- جودة الحياة....
يتضمن مفهوم جودة الحياة كل ما يتمتع به الفرد من مسكن وملبس ومأكل ومشرب. ويتحدد ذلك بمستوى دخله والبيئة التي يعيش فيها، والطبقة الاجتماعية التي ينتمي إليها، وعلى هذا يمكن تعريف مفهوم " بوصفها عملية مركبة ومتكاملة تتضمن توافر كافة الاحتياجات، والإمكانات المادية للفرد أو الأسرة، كالمأكل والمشرب والملبس والمسكن، وكذلك الحاجات غير المادية (الاجتماعية)، كالتعليم والعلاج والنقل والمواصلات والبيئة النظيفة الخالية من التلوث، وهذه الحاجات ليست ثابتة، وإنما هي ذات طبيعة متغيرة ومتنامية ومتطورة من خلال ارتباطها بتطور المجتمع وتقدمه.
فجودة الحياة هي السلامة العامة للأفراد والمجتمعات، مع تلخيص السمات السلبية والإيجابية في الحياة، وترصد جودة الحياة الرضا عن الحياة بما في ذلك كل شيء من الصحة الجسدية، والعائلة، والتعليم، والتوظيف، والثروة، والأمان، وضمان الحرية، والمعتقدات الدينية، والبيئة، فلها مدى واسع من السياقات، بما في ذلك مجالات التنمية الدولية، والرعاية الصحية، والسياسة والتوظيف.
طبقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن تعريف جودة الحياة هو " تصور الفرد لمركزه في الحياة في سياق الثقافة وأنظمة القيمة التي يعيش فيها وبالنسبة إلى أهدافه".
عرّف باحثون في جامعة تورونتو جودة الحياة على أنها "درجة استمتاع الفرد الإمكانيات المهمة في حياته أو حياتها".
هناك بعض المفاهيم المرتبطة بجودة الحياة أيضا مثل الحرية، وحقوق الإنسان، والسعادة. إلا أنه ولأن السعادة موضوعية ومن الصعب قياسها، فقد أُعطيت المعايير الأخرى الأولوية. أظهرت الدراسات أيضا أن السعادة –بمقدار إمكانية قياسها- لا تتزايد بالضرورة مع الراحة الناتجة عن زيادة الدخل. كنتيجة لذلك، لا يجب أخذ مستوى المعيشة كمقياس لمستوى السعادة.
أحد المفاهيم التي تعتبر أحيانا مرتبطة بجودة الحياة هو مفهوم الأمن البشري، على الرغم من أنه يُعتبر في مستوى أساسي لكل الناس.
يُشير البنك الدولي إلى أن متوسط نصيب الفرد من دخل الأسرة وإنفاقها يُعدان مقياسين ملائمين للدلالة على مستوى المعيشة، طالما يشملان الإنتاج بغرض تحقيق الاستهلاك الذاتي. إن هذين المقياسين لا يغطيا أبعاداً، مثل: الثروة، والصحة، والعمر المتوقع، ومعرفة القراءة والكتابة، والوصول إلى سلع وخدمات النفع العام، أو موارد الملكية المشتركة في المجتمع. لذا، اعتمد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على مؤشرات الحاجات الأساسية وتشتمل الحاجات الأساسية، المعبِّرة عن أحوال المعيشة، على حاجات مادية مثل: الطعام والسكن والملابس والمياه النقية ووسائل التعليم والصحة، وحاجات غير مادية، مثل: حق المشاركة والحرية الإنسانية والعدالة الاجتماعية.
ينبغي عدم الخلط بين جودة الحياة وبين مفهوم مستوى المعيشة، والذي يعتمد بصورة أساسية على الدخل. لا تشمل المعايير القياسية لجودة الحياة الثروة والتوظيف فقط، وإنما أيضا كلا من البيئة الثابتة، والصحة الجسدية والعقلية، والتعليم، والاستجمام ووقت الفراغ، والانتماءات الاجتماعية.
قد يعاني بعض الأفراد فقراً في إشباع إحدى هذه الحاجات، كأن تكون ظروف مسكنهم أدنى من الحد الأدنى للمعيشة، بينما يشبعون حاجة أساسية أخرى كالطعام بما يتجاوز مقياس الحد الأدنى للمعيشة. فهل يعيش هؤلاء الناس في حالة معيشية متدنية؟ في الواقع لا توجد معايير موضوعية كاملة لتحديد هذا المستوى المعيشي؛ ولكن من الثابت أن الأسرة، تُعَد ذات مستوى معيشي متدنٍ إذا كانت تعيش تحت خط الفقر. وعند تحديد خط الفقر
يختلف مفهوم الحاجات من مجتمع إلى آخر، ومن فرد إلى آخر، ومن ثقافة إلى أخرى. كما يختلف مفهوم الحاجات الاجتماعية الإنسانية عن مفهوم حاجات الكفاف، فحاجات الكفاف تعني توافر الحاجات الضرورية، من الطعام والصحة والمسكن والملبس، أي أنه يعني توفير الحد الأدنى من السلع والخدمات التي تحفظ بقاء الكائن الحي.
أما مفهوم الحاجات الاجتماعية الإنسانية، فإنه مفهوم دينامي متطور، بمعنى أن القدر اللازم من السلع والخدمات لإشباع الحاجات الاجتماعية يزيد ويتنوع ويرتقي كلّما حقق المجتمع نجاحاً في مجالات التنمية المختلفة.
كما أشار بعض الباحثين إلى أن هناك فرقاً بين الحاجات الفردية والحاجات الجماعية؛ فالحاجات الفردية تتمثل في الحاجة إلى الغذاء والكساء والمسكن، أما الحاجات الجماعية فتتمثل في الحاجة إلى الماء النقي والصرف الصحي والعلاج والتعليم والبيئة غير الملوثة. ومن البديهي أن هناك مجالاً رحباً للتسامي في إشباع هذه الحاجات، سواء على المستوى الفردي أو على المستوى المجتمعي. لكن مفهوم الحاجات الأساسية المعبِّرة عن أحوال المعيشة، يعطي الأفضلية في الوقت الراهن للمؤشرات غير المادية للخدمات الإنسانية، مثل: التعليم والصحة والإسكان والنقل، ذلك أن إتاحة الخدمات لكل الفئات المحرومة يساعد على زيادة النمو والإنتاج في العمل بشكل كبير. وعلى الرغم من أن مفهوم الحاجات الأساسية قابل للتطبيق عالمياً، إلا أنه يختلف باختلاف المستوى التنموي للمجتمع، ومن ثقافة إلى أخرى.