عندما ظهر محمد " أبو حامد " وكني اعلاميا بأي حامد ، ارتسمت في ذهني صورته مقارنة بصورة الامام ابي حامد الغزالي ، فكلاهما - " أبو حامد " ، وان تشابهت الاسماء والكنى أو اتسقت القوالب والبنا، فقد اختلفت النيات والوجهات واتسعت الفجوة بين هذا وذاك ، فموسى النبي ليس كموسى السامري وإمامنا غزالي ساد بعلمه وارتفع ، والاخر حماري سيق بحمقه وانتفخ .
ولتلتئم عرى الوطن ويشتد جناحاه ويتفرغ قادته الى البناء والتعمير ، كنا نعول بعد توفيق الله وعنايته على أناس نحسبهم دعاة الى الله على بصيرة من العلم والاخلاص - سنة متبعة ودرباً مطروقاً وحقا للوطن على بنيه قبل أن يكون قربة الى الله وجهاداً في سبيله - أن يقفوا صفا مرصوصا يشد بعضه بعضا ، في مواجهة الفتن والذود عن الوطن ، ولكن هيهات فقد زلت أقدام واركست في الجهالة أقوام ، وتولوا واستغنى الله والله غني حميد ، وصار خيالاً أن ينصلح شأنهم أو يجتمع بعد الانفراط عقدهم ، فخلعوا عنهم ثوب البراءة ولباس التقوى وألبسوا ثياب الفتنة وسرابيل الضلالة ، فتركوا أنفسهم لهوى يضلها وفتنة تتخطفها دون كابح يلجمها أو زمام يضبطها ، أو وازع يزجرها ، تركوها في غيها وإذ بهم – وهم أحق بالوقوف مع الحق – دمى تحركها أصابع خبيثة وأياد ماكرة ، نسوا ما تعلموه وضيعوا ما وعوه ، وضاقت بهم الارض على رحابتها وتقطعت بهم السبل على كثرتها ، فلم يجدوا الا الكنائس لأحاديثهم ، قد انسلخوا منا وبعدوا عنا في شقة سحيقة وهوة مظلمة وحقد مستعر بين واضح ، سقطت عنهم ثياب البراءة وأحاديث الديانة ، ولبسوا ثياب النفاق وتحدثوا أحاديث الفتنة والزندقة فقدحوا في المنهج ولوثوا المقدسات ، زين لهم الشيطان أعمالهم فظنوا أنهم مانعتهم مكانتهم وأمكنتهم من المسائلة فلم يذعنوا للحق وينقادوا له فزادهم على ضعف نفوسهم كبرا يمحق حسناتهم ويربي فجورهم ، ودعوا الى ثورة ، أي ثورة هذه وعلى من نثور ومن أجل من ولماذا ؟
أحباً في الوطن ، تهون معه المهج والنفوس ، فنخرج فرادى وجماعات لنؤازرهم ونشد عضدهم أمام من اغتصب الوطن كما يدعون ، أم حبا للنفس ، تهون معه الاوطان ، فنقتسمه وطنا ممزقا مهيضاً ونفرق شمله بدلا من أن نلم شتاته ، نجمع رفاته بدلا من نجمع أوصاله ، نغتصب أمنه وقراره بدلا من ان نحفظ سلمه وسلامه .
لقد تميز أبناء وطننا بتنوع فكري وايدلوجي تميزا واضحاً عن بلاد كثيرة يضمن لنا - بما لا يعلي قدر فصيل عن اخر ولا جماعة عن باقي الجماعات - استقرارا وتفرداً يرغب كثيرون في زعزعته والنيل منه ، ومن يقرأ التاريخ ويعي عبره يعلم أن مصر على طول تاريخها عاصرت ما هو روماني وإغريقي وانجليزي وفرنسي ومملوكي وعثماني ، لكنها بقيت مصر بثقافتها وتاريخها ومزيج ابنائها ، لم تعلو طائفة على اخرى ولم تنفرد طائفة بمقدراته طوعا أو كرها ، لكنها ذابت في مصريتها كما سيذوب غيرها ، ستبقى مصر وطنا لا غنيمة لأحد ، رضي بالعيش فيها من فهم ذلك أم من طمس على عقله وفكره وران على قلبه فلم يعي حقيقة وطنه ومكانته .
قدر الله لنا الخير ،،،
ساحة النقاش