عندما يتوفر لدى الجميع سبل الحياة الكريمة وتستطيع الحصول على مواردك من المال والامان بطريقة يسيرة يسهل بها دفع ثمن حاجاتك وحاجات أسرتك وايفاء حقها بطرق مشروعة وكرامة محفوظة ، يكون من المستغرب ساعتها أن يلجأ نفر من الناس الى طرق غير مشروعة كالسرقة او النصب والتزوير للحصول عليها وتحقيق هذا الامان او النفوذ ، ما يدل على خلل في السلوك الاجتماعي وانحراف اخلاقي لدى هؤلاء النفر ، يهدد تماسك المجتمع ويقوض سلامته وأمنه .
وعظم الابتلاء بفقد الاسباب المادية المؤدية الى تحقيق امال الانسان وطموحاته فضلا عن تحقيقها لأساسيات حياته واستمراريتها ، قد يودي بكثير من الناس الى الافتتان والتخبط وسلوك طرق ملتوية واساليب غير شريفة لتحقيق مآربه ونيل مطالبه ، يصمد خلاله أصحاب النفوس العلية وتتضح أصالة جذورهم وندرة معادنهم فلا ينساقون وراء الشهوات ولا يغترون بإقبال الدنيا على أهل المعصية والفجور وإدبارها عن أهل الطاعة والتقوى ، تنأى نفوسهم عن الدنايا وتترفع ذواتهم عن الصغائر فلا تمد أعينهم ولا ينظرون رغبة أو حسدا وتحسراً الى نعيم انعمه الله على غيرهم زهرة الحياة الدنيا، وإنما رضيت قلوبهم وخضعت جوارحهم تسليما وانقياداً لا ذلا وقهراً وامتعاضاً .
فعزوف النفس عن المبالغة في متع الحياة ورفاهتها ولجمها بلجام الأوامر والنواهي ومعرفتها بأن ما عند الله خير وأبقى يحفظ لها متعة الروح والجسد معاً ويستقوي به الانسان أمام الطمع والشره لكل جديد والتمتع بالمباح وغير المباح ، بينما يؤدي اطلاق عنانها لتسرح وتأمل فيما ليس لها وفي مباح يفضي الاسراف في مقارفته إلى قسوة القلب وشدته أو إلى غفلة تذهب على الانسان فرص النجاة ومصاحبة التقاه والشغل بما لا يرجى النفع منه .
وربما نجد للمحروم ما يبرر قلقه وسوء مسالكه لاسيما إذا غاب عنه وازع الدين وشرف النفس ونزع عنه حلة الصبر وزهد فيه – لكن لا نعذره – بينما نعذر من يختصم وأهله حقاً اختلف عليه كان الزهد فيه أولى ، لكنها الحاجة والفاقة إذا برزت وعلت وغاب على استحياء بذل النفس والايثار عليها .
فالبحث عن المادة أمنا للفقر وصيانة للعرض من المباحات والضروريات لا يختلف على ذلك اثنان ، طالما حسن المصدر ولم يشغل الانسان عن طاعة أو ينزله معصية ، يتفاوت في تحصيلها الوان الناس وصنوفهم تبعا لحاجتهم وامتثالاً لنداء غرائزهم وشهواتهم ، فمنهم من غايته جمع المال ومنهم من عده وسيلة وصنف يراه عز وقوة واخر يراه فتنة واختبار .
دمتم بخير
المصدر: شخصي
نشرت فى 28 ديسمبر 2010
بواسطة lance
عدد زيارات الموقع
44,716
ساحة النقاش