الموقع التربوي للدكتور وجيه المرسي أبولبن

فكر تربوي متجدد

authentication required

إن تحقيق الحلم المصري يبدأ ببناء الإنسان وصياغة الشخصية المصرية هو مسئولية مشتركة بيننا جميعًا من مؤسسات الدولة أجمعها، وأولياء الأمور، وأسرة التربية والتعليم، وأساتذة الجامعات، ومنظومة الإعلام المصري. وهنا أود أن أخص بالذكر السادة المعلمين الأجلاء الذين يمثلون القدوة والمثل لأبنائنا ويعملون بدأب لإنجاح هذا المشروع القومي.

وما لا شك فيه أن الناس تعيش هذه الأيام واقعهم  الاجتماعي من خلال القصص يرون عن أنفسهم وعن الآخرين، يسردون الأحداث والأحداث كيفما يرونها، فحياة البشر مجموعة متسلسلة من القصص، وتاريخ الأمم والشعوب ما هو إلا سرد لمجموعة مختارة من القصص، وقد نعتقد أن سرد القصص اقترن بظهور اللغة، لكن التاريخ القديم يكشف أن سرد القصص سبق ظهور اللغة.، وليس هنالك دليل على ذلك إلا تلك النقوش والرسوم التي سجلها الإنسان القديم في الكهوف والتي تدل على أسبقية ظهور السرد البصري على السرد النصي للقصة، ومع ابتداع اللغة – والتي هي حد ذاتها رسوم ونقوش ورموز- ظهر السرد النصي جنبا إلى جنب مع السرد البصري ولعل المعابد الفرعونية من أقدم الأدلة على تلك المزاوجة بين النوعين من السرد في تسجيل تاريخ الحضارة الفرعونية، ومع تعدد اللغة وتنوع الشعوب تعاظمت أهمية السرد النصي على البصري، وأصبحت الكلمات هي المفردات الأساسية للقصة.

وبالانتقال من عصر الحداثة إلى عصر ما بعد الحداثة انتقلنا من سطوة الكلمة إلى سطوة الصورة، وهنا يعود السرد البصري من جديد إلى جانب السرد النصي ليسجل حياة البشر بعدد لا نهائي من الصور الثابتة أو المتحركة وهذا ما نشهده في وقتنا الحاضر بكثرة بفعل تكنولوجيا الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي.

ومنا هنا يتضح أن السرد القصصي مهم ليس فقط في اكساب الأطفال مهارات التحدث بل يزيد اجتماعية الأطفال وتفاعلهم مع بعضهم البعض ويكسبهم مهارات اجتماعية، ومن هنا يمكن استخدام السرد البصري في اثراء الخيال وكذا في شرح سير الأقدمين وسرد التاريخ بطريقة محببة لنفوس الأطفال وكل ذلك يتم في صورة من بعض الأطفال والمصطلحات الشائعة في لغة الأطفال وتكون عربية فصحى بسيطة وبذلك ننمي مصطلحاتهم بالإضافة إلى تنمية اجتماعياتهم وتعريفهم بتاريخهم.

وتعد استراتيجية إعادة تمثيل قصة من أهم تطبيقات المدخل الدرامي، وهي مناسبة لتنمية كفاءة الأطفال في سرد القصة، فعند إعادة تمثيل القصة الدرامية, يقوم الأطفال بالتمثيل، وقد يستخدمون الدمى لعرض القصص التي يعيدون صياغتها بشكل غير رسمي.  

وقد شرحت مارتينز (Martinez 1993) في بحثها بالتفصيل, كيف يمكن للمعلمين أن يرعوا إحساس الأطفال ببناء القصة عن طريق تشجيعهم على إعادة تمثيل القصة الدرامية مما يرقِّي كفاءتهم في سرد القصص.  

إن حكاية القصص والنوادر والنكات من أهم ألوان التعبير الشفوي، وكثيرا ما يفضل الآباء والأمهات قص القصص على أبنائهم، وكذا يقص الأطفال على زملائهم قصصا، والكبار يسلون أصدقائهم برواية القصص مما يؤكد أهميتها كمدخل لتدريس التعبير.

وتضيف دراسة حسين (Hsin & Shih: 1988) أن استخدام القصص القصيرة يمكن أن يعمل على تنمية التحدث؛ حيث يستمع إليها التلميذ إلى القصة، ثم يعيد روايتها بأسلوبه، ومن خلال ذلك يتم تدريبه على التحدث، حيث يستخدم الكلمات والجمل والتراكيب التي اكتسبها من خلال استماعه، أو من خبراته اللغوية السابقة، أو من زملائه.  كما تؤكد دراسة (أحمد زينهم، 1993م) أن القصة تمتاز بميزة خاصة، لا توجد في الاستراتيجيات الأخرى لتدريس التعبير، وهى الأداء الشفوي الذي يعد أداة لحكاية القصة، إذ هو أمر هام لتنمية لغة التلاميذ وزيادة اهتماماتهم بالألوان المختلفة للأدب. وتشير دراسة كروف ( (Croff,1997 إلى ضرورة الإفادة من الأسلوب القصصي، كما عرضت لأهميته في توسيع مفردات الأطفال وتنمية قدراتهم على التعبير.  بينما يشير عبد الحميد عبد الله (2003م) إلى فعالية استخدام الاتجاه القصصي في تدريس التعبير الشفوي حيث تمثل  القصة أهم حاجات التعبير الشفوي.

ويمكن لمعلم اللغة أن يستفيد من توظيف الأسلوب القصصي في تنمية مهارات اللغة من خلال إعطائهم الفرصة للكتابة أو التحدث عن قصة استمعوا إليها داخل الفصل، ثم مناقشتهم فيما أنتجوه والعمل على تطويره.

وينطلق اتجاه السرد من التأكيد على أهمية القصة باعتبارها لونا من ألوان الأدب يستهوي الأطفال ويعمل على تغذية خيالهم، وإثارة انفعالاتهم، وإشباع حاجتهم إلى المعرفة والتثقيف، بالإضافة إلى فعاليتها في تأكيد الاتجاهات المرغوبة لدى الطفل. كما أن الاعتماد على المدخل القصصي يحقق فوائد أخرى حيث يثير انتباه الأطفال ويسعدهم، و يسهم في إثارة ذكائهم، وينمى تذوقهم للجمال، ويزكى فيهم حب الاستطلاع، بالإضافة إلى دوره المهم في التثقيف وتحقيق التوافق الروحي والنفسي. (

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 397 مشاهدة
نشرت فى 12 ديسمبر 2021 بواسطة maiwagieh

ساحة النقاش

الأستاذ الدكتور / وجيه المرسي أبولبن، أستاذ بجامعة الأزهر جمهورية مصر العربية. وجامعة طيبة بالمدينة المنورة

maiwagieh
الاسم: وجيه الـمـرسى إبراهيـــم أبولـبن البريد الالكتروني: [email protected] المؤهلات العلمية:  ليسانس آداب قسم اللغة العربية. كلية الآداب جامعة طنطا عام 1991م.  دبلوم خاص في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية والتربية الدينية الإسلامية. كلية التربية جامعة طنطا عام 1993م.  ماجستير في التربية مناهج وطرق تدريس اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

2,659,236