جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
المتعة في قصيدة
"يا شادنا"
مصطفى العجان
من سمات الجمال في القصيدة إحداث المتعة عند القارئ وجعله يستمتع بما يقرأه من شعر، سنجد في هذه القصيدة ذروة المتعة والتي تشير إلى عناية الشاعر "مصطفى العجان" بمزاج القارئ، فهو يختار أسلوب خاص به يجعل القصيدة في غاية المتعة، وهذا ما جعل القارئ يتقدم منها لأكثر من مرة.
يتجه بعض الشعراء إلى محاكاة نصوص شعرية تراثية، وهذا يقربنا من النص القديم، وفي ذات الوقت يقدم لنا شكل وطريقة ومفهوم جديد للقصيدة، في هذه القصيدة سنجد "مصطفى العجان" يتألق في اللغة التي يستخدمها وفي استخدامه لصيغة الحوار الدائر بينه والمحبوبة المفترضة.
صيغة لنداء تقرب المتلقي من النص، فالعنوان "يا شادينا" لوحده كافيا ليثير انتباه المتلقي للقصيدة، ففيه من المعاني ما يعطي صورة محببة عن هذا ال"شادينا"، يفتتح الشاعر القصيدة بهذا المقطع:
"ياشادناً حسنهُ أَجَّ الـــهـوى فـيـنا
من بـعـد ما للـهـوى كُـنّا تناسـينا
إنْ جِـئتَ تختالُ لـهواً في ملاعبنا
فـنـظرةٌ منكَ بالعـيـنـيـن تُـرديـــنا
أو جِـئـتَ تَخطبُ وِدّاً من محبّـتنا
فالحُـبُّ نحنُ صَـنَـعـناهُ بأيـديـــنـا"
هناك لغة وأسلوب جميل تمتع القارئ وتجعله يتقدم من هذه الأسلوب الناعم والسلس، فاستخدام صيغة السؤال والرد عليها كانت رائعة وتحمل بين ثناياها البياض المطلق، وبما أن الحديث يدور عن الحب والعشق فبالتأكيد سيندفع القارئ أكثر للتمتع بالقصيدة، ورغم أن هناك لفظ قاسي "تردينا" إلا أن مكانه والطريقة التي قدم بها كانت ناعمة وجميلة، بحيث تم إزالة الخلل الذي يحدثه فعل "تردينا".
"سَـلِ الـعَـنادِلَ مـنْ للشدّوِ عَلّمَـها ؟
تُعطيكَ لحناً .. وتنبيكمْ أسـامـيـنا
منْ عَـلّمَّ الشّعَراءَ البوحَ في غَزَلٍ ؟
من أين يَستلهمُ الشّعرُ الشياطينا ؟"
السؤال والجواب والفخر الذي يأتي من خلالهما يجعل القصيدة في غاية التألق، فنجد العظمة والفخر في القصيدة، واللذان يشيران إلى قدرة "مصطفى العجان" على الصياغة وعلى امتاع المتلقي فيما يقدمه من شعر.
الأدوات التي يلتجأ اليها الكاتب/الشاعر المرأة، الكتابة، والطبيعة، الشاعر جعل المرأة/الحبية مصدر وملهمته لكتابة، وجعل الشعر أيضا احدى اشكال الحب المتبعة:
"فَاضَتْ مَـحَـبَّـتـنا فيهمْ مُـوَزَعَـــةً
فالعِشقُ مَـصـدَرُهُ دوماً قـوافـيـنا"
هناك توحد بين كتابة الشعر والحب والذي يشير إلى تماهي الشاعر مع القصيدة والحبيب معا. من هنا وجدناه مصدر العشق يكمن في قوافي الشاعر.
والصورة الأجمل في القصيدة كانت من خلال هاذين البيتين:
"فَاضَتْ مَـحَـبَّـتـنا فيهمْ مُـوَزَعَـــةً
فالعِشقُ مَـصـدَرُهُ دوماً قـوافـيـنا
ولتسألِ الـوَردَ عن أسباب حُمرَتهِ
هل كان مَـوردهُ إلّا الشـرايــــيـنا ؟"
استخدام الشاعر لصيغة الجمع "محبتنا، قوافينا، شرايينا" كلها تترك جمالية خاصة عند القارئ، وتجعله أمام نص شعري يتجاوز العادي والمألوف.
يختم لنا الشاعر القصيدة بهذا البيت:
"ياشَـادِناً ما علِـمـنا قَصد غـايــتـهِ
فينا الودادُ كما الأنفاس يُحـيـينا"
الجميل في الخاتمة أنها جاءت منسجمة مع النداء "يا شادنا" الذي جاء في الفاتحة، وكل المتعة والجمال الذي جاء في القصيدة ناتج عن "شادنا" الذي ألهم الشاعر ليقدم لنا هذه القصيدة الرائعة.
المصدر: مجلة عشتار الالكترونية