قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" و من حيث إن مناط الفصل في النزاع الماثل بحث أمرين ، أول : ما إذا كانت شهادة بكالوريوس علوم و تربية شعبة عامة ( رياضيات و حاسب آلي ) الحاصل عليه المدعو/...... هي المؤهل المعلن عنه لشعب وظيفة مدرس إعدادي رياضيات . و الأمر الثاني : مدى سلطة الجهة الإدارية في تعيين المذكور في وظيفة مغايرة حتى مع تأهله علمياً للوظيفة المعلن عنها .
و من حيث إن القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة ينص في المادة (12) على أن " يكون شغل الوظائف عن طريق التعيين أو الترقية أو النقل أو الندب بمراعاة استيفاء الشروط اللازمة ".
و في المادة (17) على أن " تعلن الوحدات عن الوظائف الخالية بها ، و التي يكون التعيين فيها بقرار من السلطة المختصة في صحيفتين يوميتين على الأقل ، و يتضمن الإعلان البيانات المتعلقة بالوظيفة و شروط شغلها ......... ".
و مفاد النصوص المتقدمة ان المشرع جعل من التعيين إحدى طرق شغل الوظائف العامة ، و ألزم الجهات الإدارية الإعلان عن الوظائف الخالية بها المنوط بالسلطة المختصة التعيين فيها ، على أن يتضمن الإعلان بين ما يتضمنه شروط شغل هذه الوظائف ، حيث تعد هذه الشروط بمثابة الضوابط و القواعد الحاكمة في التعيين ، و بحيث تشكل هذه القواعد قيداً أو قيوداً على السلطة التقديرية المخولة لجهة الإدارة في مجال التعيين ، فلا يجوز لها تجاوزها أو غمض الطرف عنها ، و إلا شاب قرارها الانحراف بالسلطة و إساءة استعمالها .
و من حيث إنه إعمالاً لما تقدم و لما كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية أعلنت عن حاجتها لشغل وظائف بالتربية و التعليم و من بينها وظيفة مدرس إعدادي رياضيات و اشترطت لشغل هذه الوظيفة الحصول على مؤهل تربوي عالي رياضيات ( شعبة عامة ) ، كما تضمن الإعلان عن حاجتها لشغل وظيفة مدرس إعدادي حاسب آلي ، و اشترطت لذلك الحصول على بكالوريوس تربية / تربية نوعية ، فإن لم يوجد أكاديمية السادات / علوم / هندسة ( حاسب آلي ) مؤهل جامعي مضاف إليه دبلوم كمبيوتر تعليم ، و الثابت أن الطاعن الأول قد تقدم لهذا الإعلان ، إذ حصل على بكالوريوس علوم وتربية شعبة عامة ( رياضيات و حاسب آلي ) من كلية التربية جامعة بني سويف دور مايو سنة 2000 ، و بتاريخ 11/7/2002 صدر الأمر التنفيذي رقم 27 بناء على قرار محافظ بني سويف رقم 430 لسنة 2002 بتعيينه بوظيفة مدرس إعدادي حاسب آلي اعتباراً من 1/5/2002 ، وذلك بالرغم من أن شهادة البكالوريوس الحاصل عليها قد قطعت بأن مسمى مؤهله هو ذات مسمى المؤهل المشترط لشغل وظيفة مدرس إعدادي رياضيات ( شعبة عامة – رياضيات ) ، و من ثم يكون من حقه التعيين في هذه الوظيفة خاصة و أنه قد تقدم لشغله دون غيرها من الوظائف الأخرى ، و تبعاً لذلك يغدو تعيينه على وظيفة أخرى حرماناً له من تلك الوظيفة قائماً على غير أساس من الواقع و القانون حقيقاً بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار ، منها أحقيته في التعيين على وظيفة مدرس إعدادي رياضيات ، و دون أن يغير من ذلك أن مسمى مؤهله ليس فحسب رياضيات ، بل و كذلك حاسب آلي ، إذ أن ذلك مردود بأنه لا يتصور عقلاً و لا عدلاً أن ينقلب ثراء التأهيل أو كثرته وتعدده وبالاً على صاحبه و حيلولة بينه وبين من هم دونه لمجرد التطابق اللفظي بين المؤهل و بين شروط التعيين دون زيادة في مسمى الأول ،أي حتى و لو توافر المسمى المطلوب ، و زاد عليه تأهيلاً ، بل أن ذلك أدعى إلى الثراء العلمي و تعدد الخبرة و زيادتها ، فمن وصف بتأهيله لتدريس الرياضيات والحاسب الآلي إن لم يفضل من تأهل فحسب لتدريس الرياضيات ، فإنه لا شك و في الحد الأدنى يناظره تأهيلاً ويساويه مساواة تستلزم وحدة المعاملة تعييناً و توظيفاً ، خاصة و أن الإفادة الصارة من كلية التربية بني سويف جهة تخرج الطاعن الأول قد قررت أن ورود مسمى الحاسب الآلي ردفاً لمسمى الرياضيات بمؤهل خريجيها إنما للتنويه إلى تأهلهم لتدريس الرياضيات من خلال الحاسب الآلي توظيفاً له في ذلك ، و هو ما لم ينهض من الأوراق ما يناقضه ، بل إن جهة الإدارة في الوقت الذي لم تقر فيه للطاعن الأول بتأهله علمياً لشغل وظيفة مدرس إعدادي رياضيات المعلن عنها ، و من ثم منعته هذه الوظيفة ، اكتفاء بتعيينه في وظيفة اخرى غير المتقدم لشغلها ( مدرس إعدادي حاسب آلي ) فإنها و في ذات قرار التعيين أقرت لآخرين حملة ذات مؤهله بتأهلهم العلمي لشغل ذات الوظيفة التي حرم منها ، و منهم على سبيل المثال .................. ، ............. ، ............... فهؤلاء جميعاً يحملون مؤهل بكالوريوس علوم و تربية تخصص رياضيات و حاسب آلي ، و من ثم تكون جهة الإدارة قد مايزت بين ذوي المركز القانوني الواحد منعاً لأحدهم و منحاً لآخرين إخلالاً بمبدأ تكافؤ الفرص المصون دستورياً ، مما يذر قرارها مشوباً بالانحراف بالسلطة ، و إساءة استعمال القانون .
و من حيث إنه لا يسعف جهة الإدارة في هذا الصدد تذرعها بالرخصة المخولة لها في تسكين العامل طبقاً للخيارات التي يتيحها تأهيله العلمي ، بحيث يحق لها تسكينه في إحدى الوظائف التي يتوافر في شأنه شروط شغلها دون أن يكون له الاحتجاج بطلب التسكين في وظيفة بعينها يتوافر في شأنه شروطها ، فذلك مردود عليه بأن هذه الذريعة تخلط بين قواعد التسكين و ما تتيحه لجهة الإدارة من الاختيار بين الوظائف التي تأهل العامل لشغلها طبقاً للاشتراطات المقررة ، و بين التعيين ابتداءً طبقاً للشروط المعلن عنها لشغل الوظيفة ، إذ أنه في الحالة الأخيرة فإن جهة الإدارة لا تملك خياراً في التعيين في الوظيفة التي تقدم لها العامل لشغلها مادامت قد توافرت له شرائطها ، إذ عليها عندئذ أن تسحب عليه المركز القانوني تعييناً بها ، حتى إن قرارها في هذا الشأن ليغدو قبولاً ملزماً صادف إيجاباً توافرت له شرائطه حتى و إن استحالت العلاقة الوظيفية فيما بعد – بطبيعة الحال – علاقة تنظيمية ، و ذلك ان التعيين – وعلى عكس التسكين – مقيد بشروط شغل الوظيفة المعلن عنها فإما توافراً عليها فيكون لزاماً إجراؤه بذات مسمياته و مزاياه و إما فاقداً لشروطها فيكون إعراضاً و رفضاً للتعيين ، و حتى وبفرض تأهل المتقدم للإعلان لوظيفة اخرى إضافة للوظيفة المتقدم لها أصلاً فإنه حال افتقاده التاهيل للأخيرة فإن الاختيار لشغل الأولى لا يحمل عليه ، بل يكون له خيار في التعيين عليها ".
( الطعنان رقما 11012 ، 11228 لسنة 56 ق – جلسة 24/11/2012 – الدائرة الثانية – موضوع – مجلة هيئة قضايا الدولة العدد الثالث 2013 – ص 276 و ما بعدها )
ساحة النقاش