دار الرسيس للنشر والتوثيق الإلكتروني

مجلة أدبية ؛شعر قصة رواية مقال

موسوعة شعراء العربية
المجلد العاشر - الجزء الاول
شعراء المعاصرة العرب
بقلم د. فالح الكيـــلاني
.
(الشاعرعبدالوهاب العـــــدواني )
.
هو عبد الوهاب بن محمد علي بن الياس العدواني
ولد في مدينة الموصل سنة \ ١٩٤٣ وترعرع فيها وشب واكتمل واكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها سنة \ ١٩٥٩ .
ثم انتقل الى بغداد لاكمال دراسته الجامعية فدخل كلية الشريعة جامعة بغداد سنة\ 1959 وتخرج منها عام \ ١٩٦٤ .
حصل على شهادة الماجستير من كلية الآداب / جامعة القاهرة سنة \ ١٩٧٣ ) 
وحصل على شهادة الدكتوراه من كلية الآداب / جامعة بغداد سنة \ ١٩٨١ .
اشتغل في سلك التعليم بعد تخرجه . فعمل بالتعليم الأولي منذ سنة \ ١٩٦٨ ثم انتقل الى التعليم العالي من سنة \١٩٧٤ واستمر فيه حتى احالته الى التقاعد .
وكان قد حصل على درجة الاستاذية في اللغة والنحو والنقد وتحقيق النصوص سنة \١٩٩١ .
واصبح رئيسا ل قسم اللغة العربية في كلية الآداب / جامعة الموصل بين سنتي \١٩٨٤ - ١٩٩٥ ثم اصبح رئيسا ل قسم القرآن الكريم في كلية التربية بجامعة الموصل بين سنتي \ ١٩٩٥ - ٢٠٠٠ .
أشرف الشاعر عبد الوهاب العدواني على \ ٦٥ رسالة ماجستير وأطروحة دكتوراه وناقش ما لا يقل عن ( ٧٠٠ ) بحث خلال \ ٣٤ سنة من سني خدمته في التعليم العالي .
الشاعر عبد الوهاب العدواني هو :
- عضو اتحاد الادباء في العراق / فرع نينوى .
- عضو رابطة الادب الإسلامي العالمية .
بدا كتابة الشعر ونشره منذ سنة \ ( ١٩٥٩ ونشر في الموصل منذ السنة المذكورة وفي دمشق نشرشعره سنة : ( ١٩٦٢ ) ، و في بغداد والقاهرة بدأ بنشره سنة ( ١٩٦٤ ) .
وقد نشر العديد من الكتب الثقافية والادبية منها مؤلفاته المطبوعة :
1-الضرورة الشعرية ؛ دراسة لغوية نقدية ( أطروحة الدكتوراه ) .
2- أمالي مصطفى جواد في فن تحقيق النصوص .
3- مقدمة نقدية في تحقيق النصوص .
4- المكتبة ؛ تعريف بالمصادر الرئيسة والمساعدة في دراسة اللغة والأدب ( كتاب منهجي – بالاشتراك مع اخرين ) .
5- الكافي في علم الصرف ( كتاب منهجي – بالاشتراك مع اخرين ) .
6- ديوان ذي الإصبع العدواني ؛ جمع وتحقيق ( بالاشتراك مع اخرين) 
7 - شعر ابن الحلاوي الموصلي جمع وتحقيق ( بالاشتراك مع اخرين )
اما لالتي لازالت غير مطبوعة – كما اخبرني - فهي كما يلي :
* ديوان (سداسيات اسماء الله الحسنى) مائة قصيدة من البحر البسيط بقواف مختلفة .
* قصائد مطولات بعنوان : ( الروضات الدمثات في ظلال السور والآيات )، وهي تأملات روحية في التفسير الشعري للمقاصد القرآنية 
* الأدب في ظل الدولة الزنكية : ( رسالة ماجستير - معدة للنشر ) .
* شرح فصيح ثعلب ؛ لابن ناقيا البغدادي - تحقيق ودراسة : ( رسالة ماجستير - معدة للنشر ) .
* تخميس ( الهائية العمرية ) لحافظ إبراهيم .
* وأشياء كثيرة أخرى ، يحمد الله - تعالى - على الهداية الى كتابتها ، والتوفيق فيها .
ولا يزال يكتب وينظم لحد هذه الساعة بارك الله به .
تمت احالته الى التقاعد سنة \ ٢٠١٢ .
اما اعماله الشعرية فهي كثيرة جدا ومن العجيب ان الشاعر عبد الوهاب العدواني لم يصدر ديوانا شعريا له الا انه الكثير الكثر من القصائد المنشورة على صفحات التواصل الاجتماعي (الفيسبك) فقد نشر على الفيسبك منذ شهر تموز في سنة ٢٠١٣ قصائده و أعمالا كبيرة كاملة منها مايلي :
* تخميس ( الهمزيتين في المديح النبوي الشريف ) ؛ للبوصيري وشوقي .
* تخميس ( الميميتين ) لهما في ( المديح ) أيضا .
* الصلاة على النبي \ ١٠٠ قصيدة وقد شرع بكتابة \ المئة الثانية ولا يزال ينشر فيها .
* ثنائيات الصلاة على النبي \ ٣٨٨ قطعة .
* الحرميات المكية والمدنية \ ٢٠ قصيدة .
* نظم الحكم والنجاوى والرسائل العطائية في قريب من ( ألفي ) بيت .
* نظم الجلاليات الرومية ، وقد قاربت من : ( ٣٠٠ ) قطعة .
* قصائد ( سبحانيه ) ، وهي : ( ٥٠ ) منظومة من البحر الكامل التام او المجزوء ، بروي : ( سبحانه ) ، وما يناظره ؛ تأملات في ( خلق الخالق ) في أشياء كثيرة .
* قصائد من اوراق مادح الرحمن ( ١٨٦ ) قصيدة. ومنها هذه القصيدة :
( في الضراعةِ الإلهية )
أُراني عن مرامِكَ لا أعوجُ
فلي في السرِّ مُنتظَرٌ بهيجُ
دُروبي غيرُ مغلقةٍ لأنِّي
أرى نوراً هناكَ لهُ بروجُ
على أنِّي الضعيفُ أرى نشاطِي 
يدقُّ البابَ .. والبلوى تَموجُ
و يسألُني الشهودُ مرادَ مِثلي
و في سُؤلي لمخْمصتِي أجيجُ
نفوسُ الخلق تهزجُ لي وأمْضي
شُجاعاً لا يُجاب لهمْ هزيجُ
يُجابُ الهزجُ لو كانوا رفاقِي
وأحبابي .. و يجمعُنا النشيجُ
أ أحبابٌ .. و فيهمْ مَن يَراني
كأنّي فوقَ بهجتهِ ضجيجُ
سلبتُ له المِراحَ فصارَ ضِدّي
تمنّى لو تُسدُّ ليَ الفُروجُ
تناسى أنَّ بابَ اللهِ رحْبٌ
لهُ أقوى .. وتحملُني السُّروجُ
جُماحُ الروحِ يحفِزُني إليهِ
و عزْمي ليسَ يُبْطؤهُ النهيجُ
بلْ الحاجاتُ أقربُها بعيدٌ
وإنْ بعُدتْ فمنهجُها البليجُ
له الأنوارُ تُؤتي كلَّ صبٍّ
مناسكَ .. والقلوبُ هي الحجيجُ
كما أنَّ الحجيجَ ضيوفُ ربّي
فأهلُ الحاجِ أمرُهمُ مَريجُ
من الضعف الضعيفِ رفعتُ سُؤلي
و ما شكِّي برحمتِه خليجُ
* قصائد ( لوحة وقافية ) ( ١٥٢ ) قصيدة .
* قصائد ( نفحة شهرية في حب العربية ) : ( ٣٠ ) قصيدة .
* قصائد ( من اوراق الديوان الموصلي )
* قصائد ( بصيرة من ' علم الحقيقة ) ، .
* قصائد ( في أنوار أدعية الأنبياء في القرآن الكريم ) ؛ وهي رائيات 
من البحر البسيط 
.
* قصائد في الرثاء اسماها ( مراثي أهل الفضل ) ؛ وهي كثيرة ، 
جرى فيها على ( نحو جديد ) في كتابة قصيدة الرثاء القصيرة جدا .
* له الكثير من المثاقفات ( الكلمات التنويرية ، والحكم ، والامثال السائرة ) بكتابات شعرية كثيرة ، وربما زيدت المعاني على ما في ( الأصول) ، وأخرجت ( القطعة الشعرية ) بعنوان : ( وأنظمها شعرا وأزيدها ) .
* إجازات الأشعار الباهرة وتشطيراتها ، وتخميساتها وهي كثيرة جدا.
.
ومن شعره قصيدته القافيّة حباً لأرضِ ( الكنانة ) واعترافاً بفضلها عليه ، و على والده- رحمه الله - كونهما درسا في الأزهر الشريف ، وجامعة القاهرة . كتبها على غرار قصيدجة أمير الشعراء ( أحمد شوقي ) يخاطب فيها نهر النيل يقول شوقي :
مِن أيِّ عهدٍ في القُرى تتدفّقُ
وبأيِّ كفٍّ في المدائنِ تغْدِقُ ؟
ويقول شاعرنا العدواني :
مصرُ التي مثلَ المجرَّةِ تشرِقُ
تبقى .. و مثلَ الزهرِ إذ يتفتّقُ
العينُ تنظرُ مصْرَها بمشاعري
وتظلُّ مِن اشواقِها. تتعمّقُ
هي عشقُنا الباقي القديمُ لأنَّها
فينا كمجرى النيلِ إذ يتدفَّقُ
ما صارَ أن نضِبَ الغميرُ سويعةً
في الدهرِ .. و هي بمائهِ تترقرقُ
تخضرُّ منهُ .. لأنَّه في أرضِها
نعماءُ يفهقُ ماؤها ما يفهقُ
أنَّى تلفَتَ زائرٌ في مرْجِها
وجدَ الجمالَ بسحرِهِ يتأنّقُ
مَن لي - هنا - بمشاهدٍ مصريّةٍ
جنباتُها بالعبقريّةِ تبرُقُ
فاليومَ بعدَ الأربعينَ مُسافراً
عنها أرى الأشواقَ كمْ تتشوّقُ
قد جئتُها .. والعمرُ في باكورةٍ
وأبي أتى .. فلنا بها ما يعْشقُ
فالعشقُ فيه " الأزهريُّ " و حسبُهُ 
عشقاً بكلِّ فضيلةٍ يتعلقُ
و إذا ذكرتُ .. ذكرتُ قبَّةَ علمِها
والساعةُ الفرعاءُ ساعةَ تطرقُ
فهواي فيها " القاهريُّ " و حسنُه 
ما زالَ نُصبَ الروحِ .. وهو الأعتقُ
فاعجبْ لماضٍ حاضرٍ .. وكأنّهُ
ما غابَ منه حقيقُهُ و الرونقُ
عاجتْ بيَ الأشواقُ فرطَ تذكُّريْ
ومناظرُ النيلِ الجميلِ تصفِّقُ
وتقولُ : لي ذكرى وهذا طيفُها
في ذا الغريبِ حضورُهُ والمنطقُ
قد جاءَ من أرضِ "العراقِ" كأمسِه
من قبلِ نصفِ القرنِ .. لو أتحققُ
عبرَ الزمانُ عليهِ .. فهو مجرَّحٌ
مما لقِي بديارِه في من لقُوا
وأتى السويعةَ بالشعورِ .. لأنَّه
بالهيكلِ التعبانِ نضوٌ مرهقُ
ليقول : ذي أرضُ الكنانةِ ذكرُها
في خاطري .. وأنا البعيدُ الأقلقُ
خوفي على السبحاتِ في أفيائِها
والنيلُ مثل العهدِ حيٌّ يرزقُ
وهناكَ .. حيثُ يقومُ أهلُ صلاتِهم
عندَ " الحسينِ" السِّبطِ لم يتفرّقوا
وإذا ذكرتُ " الشعرَ " كانت زورةٌ
بيت " الأميرِ" .. و جلسةٌ لا تفرَقُ
مما يفزُّ الجالسونَ .. وشعرُه
يجري على أسماعِهمْ .. ويحلّقُ
يعلو بهم بجناحِه في رفرفٍ
و يحطُّ حيثُ يحطُ .. وهو الأسمقُ
و"الرامتانِ " و بحرُ " طَه " فكرُهُ 
ما فاتني للسبْحِ فيه الزورقُ
" أيامُه " وحديثُه في الأرْبِعا 
نجْعانِ كما دَعَوا الضيوفَ ليطرُقوا
وإذا عبرتَ إلى الجزيرةِ هائماً
لقيتكَ موسيقى الذي يتنوَّقُ
فتقولُ : أنتَ سميُّهُ .. فتفضَّلنْ
إنَّ الذي قد جئتَه المتدفقُ
ما زالَ " نهرُ خلودِه " في أرضِه 
والسابحونَ همُ الهيامى الحُذَّقُ
كمْ ينشدونَ أنينَه .. فيجيبُهمْ
عُوْدٌ لترقيصِ النسائمِ ينطقُ
وإذا أردتُ - هنا - المكوث َ فمصرُنا
بقصيدي المشتاقِ كمْ تتوثّقُ
فأنا أمينُ الوصفِ .. لستُ أخونُها
مصرُ العزيزةُ لا تخانُ وتُقلَقُ
من يقلِقُ الحسناءَ .. و هو يحبُّها
إلا الشقيُّ .. كما غرابٍ ينعقُ
والشعرُ مني بلبلٌ في حبُّها
يشدو .. و مِن أحوالِها يتمزَّقُ
فعلَ الزمانُ بها المريرَ .. وليتَها
تشفَى .. ويصحبُها الأمانُ ويصدُقُ
اللهُ أودعَ نيلَها خضراءَهُ
زهْرا .. فإنْ نفحتْ ففيها الزنبقُ
مَن ذا سيرسمُ حسنَها بقصيدةٍ
وصعيدُها ديوانُ زهرٍ يعبقُ
فمتى أردتَ قراءةً لم تنصرفْ
صفحاتُه الحسناءُ كمْ تتورّقُ
فأنا المُقيم هناكَ بعدَ فراقِها
والمانعي عنها المصابُ المُحْدقُ
ومن قصائده التي اسماها (الموصليات ) هذه القصيدة وقد كتبها في ( إستنبول ) بتركيا في ( ١ / تشرين الثاني / ٢٠١٤ ) وهي من عيون شعره وتعد من عيون الشعرالعربي المعاصر وعنوانها (يا نائحَ الشجرِ الوسنان ) يقول :
يا نائحَ الشَّجرِ الوسنانِ في السَّحرِ 
هيّجتَ كامنَ همِّيْ .. فالتوى شجَري
فقلتُ للثمرِ الشعريِّ : لستَ جنًى
إنْ لمْ أُغنِّكَ هذا - الليلَ - للبشرِ
لقدْ تركتُُ ببيتيْ في مدينتِهِ 
كلَّ الدَّفاترِ .. إلا دفترَ السَّفرِ
و جئتُ حاضرةَ "الأتراكِ" .. تسألُني
: أليسَ بغدادُ أولى قلتُ : ذا قَدَري
وأينَ "بغدادُ " منّي .. و هي مُتعبةٌ
بما تكفكفُ من نارٍ .. و من خطرِ
طالَ الطريقُ إليها في مسالِكه 
ضعْفََ السُّويعاتِ في ضِعْفٍ من الحذرِ
إني أقيمُ - هنا - أبكيْ على وطنٍ 
ما عادَ كالأمسِ ملءَ السَّمعِ و البصرِ
بل صارَ " نكْثاً " من التَّاريخِ أندبُهُ 
من الحضَارةِ .. و الأمجادِ .. و الأثرِ
ولمْ يعُدْ غيرُ صبري .. كي يُعالجَنيْ
وما يعالجُ طهْرَ " الأرضِِ" من وضرِ
و أيُّ " صبْرٍ " .. و قد فاتتْ مباهجُهُ
فآلَ " صبْريْ " عليها رشْفةَ الصّبِرِ
مُرَّ المذاقِ .. و لكنْ قد حلِيتُ بهِ 
إذا تدبّرتِ - يا هذي - لِتعتبِري
منْ أمِّ "يونسَ" .. تذْكاري منارتُها 
ومن محاسنِ " بغدادِ " العُلا صُوري
تلكَ التي حمّلتْني ألفَ حاكيةٍ 
بليغةِ القولِ .. تقْني القلبَ بالعِبر
فجئتُ ملءُ حُمُولي عِدلُها أملاً 
بأنّ ( ربِّيَ ) يُحيي الميْتَ مِن دثَرِ
غداً .. يقومُ "عِراقِي" مِن رمادتِهِ
ما استعْدلَ العقلُ واستحيا أولو الوطرِ
كيما تعودَ إلى " بغدادَ " بهجتُها 
لأنَّها " الأمُّ " في منظومةِ الحجَرِ
كُـلٌ فُصــوصٌ .. ثمينـاتٌ معادِنُها
فلستُ أطلبُ إلاّ السلكَ للدُّررِ
هذا هديلُ حمَامِ الشِّعرِ .. يُؤنسُني 
لينهضَ القلبُ من " ضُرِّيْ" على ضَرَري
يقولُ : حسْبُكَ ما أبكيتَ من لغةٍ
كأنَّ ما كانََ ما أبقى .. و لم يذرِ
أبقى القلوبَ رِطاباً .. و الردى أملاً
و المجدَ ذُخْراً .. و أسفارًا من الذِكَر
فاستبشرِ الخيرَ .. و احلمْ حُلمَ راجيةٍ
غابَ البنونُ .. و ظلّتْ حيَّةَ النظرِ
ترنو بعيداً إلى المجهولِ .. تسألُه
أليسَ في الركبِ للغادينَ من خبرِ ؟
ما ماتَ - قطُّ - شُعورٌ من مواجدِها 
إلّا لِيحيا لديها شوقُ مُنتظرِ
وهكذا .. هكذا " الآمالُ " في غدِنا 
و ( اللهُ ) باللُطفَ .. و الإنسانُ كالنَهرِ
يجْري .. و يجْري به سرٌّ يُعظّمُه
بالجهدِ يعظُمُ .. لا بالضعْفِ و الخَورِ 
.
ومن قصائده قصيدة (بصيرةٌ )من ( علمِ الحقيقة )
زُرْ في طريقِكَ قلبي كيْ تطمئنَهُ
أنًّ الذي قدْ تولّى ليسَ أحسنَهُ
الأحسنُ الأجملُ المجهولُ مقدمُهُ
شيءٌ من الغيبِ أخفى اللهُ معدنَهُ
إنْ كانَ أضْحكَ فيكَ السنَّ موردُه
فليسَ يُبلغُكَ الإضحاكُ مأمنَهُ
أو كانَ أبكاكَ فيهِ ما بَرِمتَ بهِ 
فليسَ يُوردُكَ الإبكاءُ مدفنَهُ
فكِّرْ بنعمةِ " ربِِّ النَّاسِ" يُرسِلُها
في كُلِّ حَالٍ تجِدْ معناهُ أبطنَهُ
" للهِ " في النَّاسِ آرابٌ وأقيسةٌ
و أنتَ تجْهلُ ما فِيها لتحجِنَهُ
ذي ثروةُ العبدِ لا مَالٌ فيجْمعَهُ
ولا المعظّمَ من بيتٍ فيسْكُنَهُ
فإن فهِمتَ المعاني .. و هيَ ظاهرةٌ
خفيَّةٌ كنتَ في الإنسانِ أعينَهُ
يقالُ : " عيْنٌ " و تعْمى عينُ قامتِهِ
عنِ الحقيقةِ في جسْمٍ تبدَّنَهُ
ما سِرُّهُ لو درى ما السِّرُّ خالجَهُ
خوفٌ أضاعَ بهِ في الدربِ أبينَهُ
فقلْ لهُ : يا معّمى القلبِ أيُّهما
أقْنى لديكَ و أغْنى كي تُبيِّنَهُ
" اللهُ " أعطاكَ عقلاً ما وعَيْتَ بهِ
سرَّ الخليقةِ - ياهذا - و ديدنَهُ
ما جئتَ إلاّ لأنَّ اللهَ أسكنَنا
بسيطةَ الأرضِ كي نرْعى و نأمنَهُ
والأمنُ منهُ ومنهُ الخوفُ أجمعُهُ
فخُذْ ضياءَكَ في المسْعى لتحسِنَه
ضياؤك "الذكرُ" فاجْعلْ فيكَ لهجتَهُ
ماءَ اللسانِ الذي ما كانَ ألسنَهُ
قالَ المُحبُّونَ هذا القولَ فانتبهتْ
بصيرةُ القلبِ في صدْري فأدمنَهُ
إدمانُ دحبِّكَ للقرآنِ يجعلُهُ
نوراً و طبَّاً و خِلاً لن تخوِّنُهُ
ومنْ يخّوِّنُ " ذكرَ اللهِ " مُهتدِياً
أمِّا الّذي .. فطريقُ الموتِ أذْعنَهُ
غداً يَرى كُلَ شَيءٍ من ضلالتِهِ
فما يرِيمُ إلى الدُّنيا فيركُنَهُ
لا عوْدَ حتّى يَرى للنفسِ راحتَها 
إلى طريقٍ تقَصَّاهُ ليهجُنَهُ
وهو الهجِينُ لذنبٍ قدْ تعبَّدَهُ
فصارَ قِنّاً لشيطانٍ فشيْطنَهُ
اما قصائده من أوراق ( الديوان الموصلي ) او ما يسميها (الموصليات ) فمنها هذه القصيدة الرائعة :
يشْقِيكَ دهرُكَ .. فاسكُتْ أيُّها الغضَب
فليسَ يبرَمُ إلّا مَن بهِ عَطَبُ
" اللهُ " أنزلَ بالصبرِ الجميـلِ هُدًى آ يَ " الكتابِ " الذي لا تُشْبِهُ الكُتبُ
أقولُ هذا .. و نهرُ الحُزنِ يجرِفُني
إلى القرارِ .. و أُلفينيْ بهٍِ أثـِبُ
حتى أعودَ .. كأنَّ الدارَ باقيةٌ
و الأهلُ و البلدُ المسروقُ و النشـَبُ
والصَّحْبُ أجمَلَ ما تأتي مباهِجُهمْ
والتلْمذاتُ و دورُ العلمِ تصطخِبُ
كأنَ عُشبَ فِجاجِ " اللهِ " مُنتظرٌ
زوْرَ الأحبَّةِ .. لا يلوي بهِمْ رهَبُ
قطْرُ " الرغائبِ " يهْمي حيثُما التفتتْ عينٌ .. و يأنسُ مُرتاحٌ و مضطرِبُ
أمْ أنَّ ربِّيَ ألقى "الحُلْمَ" في خلَديْ
حتّى أرى الأمسَ ما طافتْ بهِ الرِّيبُ
" للهِ " قلْبي .. و اللأواءُ تكمِدُهُ
ما لِي بهِ في مجالي حُلْمِه يجِبُ ؟!
متى السُّكونُ على حالً يطيبُ بها
و الطِّيبُ فاتَ فواتاً ما لهُ عقِبُ
هلْ يرجعُ الأمسُ .. و الدارُ التي هُضِمتْ
والناسُ و النومُ و الأخلاقُ و الأدبُ
هذا تساؤلُ منْ عيناهُ أنْكرتا
ما صارَ .. حتّى كأنَّ الجنَّةَ التُّرَبُ
ما هذه " الموْصِلُ " الحسناءُ طلعتُها
وقبلَها .. كمْ بكَتْ أحوالَها حلُبُ
فليعلِنِ الشّعْرُ عنّي مِن حكايَتِها
هذي الصُّبابةَ أدمى جرْسَها الوصَبُ
فيها شِفاءٌ حزينٌ لِي أعلِّقُهُ 
بِمنْ يُفرِّجُ ما تقسو به الكُرَبُ
وله في رثاء (الموصل ) مدينته الحبيبة وشهدائها الكثير وهذ ه منها ( الشهداء الموصليون ) يقول :
رحلوا لتبقى ذكرياتُ رحيلِهم
طبْعاً وما ينساهُ مَن يتذكرُ
والرسمُ أبلغُ من يقولُ رثاءَهم
والشعرُ والتاريخُ سطرٌ يُؤثرُ
همْ واحدٌ متعددٌ في شخصِه
إن غابتِ الأسماءُ .. فهو الأشهرُ
شهدوا الشهادةََ مفعمينَ بطُهرِها
فلهمْ هناكَ نعيمُ ما يُتصورُ
بلْ يعجزُ التخييلُ مهما حاولتْ
لغةُ البليغِ بعجزِها تتعثرُ
ما كانَ في وسْعي سوى إيمائِها
فإذا وصفْتُ حذِرتُ ما لا أقْدِرُ
ومن شعره في التخميس الكثير واخترت قصيدته في تخميس ( نهج البردة ) لاميرالشعراء احمد شوقي يقول :
ما ذا أقولُ لهُ في السِّر من كلِمي
و هو المُصيبي بسهمٍ مُبْرمٍ خَذِمِ ؟!
لهُ الحُقوقُ بذاكُمْ .. غيرَ مُتَّهمِ
( رِيمٌ على القاعِ بينَ البانِ والعلمِ )
( أحلَّ سفْكَ دمِي في الأشهُرِ الحُرُمِ )
لو كنتُ أدري لما جِئتُ الحمى أبدا
وما اقتربتُ .. و لكنَّ القَضا قصَدا
أنْ أُصبحَ الصَّيدَ للمعشوقِ دونَ فِدا
( رمى القضاء ُ بعينيْ جُؤذرٍ أسَدا )
( يا ساكنَ القاعِ : أدرك ْ ساكنَ الأجَمِ )
الحظُّ ساقَ خُطىً بلهاءَ عاجلةً
أغرنِيَ الأمنُ .. كي أُسقى مُخاتلةً
كأسَ الشُّجاعِ .. و ألقاها مُحاولةً
( لما رنا .. حدَّثتني النَّفسُ قائلةً )
( يا ويحَ جنْبِكَ بالسَّهم ِ المُصيبِ رُمي )
و جاءتِ الرَّميةُ النجلاءُ دونَ يدِ
فالجفنُ قوسٌ .. و رمْقُ العينِ بالرَّصدِ
سهمٌ وحيدٌ .. و ليسَ الرَّميُ بالعددِ
( جحدتُها .. وكتمتُ السَّهمَ في كبِدي )
( جَرحُ الأحبَّةِ عندي غيرُ ذي ألمِ )
وقلتُ في النَّفسِ مُلتاعاً .. بلا حُرَقِ
ذي رميةُ الحِبِّ .. بردي منهُ أو عبَقي
لكنَّها النَّارُ .. يُضْرِيها على ورَقي
( رُزِقت أسمحَ ما في النَّاسِ من خُلُقِ)
( إذا رُزِقتَ التماسَ العُذرِ في الشِّيمِ )
يا لائِمي في اعتذاراتي لِمن قدِروا
جعْلَ الأصابةِ كالحلوى .. فما الحذرُ ؟!
إذا تعرَّضتُ للرامي .. وما الخورُ ؟!
( يا لائِمي في هواه ُ .. والهوى قدرُ )
( لو شفَّكَ الوجدُ لمْ تعذِلْ .. ولمْ تَلُمِ )
وكذلك له في التشطير باع طويل وشعر كثير اخترت هذه القصيدة في تشطير ابيات للشاعر الاسلامي الاول حسان بن ثابت في التضرع الى الله تعالى اذ يقول في تشطيرها :
( على أبوابكم عبد ذليل )
لحر الخوف في دمه صليل
رجا مولاه ما اتسعت رؤاه
( كثير الشوق .. ناصره قليل )
( له أسف على ما كان منه )
وما قد كان أيسره ثقيل
وكيف يخف ما اقترفت يداه
( وحزن من معاصيه طويل )
( يمد إليكم كف افتقار )
وفقر العبد منطقه جليل
ومجرى نطقه لهفات روح
(ودمع العين منهمل يسيل)
(يرى الأحباب قد وردوا جميعاً )
وكل عند خالقه دخيل
وفي الهافين مقطوع رجاه
( وليس له إلى ورد سبيل )
( أكون نزيلكم ويضام قلبي )
كلام العاطلين و ما أنيلوا
ونيلي منكم المأمول جم
( وحاشا أن يضام لكم نزيل )
واختم بحثي عن الشاعر عبد الوهاب العدواني بهذه الابيات الجميلة :
أحن إلى الماضي الجميل .. ﻷنه 
منابت روحي في الزمان و مشربي
شربت به ماء الصفا .. حيثما رعت
لطائف من ربي وجودي ومذهبي
" أب" كان بالدنيا جميعا وجوده
و" أم " .. براها الله من خير منشب
رؤومية كانت .. فلما ترحلت 
شعرت بيتم الدهر حولي ومقربي
فهانذا من بعد خمسين حجة
خلا بضعها .. أحيا بشوقي ومتعبي
فكيف أراني ﻻ أحن مرارة
كأني أباري عودا من تغرب ؟!
وكيف يعود الراحلون .. وفيهم 
شقيقاي .. حتى أبتغي كل مطلب
.
امير البيــــــــان العربي
د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق - ديالى - بلــد روز
****************************

المصدر: مجلة عشتار الالكترونية
magaltastar

رئيسة مجلس الادارة

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 199 مشاهدة
نشرت فى 10 نوفمبر 2018 بواسطة magaltastar

مجلة عشتار الإلكترونية

magaltastar
lموقع الكتروني لنشر الادب العربي من القصة والشعر والرواية والمقال »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

577,254