يحتاج بعض الناس الى مجرد الذكرى كي يؤوبوا الى رشدهم ويبصروا طريقهم ويزول ما عمي عليهم وما مستهم به الشياطين من طائف ، بينما لا تؤثر في اخرين الايات والمعجزات فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ، مثلما حدث مع بني اسرائيل من قبل حين نجاهم الله من الغرق في اليم فجعل لهم طريقا في البحر يبسا لا يخافوا دركا ولا يخشوا ، واهلك عدوهم ونكل به ، وكان حريا بهم دون غيرهم ان تخضع قلوبهم وتعي عقولهم ان ما يحدث انما هو بارادة علوية قاهرة لا يستطيعها بشر فتسلم نفوسهم وتنقاد غرائزهم لله الذي خلقهم ونجاهم ، فلا يشركوا به أحدا ولا يدعوا من دونه الها ، لكنهم خرجوا من لجة اليم ولم تبتل ثيابهم أو يروع صغيرهم ، ليجمعوا حليهم ويصنعوا عجلا جسدا يعبدوه من دون الله .
وهاهو الزمان وقد نأى بجانبه عن حاجتنا ووضع يده عن ظلمتنا ، تدور عجلته وتستدير هيئته ويتبدل قديمه بجديده حذوا بحذو نسخة كربونية باهتة المعالم جلية النتيجة ، فأُمر بمنكر ونُهي عن معروف ، وتبدلت الأمانة خيانة والفضيلة لؤما وصارت أعراض المؤمنين وحياتهم وقودا للباطل في معركته الابدية مع الحق ، واوقدت نار حرب ضروس تعرك ضعافنا عرك الرحى بسفالها ، وتفرض الاحداث مسلسلا عبثيا تحار لكنهه الالباب وتقف العقول شاردة لا تستوعب حدثا ولا تفسر واقعا ، ليترك الاخيار الساحة خالية وترثنا ذرية مجرمة بعضها من بعض - تشابهت قلوبهم - فتهلكنا كما أهلكت أمثالنا من قبل ويتحقق فينا قول الله تعالى " أم على قلوب أقفالها "
فبعد ان جمع هؤلاء حلينا لا حليهم وجواهرنا لا جواهرهم فأخرجوا لنا وقد اشتد خُوارههم وخَوارهم أسوء ما جبلت عليه سجاياهم وأحط ما تعلمه مجرموهم ، فتنة وقيظا ونارا يسوموننا بها سوء العذاب ، بذرة لقيطة في أرض خبثة لا تخرج الا نكدا يروي شجرتها جيلا بعد جيل معذرون ومنافقون ، ويغذيها طامعون وحاقدون .
رخيصة هي أرواح أبنائنا حتى تزهق مثلما تزهق ارواح الذبائح دون وخزة الم أو تأنيب من ضمير ، مرة تلو مرة لا يرقبون فيها إلا ولا ذمة ولا أخوة .
كيف ينام هؤلاء وقد تخضبت ايديهم – قطعها الله - بدماء الابرياء ، ألم تسمع اذانهم - أصمها الله - صيحات الثكالى وانات اليتامى ، الم يروا - اعمى الله ابصارهم - من استعرت قلوبهم لوعة ولظى حزنا على ذويهم .
ألا تعنيهم مصلحة أمة انهكتها مؤامرات ابنائها مثلما لم تنهكها حملات أعدائها .
أي مكانة سيحوزون ، وأي نصر سيكتبون ، حين تتحقق مكانتهم أو يكتب نصرهم على صفحات جلودنا بمداد من دماء الابرياء ودموع المظلومين ، وأين هو الوطن حين تقطع أوصاله وتمزق أوشجته وتنحل عراه ويفسد على الناس دينهم ودنياهم ليصير لقمة سائغة أمام اعدائه المتربصين به ليل نهار .
ان من طلب المسئولية وكان هذا سبيله اليها ومن ظن أنه أهل للرياسة والامارة وارادها ملطخة بدمائنا - وهو بعد لم يملكها – قد غره انشغال اصحاب الحكم بتمكين انفسهم لا انشغالهم بمصلحة الامة ، ولو أنهم استأصلو شأفتهم واجتثوا شجرتهم لساد للناس أمنهم ولما انشغلوا بتمكين حكمهم ولما تجرأ احد ان يعبث بامن الوطن ، لكن سوء تقدير هؤلاء وضعفهم حال دون ذلك واوقعنا فيما نحن فيه .
والله الموفق وهو يهدي السبيل
المصدر: شخصي
نشرت فى 20 نوفمبر 2012
بواسطة lance
عدد زيارات الموقع
44,860
ساحة النقاش