبد الله قائم. ثم يقولون إن عبد الله قائم. ثم إن عبد الله لقائم. والألفاظ متكررة والمعنى واحد ! " (1).

فهو يطرح ـ بحسب تصوره للقضية ـ من المعاني الظاهرة ما يصلح لأن يكون قسيما مشتركا في جملة طرائق التعبير الثلاثة المحتملة بمعزل عن المرادات البلاغية التي يتغيى المتكلم رسم حدودها من الحدث الكلامي ( لسان المقال ) المشدود بمواقف تستدعي بذاتها حوامل لنمط النموذج اللغوي  ( لسان الحال )، وهو ما يتداركه أبو العباس على سائله قائلا له : " بل المعاني مختلفة لاختلاف الألفاظ فقولهم عبد الله قائم إخبار عن قيامه، وقولهم: إن عبد الله قائم، جواب عن سؤال سائل. وقولهم إن عبد الله لقائم جواب عن إنكار منكر قيامه فقد تكررت الألفاظ لتكرر المعنى " (1).

وهكذا تتعدد أحوال الإجابة بتعدد مواقف المتلقين وأحوالهم ما بين الإخبار، والاستفسار، والإنكار وهو كل مثلث التواصل اللساني بأضلاعه الثلاثية الزوايا.

ومتى رصدنا معطى التكرار بالمفهوم العملي المتحقق في حياة الناس رأيناه أحد مكونات حياتنا الجماعية وأحد متعلقاتها التواصلية ضمن دوائر منظومة التخاطبات والمكاتبات والمقروئيات، فهو يسفر عن وجهه في أكثر من موقف وحدث، ويتبدى في أكثر من طريق . فالطالب الراسب مثلا تمنح له فرصة ليتدارك نقائصه بالتكرار، ويرجع الفضل في حال تـأهله الدراسي إلى التكرار كقيمة علمية عملية من شأنها أن تحسن مستواه ، وتنوع كيفه الأدائي حتى قيل التكرار يعلم الشطار ويكأنّ الشاطر لا يكون كذلك من النضج العقلي والإدراكي إلا بعد أن يراكم أحزمة من الخبرات تشكل وعيه بحاضره وتنير طريقه عبر آفاق المستقبل، فالشطارة والنباهة بالواقع ليست مسبوقة بعدم أو جهالة اتساقا مع سنة الله في الخليقة.

إن أهمية التكرار تدخل كل تفاصيل حياتنا وبأكثر من معنى من المعاني المتصلة بشؤوننا العامة ، فقد يبعث الأب ابنه ـ مثلا ـ في قضاء بعض حاجته وتراه يعاوده الوصية مرة ومرة وأخرى، وفي نيته ألا يغفل أو ينسى تبعا لما ذكرناه من تقرر الأمور بالتكرار، ولعل الشاعر العربي حين يتسالم مع الأمر الواقع المكرور ويقتنع بانعدام الفائدة من التوقي والتحاذر على أساس أن هذا التكرار أمر نافد لا مهرب منه نراه يقر بذلك صراحة بقوله : ولو كان سهما واحدا لاتقيته              ولكنه سهم وثان وثالث.

فهذه المتتالية المكرورة هي التي قذفت في روع الشاعر أن يركن لهذا النوع من الجبر التسليمي، ونفض يديه من إمكانية التغيير وتلمس سبيله. 

وكثيرا ما نتصفح بعض المكاتبات الإدارية في الدوائر الرسمية فنراهم يكتبون عليها ( مهم، مهم، مهم ) تنبيها لأهمية القضية، وتأكيدا عليها باعتماد عامل التكرار.

إن الدارس المتابع لبلاغة الكلام العربي يخلص ـ كما يذكر الخطابي ـ إلى أمرين مهمين عليهما مدار الحديث عن التكرار، فهو ينص ابتداء على نوع من التقسيم الفني يعتبر فيه "  تكرر الكلام على ضربين: أحدهما مذموم وهو ما كان مستغنى عنه غير مستفاد به زيادة معنى لم يستفيدوه بالكلام الأول، لأنه يكون فضلا من القول ولغوا، وليس في القرآن شيء من هذا النوع.

والضرب الآخر ما كان بخلاف هذه الصفة، فإن التكرار في الموضع الذي يقتضيه وتدعو الحاجة إليه فيه بإزاء تكلف الزيادة في وقت الحاجة إلى الحذف والاختصار، وإنما يحتاج إليه ويحسن استعماله في الأمور المهمة التي قد تعظم العناية بها، ويخاف بتركه وقوع الغلط والنسيان فيها والاستهانة بقدرها، وقد يقول الرجل لصاحبه في الحث والتحريض على العمل عجّل عجل، وارم ارم.. وكقول الشاعر :

      هلا سألت جموع كنـ         ـدة يوم ولوا أين أينا

وقول الآخر: يا ل بكر انشروا لي كليبا       يال بكر أين أين الفرار*

وقد أخبر الله عز وجل بالسبب الذي من أجله كرر الأقاصيص والأخبار في القرآن فقال سبحانه: )ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون ( القصص [51]. (2)

فتوصيل القصص بعضه بأثر بعض يبقي على جهاز الاستقبال والتلقي شغالا دوما عند ذوي النفوس المتيقظة ، والعزائم الوثابة التي تنفعها العبرة وتفيدها العظة الحاضرة والعابرة، وهو ما يتيح لها أن تضع نصب أعينها نماذج المثالية البشرية للاحتذاء بها، ومقاربة تجاربها المحدودة بحدود عمرها ثم وزنها وقياسها في أحواز تجارب السابقين الخالدة، حتى لكأن تجارب الإنسانية منذ أقدم مخلوق إلى آخر مخلوق يغادر الكوكب الأرضي تتناسخ في جواهرها ومعانيها وإن اختلفت ظواهرها وألفاظها لأن النفس الإنسانية هي واحدة في أدوائها وأدويتها وأعراضها ، وإن اختلفت بها الأعصر وفرق بينها الزمان والمكان فهي تختزل في الجملة معنى الوجود الإنساني حتى لكأن الخبرة واحدة، والعمر على تباعد أطرافه بين أولها وآخرها فرد واحد، والإنسان في هذه الموقعية من التاريخ الإنساني أو تلك دوما أحوج ما يكون إلى توصيل القول وتكريره للذكرى التي تقاوم النسيان الذي هو قرين التجربة الإنسانية ، تلك الذكرى الوحيانية التي تنسخ تلك السلبيات الحادة في التجربة البشرية نسخ الليل للنهار.

لهذا كان عرض القصة القرآنية كرارا مرارا تأكيدا لهذا القاعدة وحملا على المعتاد الجاري فيما عرفه العرب من كلام، وتشوفا لغاية إعجازية وقف العرب دونها عاجزين وهي يومها من قبيل أنماط كلامهم المألوف، فأرادها الله من كلامه المصروف فكان الفارق بين ذا وذاك فارق ما بين السماء والأرض.

قال ابن فارس : من " سنن العرب التكرار، والإعادة إرادة الإبلاغ بحسب العناية بالأمر، ومنه تكرار ذكر القصة في مواضع إعلاما أنهم عاجزون عن الإتيان بمثله بأي نظم جاء، وبأي عبارة عبَّر " (3).

وعليه فلا التفات لمن ظل يمدّ ويجزر ابتغاء التشغيب على مواطن التكرار في بعض آي التنزيل لأن الآفة قد تتولد من الفهم السقيم، فالتكرار ـ مثلا ـ كما تسفر عنه سورتي " الرحمان " و" الكافرون " على سبيل المثال يكشف عن المستوى الإعجازي والبلاغي في تلك المواطن والمواقف المتنوعة تنوع أحوال المخاطب بين اليقين والظنون والرجحان ولكل حالة من أحوال النفس البشرية لبوسها وما يندرج ضمن سياقاتها .

ففي سورة " الرحمان " مثلا وهي مكية، تتساوق مع المقام المكي . كما أن سياقات أحوال قطّان مكة تحتمل مثل تلك التكرارية علّنا نحس منهم من أحد يسارع لأن يكون قوة في الدين الجديد، أو نسمع لهم ركزا فيستمعون القول الذي تخبت إليه قلوبهم، ولهذا كانت البيداغوجيا القرآنية تقتضي معالجة انحرافات الواقع في الأفكار والتصورات والمشاعر والتي عليها مدار أمر الاعتقاد ، وذلك بتثبيت المعنى من طريق الإعادة تبعا لإجرائية التكرار الذي يقوم بحوامل تضمنت التقرير والتقريع للمخالفين والإنكار عليهم، وفي المقابل تثبيت قلوب المؤمنين.. فلا ضير إذن أن تسمع مكة الإشارة المرة والمرتين والثلاث.. فطبيعة الرسول الثقة والاطمئنان لخبر السماء فهو لا يمل وإن ملّ الناس لأنه يراهن على ما أودع من سلامة في الفطر والأنفس وما بُثّ في الآفاق وما لا يتم اليوم يتم غدا بكله أو ببعضه بالصبر المتكرر، والتذكير المتكرر والإلحاح المتكرر ولا يثبت الغرض على كثرة السهام.

لا معنى لجدال يتنكر للحقائق على الأرض وإلا كان يقصي نفسه ابتداء، ويلغي ذاته من دائرة الحوار الهادئ والعاقل الذي ينفتح على الدائرة المخالفة الساعية في الطريق الثائر المعاند للحق وبيانه، والناكر لتجلياته وإشراقه وتلك بضاعة من فقد الحجة وأضاع بوصلته فاستوت عنده الأنوار والظلم وتساوت لديه الحدود والمعالم.

وإن فيما يعرضه النص القرآني من نظائر وأشباه من صلب النص القرآني وتقريراته التكرارية فسورة الرحمان مثلا يمكن أن تتخذ قاعدة للتدليل حيث أن الله سبحانه خاطب بها ـ كما يذهب المفسرة ـ " الثقلين* من الإنس والجن، وعدد عليهم أنواع نعمه التي خلقها، فكلما ذكر فصلا من فصول النعم جدد إقرارهم به واقتضائهم الشكر عليه، وهي أنواع مختلفة وفنون شتى، ويوبخ على التكذيب بها، كما يقول الرجل لغيره ألم أحسن إليك بأن خولتك الأموال، ألم أحسن إليك بأن خلصتك من المكاره، ألم أحسن إليك بأن فعلت كذا وكذا.. فيحسن منه التكرير لاختلاف ما يقرره به، وهذا كثير في كلام العرب وأشعارهم " (4).

          وهذا مستوى إحساني يمتن به المنعم ويذكر به النص، ولا معنى للمشاحة فيه، ونكران ما هو في نصاب البداهي .

          أما المستوى الذي يقف في الطرف الآخر من هذا المعنى لأول الوهلة فمؤداها يترجم عنه بهذا التساؤل التحكمي القائل : بأي معنى يمكننا قراءة امتنان الله على الثقلين بما ليس من قبيل النعمة والامتنان ولو تجاوزا، فهو أقرب للإدانة والوعيد والتهديد منه إلى شيء آخر من الأشياء المتعلقة بالآلاء ؟ .

          وما يشحد لهذا الغرض سبيل قوله تعالى: )يرسل عليكم شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران  ( الرحمان [35] ؟ فأي أفضال مسداة لهم في قوله )يعرف المجرمون بسيماهم  فيؤخذ بالنواصي والأقدام  ( الرحمان [41] أو قوله )هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون. يطوفون بينها وبين حميم آن  ( الرحمان [43 ـ 44] ؟.

" وكيف يحسن أن يقول بعقب هذا  )فبأي آلاء ربكما تكذبان  ( الرحمان [35]، وليس هذا من الآلاء والنعم قيل: الوجه في ذلك أن فعل العقاب وإن لم يكن نعمة فذكره ووصفه والإنذار به من أكبر النعم لأن ذلك زجرا عما يستحق به العقاب، وبعثا على ما يستحق به الثواب، فإنما أشار بقوله تعالى )فبأي آلاء ربكما تكذبان  ( بعد ذكر جهنم والعذاب فيها إلى نعمته بوصفها والإنذار بعقابها، وهذا مما لا شبهة في كونه نعمة(5) لأن " من حذر من طرق الردى وبين ما فيها من الأذى، وحث على طرق السلامة الموصلة للمثوبة والكرامة، كان منعما غاية الإنعام ومحسنا غاية الإحسان، ومثل ذلك قوله: )هذا ما وعد الرحمان( [يس. 52]، وعلى هذا تصلح فيه مناسبة الربط بذكر صفة الرحمان في ذلك المقام، ومن حق هذا التذييل )فبأي آلاء ربكما تكذبان  ( " لأن يسمى بالتعداد لا بالتكرار لأنه ليس تكريرا لمجرد التأكيد " (6).

ولا تعارض هناك وإلا غدا الأمر مجرد نقاش لفظي فقد يطلق التكرار مرادا به التذكير بالآلاء فيدخل في باب التعداد وهو وارد في سياق قوله تعالى جده: )وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها  ( . 

وقد يكون الاقتصاص من المجرمين بحسب المواصفات القبيحة التي نعتوا بها في النص القرآني من أكبر النعم التي يمتن الله بها على عباده بعد أن شفى صدورهم وثأر لهم من أعدائهم، فالذين أجرموا بصدى الوصف القرآني: )كانوا من الذي آمنوا يضحكون. وإذا مروا بهم يتغامزون. وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فاكهين. وإذا رأوهم  قالوا إن هؤلاء لضالون  ( المطففين [29 ـ 30 ـ 31 ـ 32]، وقد توعدهم الله في الدنيا بقوله)سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما   كانوا يمكرون( الأنعام [124].  

ويتحقق هذا الوعيد في صورته الفعلية من خلال تصريحات النص القرآني بأن عذابه محيق بالمجرمين انتقاما  )فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين ( الروم [47]، وعليه فالانتقام من أهل الإجرام ومجازاتهم بما صنعوا شفاء لصدور قوم مؤمنين يعد أحد هذه النعم المذكورة.

كما أن هؤلاء المتوعدين بالويل والثبور وفظائع الأمور قد يُذكرون تعميما ومع علم الله المحيط بهم وبحالهم إلا أن ذكره لهم لا يخصصهم بأعيانهم بل يعمد الخطاب القرآني إلى تشريح وضعياتهم بالوصف وإغفال التعيين، وكأنهم يراهن على عودتهم ، ويرجو أوبتهم، ولذلك في موقف النبي الكريم r مصاديق عندما يشير إلى الخصوم بقوله : ما بال أقوام يقولون كذا وكذا ؟

وحتى يكون هذا التوجيه صورة ماضية مكرورة يتمثلها الناس بمقدار ما انحرفوا، فيكون شاهد الإنعام في ذلك أن الله وضعهم بمثل هذا التوصيف المتناول لمساوئ أعمالهم : سيرتهم كذا وكذا، وصنيعهم كذا وكذا .. فهم بوضعهم ذاك مثل العوالم الهادية لنا بمفهوم المخالفة، وعلى المتلقي المنتمي أن يجهد جهده حتى لا تنطبق عليه أوصافهم، أو يسير سيرتهم ويعمل عملهم، فهم ـ كما يقال ـ أشبه بالمنحة في محنة وهذا من جليل النعم وعظيمها حين نُحذّر من الشر ومصادره مجسدا في شخوص وأهلين . 

وأما في قوله تعالى )كل من عليها فان ( [26]، " فإن التذكير بالموت والفناء للترغيب في الإقبال على العمل لدار البقاء وفي الإعراض عن دار الفناء(7) من النعم العظيمة أيضا .

          ولعل ما يقابل سورة " الرحمان " التي فيها تذكير بالآلاء وإسداء النعم، سورة " المرسلات " التي تنتهي بتذييل يشبه اللازمة، فعقيب كل آية نقف على قوله تعالى: )ويل

يومئذ للمكذبين (، وتتكرر بشكل لافت: عشر مرات بإزاء خمسين آية، مثلما تكرر قوله تعالى في سورة " الرحمان " )فبأي آلاء ربكما تكذبان  (، ففي السورة الأولى ناسبت السياق العام، وجرت وفق ما يقتضيه المقام، وكذلك في المرسلات اتسقت مع الموقف الذي يتواءم مع مقام التكذيب والمكذبين.

قال القرطبي التكرير " في هذه السورة عند كل آية لمن كذب لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم، فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى  تكذيبه بشيء آخر، ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيب بغيره لأنه أقبح في تكذيبه، وأعظم في الرد على الله، فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك" (8).

          إذن فإن بدت سياقات)ويل يومئذ للمكذبين ( مكرورة في ظاهر الأمر فهي ليست كذلك عمليا لاختلاف المعنى والمضامين، فتكون أقرب إلى التعداد ـ كما أشرنا ـ منها إلى التكرار المحض المفرغ من دلالته البلاغية وتقريراتها.

ولعل تفاوت مقامات التكذيب يستتبعها تفاوت دركات الوعيد نزولا. وعليه فالتكرار يحسن ويصيب مواضعه إذا كان المعنى المراد مختلفا.

إننا نرصد في السورة معنى محوريا عاما أشبه بما يعرف بمركزية النص الدائرة على

" التكذيب " حيث تدور في فلكها مجموع المعاني الأخرى، وزيادة في البيان نؤشر تحت النقاط التالية:

1.     قسم إلهي " والمقصود من هذا القسم تأكيد الخبر، وفي تطويل القسم تشويق

السامع لتلقي المقسم عليه " (9).

وفي دلالة القسم شيء من معنى التكرار من جانب الأهمية وخطورة الموقف وعظيم الشأو. ثم نتابع مع الإشارة إلى اضطراب الكون في الدنيا إيذانا بنهاية العالم         ليعقب ذلك       توعد بالويل، )ويل يومئذ للمكذبين ( ( المرسلات. 15). وجعل بعض المفسرين " هذه الجملة جواب (إذا) والتقدير: إذا حصل كذا وكذا حل الويل بالمكذبين وهو كالبيان لقوله )إن ما توعدون لواقع ( فيحصل تأكيد الوعيد(10). 

2.     توعد المجرمين بالهلاك كما فعل بأسلافهم في الدنيا  ,

المصدر: مجلة متون
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 196 مشاهدة
نشرت فى 19 يونيو 2012 بواسطة makhbarsaida

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

9,505