<!--<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin-top:0in; mso-para-margin-right:0in; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0in; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]-->

المشهد الاول

حامد وهو يمشي في ليلة عاصفة تصطق اسنانه ضاماً كلتا يديه ينفخ فيهما ومن بعيد على مرمى بصره يجلس عجوز قابعا في زاوية على ناصية الشارع ممزق الثياب يكاد يأكله البرد ، يتجه نحوه حامد في سكينة بعد ان شعر بآلام العجوز ومعاناته مشفقا عليه ، فيخلع سترته الجلدية ذات الازرار الذهبية التي اهدتها اياه زوجته احتفالا بذكرى زواجهما دون تفكير او تردد فيعطيها للعجوز فيحمد له صنيعه ويدعو له بالستر والسعادة.

ثم يولي حامد وجهه شطر البيت غير مستعد لما قد يتبادر الى ذهن زوجته حين تراه بدون سترته التي خرج بها وتحمل ذكريات جميلة لهما فقد شغلته برودة الهواء عن التفكير الا في مدافعته ، مرددا ربنا يستر .

المشهد الثاني

يدخل حامد البيت ترتسم على وجهه علامات الرضا ويشع من عينيه بريق السعادة والسرور على ما يعانيه من برودة تكاد تخترم أوصاله وما يحمله من هم نتيجة تركه لعمله ومعاناته البطالة ، يتلقاه ابنه حسام في فرحة وغبطة يكاد يطير معها بلا جناحين ، جاء أبي جاء أبي ، تتدخل الام سارة انتظر حسام ودع أباك ليستريح ثم ترمقه بنظرة فاحصة اعتادها حامد كلما دخل البيت وتسأله في تعجب حامد ! فيرد مسرعا نعم حبيبتي ..أين سترتك الجلدية ؟ يطرق حامد في صمت وكأنه يفكر في عذر مقبول يبرر به رجوعه بلا سترته في ليلة شديدة البرودة كهذه .. سترتي ؟ نعم سترتك ، لقد .. لقد ، ثم يقفز حسام على قدمي ابيه ، أبي أين لعبتي الجديدة التي قلت ستحضرها اليوم وانت قادم ، يتلعثم حامد فتدرك سارة أنه لم يوفق في اللحاق بعمل جديد كما وعدها هي وابنه قبل مغادرته في الصباح فتأمر حسام ان ينصرف الى غرفته ، قبل أن يضطر حامد الى اختلاق الاعذار وربما الكذب على صغيره ، ثم تمد يدها برفق نحو حامد المتدلية رأسه خجلاً لترفعها بأطراف اصابعها قبل أن تحتضنها برفق وحنان تستكين به نفس حامد وتقر ، مبدية قوة وصبراً كشف زيفهما دمعات تتساقط حارة على رأس حامد المبتورة أحلامه والموءودة أماله – تذكرك بموقف السيدة خديجة رضي الله عنها في تثريتها عن رسول الله يوم استقبل جبريل لاول مرة -

 وتنسى سارة في خضم دموعها سترة حامد ويتذكر هو هماً اخر اوجده شعوره بالضعف والقهر ، فمهما تفهمت زوجته ومهما ابدت من قوة وصبر وجلد تبقى آلام الفقر ونظرات الطفل الصغير وحاجاته ينغصان عليهما ما يشعرها به قرب حامد ورجولته من سعادة وهناء.

المشهد الثالث

هكذا مضت الساعات الاولى من ليلتهما حتى اذا خلدا الى النوم واستغرقت فيه سارة أو هكذا اعتقد حامد قام هو عن فراشه بعد أن اجهده اصطناع النوم وتمثيل دور النائم .

قام حامد يدعو  ربه ويتضرع اليه ليكشف ما به من سوء ويرد اليه ثقة ربما هزها ما يمر به من ابتلاء وما يعانيه من فقر مرددا اللهم لك الحمد اللهم لك الحمد ، اللهم اكشف بلائي وفرجي همي واذهب غمي وحزني  .

هكذا تعود لسانه الحمد واعتقده وجدانه واستشعره كيانه فقد تشرب الصبر منذ تربى يتيما وعانق الدموع ليال طويلة واستشعر الم الفقر مرارا فهل يثنيه عن طريق الصبر بعد ان بلغ عنفوان الشباب واكتملت رجولته ابتلاء او مخمصة ، لا ولن يدفعه طلب الدنيا الى مقارفة الخطيئة ومجاراة الهوى ولن تضطره الحاجة الى الغاء ضميره أو اسكات صوت الحق داخله ، لسان حاله ايها الصعاب لن الين مهما اشتدت بي الخطوب وتاهت مني علامات الطريق وتفرق عني وتركني من كنت اظنهم دمي ولحمي  .

 

المشهد الرابع

حامد من جديد يخرج بحثا عن عمل مصحوبا بدعوات الزوجة ومملوءا بالامل ، ولكن دون جدوى ، فقد صدت امامه ابوب العمل ولم يعد يقو على السير من كثرة مشيه وبحثه وخلال ذلك تراوده صورة ابنه حسام وهو يتملق ابن جاره ليلعب معه بلعبته التي عجز حامد على ان يأتي بمثلها ، فيصاب بالخيبة والحزن ، لكن سرعان ما يتماسك نفسه ويلملم شتاتها ، عازما على ايجاد عمل ولو كان حمالاً .

المشهد الخامس

حامد يضع رأسه في حجر زوجته وتنهدر منه دمعات لم يستطع امساكها .. سارة حبيبتي لماذا يخطر أبي ببالي كلما مررت بضائقة أو المتني مصيبة وأنا لا اتذكر هيئته فقد قالت لي أمي رحمها الله انه تركها وحيدة وسافر لا يعلم مكانه أحد ، ولماذا دائماً ترتبك عمتي وتحزن كلما ذكرت سيرته أمامها ... أو يأتي ذكر واقعة ضياعي فترة من الزمن ورجوعي ثانية بعد أن قضيت قرابة الشهر عند أحد الناس حتى استدل على أهلي ...لا أدري ، الزوجة في حنان ودعة لا تحزن ربما يأتي المستقبل بما يشفي صدرك ويريح بالك فيرد حامد نعم نعم الحمد لله على كل حال .

المشهد السادس

بعد أن خرج حامد بحثا عن عمل كعادته منذ ترك وظيفته السابقة يدق جرس الباب فتفتح الزوجة لترى شيخا عجوزاً اكل عليه الدهر  وشرب لكنه يلبس سترة قيمة كتلك التي يلبسها زوجها حامد ، لكن هيئته لا توحي بأنه يستطيع شراء مثلها .

يسألها العجوز أهذا منزل حامد صابر فتقول الزوجة نعم وأمه السيدة ليلى .. فترد الزوجة نعم وعمته سعاد فترد نعم فتنهمر دموع العجوز وينتحب بكاءً حتى تظن الزوجة أن مكروها حدث لزوجها وهذا العجوز يلبس سترته ثم يتمالك العجوز نفسه ويقول لها أنا صابر أبو حامد فترد الزوجة أبو من أبو حامد كيف ؟

فيقول العجوز منذ أكثر من 25 سنة اصطحبت حامد ولم يكن جاوز السادسة من عمره بعد لنتنزه في مدينة الملاهي ثم ذهبت لاشتري له بعض الهدايا والححت عليه أن يظل في مكانه ، لكنني عدت ولم أجده ، وعبثاً بحثت مرة ومرة الى ان غاب النهار فأيقنت أنه تاه مني وظللت على تلك الحال حتى ساءت حالتي وشارفت على اليأس فلم يكن مني الا أن هربت وتركت البيت فقد ضيعت ولدي ولا أمل في عودته ثانية ، وهمت على وجهي في الطرقات تقلني راحلة وتعيدني اخرى لا أمل لي في شيء ولا رجاء في أحد أعيش في الطرقات وأقتات ما وجدت الطعام ، لا حاجة لي في شيء يائس قانط ، حتى الأمس القريب مر علي في تلك الليلة شاب في ريعان الشباب وأنا اعاني البرد فأشفق علي ونزع سترته ثم أعطاها لي وتركني ومشى وأنا ارقبه يتوارى عن ناظري وترتعد فرائصه من البرد ، وانا اتحسس تلك السترة أحسست بشيء داخلها تفحصته فإذا هي بطاقته الشخصية المثبت بها اسمه وعنوانه ، لم أصدق نفسي حتى جئت اليكم الان ، رحبت به الزوجة وأخبرته أن حامد رجع بعد شهر تقريبا من ضياعه لكنها لأول مرة تعلم أن حامد هو من تسبب في ضياع أبيه وهو ايضاً من أعاده .

 

 

 

 

 

المصدر: شخصي
  • Currently 60/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
20 تصويتات / 224 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2010 بواسطة lance

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

44,715