الدكتور أحمد عبد الظاهر أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

<!--

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin-top:0in; mso-para-margin-right:0in; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0in; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

القوة الناعمة القانونية.. مصر التي كانت

مقال للدكتور أحمد عبد الظاهر

أستاذ القانون الجنائي بجامعة القاهرة

 

        مصر كدولة عرفت الحضارة منذ عهد سحيق، وكانت لها تشريعاتها المتكاملة منذ زمن بعيد. فقد عرفت مصر الفرعونية المدونات القانونية منذ آلاف السنين، وقبل أن يعرف الغرب الكتابة ويستعملها بقرون عديدة. وعدد المؤرخ الإغريقي ديودور الصقلي ستة من كبار المشرعين في مصر على الترتيب الآتي: الملك «مينا» موحد القطرين، والذي أصدر أول مجموعة قانونية في مصر قبيل الألف الرابعة قبل الميلاد، وعرفت باسم «تحوت» إله القانون. والمجموعة الثانية هي مجموعة الملك «ساسوجيس» من ملوك الأسرة الرابعة في النصف الثاني من الألف الثالثة قبل الميلاد. وفي عهد ملوك هذه الأسرة شيدت أهرامات الجيزة. والمجموعة الثالثة هي مجموعة الملك «سيسوسيس» ويرجح العلماء أنه «سنوسرت» أحد ملوك الأسرة الثانية عشرة. والمجموعة الرابعة أصدرها الملك «بوكخوريس» من الأسرة الرابعة والعشرين. أما المجموعة الخامسة، فقد أصدرها الملك «أمازيس» من الأسرة السادسة والعشرين. وآخر مجموعة صدرت في عهد الملك «دارا» من الأسرة السابعة والعشرين. وبالإضافة إلى هذه المدونات، حفظ لنا التاريخ بضعة قوانين هامة، أشهرها قانون «حور محب» مؤسس الأسرة التاسعة عشرة، والذي تم اكتشافه بجوار بوابة حور محب في معبد الكرنك بالأقصر، منقوشاً باللغة الهيروغليفية على لوحة حجرية تهشمت كثير من أجزائها، ووجدت نسخة أخرى من هذا القانون في أبيدوس.

 

وفي مصر الفرعونية، كان للعدالة عميق الأثر في كافة نواحي الإنسان المصري القديم، ووصل به الأمر من فرط اهتمامه بها إلى اعتبارها من مقدسات الجماعة، وجعل لها آلهة وأطلق عليها «ماعت».

 

        وفي العصر الحديث، ومع انتقال القوانين الغربية وخاصة القانون الفرنسي إلى دنيا التشريع المصري، كان لمصر الريادة التشريعية في العالم العربي، وبحيث تأثرت التشريعات الصادرة في معظم الدول العربية بالقانون المصري. وللتدليل على ذلك، يكفي أن نذكر المادة 922 من القانون المدني الليبي، بنصها على أن «الأرض التي تتكون من طمي يجلبه النهر بطريقة تدريجية غير محسوسة تكون ملكاً للملاك المجاورين». وتحت عنوان «الأراضي التي يحولها النهر أو ينكشف عنها»، تنص المادة 925 من ذات القانون على أن «الأراضي التي يحولها النهر من مكانها أو ينكشف عنها، والجزائر التي تتكون في مجراه تكون ملكيتها خاضعة لأحكام القوانين الخاصة بها». ولعل ما يسترعي الانتباه هو التطابق التام بين نص المادتين سالفتي الذكر ونص المادتين 918 و921 من القانون المدني المصري، مع اختلاف بسيط يتمثل في أن مواد القانون الليبي قد وردت جميعاً معنونة بخلاف مواد القانون المدني المصري. والواقع أن هذا التطابق بين القانون المدني الليبي والقانون المدني المصري شامل لكل أحكام القانونين. ولما كان القانون المدني المصري هو الأسبق صدوراً، لذا يبدو طبيعياً القول بأن المشرع الليبي هو الذي اقتبس أحكام القانون المدني من نظيره المصري. وقد وصل هذا الاقتباس إلى حد نقل أحكام القانون المدني المصري كاملة، بما فيها حكم المادتين 918 و921، على الرغم من عدم وجود أنهار في الدولة الليبية.

 

ولقد لعب بعض فقهاء القانون العظام دوراً في تعظيم القوة الناعمة القانونية لمصر في العالم العربي، ويأتي على رأس هؤلاء الفقيه القانوني الكبير الدكتور عبد الرزاق السنهوري. ففي سنة 1935م، سافر السنهوري إلى العراق بدعوة من حكومتها، فأنشأ كلية للحقوق، وقام بإعداد مشروع القانون المدني، ووضع عددًا من المؤلفات القانونية لطلاب العراق. ثم سافر بعد ذلك إلى سوريا، وبدأ وضع مشروع القانون المدني لها. وسافر إلى ليبيا بعد استقلالها، حيث وضع لها قانونها المدني الذي صدر سنة 1953م. وأثناء اعتزاله الحياة العامة في الفترة من سنة 1954م حتى وفاته عام 1971م، استطاع إنجاز مؤلفه الشهير «الوسيط في القانون المدني»، والذي يتكون من أحد عشر جزءاً، وسافر مرة وحيدة إلى دولة الكويت سنة 1960م، تلبية لدعوة أمير هذه الدولة الخليجية الشقيقة، واستطاع خلال هذه الزيارة وضع دستور الكويت واستكمال المقومات الدستورية القانونية التي تؤهلها لعضوية الأمم المتحدة.

 

        وفي الختام، لا يفوتنا أن نشير إلى أن العديد من رجال القانون في الدول العربية قد درسوا القانون، سواء في المرحلة الجامعية أو في مراحل الدراسات العليا والدكتوراه، بالجامعات المصرية أو على أيدي فقهاء القانون المصريين المعارين للعمل في الدول العربية.

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 98 مشاهدة
نشرت فى 1 مايو 2016 بواسطة law

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

154,756