أشرف سعد الدين عبده - المحامي بالإسكندرية - مصر

قضت المحكمة الإدارية العليا بأن :

 

"   ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة ( دائرة توحيد المبادئ ) قد جرى على أن اجتياز مقابلة اللجنة المشكلة لمقابلة المتقدمين للتعيين بالوظيفة القضائية يكون شرطاً لازماً يضاف إلى شروط التعيين المنصوص عليها في القانون وا لتي تنحصرفي التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية و الحصول على إجازة الحقوق ، و عدم صدور أحكام من المحاكم أو مجالس التأديب في أمر مخل بالشرف و لو تم رد الاعتبار، و حسن السمعة و طيب السيرة ، و أن تلك اللجنة غير مقيدة في اختيارالمتقدمين سوى بمدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة القضائية للمتقدمين إليها ، فهي لا تتقيد بأي اختبارات سابقة تتعلق بالقدرات و العناصرالدالة على توفر أو عدم توافرتلك الأهلية ، و أن سلطتها في الاختيارتكون سلطة تقديرية لا يحدها سوى استهداف المصلحة العامة ، لأن ممارسة السلطة التقديرية في مجال التعيين في الوظائف القضائية سيظل على وجه الدوام واجباً يبتغي الصالح العام باختيارأكفأ العناصرو أنسبها ، و هو أمر سيبقى محاطاً بإطار المشروعية التي تتحقق باستهداف المصلحة العامة دون سواها ، لك بالتمسك بضرورة توافرضمانات شغل الوظيفة و القدرات على مباشرة مهامها في إرساء العدالة دون ميل أو هوى ،  و أن تلك السلطة التقديرية هي وحدها التي تقيم الميزان بين كل من توافرت فيه الشروط العامة المنصوص عليها في القانون في شغل الوظائف القضائية و بين فاعلية مرفق القضاء و حسن تسييره ،  فلا يتقلد وظائفه إلامن توافرت له الشروط العامة و حاز بالإضافة إليها الصفات و القدرات الخاصة التي تؤهله لممارسة العمل القضائي على الوجه الأكمل ،  و من ثم فإنه إذا اتيحت للمتقدم فرصة اللجنة المنوط بها استخلاص مدى أهليته في تولى الوظيفة القضائية و المشكلة من قمم الجهة القضائية التي تقدم لشغل وظائفها فإنه لايكون امامه إن أراد الطعن في القرار الصادر بتخطيه في التعيين سوى التمسك بعيب الانحراف عن المصلحة العامة ،  و عندئذ يقع على عاتقه عبء إثبات هذا العيب ،  و لايجوز للمحكمة أن تحل نفسها محل اللجنة في اعمال معايير و ضوابط استخلاص الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة  ،  و إلا ترتب على ذلك إهدار كل قيمة لعمل لجان المقابلة وحلول المحكمة محلها بناء على ضوابط يصنعها القاضي ليحدد على أساسها مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل تلك الوظيفة ،   و تلك نتيجة يأباها التنظيم القضائي ، كما أنه ليس للحاصل على تقديرأعلى أن يحتج بتعيين من هو أقل منه تقديراً إذا ثبت أن تخطيه في التعيين يرجع إلى عدم أهليته بقرار من لجنة المقابلة .

 

و من حيث إنه لا مندوحة من أن يترك لأعضاء تلك اللجان بما أوتو من حكمة السنين التي رقت بهم الوظائف القضائية حتى بلغت منتهاها و أضحوا شيوخاً لرجال القضاء و الهيئات القضائية أن يسبروا أغوار شخصية كل متقدم لشغل الوظيفة القضائية لاستخلاص مدى توافر الشروط التي يتعذر على الأوراق و الشهادات أن تثبتها أو تشيرإليها لاختيارأفضل العناصرلتولي الوظيفة القضائية التي تتطلب في شاغلها فضلاً عن الكفاءة العلمية أعلى قدرمن الحيدة و النزاهة و التعفف و الاستقامة و البعد عن الميل و الهوى و الترفع عن الدنايا و المشتبهات و القدرة على مجاهدة النفس الأمارة بالسوء في ظل ظروف الحياة الصعبة و ضغوطها التي تجعل من النفوس الضعيفة فريسة للأهواء و النزوات و تسخيرالمناصب القضائية الحساسة لتحقيق أهدافها و الانحراف بها عن جادة الصالح العام ، فلا مناص من أن توضع مسئولية اختيارالعناصرالمناسبة لشغل تلك الوظائف أمانة في عنق شيوخ رجال القضاء و الهيئات القضائية يتحملونها أمام الله و أمام ضمائرهم ، فيكون لهم حق استبعاد الأشخاص الذين لاعلم لهم بالحق ، و لا قدرة لهم على الصدع به ، و لا يتمكنون من ضبط أنفسهم ، و لا كبح جماحها ، و منعها من الميل إلى الهوى ، فتلك أمانة و إنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها و أدى الذي عليه فيها ، و لا معقب عليهم في ذلك من القضاء مالم يقم الدليل صراحة على الانحراف بالسلطة أو التعسف في استعمالها تحقيقاً لأهداف خاصة .

 

و إذا كانت سلطة اللجنة المشارإليها قد أضحت أمراً مسلماً غير منكور، بحيث لا يسوغ الخوض فيما رخص لها من تقدير أو تعلق بأعناق أعضائها من امانة الله و أمام التاريخ ، أو فرض أي رقابة قضائية على قدرة تلك اللجان في اصطفاء العناصر المناسبة لشغل الوظيفة القضائية فيما تقدم لها من مرشحين ، إلا أن مقتضى ذلك و لازمه أن يقدم لها المرشحون المستوفون للاشتراطات العامة التي تقتضيها الوظيفة طبقاً للقوانين و اللوائح و ما تفصح عنه الجهة الإدارية من اشتراطات يتم اختيار المرشحين على أساسها قبل أن يقدموا إلى اللجنة المشارإليها لاختيار أفضلهم لشغل الوظيفة المعلن عنها ، و لا ريب في أن استيفاء المرشحين للاشتراطات العامة للوظيفة هي مسألة قانونية تخضع لرقابة القضاء للتأكد من مراعاة الجهة الإدارية للتطبيق السليم للقانون و احترامها لتعهداتها و اشتراطاتها التي وضعتها بنفسها لنفسها و أفصحت عنها لجميع المتقدمين احتراماً لمبدأ المساواة أمام الوظائف العامة ، فإذا ما أفصحت الجهة الإدارية عن إرادتها في شغل إحدى الوظائف القضائية ، و وضعت لها شروطاً محددة ، وجب عليها أن تلتزم بالقواعد التي و أعلنت جميع المواطنين بها ، فلا تقدم للجنة المشارإليها إلا من توافرت في حقه الاشتراطات التي أعلنت عنها ، و إلا تكون قد أوقعت اللجنة في غلط يؤثر في تكوينها لعقيدتها ، و تفقد القرارات الصادرة منها ركناً من أركانها هو ركن الإرادة ، و إذا كان للإدارة – في شتى مجالاتها – سلطة تقديرية واسعة في وضع الشروط التي تراها مناسبة لشغل الوظيفة القضائية ، فإن إعلانها لتلك الشروط يفرغ سلطتها التقديرية في قاعدة تنظيمية تتيح لكل من استوفى الشروط المعلن عنها أن يتقدم لشغل الوظيفة ، و يحظر على من افتقدها أو أخطأها التقدم لها ، و تكون سلطة الإدارة في هذا الشان سلطة مقيدة لا تملك في شأنها تقديراً او تترخص فيه بأي تجاوز أو استثناء ، فإذا تجاهلت الإدارة تلك الشروط أو أغفلت إحداها عند قبول المرشحين أو النظر في تعيينهم أضحى قرارها مخالفاً للقانون خليقاً بالإلغاء .

                                                              

          و من حيث إنه على هدي الأصول المتقدمة ، فإن القواعد التي اقرتها و أفصحت عنها الهيئة للمتقدمين لشغل وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة من دفعة 1995 و ما قبلها يستلزم - جسبما ورد في كتاب السيد المستشار الأمين العام للهيئة رقم 1653 بتاريخ 1/7/2003 – أن يكون المرشح للتعيين حاصلاً على تقدير جيد على الأقل في درجة الليسانس فضلاً عن درجة الماجستيرأو ما يعادلها ( دبلومي الدراسات العليا في القانون ) و أن يكون من دفعة 1995 و ما قبلها ، و كان الثابت من استعراض قرار رئيس الجمهورية المطعون فيه أنه قد تضمن تعيين عدد من المرشحين غير المستوفين للاشتراطات المعلن عنها ، و كانت أكثر الحالات طرافة و أشدها جسامة و إمعاناً في مخالفة القانون ما اشتمل عليه القرار المطعون فيه من تعيين الأستاذ/ محمد اسماعيل محمود على الذي يتضح من الإفادة الرسمية الصادرة عن كلية الحقوق جامعة القاهرة أنه التحق بها عام 1981 و تخرج فيها في عام 1989 بتقديرمقبول 7ر52 % و أمضى في السنة الأولى عامي 81/82 ، 82/83 ، و السنة الثانية عام 1983/1984 ، و السنة الثالثة من عام 84 إلى 1989 أي تبلغ قدرته في التحصيل القانوني 7ر52% على مدار تسع سنوات تقريباً ،  تلك مخالفة  صارحة ، لا يجبها أو تهون من خطورتها تسترها وراء موافقة اللجنة الممشكلة لاختيار المرشحين و ما لها من سلطة تقديرية واسعة ، أو تدثرها بما تسميه الهيئة بسرية المداولات في المجلس الأعلى بها ، فتلك حجة داحضة ، لا تقوم لها قائمة إلا إذا راعت الهيئة توافر الشروط العامة التي وضعتها لجميع المرشحين قبل أن تقدم أياً منهم لحضور المقابلة التي تجريها اللجنة المشارإليها ، فإذا ما أدخلت على اللجنة عدداً من المرشحين رغم تدني مستواهم العلمي و فقدانهم القدرة على التحصيل و حجب باقي العناصرالمتميزة عنها ، فإن قرار المجلس الأعلى و من بعده القرار المطعون فيه لا يكون مشوباً بعيب في التقدير و إنما يكون مشوباً بعيب مخالفة القانون لمخالفة الإدارة للاشتراطات الأساسية التي يتعين عليها مراعاتها قبل عرض الأمر على اللجنة مما يجعل قرار اللجنة بما تضمنه تقريراً قائماً على غير محل لعدم اكتمال العناصرالشرعية التي بني عليها الاختيار، الأمر الذي يوجب على الإدارة إعادة الحال إلى ما كانت عليه و عرض الأمر على اللجنة المشكلة للاختياربعد تنقية قوائم المرشحين و استبعاد من لا يتوفر على الاشتراطات التي أفصحت عنها ، و إذا كانت المحكمة لا تملك إجراء المفاضلة بين الطاعن و المطعون ضدهم لاتصال ذلك بتقديراللجنة المشكلة لهذا الغرض فقد غذا من المتعين إلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً فيما تضمنه من تعيين غير المتوفرين على الشروط العامة للوظيفة و بصفة خاصة الحصول على تقديرجيد على الأقل لإزالة المخالفة القانونية التي تصم القرار المطعون فيه بعدم المشروعية لتسترد الجهة الإدارية سلطتها القديرية في اختيارالمرشحين المتوفرين على متطلبات الوظيفة على أسس قانونية سليمة من آخر إجراء صحيح قانوناً .

 

         و من حيث إن المحكمة و هي تقضي بذلك تدرك الصعوبات التي تواجه جهة الإدارة عند تنفيذ حكمها ، إلا أنها تؤكد أنه لا مناص للهيئة بعد أن تكشف لها الحق أن ترجع إليه ، فإن الحق قديم لا يبطله شئ و الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ، و لا يمنعن الهيئة من ذلك خشيتها على ما استقر من مراكز قانونية موارد الزعزعة و عدم الاستقرار حتى يصدرحكم القضاء ، و إذا كانت العدالة البطيئة أقرب إلى الظلم ، فإن الظلم عينه ان تحيد عن الحق بعد أن تفصدت الحقيقة ، و أن يطوي القضاء أن يقضي بما تكشف له من الحق ، و على السلطة المختصة أن تسارع إلى تنفيذ مقتضاه مهما كلفها ذلك من عناء ، فبلوغ الحق أغلى من كل عناء .

 

فلهذه الأسباب

        حكمت المحكمة :  بقبول الطعن شكلاً و في الموضوع بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 43 لسنة 2003 فيما تضمنه من تعيين الحاصلين على تقديرمقبول في درجة الليسانس في وظيفة مندوب مساعد بهيئة قضايا الدولة مع ما يترتب على ذلك من آثار . " .

( الطعن رقم 201 لسنة 50 ق – جلسة 29/1/2006 )

 

 

المصدر: المحكمة الإدارية العليا
lawing

أشرف سعد الدين المحامي بالإسكندرية 0126128907

ساحة النقاش

أشرف سعد الدين عبده - [email protected]

lawing
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

1,957,547

راسلنا على الاميل

نرحب بكل الزائرين للموقع ، و نتمنى لهم أن يجدوا ما ينفعهم و يحتاجون إليه ، و لمن أراد التواصل معنا أوالاستفسارأو تقديم الاقتراحات الخاصة بالموقع و محتوياته ، عفلى الرحب و السعة ، و ذلك على الاميل الخاص بالأستاذ / أشرف سعد الدين المحامي :
[email protected]