الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

يعد الهدف الأساسي لطرق التدريس هو تحقيق التعليم الجيد، ونجاح أي طريقة تدريس يقاس بمدى نجاحها في تيسير عملية التعليم وهناك مجموعة من المبادئ العامة والضرورية التي تقوم عليها طرق تدريس التربية الإسلامية ومنها:

·    ضرورة مراعاة دوافع المتعلم وحاجاته وميوله ورغباته في عملية التعليم بما يعود عليه من إقباله على التعلم وزيادة نشاطه.

·    مراعاة غرض المتعلم ومساعدته على بلورة هذا الغرض مما يشجعه على الإقبال على دروسه وبذل الجهد لتحقيق أغراضه.

·    مراعاة مستوى النضج الذي  وصل إليه المتعلم ودرجة استعداده للتعلم حتى تثمر جهوده وتتحقق الاستفادة من التعلم.

·    مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين وما بينهم ما تفاوت في الخصائص في جميع مظاهر نموهم وجوانب حياتهم في عمليات التدريس وفى أساليب المعاملة لهؤلاء المتعلمين.

·    تهيئة فرض الممارسة العملية مثل توفير فرص الدافع والغرض والنضج والاستعداد وأهمية مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين , وكذلك الربط في الحرص في الربط بين النظرية والتطبيق العلمي لإحداث نوع من التكامل بينهما.

·    أن تتم العملية التعليمية بصورة سارة تحدث أثرا طبيا في نفس المتعلم وهذا ما نسميه بعامل الأثر حيث تكون الخبرة التعليمية سارة وشيقة بالنسبة للتلميذ تجذب اهتمامه وتشبع حاجاته وتساير ميوله.

الأهداف العامة لطرق تدريس التربية الإسلامية:

·ترمى طرق تدريس التربية الإسلامية إلى تحقيق الأهداف العامة التالية: -

·    مساعدة المتعلم على تنمية معارفه ومعلوماته وخبراته ومهارته واتجاهاته ومنها مهارة التفكير العلمي الصحيح والاتجاه المتمثل في حب العلم والرغبة في طلبة والكشف عن حقائقه والشعور بالمتعة في طلبه.

·    تعويد المتعلم على الحفظ والفهم والتفكير السليم ودقة الإدراك الحسي، وعلى الجد والنشاط والمثابرة في طلب العلم، بالإضافة إلى المبادأة والأصالة والاستقلال في الرأي.

·    تيسير العملية التعليمية على المتعلم وجعلها تحقق أكبر قدر ممكن من النتائج المرغوبة مع توفير الجهد والطاقة والزمن والإمكانيات اللازمة.

·    توفير الجو الصالح للتعليم يبث الثقة والاحترام بين المعلم والمتعلم وذلك لزيادة نشاط المتعلم لاكتساب المزيد من المعارف والمهارات هذا ويجب أن يوضح في الاعتبارات الأسس العامة والتي تقيم عليها هذه الطرائق كيانها وتستمد منها مقوماتها ومبادئها ومنها الأساس الديني حيث يستمد المعلم أساليب تدريسية من مبادئ وقيم كتاب ربه وسنة نبيه وغير ذلك مما يرتبط بهذين المصدرين الأساسين، وكذلك الأساس الجسدي والنفسي والذي  يعنى مجموع القوى والخصائص الجسمية والنفسية التي تؤثر في سلوك المتعلم وفى عملية تعليمه، بالإضافة إلى الأساس الاجتماعي وذلك من مراعاة قيم المجتمع وتقاليده وحاجاته وتوقعاته لإحداث التغيرات المنشودة.

ومن أهم الاتجاهات التي يمكن رصدها في تدريس التربية الإسلامية ما يلي:

مدخل الإتقان :

انتشر في الأوساط التربوية استخدام مدخل الإتقان في تدريس كثير من المناهج المدرسية على اختلاف تخصصاتها، واعتقد بعض المعنيين باستخدامه أن الفضل في نشأته يرجع إلى علماء وباحثين محدثين مثل بلوك وبلوم  B loom Bloom  وغيرهما، بيد أن أصول هذه الفكرة ترجع إلى طريقة تعليم الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه القرآن الكريم، فقد قال أبو العالية: "تعلموا القرآن خمس آيات، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذه عن جبريل خمسا خمسا "  ويتضح من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتلقى عن جبريل قدرا معينا من القرآن الكريم حتى يتمكن منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان يعلمه لأصحابه – رضى الله عنهم.

وقد أوصى الإمام الغزالي – رحمه الله – المعلم بمراعاة مقدرة المتعلم وعدم الإثقال عليه أو تكلفيه ما لا يطيق، وعدم الغوص في فن دون إتقان ما قبله، والتدرج في العلم ليستمر التحصيل على أكبر قدر ممكن من فنه، ولا يطلب الأخير قبل الأول.

كما نبه ابن خلدون إلى أن العلوم تكون مفيدة إذا تلقاها المتعلم شيئا فشيئا، حيث يراعى المعلم عقل المتعلم واستعداده، وأن التتابع والتكرار أساس التحصيل الجيد.

وأكد ابن الجزري على أن إجادة العلم وإتقانه شرط أساسي للتكلم فيه، فقال: ولا شك عند كل ذي لب أن من تكلم في علم، ولو كان إماما فيه، وكان العلم يتعلق بعلم آخر، وهو غير متقن لما يتعلق به داخله الوهم والغلط عند حاجته ".

وقد شاع استخدام التعلم للإتقان في الكتاتيب التي تقوم بتعليم القرآن الكريم، فمعلم القرآن الكريم يحدد عددا من الآيات القرآنية للمتعلم ليقوم بكتابتها وتكرار قراءتها حتى يصل إلى مستوى الإتقان في قراءتها وحفظها وكذلك شاع استخدامه في الأزهر الشريف.

وفى الثلاثينيات من هذا القرن ظهرت فكرة التعلم للإتقان في محاولتين استهدفتا تحقيق تعلم ناجح وفعال، وهما خطة واشبرن ( 1922م) وموريسون ( 1926م) في جامعة شيكاغو، غير أنها اختفت بسبب الافتقار إلى التقنيات اللازمة، ولكنها ما لبثت أن ظهرت في أواخر الخمسينيات بظهور التعلم المبرمج على يد سكنر، ثم تلا ذلك محاولات بلوم Bloom  الذي  استفاد فيها مما قدمه كارول ,  Carol 1963.

دواعي ظهور التعلم للإتقان:

لقد لوحظ أن محتوى التعلم المدرسي في ظل الممارسات التعليمية السائدة في نظم التعليم الجمعي لا يتصدى لقضية الفروق الفردية بين المتعلمين، الأمر الذي  نتج عنه سلبيات كثيرة، لعل أبرزها ما يتعلق بتفاوت مستويات تحصيل المتعلمين وعدم وصول نسبة كبيرة منهم إلى مستوى واحد من الإتقان، ويؤكد ذلك أن نسبة كبيرة من المتعلمين في ظل هذه الممارسات السائدة لا تحقق نسبة عالية من الأهداف التعليمية التي تصمم نظم التعليم المختلفة من أجل تحقيقها.

ونتيجة ذلك علت أصوات تنادى بإعادة النظر في الممارسات السائدة، والاستناد إلى ما أنتجه نظريات التعلم المختلفة وتكنولوجيا التعليم، والانتقال على فكرة: أن يكون المتعلم هو نفسه المسئول عن تعليم نفسه بنفسه مع قيام المعلم بعض أعمال الإرشاد والتوجيه للمتعلمين وبإثارة اهتمامهم ودافعيتهم، ويتطلب هذا الدور من المعلم أن بشخص جوانب القوة والضعف في تعلم التلاميذ وأن يكون مصدر معلومات وخبرة وإرشاد لهم، يرجعون إليه كلما دعت الحاجة إلى ذلك. ويحال المعنيون بقضايا التعليم قدر إمكانهم التوصل إلى حلول لهذه القضايا، بحيث يمكن تحقيق الأهداف المرجوة من التعليم، لذلك تأثرت بهذه السلبيات الحادثة في نظم التعليم السائدة أفكار التعلم للإتقان التي ظهرت في الستينيات من هذا القرن على يد كارول ( 1963) وبلاك وبلوم " حيث يقرر بلوم أن غالبية التلاميذ يمكنهم أن يحققوا مستويات عليا من القدرة على التعلم إذا ما عرضت المادة بشكل منظم وواف، وأن يقدم لهم العون والمساعدة كلما واجهوا الصعوبات، وأن يتاح لهم الوقت الكافي لإحراز التمكن، وأن يكون هناك محك واضح يقاس التمكن على أساسه ".

أهمية استخدام التعلم للإتقان في تدريس منهج التربية الإسلامية:

ومن المعروف أن المحتوى التعليمي المدرسي تتناوله الأنظمة التعليمية في مواقف جماعية في وقت عرف فيه أن عملية التعلم مسألة فردية، وتدريس التربية الإسلامية في المؤسسات التعليمية المختلفة يتم في هذا الإطار، فضلا عن أنه لا يراعى في تدريسه طبيعة المادة التي تدرس، فعلى سبيل المثال، نجد أن تدريس أحكام تلاوة القرآن الكريم يتم التركيز فيها غالبا على جانب واحد فقط وهو التحصيل، ويهمل الأداء، وكذلك بالنسبة لمفاهيم فقه العبادات والمعاملات، يتم تدريسها بالتركيز على الجانب النظري دون الاهتمام بإتقان الجانب الأدائي العلمي لها.

ولقد زادت أهمية أسلوب التعلم للإتقان في الفترات الأخيرة؛ نظرا لأنه يحقق ارتفاع المستوى التعليمي لغالبية المتعلمين، ويقلل من أهمية المنحنى الاعتدالي ومن ازدياد الفروق الفردية بين المتعلمين وبالتالي تزداد نسبة الطلاب الذين يصلون لمستوى مرتفع في التحصيل والأداء.

كما تتجلى أهمية أسلوب التعلم للإتقان في تدريس التربية الإسلامية فيما يلي:

1-  تؤكد استراتيجية التعلم للإتقان على إتقان تعلم المواد التعليمية مما يسهل على المتعلمين تعلم مواد جديدة بعد تعلمهم للمواد التعليمية التي تعتبر متطلبات سابقة، وهذا يتفق مع طبيعة مادة التربية الإسلامية في بعض مجالاتها، وذلك مثل مجال فقه العبادات، فعلى سبيل المثال تعتبر " الطهارة " بأنواعها وأحكامها متطلبا سابقا ينبغي أن يتقنه الطالب حتى تكون صلاته بعد ذلك صحيحة، فما الفائدة من أن يؤدى المسلم الصلاة أداء حركيا في الوقت الذي  لم يحسن فيه التطهر لأدائها، كذلك فإن إتقان الطالب لدراسة حكم الإخفاء في مجال تلاوة القرآن الكريم يتيح له تعلما جديدا قد يبدو شبيها أو متداخلا مع كحكم الإخفاء حكم الإظهار مثلا، فكل من حروف الإخفاء والإظهار تأتى بعد نون ساكنة ولكن النطق يختلف في كل منهما.

2-  يتحقق مع استخدام أسلوب التعلم للإتقان إثارة الدافعية للتعلم لدى الطالب من خلال جو التفاعل والمشاركة بين التلاميذ الذي  نفتقده كثيرا عند استخدامنا للطرق العادية في التدريس، فأسلوب التعلم للإتقان يعتمد على محكات محددة كمستوى التحصيل المطلوب والمحدد سلفا ( 80% من التلاميذ يتقنون 80% من المادة التعليمية ).

3-   كما أن أسلوب التعلم للإتقان يسهم في زيادة سرعة تعلم بطئي التعلم من التلاميذ، ويؤدى إلى تقليل التباين في معدل تعلمهم، واستغلال وقت التعلم بشكل أفضل.

4-  هذا بالإضافة إلى أن أسلوب التعلم للإتقان يكسب الطلاب اتجاهات إيجابية نحو المادة المتعلمة بدلا من الاتجاهات السلبية الناشئة عن عوامل الإحباط وضعف الدافعية للتعلم حين تباين الفروق الفردية في ظل التعليم التقليدي السائد وفى ظل فقدان المعلم لدوره الأساسي في الموقف التعليمي، وذلك الدور الذي  يجعل المعلم موجها ومرشدا، ومذللا لصعوبات التي تواجه الطلاب.. . الخ.

ويمكن توجيه معلمي التربية الدينية الإسلامية نحو استخدام هذا الأسلوب في تدريسها أو تدريس أحد فروعها بإتباع الإجراءات التالية:

أولا: تقسيم محتوى الوحدات التعليمية إلى دروس صغيرة ترتبط بعدد محدود من المفاهيم والحقائق.

مثال ذلك: وحدة أحكام النون الساكنة والتنوين في مادة التجويد يمكن تقسيمها إلى عدد من الدروس المصغرة التي تتمثل فيما يلى:

الدرس الأول: الإظهار الحلقي.

الدرس الثاني: الإدغام بغنة.

الدرس الثالث: الإدغام بغير غنة.

الدرس الرابع: الإقلاب.

الدرس الخامس: الإخفاء الحقيقي.. . وهكذا.

1-  صياغة الأهداف السلوكية لكل درس بطريقة واضحة ومحددة، وبحيث ترتبط بأوجه التعلم في محتوى الدرس وتناسبه.

مثال ذلك: يوضح الجدول التالي أوجه التعلم في أحد دروس مادة التجويد " درس الإظهار الحلقي " والأهداف السلوكية المقابلة لها ومستوى قياسها.

المصدر: إعداد : الدكتور وجيه المرسي أبولبن
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 4676 مشاهدة
نشرت فى 28 مايو 2011 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,357