عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف ( فقد ورثاء )

فقد ورثاء

في ذات يوم ليس بالبعيد وعلى مقربة من الحي الذي أسكنه مررت بدار أحد أبناء محافظة حريملاء(<!--) فوجدت الباب موصداً والشارع المحيط بالدار خالياً من المراكب والعربات فأطرقت مومياً برأسي نحو الأرض تحسراً وتذكراً لصاحبي الدار التي كانت أبوابها مفتحة وآهلة بأهلها وبأبنائها، وبالزوار هذا يستقبل وذاك يودع.. وتسمع في أرجاء ذلك البيت بعض أصوات الصبية والأطفال كالطيور المغردة، منهم من يتلو القرآن ببعض الآيات والسور القرآنية، والبعض يتغنى بأنشودته ويلهو بلعبته نشوان من فرح يحسون بدفء المحبة بين والديهم وبين جداتهم الحانيات، وإخوتهم الكبار، جو عائلي يتصف بالترابط والهدوء والطمأنينة، ولكنها الأيام لا يدوم لها سرور تجمع وتفرق، وتخفي الأصوات وتضفي السكون على الديار بعد رحيل ساكنيها..

        وقد توفي رب الأسرة فازداد اقتراب الأبناء والبنات من والدتهم لعظم حقها ومحبتهم إياها محبة ود وجبلة أزلية، ولتخفيف وحشتها لفقد الغائب شريك حياتها ورفيق عمرها، ولكنها ما لبثت أن لحقت به منذ بضع ليال خلون. فلقد وصفت ـ رحمها الله ـ بصفات حميدة، وصفت بالعفاف والعطف على المساكين وطيب المعشر مع جيرانها، وإكرام بعلها والقيام على خدمته بكل عناية وعطف، ولم تتخل عنه طيلة سنوات إعاقته التي تربو على سبعة أعوام حتى توفاه الله ـ رحمهما الله رحمة واسعةـ فأصبح البيت خالياً يسود أرجاؤه السكون، وخفتت الأصوات وانطفأت تلك الشموع.. فهجره مرتادوه وتفرق الأبناء والبنات ومضى كل في سبيله، كأسراب طير أفزعهم رام فتباعدوا!. وهذه الحال تذكرنا بمضمون شطر بيت من الشعر حينما مر شاعر بمنزل آهل بساكنيه وهم في دعة وسعة من العيش فقال متيقناً ومتحسراً "ولابد يوماً أن يهجر الباب حاجبه".

   ذهبوا وهم يحملون بين جوانحهم لوعات الفراق المر، فراق أقرب الناس وأحبهم إليهم، ولك أن تتصور حال كل منهم وما يعتلج في خواطرهم من أحزان مقيمة في طوايا نفوسهم مدى العمر إذا ما مروا بذاك الحصن الذي جمع شملهم ودرجوا في ساحته واحتضنهم أركانه وهو خالٍ يلزم النواظر أن تهمي دمعاً، ولاسيما البُنيات فعلاقتهن بالأمومة ألصق وأقرب لأنهن دائماً يلجأن إلى الوالدة أكثر للتشاور وإفضاء همومهن ـ إن وجدت ـ وحل بعض الموضوعات التي تهمهن .. وعزاؤهم في ذلك كله أنهما مضيا طاهري الأثواب معطرة سمعتهما بالثناء الحسن، وطلب المغفرة لهما من العلي القدر، وقد خلّفا ذرية صالحة من خيرة رجال العلم والمعرفة بنين وبنات متحلين بفعل الخير والإحسان..

وما المــال والأهــلون إلا ودائــع  
<!--

 

ولابد يوماً أن ترد الودائع
<!--

 

 


كـوكب غـاب وبـقـي سـنــاؤه (<!--)

(فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله)

 

ومــا المـرء إلا كـالـشــهــاب وضــوئــه
<!--

 

يحور (أُفولا) بعد إذ هو ساطع
<!--

   في مساء يوم الأربعاء الموافق 15/10/1421هـ طرق أسماعنا نبأ رحيل علم بارز من علماء هذه البلاد الأفاضل إلى دار البقاء بعد معاناة طويلة الأمد مع المرض، ومع ذلك كله استمر في نشر رسالته رغم نصح الأطباء له بالراحة وما يعانيه ويكابده من الآلام والمتاعب الجمة، بل وبعد أن أضاء صدور تلامذته علماً نافعاً، والمنصتين لعلمه الفياض عبر وسائل الإعلام العامة والخاصة، بمؤلفات عديدة، إنه الشيخ الفاضل محمد بن صالح العثيمين – تغمده الله بواسع رحمته- فغيابه أحدث فجوة واسعة في ضمير الزمن، ضمير الإفتاء والإرشاد، والتفقه في الدين الخالص، فلقد عُرِف عنه الجد وحفظ الوقت منذ فجر حياته واستثماره في اقتناص فوائد العلوم من بطون الكتب وحواشيها، ومن أفواه العلماء، وكان لي شرف الزمالة معه عام 1373هـ أو عام 1374هـ فترة قصيرة في المعهد العلمي بالرياض، وبعد تخرجه عُيّن مدرساً بمعهد عنيزة العلمي قبل حصوله على الشهادة الجامعية لما يتمتع به من قدرة وكفاءة، ثم لازم فطاحل العلماء في تلك الحقبة من الزمن وخاصة شيخه العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي – رحمه الله- وأكبّ على النهل من موارد العلوم الشرعية والفقهية واللغة العربية وفروعها حتى وصل إلى ما وصل إليه من بحور العلوم والفنون فأصبح يذري علماً وإضاءة شملت ساحات واسعة من هذا الكون..! فصار محل احترام وعناية فائقة من ولاة أمور هذه البلاد وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز ، وسمو ولي عهده الأمين عبد الله بن عبد العزيز بل وجميع المواطنين، كما أنه له محبة خاصة في قلوب المسلمين خارج البلاد لما يتصف به من سعة علم ورحابة صدر، وتأليف وترغيب للطلبة المغتربين من خارج عنيزة، بل ومن الوافدين من شتى الجنسيات في النهل من موارد العلوم الصافية، وإسكانهم في أروقة المسجد الذي يتلقون فيه العلم والدرس على يديه، والبعض منهم في المساكن المجاورة للجامع.. فالجامع الكبير هناك كأنه خلية نحل يعج بالمصلين وتؤمه مجموعات كبيرة من طلاب العلم لما يلقونه من تشجيع مادي ومعنوي، للاستعانة بذلك على مواصلة تلقي العلوم، ومن أخذ نصيباً وافراً من ذلك عاد إلى بلاده معلماً وداعية إسلامياً ينشر العلم ويُرسخ عقيدة السلف الصالح في ربوع تلك البلاد.. وكأني بلسان حال من يمر من تلامذته بالجامع الكبير بمحافظة عنيزة الذي كانوا يتلقون فيه دروس العلم والمعرفة على يديه من المغتربين وغيرهم، تدور في مخيلاتهم ذكرياتهم الجميلة تحسراً عليه بعد رحيله وتفجعاً على غيابه وربما يستحضر البعض منهم هذا البيت مردداً :

يعــز عــلي ّ حــيـن أديــــر عــيـنــيّ
<!--

 

أفتش في مكانك لا أراك
<!--

  وفقده وفقد من سبقوه في الآونة الأخيرة إلى الأجداث من كبار العلماء والمشايخ كسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله- الذي لم يزل حزنه ساكناً في أغوار النفوس يعتبر فجوة وثلمة في مجال الفتوى ونشر العلم وتبصير العامة والخاصة مع الاحتفاظ بحقوق ومنزلة من هم الآن على ظهرها الذين لا يألون جهداً في إنارة الطرق المثلى وتنوير المجتمعات الإسلامية عبر وسائل الإعلام المختلفة والدروس العامة – أثابهم الله- وغفر لشيخنا الراحل وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً وأسبغ عليه شآبيب رحمته وألهم ذويه وتلامذته الصبر والسلـوان ..

 

وغــــاب الطـبـيــب(<!--)

(الشيخ محمد بن ناصر العمراني رحمه الله)

 

مضى غير مذموم، وأصبح ذكره
<!--

 

حلي القوافي بين راث ومادح
<!--

جُبلت النفوس على التأثر المؤلم حينما يغيب عنها غال أو عَلم من الأخيار غياباً أبدياً لاسيما رحيل العلماء وأفذاذ الرجال الكرماء، والأطباء البارزين أوغيرهم من الأعضاء المخلصين العاملين في أوطانهم أو الممثلين لبلدانهم خارجها، وفي مجالات إصلاح ذات البين.. ففي عصر يوم الثلاثاء 12/11/1421هـ ودعت محافظة حريملاء علماً بارزاً من أعلام الطب الشعبي المشهور بالإخلاص والنجاح في هذا المجال إنه الخال: الشيخ محمد بن ناصر العمراني الذي رحل عنا إلى دار المقام بعد أن استوفى نصيبه من أيام الحياة المسطرة بجبينه قبل خروجه إلى الدنيا، وكان هو وأسرته منذ أحقاب السنين مشهورين بكرم الضيافة، وكفالة الأيتام، والإحسان إلى المساكين، وقد ترعرع في أحضان والده ناصر الذي تولى الإمارة في حريملاء آنذاك المشهور بالحنكة وقوة الشخصية، وفي آخر حياته استغل جل وقته في تلاوة القرآن الكريم، والنظر في الكتب المفيدة من كتب السنة المطهرة وكتب السير، وقد ساعد على ذلك ما وهبه الله من سلامة العيون وحدة البصر رغم تقادمه في العمر الذي تخطى "الهنيدة" ببضع سنوات، وقد اشتهر بالمهارة في الطب الشعبي، وقوة الفراسة والتبصر في تشخيص كثير من الأمراض وخاصة أمراض العيون، وعرق النَسا، وبعض الأمراض الباطنية التي تبدو باصفرار وبياض العيون، وتلون البول باللون الأحمر ـ كإنذار مبكرـ وكذلك ما يسمى بالعنكبوت، وما يسمى أيضاً " بالنفرة أو الحبة" فهو يبادر بالكي في بعض مواضع جسم الإنسان في ضوء تشخيصه للمرض (مع وصفه وتأكيده بالحمية وتحديد وقت لها).. لأن التراخي في مثل ما ذكر قد يسبب الوفاة للشخص المصاب فوراً، وبالذات "النفرة" التي غالباً ما تكون في داخل الجيوب الأنفية أو في الحنجرة، ويستدل على كشف ذلك بإعطاء المريض قبل الكي كأساً من المر يشربه، فإن تورم وجهه وانتفخ في الحال بادر بتسخين الحديد المخصص لذلك حتى يحمر ويميل لونه إلى البياض من شدة نضجه، ثم يقوم بالكي في مؤخرة الرأس لمجموع عروق الرقبة والرأس، وبعد الكي تبدو آثار النجاح، وتقوى معنوية المريض وتطمئن نفسه مع الالتزام بضبط الحمية المذكورة. ومن الطريف في الأمر أنه قد اُستدعي بالذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية منذ سنوات قليلة بعدما حار بعض أطباء " بوسطن " في تشخيص مرض شخص معروف، فكواه هناك فحسنت حاله ـ حسبما سمعناه ـ كذلك قال لي أحد أبنائه أن والدي قد استدعي للنظر في حالة مريض داخل أحد المستشفيات البارزة هنا.. حيث استمر هذا المريض برفع صوته بشهيق دون توقف فكواه حتى فصل التيار الكلامي المسبب لذلك فعاد لحالته الطبيعية بإذن الله. فقد كان ـ رحمه الله ـ مشهوراً بالطب الشعبي الناجح على مستوى المنطقة الوسطى وبعض المناطق الأخرى.. يأتون إليه من مدن وبلدان نائية من مختلف الطبقات.. لما يجدونه من علاج صائب، ومهارة وإرشاد، وكرم ضيافة، فالذي ينصت إليه حينما يتحدث عن بعض الأمراض وأجزاء الجسم يخيل إليه أنه قد اشترك مع أطباء تشريح الجثث لبني الإنسان، فقوة حدسه وطول تجاربه في هذا المجال أكسبه خبرة واسعة، فغياب مثله يحدث فجوة واسعة في عدم سرعة شفاء بعض الأمراض التي ألمحنا إليها، والتي قد لا يعيرها اهتماماً ولا يؤمن بها معظم الأطباء الحاليين. فعلى سبيل المثال مرض ما يسمي " بالعنكبوت" والتي غالباً ما تصيب أطراف أصابع اليد فإن الكي يعجل شفائها ـ بإذن الله ـ في حين أن الطب الحديث يقوم بتغيير وتعقيم وتقشير مواضع الألم عدة مرات قد يصل إلى العظم، ويطول أمد الشفاء، فالكي يوقف الألم ويعجل بالشفاء ـ بحول الله ـ وقد أصيب أحد أصابع يدي منذ سنوات مضت بما يسمى " بالعنكبوت " وحاول الأطباء معالجته فلم يفلحوا..!! واضطررت كارهاً للذهاب إليه، بصحبة شخصين للإمساك بي عندما يحين الكي في عضدي، وبعد ما رفع آلة الكي سكن الألم في الحال واستمريت مُحتمياً وقتاً وجيزاً حسب توجيهه وإرشاده وقد شفيت بحمد الله، وكذلك مرض العيون فإن له كياً خاصاً في مواضع من الرأس والوجه أحياناً، وكي مرض عرق النَساء غالباً ما يكون في الورك معمقاً.. ونرجو أن يخلفه في هذا المضمار أحد أبنائه وبالذات ابنه عمران الذي لازمه في أخريات حياته، واستفاد من بعض توجيهاته، وكذلك بعض بناته اللاتي يقُمن الآن بمعالجة بعض النساء، ولقد أجاد الشاعر أمير الدين المحلي أو الحلي حيث يقول:

عــليــك بـأربــاب الصـــدور فـمـن غــدا
<!--

 

مضافاً لأرباب الصدور تصدرا
<!--

        هذا وقد كان الرجل محباً لطلاب العلم ومشجعاً لهم يحثهم على التمسك بالأخلاق الفاضلة والنهل من موارد العلوم العذبة ومن أفضاله عليّ التي لا تنسى حينما كنت طالباً أدرس بثانوية دار التوحيد بالطائف عامي 1371 و 1372هـ وذلك لقلة وجود مدارس بالرياض آنذاك، أن تعهدني بالنصح والحث على مراعاة واجبات الغربة والتحلي بالسمعة الحسنة المشرفة، واختيار الأقران الأخيار والحرص على الإنصات إلى شرح أساتذتي واحترامهم، وحسن التعامل مع الزملاء والرفاق لتخفيف وحشة الغربة في تلك البلاد، .. وعند عودتي من الطائف كان كثيراً ما يقوم بإكرامي ويدعونني لتناول طعام العشاء ـ بعد صلاة العصر آنذاك ـ مع والدي الذي هو بمثابة الوالد له ـ رحمهما الله جميعاً ـ فالصغير دائماً لا ينسى أفضال من أحسن إليه، فأنا مدين له حتى بعد انتقالي إلى المعهد العلمي بالرياض وتخرجي من كلية اللغة العربية عام 1378هـ، كلما أعود إلى مسقط الرأس بحريملاء يجدد الدعوة لي ويكرمني ومن كانت هذه صفته يظل ذكره طرياً على الألسن والأسماع معاً، ولقد أجاد الإمام الشافعي ـرحمه الله ـ في الثناء على الأخيار أمثاله حيث يـقول:

ومـن يــقـض حــق الجـــار بـعد ابن عمـه
<!--

 

وصاحبه الأدنى على القرب والبعد
<!--

يعـيـش ســيـداً يـستعــذب النـــاس ذكـــره
<!--

 

وإن نابه حق أتوه على قصد
<!--

   كما لا يفوتني التنويه بمحاسن ابن أخيه ـ ابن خالتي ـ عبد الرحمن بن عبد الله العمراني الذي سبقه إلى مراقد الراحلين منذ وقت مضى، البار بوالديه وبوالدتي والمشهود له بالكرم المتناهي والتفاني في خدمة بلده ومطالبة المسؤولين في الدولة بتطوير حريملاء وملحقاتها ضمن اللجنة الأهلية بها غفر الله لهم جميعاً وأسعد الأحياء منهم.

   وحقاً إن فراق الأحبة والأقارب مؤلم جداً وكلما مر ذكرهم تتجدد الأحزان على فراقهم وغيابهم عن من آلفهم، وعاش معهم ردحاً من الزمن، مرددين الدعاء لهم بالمغفرة وحسن المآب، والعزاء الملزم في ذلك أنها سنة الحياة في تتابع الأجيال والرحيل إلى دار البقاء، واستقبال وفود جدد على ظهر هذه الأرض، وتلك سنن الله في الكون إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } غفر الله له وأسكنه فسيح جناته وألهم آله وذويه وجميع محبيه الصبر والسلوان، {إنا لله وإنا إليه راجعون} وقبل ختام هذه العجالة يحسن بنا ذكر قول العلامة عبد الرحمن بن إسماعيل الخولاني في رثاء شيخه:

حُـجـبــت عــنا وما الدنــيــا بـمــظهــره
<!--

 

شخصاً وإن جل إلا عاد محجوبا
<!--

كذلك المــوت لا يــبـــقي عــلـى أحـــــد
<!--

 

مدى الليالي من الأحباب محبوبا
<!--

عــالم جـليـل رحــل (<!--)

(الشيخ حمود بن عبد العزيز بن سبيّل رحمه الله)

 

وكـل مصـيـبــات الــزمــان وجـــدتـــها
<!--

 

سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
<!--

      في صباح يوم الأحد 30/12/1421هـ أومأ مخلي الديار من أهلها برحيل فضيلة العالم الجليل والأديب اللطيف إلى دار البقاء الشيخ حمود بن عبد العزيز بن سبيّل بعد عمر مديد قضاه في طاعة المولى وعبادته، وفي نشر العلم ومدارسته، وإنارة المسترشدين، وصُلِّي عليه في جامع الراجحي بعد صلاة الظهر من يوم الاثنين 1/1/1422هـ ووري جثمانه في مقابر حي النسيم بالرياض وقد قضى جل حياته قاضياً ومتنقلاً في عدد من البلدان والمدن آخرها في محافظة الخرج، وكان من خيرة تلامذة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية آنذاك، وبعد إنشاء المعاهد العلمية وكليتي الشريعة واللغة العربية واصل الدراسة بالمعهد العلمي حتى نال الشهادة العالية من كلية الشريعة عام 77هـ في ثاني فوج، وكان لي شرف التواصل معه أثناء تلقي العلم لدى الشيخ محمد بن إبراهيم وأخيه الشيخ عبد اللطيف (رحمهم الله جميعاً) واستمر التواصل حتى قبيل وفاته حيث كان التزاور بيننا متصلاً.. ولازلت أذكر عبارته اللطيفة حينما أكدت عليه مرة بتشريفنا في حريملاء قال: (سنهجم عليك هجوماً غير مسلح) فما أجمل هذه العبارة وأعذبها، وستبقى هذه ذكرى خالدة ترن في طوايا نفسي مدى عمري، فالشيخ رحمه الله كان يتمتع بدماثة الخلق وبصفات حميدة وأدب جم رفيع، لذا كان منزله عامراً يعج بالزوار ومحبيه لما يلقونه من فوائد علمية وأدبية وإكرام.. وبعدما انتهى من سلك القضاء تفرغ للجلوس لبعض طلاب العلم يرشدهم ويلقنهم من معينه العذب في المسجد وأحياناً في مجلسه العامر بحضور نخبة من الأخيار على مختلف طبقاتهم ومستوياتهم، وبجانب ذلك هاتفه الذي لا يتوقف رنينه من طالبي الفتوى أو حل بعض المشكلات وإصلاح ذات البين من رجال ونساء وأحياناً يشفع لدى بعض المحسنين ويعرف بأحوال المساكين والمحتاجين، ولسان حالنا يقول له:

ســتـلـقى الـذي قــدمـــت للـنـفس حـاضــراً
<!--

 

فأنت بما تأتي من الخير أسعد
<!--

        ففقد مثله من العلماء يترك فراغاً واسعاً في محيطه الأسري وفي المجتمعات عموماً، والعزاء في ذلك كله أنه ترك أثراً طيباً وخلَّف ذرية صالحة من بنين وبنات ـ تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهم ذويه وجميع محبيه الصبر والسلوان { إنا لله وإنا إليه راجعون } مختتماً هذه العجالة بهذين البيتين :

وأحســن الحـــالات حـــال امــــــرئ
<!--

 

تطيب بعد الموت أخباره
<!--

يـفـنــى ويــبــقـى ذكــــره بــعـــده
<!--

 

إذا خـــلـــــــت مـــن بــعـــده داره
<!--

 

<!--[if !supportFootnotes]-->

<!--[endif]-->

(<!--) المقصود في هذا المقال هو سليمان بن جماز وزوجته رحمهما الله.

( <!--) نشرت في صحيفة الجزيرة يوم السبت 18 شوال 1421هـ الموافق 13 يناير 2001م .

( <!--) نشرت في صحيفة الجزيرة، يوم الجمعة 15 ذوالقعدة1421هـ الموافق 9 فبراير2001م.

(<!--) نشرت في صحيفة الجزيرة، يوم الأربعاء 10 محرم 1422هـ، الموافق 4 ابريل 2001م.

mager22

فقد ورثاء ( عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف )

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 211 مشاهدة
نشرت فى 30 سبتمبر 2013 بواسطة mager22

عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف

mager22
عبد العزيز بن عبد الرحمن الخريف **** ولد ونشأ في حريملاء , 80كم شمال غربي مدينة الرياض . درس في حلقات العلم على المشايخ بالرياض . بدأ الدراسة النظامية بدار التوحيد بالطائف 1371 - 1372 هـ . أنهى التعليم الثانوي بالمعهد العلمي بالرياض عام 1374 هـ . كلية اللغة العربية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

30,356