قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" و من حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن المطعون ضده الأول كان قد أقام الدعوى رقم 1467 لسنة 66 ق بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 21/11/2010 طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار الصادر بدعوة الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين للانعقاد بتاريخ 14/10/2011 وما يترتب على ذلك من آثار ، على سند من القول بأن هذا القرار صدر مشوباً بعيب مخالفة القانون ، ذلك أنه بصدور حكم المحكمة الدستورية العليا في 2/1/2011 بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية ، أصبحت كل الانتخابات التي تمت في ظله باطلة بطلاناً مطلقاً ، و هو ما جعل المدعي يقيم الدعوى رقم 44532 لسنة 65 ق بطلب بطلان انتخابات مجلس النقابة السابق و التي لم يتم الفصل فيها حتى الآن ، و لما كان مجلس النقابة باطلاً بناء على حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه ، فإن ما صدر من النقيب ..... من تفويض السيد /.... ليكون نقيباً بالإنابة يكون مشوباً بالبطلان ، مم لا تكون معه للمذكور أية صفة في تمثيل النقابة ، و بالتالي يكون قرار فتح باب الترشيح الذي صدر منه مشوباً بعيب اغتصاب السلطة ، و يضاف إلى ذلك أن القرار المطعون فيه صدر بالمخالفة لأحكام المواد 32 ، 34 ، 47 ، 63 ، 64 من القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين ، ثم خلص المدعي إلى طلباته الآنف ذكرها .
و نظرت المحكمة الشق العاجل من الدعوى بجلسة 13/10/2011 وفق الثابت بمحضر هذه الجلسة ، و فيها أصدرت الحكم المطعون فيه بقبول الدعوى شكلاً و بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها وقف إجراء انتخابات نقابة الصحفيين المحدد لها يوم الجمعة الموافق 14/10/2011 و إلزام المدعى عليهم المصروفات ...........
و إذ لم يرتض الطاعن بصفته هذا الحكم أقام طعنه لأسباب محصلها الخطأ في تطبيق القانون و تأويله ذلك أن دعوة الجمعية العمومية بفتح باب الترشيح لعضوية مجلس النقابة و النقيب و تحديد ميعاد إجراء الانتخابات تم بناءً على قرار صادر من مجلس النقابة و ليس القائم بأعمال النقيب و ذلك استناداً إلى أحكام القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين ، و هذا المجلس منتخب من الجمعية العمومية و يتمتع بالشرعية لعدم صدور حكم من القضاء الإداري ببطلانه كما حدث بشأن نقابة المحامين ، و قد صدر القرار المشار إليه عقب الحكم بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 الذي لم تقم النقابة بتطبيقه ، و قد صدر هذا القرار بغرض تنفيذ هذا الحكم ، و استندت الدعوة للمادة "32" من القانون رقم 76 لسنة 1970 التي جعلت لمجلس النقابة حق دعوة الجمعية العمومية كلما رأى ضرورة لعقدها ، جعلت دعواتها واجبة إذا قدم طلب بذلك من مائة عضو ممن لهم حق حضور اجتماعاتها ، إلا أن الحكم خالف القانون حيث ساير المطعون ضده الأول بوقف الانتخابات لعدم وجود طلب موقع من مائة عضو دون النظر إلى حق مجلس النقابة في دعوة الجمعية ، يضاف إلى ذلك أن الإعلان عن دعوة الجمعية العمومية قد تم توقيعه من القائم بأعمال النقيب الذي اختاره مجلس النقابة وفقاً للمادة "45" من قانون إنشاء النقابة لخلو منصب النقيب .................
و مفاد ذلك أن المشرع حدد ما يترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة بأنه لا يجوز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم في الجريدة الرسمية ، و هو ما يعني محو مثل هذا النص من حيز التطبيق من اليوم التالي لنشر الحكم ، الأمر الذي مؤداه أن المشرع لم ينص إلا على الأثر بالنسبة للنص المحكوم بعدم دستوريته ، تاركاً تحديد الآثار التي تترتب فيما يتعلق بالمراكز التي ترتبت على تطبيق هذا النص في الماضي ، تبينها الجهات المعنية قانوناً بذلك ما لم تحددها المحكمة الدستورية العليا بحكمها بحسبانها صاحبة الاختصاص – أصالة – بذلك ، في ضوء ما هو معروض عليها و ما يوجب عليها حسم أمر هذه الآثار ، سواء في ذلك ما يسمى بالآثار المباشرة للحكم أو ما يطلق عليه مصطلح الآثار غير المباشرة ، بحسبانها – إلى جانب اختصاصها الأصيل بذلك – الأقدر على تحديد مثل هذه الآثار أو تلك ، فإن لم تعمد إلى تحديد أي منها لانتفاء موجب تحديدها بالحكم الذي يصدر منها ، كان لأي من تلك الجهات تحديدها في ضوء ما يستلزمه ذلك من مراعاة حدود ما يرتبه الحكم من آثار بحسب طبيعة الحكم الذي كان مقنناً بالنص المقضي بعدم دستوريته و ما إذا كان ذا طبيعة موضوعية أو ما إذا كان مؤثراً تأثيراً جوهرياً فيما ترتب من مركز على أساس منه إن كان هذا المركز قد تكون على أساس أيضاً من حكم نص قانوني آخر لم يقض بعدم دستوريته .
كما أن مفاد المواد السالف ذكرها من قانون إنشاء نقابة الصحفيين أن الجمعية العمومية للنقابة تتألف من الأعضاء المقيدين في جدول المشتغلين مسددي رسوم الاشتراك ، و هي التي تختص بانتخاب النقيب و أعضاء مجلس النقابة و عددهم اثنا عشر عضواً ممن لهم حق حضور الجمعية و ممن توافرت فيهم الشروط التي نصت عليها المادة "37" السالف ذكرها ، و يكون انتخاب كل من النقيب و الأعضاء بالأغلبية المنصوص عليها في المادة "38" من الأصوات الصحيحة للحاضرين و بحيث تتم عملية فرز الأصوات من قبل مجلس النقابة ، و يتمتع من يفوز بمركز النقيب و كذا من يفوز بالعضوية من المرشحين للمدة المنصوص عليها في المادة "43" على أن يختار مجلس النقابة برئاسة النقيب فور انتخابه وكيلين ، يختار المجلس أحدهما ليقوم مقام النقيب عند خلو مكانه إذا كانت المدة الباقية له أقل من سنة ، و إلا وجب دعوة الجمعية العمومية لاختيار نقيب جديد يكمل المدة الباقية للنقيب الأصلي ، وفق ما نصت عليه المادة "45" ، و في حالة ما إذا تغيب النقيب عن جلسات مجلس النقابة حل محله في اختصاصه أقدم الوكيلين ، فإذا تغيب حل محله الوكيل الآخر ، و إذا تغيبا معاً حل أكبر أعضاء مجلس النقابة سناً محل الوكيل ، و ذلك وفق نص المادة "16" من اللائحة الداخلية ، و قد نص المشرع على اختصاصات مجلس النقابة في المادة "47" من القانون المشار إليه و أورد من بين هذه الاختصاصات اختصاصه بدعوة الجمعية العمومية للانعقاد و تنفيذ قراراتها .
و من حيث إن البين مما سبق أن ما تضمنته النصوص الآنف ذكرها – على وجه الخصوص – من أحكام إنما هي أحكام موضوعية ، سواء في ذلك ما تعلق منها بالجمعية العمومية للنقابة تكوناً و اختصاصاً ، أو ما تعلق منها بمجلس النقابة تكوناً أيضاً و اختصاصاً ، لا سيما ما يخص انتخابه من هذه الأحكام ، إذ المرجع في شأن من يحق لهم حضور الجمعية العمومية و ممارسة ما تختص به ، و في شأن الشروط الواجب توافرها فيمن يحق له ترشيح نفسه لمركز النقيب أو لعضوية مجلس النقابة ، و كذا فيما يتعلق بكيفية الانتخاب وفرز الأصوات بما يرتبه ذلك من ولادة مجلس نقابة بإرادة أعضاء الجمعية العمومية الحاضرين ، و بما يتولد عن ذلك من مركز قانوني بالقيام بمهام النقيب و العضوية للمدة المحددة قانوناً ، و أيضاً كيفية تولي مركز النقيب عند خلو مكانه – المرجع في جميع ذلك – هي أحكام قانون إنشاء نقابة الصحفيين المشار إليه ، كما أن البين أن الأحكام القانونية الخاصة بجميع ما سلف ذكره و المنصوص عليها في هذا القانون هي الواجبة التطبيق منذ صدور هذا القانون عام 1970 و حتى الآن و دون أن تتوارى عن التطبيق إبان العمل بالقانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 الذي قضي بعدم دستوريته بالحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2/1/2011 في القضية رقم 198 لسنة 23 ق دستورية ، خاصة و أن هذا القانون الذي زال وجوده بهذا الحكم منذ صدوره لم يتضمن حكماً مما هو من طبيعة موضوعية ، بل إنه أحال في مادته الأولى على قانون إنشاء النقابة المنوه به في شأن أعضاء الجمعية العمومية للنقابة الذين لهم حق انتخاب مجلس النقابة ، و جاءت أحكام القانون المقضي بعدم دستوريته المتعلقة بانتخابات هذا المجلس إجرائية بحتة بما لا شأن له و لا تأثير لإرادة الجمعية العمومية التي يحق لأعضائها التصويت طبقاً لأحكام القانون رقم 76 لسنة 1970 المشار إليه ، الأمر الذي لا تكون معه لأحكام القانون الذي قضي بعدم دستوريته أي تأثير جوهري فيما يتعلق بتشكيل مجلس النقابة إبان تطبيقه ، و من ثم لا يكون للحكم الصادر بذلك أثر بشأن تشكيل هذا المجلس – و بالتالي – بشان ممارسته لاختصاصاته – نقيباً و أعضاءً – وفق حكم قانون إنشاء النقابة ، و كذا بشأن من يحق له ممارسة اختصاصات النقيب عند خلو مكانه أو عند غيابه .
و من حيث إن البادي من الأوراق أن مجلس نقابة الصحفيين ناقش بجلسته المنعقدة بتاريخ 22/2/2011 ما طلبه نقيب الصحفيين آنئذا من إعفائه من أية مهام نقابية ابتداء من 20/2/2011 و انتهى المجلس إلى تكليف السيد / ....... ، بالقيام بأعمال النقيب لحين إجراء انتخابات النقابة ، و ذلك استناداً إلى المادة "45" من القانون رقم 76 لسنة 1970 ، و المادة "16" من اللائحة الداخلية للنقابة و في 20/7/2011 وافق مجلس النقابة على فتح باب الترشيح لانتخابات مركز النقيب و عضوية المجلس وفقاً للجدول الزمني الذي تضمنه بيان مجلس النقابة الصادر بذلك ، و قد قام المكلف بأعمال النقيب بدعوة أعضاء الجمعية العمومية للاجتماع لذلك في 14/10/2011 ، ولما كان مجلس النقابة الذي تم اختياره إبان العمل بأحكام القانون رقم 100 لسنة 1993 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 الذي قضي بعدم دستوريته ، هو المجلس الشرعي الذي تولد عن إرادة الجمعية العمومية للنقابة وفق الأحكام الموضوعية المنصوص عليها في القانون رقم 76 لسنة 1970 بإنشاء نقابة الصحفيين دون أن يكون لأحكام القانون المقضي بعدم دستوريته أي تأثير جوهري في شأن ولادة هذا المجلس وفق ما سلف ذكره ، فإن ما اتخذه من قرار بشأن إنابة السيد/....... في القيام باختصاصات و مهام النقيب الذي طلب إعفاءه من أية مهام نقابية اعتباراً من 20/2/2011 ، يكون قراراً مشروعاً ، و تكون الدعوة التي وجهها من بعد – بناء على ما قرره مجلس النقابة – لأعضاء الجمعية العمومية للانتخابات المنوه بها ، قد أجراها وفق حكم المادة "34" من قانون إنشاء النقابة ، و من ثم فلا يكون ثمة سند قانوني للطعن عليها بالإلغاء ، و يكون بالتالي ركن الجدية في طلب وقف التنفيذ المقامة به الدعوى المطعون على الحكم الصادر فيها غير متوافر ، مما يتعين معه رفض هذا الطلب دون حاجة لتبين مدى توافر ركن الاستعجال لعدم جدواه ..... ".
( الطعن رقم 319 لسنة 58 ق .ع – جلسة 23/9/2012 – مجلة هيئة قضايا الدولة – العدد الأول – 2013 ص 179 و ما بعدها )
ساحة النقاش