التدابير الوقائية لحماية السلوك فى التربية الإسلامية :

       كل سلوك مهم لا بد له من طريقة تحافظ عليه وأسلوب متبع حتى لا يتعرض صاحبه للانحراف أو الفتنة فيجب على المسلم أن يسير فى طريق الله بنظام معين وهناك عدة أمور تعد من التدابير الوقائية لحماية السلوك فى التربية الإسلامية ومنها :

1- إصلاح العلاقة مع الله عز وجل : إذا أصلح المسلم علاقته مع الله ، أصلح معه كل شئ ، حتى إن بعض العارفين يقول : إنى أعرف مقامى عند ربى من أخلاق زوجتى ، إذا كانت علاقته بالله قوية ، يلهم الله الزوجة أن تنصاع له ، وتعتنى به ، وتحبه وتكون فى خدمته ، فأعرف مقامى عند ربى من أخلاق زوجتى ، قال تعالى : " فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " ( الأنفال : 1 )

2- الاهتمام بالمشاعر الإسلامية : الكلمة الطيبة بالثناء والمديح بين الناس بعضهم البعض ومن الزوج لزوجته فى أمور المنزل ، وأسلوب تربيتها لأولادها ، أو أسلوب تعاملها مع الآخرين ، كل هذا مما يدخل السرور والسعادة على نفسها ، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث أن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم ، فكيف بمن هى أحب الناس إليه وهى زوجته ؟.

3- محاسبة النفس : النفس المسلمة مصدر السلوك ، ففيها كثير من الدوافع السلوكية وأشار القرآن الكريم إلى بعضها ، ومنها :  

أ- العاطفة ، قال تعالى : " فلعلك باخع نفسك على آثارها إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا "( الكهف : 6 )

ب- الإرادة والتحمل ، قال تعالى : " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا " ( الكهف : 28 )

ج- الشهوة ، قال تعالى : " ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين " ( يوسف : 32 )

د- معرفة الخير والشر ، قال تعالى : " ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " ( سورة الشمس : 7 – 10 )

فالله سبحانه وتعالى أمر عباده بمحاسبة النفس فقال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون " ( الحشر : 18 ) ، دلت الآية على وجوب محاسبة النفس ، فيقول تعالى : لينظر أحدكم ما قدم ليوم القيامة من الأعمال ، أمن الصالحات التى تنجيه ؟ أم من السيئات التى توبقه ؟.

ومحاسبة النفس نوعان : 

النوع الأول : فهو أن يقف عند أول همه وإرادته فينظر : هل العمل موافق لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أم لا ؟ فإن كان موافقا أقدم ، وإن كان مخالفا ترك ، ثم ينظر : هل فعله خير له من تركه ؟ أو تركه خير له من فعله ؟ فإن كان الثانى : تركه ولم يقدم عليه ، ثم ينظر : فإن كان لله مضى ، وإن كان للجاه ، والثناء ، والمال من المخلوق ترك.

النوع الثانى : فهو محاسبة النفس بعد العمل وهو ثلاثة أنواع : أولا : محاسبتها على طاعة قصرت فيها من حق الله تعالى فلم توقعها على الوجه الذى ينبغى ، وحق الله فى الطاعة عدة أمور :

أ- الإخلاص فى العمل لله عز وجل ، والنصيحة لله فيه ، والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم فيه ، ثم يحاسب نفسه هل وفى هذه المقامات حقها ؟ وهل أتى بها فى هذه الطاعة ؟

ب- أن يحاسب نفسه على المحرمات ، فإن عرف أنه ارتكب منها شيئا تداركه بالتوبة ، والاستغفار ، والحسنات الماحية. 

ج- أن يحاسب نفسه على كل عمل كان تركه خيرا من فعله.

د- أن يحاسب نفسه على أمر مباح ، أو معتاد ، لم فعله ؟ وهل أراد به الله والدار الآخرة ؟ قال تعالى " يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ويحذركم الله نفسه والله رءوف بالعباد " ( آل عمران : 30 ) وقال أنس بن مالك رضى الله عنه : " سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يوما وقد خرجت معه حتى دخل حائطا فسمعته يقول وبينى وبينه جدار وهو في جوف الحائط : عمر بن الخطاب أمير المؤمنين بخ ، والله الله ابن الخطاب أو ليعذبنك " ( موطأ الإمام مالك : 1800 ) .