قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
( تعيين عدد المحاكم الإدارية و تحديد دوائر اختصاص كل منها على مقتضى القانون رقم 47 لسنة 1972 في شأن مجلس الدولة و القرارات المنفذة له يقوم على اختصاص الجهة الإدارية بالمنازعة أي اتصالها بالدعوى موضوعاً لا بمجرد تبعية العامل لها عند إقامة الدعوى الذي ينتقل بين فروعها طبقاً لظروف العمل الذي يقتضيه التنظيم الداخلي لها و هذا الضابط الذي توخاه الشارع هو الذي يتفق مع طبائع الأشياء و حسن سير المصلحة العامة و الحكمة التي استهدفها من تقريب جهات التقاضي إلى المتقاضين و التي لا تتفق بمجرد تواجد العامل في النطاق الإقليمي للمحكمة المختصة ، و إنما بقيام الجهة الإدارية المتصلة بالنزاع موضوعاً فيه بحسبانها الجهة التي تيسر للقضاء بلوغ الحقيقة في الدعوى و توفر الوقت و الجهد لإعادة الحقوق لأصحابها و إعادة التوازن إلى المراكز القانونية للعاملين بها ، فهي بطبيعة الحال الجهة التي تستطيع الرد على الدعوى بإعداد البيانات وتقديم المستندات الخاصة بها و كذلك تسوية المنازعة صلحاً أو تنفيذ الحكم في ميزانيتها عند الاقتضاء و هي التي تملك وحدها البت في التظلمات الإدارية الوجوبية و الاختيارية .
و ترتيباً على ذلك فإنه ينبغي لكي ينعقد الاختصاص لإحدى المحاكم الإدارية محلياً أن تتوافر في الجهة الإدارية التي تدخل في النطاق الإقليمي لها الامكانيات التي تحقق الغاية التي استهدفها الشارع من نشر المحاكم الإدارية بالأقاليم و إن لم تتوافر في هذه الجهة الشخصية المعنوية بالمفهوم القانوني الدقيق .
و عليه فإنه و لئن كان الثابت بالأوراق أن المدعي يعمل بفرع الهيئة العامة للتحكيم و اختبارات القطن بالقناطر الخيرية بالقليوبية إلا أن الثابت أن الفرع المذكور لا يعدو أن يكون محلجاً لحلج القطن لا وجود له بالهيكل التنظيمي ولا يملك قدراً من الاستقلال الإداري الذي يمكنه من إعانة القضاء على النظر في الدعوى حيث لا توجد به أية سجلات أوبيانات أو ملفات خاصة بالعاملين في المحلج .
و ما دام الثابت أن هذ البيانات و السجلات موجودة بالإدارات المختصة بمقر الشركة الكامنة بطريق الحرية بالإسكندرية و هي الإدارات التي تملك إجابته إلى تظلمه قبل رفع دعواه و تنفيذ الحكم الصادر فيها عند الاقتضاء ، ومن ثم فإن الاختصاص بنظر هذه المنازعة ينعقد للمحكمة الإدارية بمدينة الاسكندرية التي تختص طبقاً لقرار إنشاءها بنظر المنازعات الخاصة بمصالح الحكومة و الهيئات العامة والمؤسسات العامة بمحافظة الإسكندرية و البحيرة و مطروح ، و لا يكفي المحكمة المذكورة للتنصل من اختصاصها بنظر الدعوى الاستناد إلى أن المدعي يعمل بفرع الهيئة بمحافظة القليوبية ، إذ يتعين عليها أن تتطرق إلى بحث طبيعة هذا الفرع ومدى ما يتمتع به من إمكانيات إدارية تعين على تحقيق الأهداف المنشودة و تقريب جهات التقاضي و تيسير نظر المنازعات الإدارية ).
( الطعن رقم 1023 لسنة 21 ق – جلسة 15/6/1985 – س 30 ، ص 1398 – مشار إليه بكتاب المستشار/ محمد ماهر أبو العينين – اختصاص مجلس الدولة وفقاً لأحكام القسم القضائي حتى عام 1992 – ص 380 و 381 )
ساحة النقاش