قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :
" تتلخص وقائع الطعن في أن الطاعن حاصل على ليسانس الحقوق من جامعة المنصورة دور مايو 2004 بتقدير عام جيد ، و قد تقدم للاختبار اللازم للترشيح في وظيفة معاون نيابة إدارية ، إلا أنه فوجئ صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 48 لسنة 2007 و لم يتضمن تعيينه في وظيفة معاون نيابة إدارية فتظلم بتاريخ 17/3/2007 و لكن دون جدوى ، فتقدم للجنة فض المنازعات .
و نعى الطاعن على القرار المطعون فيه بتخطيه في التعيين بوظيفة معاون نيابة إدارية مخالفته للقانون و صدوره مشوباً بعيب الانحراف و إساءة استعمال السلطة ، إذ أنه اشتمل على تعيين من هم دونه في تقدير التخرج و الدرجة العلمية و ذلك على النحو الوارد تفصيلاً بتقرير الطعن ، و الذي خلص إلى طلب الحكم بالطلبات سالفة البيان .
و حيث إنه عن موضوع الطعن فإن المادة 38 مكرراً من القانون رقم 117 لسنة 1958 بتنظيم النيابة الإدارية و المحاكمات التأديبية تنص على أنه " يكون شأن أعضاء النيابة الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين ..... شأن أعضاء النيابة العامة ".
و تنص المادة 38 من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 على أنه " يشترط فيمن يولى القضاء ........................... 1- أن يكون متمتعاً بجنسية جمهورية مصر العربية و كامل الأهلية المدنية .
2- ألا يقل سنة عن .......... .
3- أن يكون حاصلاً على إجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق بجامعات جمهورية مصر العربية ....... .
4- ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم او مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف ولو كان قد رد إليه اعتباره .
5- أن يكون محمود السيرة حسن السمعة ".
و تنص المادة 116 من ذات القانون على أنه : " .............. و يشترط فيمن يعين معاوناً بالنيابة العامة أن يستكمل هذه الشروط على ألا تقل سنه عن تسع عشرة سنة ".
و حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن المشرع لم يحدد أسباب فقدان حسن السمعة و السيرة الحميدة على سبيل الحصر ، و أطلق المجال في ذلك لجهة الإدارة تحت رقابة القضاء الإداري الذي استقرت أحكامه على أن السيرة الحميدة و السمعة الحسنة هي مجموعة من الصفات و الخصال التي يتحلى بها الشخص فتكسبه الثقة بين الناس تجنبه قالة السوء و ما يسم الخلق ، و من ثم فهي تلتمس في أخلاق الشخص نفسه ، إذ هي لصيقة بشخصه و متعلقة بسيرته و سلوكه ومن مكونات شخصيته ، و لا يؤاخذ على صلته بذويه إلا ما ينعكس منها على سلوكه .
و حيث إنه بتطبيق ما تقدم ، و كان الثابت بالأوراق أن النيابة الإدارية ارتكزت في سبب استبعاد الطاعن من التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية لما ورد بالتحريات الجنائية من ضعف المستوى المادي و الاجتماعي للأسرة ، فضلاً عما نسب إلى والدة المرشح في القضية رقم 1313 لسنة 2003 جنح المنصورة بعرض سلعة مجهولة المصدر ، و بالمخالفة للقرار رقم 113 لسنة 2002 ، و كذا ما نسب إلى ابن خالة المرشح " ......... في القضية رقم 47 لسنة 69 جنح السنبلاوين " سلاح أبيض بدون ترخيص ، و اتهام خال المرشح "......." في القضايا أرقام 4775 لسنة 97 إداري مركز السنبلاوين – توقيع بالإكراه ، القضية رقم 236084 لسنة 2004 جنح السنبلاوين – ضرب .
و من حيث إن ما استندت إليه النيابة الإدارية من أسباب لاستبعاد الطاعن أتى سياقاً لما ذهبت إليه التحريات الأمنية لا يستقيم مع حق الأفراد في تولي الوظيفة القضائية متى توافرت فيهم شروط شغلها ، ولا يستبعد توليها إلا ما ثبت بالأوراق عدم أهليته و صلاحيته سواء في كفاءته العلمية أو سمعته و أسرته التي تؤكدها الأوراق من خلال أحكام نهائية تنطق بالحق و المشروعية و تنال من حسن السمعة .
و من حيث إنه لما كانت التحريات الأمنية قد ذهبت إلى ضعف المستوى المادي و الاجتماعي لأسرة الطاعن و سايرتها في ذلك جهة الإدارة كأحد أسباب استبعاد الطاعن ، و الذي لا يتفق ومنطق المشروعية و حق من قدر عليه رزقه في تولي الوظيفة التي اجتهد في الحصول على مؤهلها العلمي ، و لا يتصور قبول ذلك السبب و إلا كان من يحصل على الكسب المادي و يزيد في مدخراته المالية بطريقة أو بأخرى هو صاحب الحق في شغل الوظيفة القضائية ، و كان ذلك مدعاة إلى قصر مثل هذه الوظائف على الأغنياء مادياً دون غيرهم من طبقات المجتمع " أهل العفة و القناعة ".
و غني عن البيان أن هذا المسلك يحتوي في ذاته المستوى الاجتماعي ، فالغني مالياً هو ذاته من يتمتع بالقوة اجتماعياً ، الضعيف مالياً لا يتمتع بالقوة الاجتماعية ، و هوما يتعارض مع المشروعية في حق تولي الوظيفة .
كما ذهبت جهة الإدارة في أسبابها لما ورد بالتحريات مسنوباً إلى والدة المرشح من اتهام في قضية عرض سلعة مجهولة المصدر ، و وقفت عند حد الاتهام و لم تذكر أن المذكورة برئت ساحتها من ذلك ، رغم إشارة التحريات إلى البراءة ، فضلاً عن تقديم الطاعن دليلاً يؤكد ذلك بحكم نهائي .
و ذكرت الإدارة الاتهام المنسوب إلى ابن خالة المرشح ، و لم تذكر براءته التي حصل عليها ، و كذا ما نسب إلى خال المرشح في قضيتين تم حفظ إحداهما و الأخرى قضية ضرب حكم فيها غيابياً بالحبس شهر مع الشغل ، و لم تتم المعارضة مما لا يكون معه الحكم نهائياً ، يضاف إلى ذلك أن والد المرشح يمتلك منزل مكون من خمس طوابق و كذا قطعة أرض مساحتها 185 م بحي الجامعة أول المنصورة ، كما تمتلك والدته سوبر ماركت و مكتبة أمام بوابة الجامعة ، و كذا قطعة أرض فضاء مساحتها 600 م مركز المنصورة ، كما تمتلك سيارة ملاكي .
و من حيث إنه متى كان ذلك ، فقد بات جلياً أن قرار استبعاد الطاعن من شغل الوظيفة محل القرار الطعين قد قام على سبب منهار مفتقد للمشروعية ، ولا يعصمه من الإلغاء عاصم ".
( الطعن رقم 10378 لسنة 53 ق – الدائرة الثانية – جلسة 23/9/2012 – مشار إليه بمجلة هيئة قضايا الدولة – العدد الثالث 2013 – ص 156 و ما بعدها )
ساحة النقاش