Environment & fisheries

الاهتمام بالبيئة ليست ترفا فكريا ولكنة واجب دينى لحياة افضل

 

حتى لا تعبر الأرض الخطوط الحمراء..

  غالباً ما تحمل لنا وسائل الإعلام أخبار القمم ذات الطابع السياسي أو الاقتصادي فيترقبها الخبراء والناس ليتبينوا الاتجاهات السياسية أو الاقتصادية في العالم... لكن القمة التي عقدت في ستوكهولم عاصمة السويد منذ فترة قريبة كانت مختلفة عن غيرها، فقد ضمت 28 واحداً من أهم علماء الأرض وبحثوا فيها مستقبل الإنسان على هذا الكوكب.

وقد انتهى هؤلاء العلماء إلى تحديد جملة من الخطوط الحمراء التي إذا تجاوزتها البشرية فإن الحياة بشكل عام وحياة البشر بشكل خاص تصبح مهددة بشكل يجعل إصلاح الأوضاع أمراً شبه مستحيل. فما هي هذه الخطوط الحمراء وماذا ينتظر البشر على هذا الكوكب في العقود القليلة المقبلة؟!

اجتماع القمة في السويد دعا اليه يوهان روكستروم من معهد ستوكهولم للبيئة وحضره نخبة من خيرة علماء الأرض، ومنهم: العالِم بول كروتزن الذي يحمل جائزة نوبل والخبير بكيمياء الغلاف الجوي للأرض، وعالِم المناخ الشهير جايمس هانس من وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا)، والخبير بعلاقة الأنظمة البيئية بالحياة تيم لنتون، ومستشار الحكومة الألمانية لشؤون المناخ هانز شلنهوبر وغيرهم من العلماء الذين تتصل اختصاصاتهم بشؤون البيئة المختلفة.

وقد أدت توصيات المؤتمرين إلى إحداث أثر إيجابي في أغلب الأوساط العلمية حول العالم لأنها حددت للبشرية أرقاماً تعتبر بمثابة خطوط حمراء يجب عدم  تجاوزها.

فما هي هذه الخطوط الحمراء؟!

غاز ثاني أوكسيد الكربون: يعتبر غاز ثاني أوكسيد الكربون المسبب الرئيس للاحتباس الحراري. فهو يشكل حاجزاً للحرارة التي ترجعها الأرض إلى الفضاء بعد ان تسخنَّها الشمس. وحاليا تصل نسبة تركيز (Concentration) هذا الغاز إلى حوالى 387 جزءاً بالمليون. ويقول علماء استوكهولم هؤلاء أن النسبة الأمثل والتي لا تتسبب باختلال المناخ والأنظمة الايكولوجية، يجب أن تكون في حدود 350 جزءاً بالمليون.

وهذا يعني أن البشرية قد عبرت الخط الأحمر الأول، ويجب أن تتجه الجهود لتخفيض انبعاثات هذا الغاز، والعمل على امتصاص وحجز كميات كبيرة منه حتى يعود تركيزه إلى حدود 350 جزءاً بالمليون.

غاز ثاني أوكسيد الكربون والخطر على المحيطات: إن ازدياد تركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون في الهواء، يعني أن كميات أكبر منه ستذوب في مياه المحيطات وهذا يؤدي إلى تكّون حمض الكربونيك (Carbonic Acid) الذي يزيد حمضية المحيطات. وتفيد الدراسات أن الرقم الهيدروجيني (pH) للمحيطات تراجع من 8,16 منذ بدء الثورة الصناعية إلى 8,05 في أيامنا هذه، أي أن المحيطات تتحول من القلوية (Alkaline) إلى الحمضية (Acidic).

هذا الخلل في كيمياء المحيطات بدأ يترك أثره على الكثير من الشُعب المرجانية والكائنات الصدفية، بسبب حاجتها إلى مادة الأراغونايت التي يتراجع تركيزها بسبب ارتفاع حمضية المياه.(هذه المادة ضرورية لبناء الأصداف).

ويخشى العلماء من أن يؤدي الخلل الكيميائي في البحار إلى تهديد أنظمة سلسلة الغذاء في المحيطات، ولا يعرفون بشكل دقيق إلى أين يمكن أن تؤدي هذه التداعيات.

إستنفاد غاز الأوزون: لقد تجاوبت الدول بشكل سريع وفعَّال مع ثقب الأوزون الذي تشَّكل في الغلاف الجوي فوق القطب الجنوبي في سبعينات القرن الماضي، فحظرت استخدام المواد الكيميائية وأغلبها يستخدم في التبريد، أو في عبوات مزيلات الروائح. (هذه المواد يطلق عليها إسم - الكلوروفلوروكاربونات- التي تتفاعل مع جزيئات الأوزون وتفككها).

ومع ذلك فإن العلماء قلقون من أن ازدياد حرارة الارض قد يؤدي إلى تبدلات في حرارة الستراتوسفير (Stratosphere)، وانتقال ما تبقى من المواد الكيميائية من المنطقة الواقعة فوق القطب الجنوبي إلى المناطق الشمالية ما قد يتسبب بثقوب في طبقة الأوزون فوق مناطق شمال خط الاستواء.

المياه العذبة: يضع علماء قمة استوكهولم الخط الأحمر لاستهلاك المياه العذبة في العالم عند حدود 4000 كيلومتر مكعب في السنة. والاستهلاك الحالي يصل إلى 2600 كيلومتر مكعب سنوياً.

وقد تسبب الطلب المتزايد على المياه العذبة باستنفاد ربع عدد الأنهار التي لم تعد تصل إلى المحيطات أو البحار. وعلى سبيل المثال تسببت السدود خلال الـ50 سنة الماضية في آسيا الوسطى  بجفاف بحر الارال الذي لم تعد تصل اليه مياه الأنهار.

ومعلوم أن استخدامات المياه العذبة هي 70% للزراعة، و20% للصناعة، و10% للاستخدامات المنزلية.

ويتساءل العلماء ماذا سيحصل عندما يصل عدد سكان الأرض إلى حوالى 9 أو 10 مليارات نسمة في حدود العام 2050؟

التنوع البيولوجي: التمدد البشري في العمران والمشاريع الزراعية يتسببان بفقدان المواطن الطبيعية لأجناس كثيرة من الحياة النباتية والحيوانية.

كما يساهم التلوث الكيميائي للهواء أو البحار والأنهار، إضافة إلى الاحتباس الحراري وتغيّر المناخ، بتسريع انقراض أجناس عديدة من الحياة.

ويضع العلماء الحد الاقصى المقبول بيئياً لانقراض الأجناس عند 10 أنواع في كل مليون، لكن الواقع يفيد بأنه من أصل كل مليون جنس يفقد كوكب الأرض حوالى 100 جنس كل سنة.

والمحزن في هذا الموضوع أن الأجناس التي استغرقت مئات آلاف وملايين السنين حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، تختفي وإلى غير رجعة بسبب سوء إدارة البشر للطبيعة.

النيتروجين والفوسفور: لقد تم تجاوز الحد الذي وضعه العلماء في حالة النيتروجين، فسنوياً يلقي الانسان أكثر من 120 مليون طن من النيتروجين كأسمدة زراعية في الطبيعة، وهذا يؤدي إلى تلوث الأنهار، والمياه الجوفية، والبحار.

والأمر نفسه يحدث مع الفوسفور حيث تستخدم البشرية حوالى 11 مليون طن منه لزيادة الانتاج الزراعي.

النتيجة: إزدياد حمضية التربة (Acid Soils) ونشوء مساحات خالية من كل أنواع الحياة في مناطق من البحار القربية من العديد من شواطىء العالم، والتي وصل عددها عام 2010 إلى أكثر من 400 منطقة.

فقدان الأراضي: قد يكون تمدد المناطق الزراعية هو السبب الرئيس وراء اختفاء الأنظمة الإيكولوجية الطبيعية وعلى رأسها الغابات المطرية الاستوائية. وقد فقد كوكب الأرض حوالى نصف هذه الغابات المهمة حنى اليوم، إضافة إلى مساحات شاسعة من المراعي التي تحولت إلى مزارع لتربية الماشية.

وعن هذا يقول العالم السويدي يوهان روكستروم: إن التمدد الزراعي يزيد من حدة الاحتباس الحراري ويؤثر على دورة المياه على كوكبنا. ويقترح روكستروم حداً لنسبة الأراضي المسموح تحويلها إلى أراضٍ زراعية وهي 15% من اليابسة الصالحة للزراعة. حاليا؛ تقف هذه النسبة عند حدود 12%، لكن يتوقع أن تصل إلى الحَّد الأقصى الذي وضعه روكسترام في غضون العقود القليلة المقبلة.

التلوث الهوائي: تؤدي النشاطات البشرية العمرانية، والزراعية، والصناعية إلى إطلاق كميات كبيرة من دقائق الغبار، كما يؤدي حرق الفحم الحجري (نصف إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة يأتي من حرق الفحم الحجري) إلى ضخ كميات كبيرة من دقائق السخام (Soot).

ولا يعرف العلماء التأثير الإجمالي لتلك الدقائق على مناخ الأرض، فبعض الدقائق الكبريتية (التي تأتي من البراكين على سبيل المثال) تلعب دوراً تبريدياً للأرض لأنها تعكس أشعة الشمس، أما دقائق السخام السوداء فهي تعمل على امتصاص حرارة الشمس ومن ثم إعادة إطلاقها في الهواء.

وقد أثبتت الدراسات العلمية أن السحب البنية (Brown Haze) الناتجة عن النشاطات الصناعية، تلعب دوراً في اختلال مواقيت وأمكنة التهطال المطري أثناء فترات الأمطار الموسمية في جنوب وشرق آسيا.

ودقائق التلوث الهوائي تؤثر على إنتاجية المزروعات عندما تترقد على أوراقها، وتتسبب بأمراض رئوية وأمراض القلب، الأمر الذي يتسبب بموت ملايين البشر سنوياً.

ويسعى العلماء إلى وضع رقم واضح في المستقبل يكون بمثابة حداً معقول لنسبة تركيز دقائق التلوث في هواء الأرض.

التلوث الكيميائي: لقد اقترب عدد المركبَّات الكيميائية التي طورها البشر إلى حوالى 100,000 مركَّب تدخل في تصنيع ملايين المنتجات المختلفة.

ويشعر الوسط العلمي بقلق، بسبب الآثار المعروفة وتلك التي يجهلونها، عن تأثير هذه المركبَّات على صحة البشر وعلى الحياة البرّية بشكل عام.

ويقول علماء قمة استوكهولم أن العديد من المواد السامة قد تمَّ وضع ضوابط لانتاجها واستخدامها، إلا أن الجزء الأكبر من هذه المواد ينبغي دراستها لتحديد آثارها السلبية على الانسان والبيئة. وهنا يلفت هؤلاء العلماء إلى أن تعرض الأطفال لخليط من بعض المواد الكيميائية قد يكون السبب الكامن وراء أمراض مثل مرض التوحد (Autism) الذي ازدادت نسبته بشكل كبير حول العالم في السنوات الماضية، ومرض اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط (ADHD).

وقد خلص علماء قمة ستوكهولم إلى أن إمكانية وضع حدود لنسبة التلوث الكيميائي ممكنة في المستقبل، لكنهم لم يقدموا تفاصيل حول طريقة وضع هذه الحدود.

اعده للنشر م/لبنى نعيم

المصدر: www.scienceandworld.com
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 257 مشاهدة
نشرت فى 23 سبتمبر 2011 بواسطة lobnamohamed

ساحة النقاش

المهندسة/ لبنى نعيم

lobnamohamed
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

862,672