Environment & fisheries

الاهتمام بالبيئة ليست ترفا فكريا ولكنة واجب دينى لحياة افضل

ثروات البحار... سعيٌ متواصل إلى الحفاظ عليها

واشنطن- نظراً إلى السعر الذي قد تستقطبه سمكة واحدة من أسماك التونة ذات الزعانف الزرقاء، بعد بيع واحدة بثمن قياسي قدره 173600 دولار أميركي منذ بضعة أعوام في سوق تسوكيجي في طوكيو، لا عجب أن هذه السمكة الغنية والدسمة صيد موفّق، وأنها أحدثت حالةً من التهافت بين تجّار العالم لتأمين هذا النوع من الطعام.
تحوّلت المحيطات إلى سوق للجملة بسبب المغامرة بالأموال في سلع مثل السمك لإعداد السوشي، والمرجان الذي تُصمّم منه مجوهرات للمتاجر الإيطالية، وحساء زعانف سمك القرش الذي يُقدّم في المآدب الصينية، وأُثيرت مخاوف جديدة إزاء الحفاظ على مواردها.
أعلنت أخيراً مجموعة من الدول، بما فيها الولايات المتحدة، عن خطوة لإضافة عدد قياسي من الأجناس البحرية التجارية إلى القائمة الدولية للأجناس المهددة بالانقراض، وذلك إلى جانب الأجناس البرية الرمزية كوحيد القرن والفيلة.
تعكس هذه الخطوة بالتالي تركيزاً عالمياً جديداً للحفاظ على الثروة المحيطية وفشلاً كبيراً مُني به مديرو قطاع الصيد في العالم المسؤولون عن الإشراف على كيفية استخدامنا المحيط. لكن في ظل تعرّض مصالح مالية مهمّة للخطر، تواجه هذه المساعي الجديدة شكلاً من أشكال المقاومة.
في هذا الإطار، يقول توم ستريكلاند، الذي سيرأس الوفد الأميركي إلى مؤتمر التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض في مارس (آذار) المقبل بصفته رئيس مصلحة الأسماك والحياة البرية: {علينا استخدام كل ما في حوذتنا لنتمكّن من معالجة التهديدات التي نواجهها. لا تستطيع أي دولة، حتّى لو اتّخذت خطوات صارمة، معالجة المشكلة ما لم تتعاون الدول مع بعضها البعض}.
من الأسهل حماية جنس قيمته التجارية أقل من ذلك الذي يستقطب سعراً عالياً بقدر سمك التونة ذات الزعانف الزرقاء. يُذكَر أن بائعي التونة في سوق تسوكيجي يشكّلون 40 في المئة من البائعين الآخرين في السوق.
يعقّب أندرو روزنبيرغ، أستاذ في الموارد الطبيعية والبيئة في جامعة نيو هامبشاير: {يحب معظم الناس تناول لحم التونة ذات الزعانف الزرقاء، ولا يحبون أكل الحيتان}.
يعتبر المؤتمر الآلية الأساسية في العالم لحماية الأجناس المهددة بالانقراض بسبب التجارة. فقد منع التجارة ببعض الأجناس البحرية التي كان يكثر عليها الطلب في الماضي بما فيها ثعبان البحر وفرس البحر. لكن حين سيلتئم 175 بلداً في الدوحة في قطر، ستدرس هذه البلدان قائمةً تتضمن ثمانية أنواع من سمك القرش، 26 نوعاً من المرجان الأحمر والزهري الثمين، سمك التونة ذات الزعانف الزرقاء، والدب القطبي، من الثدييات البحرية.
يوضح ديفيد مورغان، كبير العلماء في المؤتمر: {سنشهد جدالاً ساخناً وكثير الجلبة، لأن الناس يعلمون بأن مؤتمر التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض يحدث فارقاً}.
من جهته، يقول كورتني ساكاي، كبير المدراء في مجموعة Oceana للحفاظ على الثروة البحرية إن {إدراج تلك الأجناس البحرية في القائمة يشير إلى تحوّل جذري في الطريقة التي يُنظَر بها إليها. فقيمة زعانف أسماك القرش توازي قيمة الأنياب العاجية اليوم. يدرك العالم بأن أسماك القرش، كما الفيلة، أكثر قيمةً في حياتها منه في مماتها}.
حصص الصيد
مؤكد أن هذه الأجناس في مأزق. فعلى مدى السنوات الأربعين الماضية، تراجع عدد الأسماك البالغة من التونة ذات الزعانف الزرقاء والتي تعيش في شرق المحيط الأطلسي والبحر المتوسط بنسبة 72 في المئة فضلاً عن تراجع الشريحة عينها من مخزون غرب المحيط الأطلسي بنسبة 82 في المئة. حدث ذلك كلّه تحت إشراف اللجنة الدولية للحفاظ على أسماك التونة في الأطلسي، التي تحدد حصص الصيد لهذا النوع من الأسماك ويجب أن تمنع على ما يُفترَض الصيد غير القانوني. هذا وانخفض عدد أسماك القرش المطرقة الكبيرة والطرية بنحو 70 في المئة في شمال غرب الأطلسي منذ العام 1981.
بحسب جاين لوبشينكو، رئيسة الإدارة الوطنية للمحيطات والمناخ التي تشرف على الأجناس البحرية في المياه الأميركية، لم يحد المنظّمون الدوليون والمحليون من استغلال البحار المفرط. تقول: {تبيّن عدم فاعلية الوسائل التقليدية في التعامل مع الأجناس البحرية في المحيطات سواء كانت تجارية أم لا}.
وهكذا لجأ ناشطون في مجال الحفاظ على الموارد إلى مؤتمر التجارة الدولية في الأنواع المهددة بالانقراض {كوسيلة لملء ذلك الفراغ}. من بينهم كارل سافينا، الذي يرأس معهد المحيط الأزرق وأول من استُحثّ لتأمين الحماية الدولية لسمك التونة ذات الزعانف الزرقاء الذي يعيش في الأطلسي. من جهتها، تقول سو ليبرمان، مديرة السياسة الدولية في مجموعة {بيو} البيئية، إن إدراج هذه الأجناس قد يجبر البلدان المصدّرة على {القيام ببعض البحوث العلمية لتحديد الأنواع المستدامة}.
كان يُفترَض بالولايات المتحدة دعم حظر مفروض على تجارة التونة ذات الزعانف الزرقاء، لكنها قرّرت منح الهيئة المشرفة على سمك التونة فرصة أخيرة لوضع حدود صارمة على الصيد في العالم. لكن في الاجتماع السنوي للجنة الدولية للحفاظ على أسماك التونة في الأطلسي في البرازيل هذا الشهر، حدّدت المجموعة حصّة الصيد من التونة ذات الزعانف الزرقاء التي تعيش في شرق الأطلسي والبحر المتوسط بـ13500 طن متري، بدلاً من الثمانية آلاف التي طالبت بها الولايات المتحدة. وهكذا اعتبرت ريبيكا لينت، رئيسة البرامج الدولية في مركز الصيد التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والمناخ، القرار {مخيّباً للآمال}.
من جهتها، تعارض اليابان اقتراح حظر تجارة التونة ذات الزعانف الزرقاء، على رغم أن بعض المستهلكين اليابانيين بدأ يشعر بالقلق إزاء وضع هذه السمكة التي يشتهيها. يقول هيروكونيشي، مدير أوراق مالية في طوكيو، إنه سيدعم أي حظر دولي إن كان {يستند إلى بحوث علمية. لن نموت إن لم نأكل التونة، لكن يجب القول إنه من المؤسف جداً ألا نتمكن من أكلها بعد اليوم}.
لذلك تحاول مجموعات بيئية عدّة وبعض متاجر البيع بالتجزئة الأميركية تغيير المواقف العامة، في مسعىً للحد من الطلب الاستهلاكي الذي يحفّز التجارة الدولية. فقد مارس صندوق الحياة البرية العالمي ضغوطاً على الشارين الآسيويين لتجنّب حساء زعانف أسماك القرش والتونة ذات الزعانف الزرقاء. هذا وأطلقت منظمة SeaWeb التي لا تتوخى الربح وتتخذ مقراً لها في سيلفر سبرينغ في ماري لاند حملةً بعنوان {أثمن من أن يُلبَس} حول الأثر البيئي الناجم عن شراء المرجان واستخدامه كمجوهرات وزينة للمنازل. بنتيجة الأمر، لم تعد شركة {تيفاني أند كو} تبيع المجوهرات المصنوعة من المرجان، وكذلك مونيك بين التي تصمّم مجوهرات فاخرة في مدينة نيويورك.
في النهاية، تشير لوري أرغيليس، نائب رئيس قسم الإعلام والسياسة في SeaWeb، إلى أن الضرر يلحق مسبقاً بأجناس المرجان في أنحاء العالم بسبب تغيّر المناخ، ممارسات الصيد الضارة والتلوّث. تضيف: {بالنظر إلى كل ما تواجهه هذه الأجناس، فهي بغنىً عن هذا الضغط الإضافي الناجم عن تجارة المرجان}.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 613 مشاهدة
نشرت فى 28 نوفمبر 2011 بواسطة lobnamohamed

ساحة النقاش

المهندسة/ لبنى نعيم

lobnamohamed
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

921,552