مقاصد الشريعة الإسلامية فن من فنون الشريعة الإسلامية، وعلم من علومها التي حظيت بإهتمام بالغ، وعناية فائقة علي مستوي التأليف والتدوين والتأصيل، والتفريع والتنظير والتطبيق، ولا سيما في العصور الفقهية المتأخرة، وبالخصوص في العصر الحالي الذي توالت فيه الدعوات والتي منها ماهو مشروع ومفيد، ومنها ماهو غير مشروع وغير مفيد فالدعوات المشروعة لإستعمال المقاصد ترتكز علي وجود مراعاة الضوابط والقواعد الشرعية ولزوم اعتبار المقاصد التابعة للأدلة والنصوص الشرعية وليست المستقلة عنها، أما الدعوات غير المشروعة فهي تنطلق من الإفراط في المقاصد وجعلها أصلاً قائماً بذاتها ودليلاً مستقلاً عن بقية الأدلة الشرعية المعتبرة، وهذا الأمر غاية الخطورة لمافيه من تعسف علي الأدلة وتمييع وتفويت للمقاصد نفسها، إن المقاصد الحقيقية لاتتحقق إلا إذا ارتبطت بأدلتها ومواردها الدالة عليها والمفضية إليها. (<!--)
أولاً: مفهوم المقاصد في اللغة والاصطلاح:
(ا): مفهوم المقاصد في اللغة:
<!--ـــــ المقاصد: جمع مقصد والمقصد: مصدر ميمي ماخوذ من الفعل (قصد) فالأصل فيه قصدته قصداًوعلي هذا فان كلمة(القصد)، (المقصد) بمعني واحد وقد ذكر اللغويين ان القصد يراد بهعدة معان (يقولون اقتصد مبلغا من المال والصواب وفر مبلغا من المال، واقتصد في امره: توسط فلم يفرط ويقولون قصد الطريق يقصد، بضم عين الفعل المضارع والصواب: يقصد بكسرها (<!--).
2- ثم استعمل المصطلح حديثا عند الألمان امثال برنتانو وهوسرل، ويراد به تركيز الوعي علي بعض الظواهر النفسية من إحساس وتخيل وتذكر، وكذلك استعمل بهذا المعني عند الوجوديين.
3- يغلب القصد الأن علي كل ما يتصل بالعمل الإرادي من حيث العزم عليه أو تحديد هدف(<!--).
(ب): تعريف المقاصد في الإصطلاح:
المقاصدهي المعاني والأهداف الملحوظة للشرع، في جميع أحوال التشريع، أوفي معظمها بحيث لا تختص ملاحظتها بالكون، في نوع خاص من أحكام الشريعة، الغاية من الشريعة والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من احكامه (<!--).
المقصد: الإرادة والهدف: مثالها: التيسير ورفع الحرج، فهذان الأمران مقصدان كليان، يمكن للمرء ان يجد لهما حضورا في معظم تشريعات الشارع، وكذلك الحال في مقصد الحرية ومقصد الرحمة والسماحة وإنما عدت هذه كلها مقاصد كلية لأن الوصول إليها، تم من خلال إستقراء معظم نصوص الكتاب والسنة و التي وردت فيها تأكيد علي هذه المقاصد (<!--).
المقاصد عرفها إبن عاشور بقولة: هي المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال الشريعة أو معظمها بحيث لاتختصر ملاحظتها بالكون في نوع خاص من أحكام الشريعة فيدخل في هذا أوصاف الشريعة وغاياتها العامة والمعاني التي لايخلو التشريع عن ملاحظتها ويدخل في هذا معان من الحكم ليست ملحوظة في سائر أنواع الأحكام ولكنها ملحوظة في أنواع كثيرة منها. (<!--)
وعرف علال الفاسي المقاصد بأنها الغاية منها، والأسرار التي وضعها الشارع عند كل حكم من أحكامها (<!--).
كما عرفها نور الدين الخادمى بأنهاهي المعاني الملحوظة في الأحكام الشرعية والمترتبة عليها سواء سواء أكانت ذلك المعاني حكما جزئية أم مصالح كلية أم سمات إجمالية وهي تجتمع ضمن هدف واحد هو تقرير العبودية لله تعالي ومصلحة الإنسان في الدارين (<!--).
وقد عرفها إبراهيم رشاد محمد صبري علي أنها هي المعاني الملحوظة في الأحكام الشرعية التي تهدف لتقرير عبودية الله، ومصلحة الإنسان في الدارين فهو يشمل المقاصد بنوعيها العامة والخاصة، مع بيان الهدف والغاية منها بالنسبة للمولى عز وجل لعبودية الله وكذلك مصلحة الإنسان في الدارين الدنيا والآخرة معاً (<!--).
وقدأكد أحمد الريسوني علي أنها هي الغايات العلمية والعملية لمقاصد الشريعة " إن مقاصد الشريعة هي أولا وأخيرا مقاصد القرآن الكريم، وفي ضمن مقاصد القرآن وتبعا لها تأتي مقاصد السنة النبوية، وليس هناك مقاصد للشريعة سوي مقاصد الكتاب والسنة، لذلك فهو يرفض التصنيف القائل بوجود فقهاء ذوي توجه "مقاصدي" وآخرين ذوي توجه نصوصي بإعتباره منطويا علي خلل فادح، وهو الإيحاء بأن التوجه المقاصدي ليس نصوصيا، والحقيقة إن التوجه ألمقاصدي الحق لابد إن يكون "نصوصيا " أكثر من أي توجه أخر "(<!--).
وقد عرف أيمن صالح المقاصد علي أنها " هو مراد الشارع من الحكم أو النص، ويعبر عنه كثيرا بالغرض، كما يعبر عنه بالعلة والحكمة وحكمة المشروعية.، ويعبر عنه بالمصلحة التي يستهدفها الشارع من وراء شرعة الأحكام (<!--).
ويتضح من التعريفات السابقة للمقاصد أن كل ما شرعه الله لنا هو خير ومصلحة في هذه الدنيا والآخرة سواء أدركنا ذلك بالعقل أم خفي علينا سر من الأسرار والحكم وغالبا ما تظهر هذه الحكم بعد تبلبل الأفكار من أثر الظنون فالمقاصد تهدف إلي تحقيق مصالح الخلق العاجلة والآجلة ورفع الضرر عنهم وذلك بتلبية الضروريات وتوافر الحاجات والتحسينات.
إستهداء بما تقدم من التعريفات السابق ذكرها للمقاصد يمكن أن أعرفها بأنها الغايات والحكم من وراء الأحكام والنصوص والتي تستهدف تحقيق المصالح من خلال جلب المنفعة ودفع مفسدة عن الإنسان سواء ذلك في دينه أو نفسه أو عقله أو عرضه أو ماله.
<!--[if !supportFootnotes]--><!--[endif]-->
(<!--) نور الدين الخادمي: مقاصد التشريع الإسلامي: مفهومها ـــــ ضرورتها ــــــ ضوابطها , مج2 ,ع 6 , العدل , السعودية ,2000 ,ص 1.
(<!--)المعجم الوجبز في الاخطاء الشائعة والإجازات اللغوية: ص86.
(<!--)المعجم الفلسفي مجمع اللغة بالقاهرة: الهيئة العامة لشئون المطابع الاميرية، 1931.
(<!--)قطب مصطفي سانوــمعجم مصطلحات اصول الفقه عربي ـ انكليزي ــ قدم له وراجعه محمد رواس قلجي ــ دمشق: دارالفكر، (ع) 62، 2000، ص431.
(<!--) نفس المرجع السابق ص434.
(<!--)بدر محمد عيد العليوي العازمي: طرق معرفة المقاصد، مجلة الدراسات العربية (كلية دار العلوم، جامعة المنيا) ـ، مصر، (ع) 27، (مج)1 ، 2013م، ص423.
(<!--)عبد العزيز بن محمد بن ابراهيم العويد: مقاصد الشريعة من النسخ، المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية، جامعة ال البيت، الاردن، (مج) 11، (ع) 1 محكمة 2015 م، ص246.
(<!--)انتصار عبد الجبار مصطفي اليوسف: المقاصد التشريعية للأوقاف الإسلامية، عمان، رسالة "ماجستير" ـ الجامعة الأردنية، كلية الدراسات العليا، 2007 م، ص8.
(<!--)إبراهيم رشاد محمد صبري ــ تأصيل فقه المقاصد ـ المصدر حوليات آداب عين شمس ـ مصر، (مج)32 2004م، ص140.
(<!--)أحمد الريسوني: مقاصد المقاصد: الغايات العلمية والعملية لمقاصد الشريعة، المصدر: المسلم المعاصر، مصر ، مج 38/ (ع)150 محكمة 2013 م، ص200.
(<!--)أيمن علي صالح: مقاصد الصيام ــ مجلة الجامعة الأسمرية الإسلامية زليتن ـ ليبيا س2 وع3 محكمة 2004م، ص602.
ساحة النقاش