جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
<!--<!--<!--<!--
ايها اليتيم الذي فقد بعد الاب حنانه ورقته ، وظن أن الحياة على سعتها ضيقة ، والنفس حبيسة الجسد ميتة ، الان اشعر بما شعرت به الما بعد الم وفاجعة لا تدانيها فاجعة وجرح لا برء منه الا بالرحيل عن الدنيا الفانية ، اليوم رحل الى رحمة ربه الواسعة من عرفته أبا وصاحباً ، حيث المستقر والمأب وترك نفسا تستدر عطف الايام ورحمة الليالي وانسدل مع انفاسه الاخيرة ستار الألم ليداري كل لحظة ظننتها فرح وأمل وعصفت بي رياح واقع مرير ذقت طلعه علقما ، هكذا هو شعور رجل بالغ يافع ناهز الاربعين لا يعد يتيما بموت أبيه.
فيا بؤس من عاشه طفلا وتجرع مرارته وليدا ، ويا شقاء من غيب القدر ذويه وطوى الثرى أثر أمه وأبيه.
لم أدر ما يعانيه اليتيم حتى ذقت مثله ولو دريته قبلا لرحمت كل يتيم ولو كان مخطئا
لو دريت للزمت قدم أبي بعد ان ابعدتني عنهما قسوة قلبي قبل قسوة موته وما تمنيت لي ولدا ليعاني بموتي ما عانيته بموت أبي.
وتذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم " أكرموا اليتيم من أجلي " ورق حالي ليتمه فصلى الله عليه وسلم فانهدرت مني عبرات محمومة لكادت تشتعل من فرط حرقتها.
وتذكرت حين سرت في اوصالي دماء الشباب فاستقليت بحياتي عن ابي وأمي ونسيت في أسواق الحياة ومشاغلها أنهما اعز من أملك واغلى من أحب لأثبت لنفسي استغنائي بقوتي عن قوتهما وبمالي عن مالهما وبينما لا ينتظران ردا للجميل ولا تقديرا للتعب والعطاء كانت بسمة رقيقة في وجهيهما وسؤال بسيط عن حاليهما كافيين ليعوضاهما عن كل تعب ويعبرا عن كل تقدير لكني كنت أكثر الناس بخلا على من كانا اكثرهم علي كرما وتفضلاً ، لن تفيد دموعي اليوم ولو صارت انهارا ولن يسمع بكائي ونحيبي ولو صم الاذان وملأ الاكوان.
وكأنها الايام لم تمر امامي وكأني لم أرى الشيب ينخرهما ويتهاوى يوما بعد يوم ذلكم الجسد وتفتك به أمراض الشيخوخة وأدران الزمن وأنا غافل عن معاناتهما والامهما منشغل بمعاناتي مستمتع بملذاتي ، ومنذ أن صرت أبا وداعبتني روعة احاسيس الأبوة ورق قلبي تجاه أبنائي مثلما لم يرق تجاه أبوي ، باتت تلك المشاعر نارأ تؤججها لوعة الفراق لم أستطع كتمانها وطفقت تستجيب لها مرة تلو الاخرى عبرات ألجمتها أياما عددا فتنهمر رغماً عني .
رحم الله أبي وغفر له
المصدر: شخصي
ساحة النقاش