د.ايمان مهران

أعمال تهتم بالإبداع والمبدع والتواصل الإنساني عن طريق الفن

<!--

<!--<!--

1.    ملخص البحث

     تتفاوت البلدان الأفريقية في درجة تعاملها مع موروثها التقليدي ، كما يختلف الشمال الأفريقي عن الجنوب الأفريقي في حجم تأثره بموروثه الأفريقي وإبرازه له .

     و كان التنوع الإبداعي والمقترن بالإحتفاء بمظاهر الطبيعة وترسيخ الطقوس القديمة جزء من الشخصية الأفريقية. و رغم تميز الفنون التقليدية بإظهار الخصوصية الثقافية لكل منطقة في القارة، والتي كانت دائماً مرآة عاكسة للشخصية المحلية فى الفنون ، إلا أن هناك إشكالية في التعامل مع موروث الثقافة التقليدية الأفريقية عامة .و تتعدد جوانب تلك الإشكالية ، و في هذا البحث سنركز على إحدى جوانبه ، حيث تتركز التساؤلات حول :

1.    هل هناك  رؤية موحدة لدراسة التراث االتقليدي على أساس وحدة الهوية الأفريقية.

2.    هل هناك إستراتيجية لتنمية الثقافية التقليدية في القارة الإفريقية.

1.1.أهمية البحث :

               تتركز أهمية البحث في:

1.    إعادة الرؤيا للموروث الأفريقي من منظور العلماء الأفارقة.

2.    الحفاظ على الهوية المشتركة في الموروث الأفريقي.

1.    2.أهداف البحث:

                يهدف البحث إلى:

1.    وضع محاورلرؤية موحدة تهدف لدراسة التراث التقليدي على أساس الوحدة الأفريقية.

2.    وضع مخطط أولي لتنمية الثقافية التقليدية في القارة الإفريقية.

1 . 3 .فروض البحث:

يفترض البحث أنه:

1.    إن هناك إمكانية لوضع رؤية تنموية  للموروث الأفريقي.

2.    أن البعد الأفريقي للعمل الثقافي موجود ولكن بشكل فردي إبداعي أو غير منظم بمنهج يحمل أبعاد مخطط لها  .

3.    أن المجتمع المدني والجامعات والمراكز البحثية يمكنها أن تلعب دور رئيسي في تجميع رؤية تجذر للهوية الأفريقية بين أبناء القارة الواحدة..

1 .4 .منهج البحث:

             سيعتمد البحث على المنهج التاريخي ، والمنهج الوظيفي.

2.قارة أفريقيا

   أفريقيا هي ثاني أكبر قارات العالم من حيث المساحة وعدد السكان، وتتضمن أفريقيا 54 دولة مستقلة وذات سيادة، وربما تضم أفريقيا أكبر تشكيلة في العالم من الحيوانات البرية من حيث الكثافة والتنوع، وتضم تشكيلة الحيوانات البرية الحيوانات الضخمة من أكلة اللحوم والحيوانات آكلة الأعشاب ، وهي تعيش في سهول طبيعية مفتوحة ليست مملوكة لأحد.و تضم كذلك مخلوقات تنتمي للحياة المائية .و يعتبر الاتحاد الأفريقي الممثل لجميع دول القارة تقريباً ،وهو إتحاد يضم كافة دول أفريقيا ما عدا المغرب. تم تشكيله في2001 ، ومقره الرئيسي هو أديس أبابا.([1])

  كان نصيب قارة أفريقيا كبير في الفقر والأمية ، فقد عانت تلك القارة من استعباد سكانها، وإنتشارالأمراض فيها وتدني مستوى الخدمات بشكل عام التي يحتاجها سكانها. كما كان لإنتشار الحروب الأهلية أن أصبحت القارة سوقاً رائجاً للسلاح، بالإضافة لانتشار الأمراض المعروفة والمجهولة، وكلها عوامل أدت لتأخر التنمية في تلك القارة.

ويؤكد على مزروعي على أن هذا الإرث من الهوان الذي فرضه على الأفريقيين ثالوث الخطايا المؤلف من تجارة الرقيق والفصل العنصري والاستعمار، حيث يقول: "إن الأفريقيين ليسوا بالضرورة أكثر الشعوب معاناة للويلات من جراء الاستبداد، ولكنهم بالتأكيد أكثرها معاناة للإهانة في التاريخ الحديث"([2]).

  كل ذلك يعكس خصوصية لمشاكل القارة التي تحملت الكثير ، وتحمل أقدم ملامح المورورثات التقليدية للإنسان على سطح الأرض.

 

3.ما هية الثقافة التقليدية في أفريقيا

     تعني ثقافة: صار حاذقاً فطناً. و(ثقف) الشيء: أقام المُعوَجَّ منه وسوَّاه ،وللإنسان: أدبه وهذَّبه وعَلَّمه، و(تثقيف): تعلم وتهذب.

أما (الثقافة): العلوم والمعارف والفنون التي يُطلب العلم بها، والحذق فيها.([3])

      ولوأخذنا بما قاله لنثون R. Linton من "أن الثقافة هي طريقة الحياة التي يمارسها أعضاء مجتمع ما، وأنها مجموعة الأفكار والعادات التي يكتسبونها ويشتركون فيها وتنتقل من جيل إلى جيل " أو أخذنا بما يقوله علماء آخرون من أن الثقافة هي إسلوب التفكير والسلوك المقبول في جماعة ما، والقادر على أن يقدم حلولاً ناجحة وجاهزة للمشكلات التي تثيرها احتياجات الأفراد الذين يعيشون في رهط منظم إذن الفولكلور معادل عام للثقافة التقليدية الدارجة[4]).)

     إن الثقافة صفة إنسانية ومحصلة معرفية واعية، تنتقل من جيل إلى آخر وتجمع بين الأصالة والمعاصرة، ما بين التراث والمأثور، ما بين عراقة الماضي وتقاليده، والبقاء والحياة بين الناس بحيث لا تتعارض المدنية الحديثة، والأخذ مباهج الحياة المعاصرة مع ثقافة الناس.

     وعلم الفولكلور معنى بدراسة الثقافة، ثقافة الكل لا ثقافة الجزء،والدراسة المعرفية لمفردات الثقافة لتساعد على تحديد ملامح "الشخصية أو الهوية" لشعب ما أو أمة ما، والتي تنحصر في اللغة والمأثور الشفاهي والمدون والمعتقد الديني والعادات والتقاليد والأعراف والثقافة المادية والفنون الشعبية وفنون المحاكاة الفنية . ([5])

     أما الثقافة التقليدية كما يراها أحمد رشدي صالح متفقاً مع ريتشارد ماك كيون أنها "مجموعة من العادات يعترف بقبولها في جماعة بشرية، معنية كما يمكن متابعة آثارها في سائر دوائر النشاط الإنساني كالفن والمعرفة العقلية والسياسية...إلخ"

      ولقد تعددت الجهود في تقسيم مكونات الثقافة التقليدية، ولكن التقسيم الأكبر كان قد شقها إلى شق مادي وشق غير مادي، على أساس أن الأشياء المجسدة في هيئة نصب ومعالم ومشخصات تكون مادية، أما المظاهر الأخرى، ذات الطبيعة الذهنية أو الوجدانية فتنعت بغير المادية، أو بالمعنوية أحيانا، أو بالدارجة أحياناً أخرى.([6])

 وهنا نقصد الثقافة التقليدية سواء المادية أو اللامادية التى أنتجها المبدع الأفريقى فى كافة مناحى الحياة لتخرج لنا منظومته التى حملت الشخصية الأفريقية بملامحها التى أدركها الموثق لهذا الموروث الثرى بمجالات الإبداع المختلفة.

4 .التعليم والموروث التقليدي الأفريقي

        أن التعليم هو الحياة في إفريقيا، وعادة ما يتم التعلم عبر قنوات شفافية ومرئية بالملاحظة والمحاكاة والمشاركة وقنوات الاتصال هذه ليست قاصرة على التعليم، بل هي هامة لفاعلية وإستمرارية الحياة اليومية، وهي ذات القنوات التي ينتقل بها الفولكلور، حيث يستمر التعليم التقليدي عبر الجماعات التقليدية، سواء أكانت هذه الجماعة الأسرة الممتدة أو مجموعة عمرية أو عرقية،وهذا مما يجعل الزمن أكثر إلتصاقاً بالفلكلور، ومحتوى هذا التعليم هو المعلومات التي تم تجريدها وتكرست في تقاليد الجماعة أو الجماعات المعنية ويمارس هذا التعلم الأفريقي عبر أجناس الفلكلور، مثل الأساطير والملاحم والحرف وألعاب الأطفال والشعر وكذلك خلال العديد من التقاليد والمؤسسات الاجتماعية .([7])

       في المجتمع الأفريقي، الموتى والأحياء وأولئك الذين لم يولدوا بعد، جميعهم يشكلون منظومة متصلة ذات إستمرارية، وتمثل هذه الاستمرارية محوراً أساسياً في الفكر الأفريقي. فالموتى (الأسلاف) هم حراس المجتمع وتقاليده، إنهم يدعون الأحياء وهم مسئولون عن نجاحهم وإخفاقهم، وهم يؤثرون على أبنائهم (المجتمع الحالي) إلى جانب أحفادهم (الذين ولدوا والذين لم يولد وبعد).

       إن السابقين ونسلهم يناط بهم واجبات ومسئوليات جسام لكل منهما تجاه الآخر... وهذا النظام الدقيق في تبادل الإلتزامات ينتقل من جيل لآخر مثمراً الاستمرارية الثقافية. وبذا يمكن القول إن التعليم التقليدي في إفريقيا، هو تعليم عن (ولأجل) الماضي والحاضر والمستقبل، لأنه يصعب الفصل بينهم بحسب رؤية الأفريقي للعالم. ([8])

     يقول باحث أفريقي، "كان هدف التعليم الاستعماري هو إنتاج أفريقيين يخدمون النظام (الاستعماري) خدمة أكثر إنتاجاً. لقد كانت مناهج الدراسة يحددها الحكام الاستعماريون، وتمثل نسخاً وثيقة الشبه – إن لم تكن مطابقة – للمناهج الدراسية المتبعة في البلاد الاستعمارية، ومن ثم فهي عديمة الصلة باحتياجات القارة الأفريقية. بل إن مرجعاً له وزنه، هو السير غوردون غوجيسبرغ حاكم ساحل الذهب خلال الفترة من 1919 إلى 1927، شهد في عام 1920 بأن "هذا كان من أفدح أخطاء التعليم في الماضي، لأنه كان يعلم الأفريقيين أن يصبحوا أوروبيين بدلاً من أن يظلوا أفارقة. إن هذا بأكمله خطأ تعترف به الحكومة. وسوف يهدف تعليمنا في المستقبل إلى إبقاء الأفريقي على أفريقيته وتوجيه إلى الاهتمام ببلده" .([9])

     وكان أثر هذا التعليم المتميز بالقصور واختلال التوازن وسوء التوجيه على المجتمعات الافريقية عميقاً، بل يكاد أن يكون دائماً. فهو أولاً قد أورث أفريقيا مشكلة ضخمة في مجال الأمية، وثانياً فإن النخبة المتعلمة التي أثمرها هذا النظام كانت في معظمها نخبة تتسم بالاغتراب عن مجتمعها، نخبة تقدس الثقافة والحضارة الأوروبيتين وتنظر من علو نظرة أزدراء إلى الثقافة الأفريقية، ولها أذواق جديدة في المأكل والمشرب والملبس والموسيقى والرقص والألعاب([10])

      وترى الباحثة أن ملف التعليم في أفريقيا هو الملف الرئيسي فى تشتت القارة حتى اليوم وعدم وصولها لمعدلات التنمية التى كانت منتظرة بعد تحرر بلدان القارة ، وكان لسوء إدارة ملف التعليم تأثيراته التى أدت الى كثرة الأيادى التي تتدخل في الشأن الإفريقي، وهنا تأتى أهمية الربط بين الموروث التقليدى والتعليم ،أن الإغتراب الذى عاناه الأفريقى فى وطنه منذ تحرر بلدانه أساسه فصل تعليمه عن موروثه القديم ، وهو الإنفصام الذى بسببه لم يؤثر التعليم في الثقافة ولم ينمى شئ فى حياة الأفارقة اليومية.

5 .الوعي بتراث أفريقيا التقليدي

     لقد صار بعض مثقفي إفريقيا أكثر وعياً بمقومات الثقافة التقليدية من خلال أتصالهم الحميم بالثقافات الأجنبية، فنجد سنغور هو أحد من أحتضنوا ورفعوا لواء الرؤية الإفريقية التقليدية للعالم، على الرغم من أنه يعطينا بعداً وجودياً وفلسفياً في تعريفه لحركة الزنوجة وهي في صميمها دعوة للعودة للجذور الإفريقية أو الجماعية وللفلكلور، يقول سنغور[الزنوجة هي أساساً دفء إنساني موجود في الحياة، ووجود كوني، يمكن القول إنها وجودية متجذرة في أمنا الأرض وتزدهر في شمس الحقيقة، إن وجود هذا العالم هو نتاج تزاوج التراث مع الموضوع، وتزاوج الإنسان مع القوى الكونية، واتصال الإنسان مع الآخرين، وأخيراً مع كل الموجودات بدءاً من أصغر الحجار([11]).

     لقد ارتبطت مشكلة الوعي بالتراث إلى حد كبير بالرؤية للشخصية القومية للأمم. ومن هنا كان الربط بين الهوية والثقافة التقليدية التي حافظت عليها الأجيال كجزء يعكس طريقة الحياة للجماعات الثقافية ويحافظ على الذات في تلك الجماعات .

6 .الهوية الأفريقية وصراع اللغة والدين والعرق

      هناك أكثر من ألف لغة يتم التحدث بها في أفريقيا (وقدرتها منظمة اليونيسكو بألفي لغة) معظمهم لغات من أصل أفريقي، وإن كانت هناك بعض اللغات من أصل أوروبي أو أسيوي..وهناك أربعة عائلات لغوية كبرى يتحدث بها السكان في أفريقيا.([12])

       بعد نهاية فترة الإستعمار، اعتمدت جميع البلدان الأفريقية تقريبًا على لغات رسمية نشأت خارج القارة، على الرغم من ذلك فإن العديد من البلدان منحت الإعتراف القانوني بلغات السكان الأصليين (مثل السواحلية، اليووبية، الإجبو والهوسا). في العديد من البلدان، يتم استخدام الإنجليزية والفرنسية للتواصل في المجال العام، مثل الحكومة والتجارة والتعليم ووسائل الإعلام. وتعتبر اللغات البرتغالية، والأفريقانية والمالاجاشية هي أمثلة أخرى للغات ليست أفريقية الأصل ولكن يستخدمها الملايين من الأفارقة اليوم، في كلا المجالين العام والخاص.([13])

      تعاني الهوية الأفريقية من صراع اللغة والدين والعرق ، رغم أن الثقافة المحلية الأفريقية  تعتمد على الوحدة وقد تجتمع عند التكامل والمصالح المشتركة، كما أن هناك خصوصية في ثقافة أفريقيا نتيجة شدة التنوع ، لكن إختلال برامج التنمية والتي تعتمد إلى حد كبير علي الرؤية الفوفقية، أظهر تفاوتاً واضحاً تجمع في مصلحة تفتت الوحدة الكلية للعمل الموحد فى القارة بشكل عام ، ليظهر هذا فارقاً بين دول الشمال الأفريقي بنسبة ما عن دول وسط و جنوب القارة السمراء، وهو المنظور الذي يدعمه الغرب من خلال تجذير هذا الخلاف والتفاوت.

  وبالنسبة للغة فرغم المزايا التي حققتها اللغة المشتركة التي أشاعها وعززها النظام التعليمي الغربي في القارة، إلا أن هذه اللغة أدت إلى آثار سلبية، مثل الحيلولة دون تطور بعض اللغات المحلية إلى لغات وطنية مشتركة. فلغات الـ "توي" والـ "هوسا" والـ "سواحيلية" ، كان يمكن أن تتطور بسهولة إلى لغات وطنية في ساحل الذهب ونيجيريا والمستعمرات البريطانية الثلاث في شرق أفريقيا على التوالي. والواقع. كما أوضح كابويجيري، أن إداريي الاستعمار في شرق أفريقيا البريطانية قاموا في الثلاثينات والأربعينات بمحاولة لتطوير اللغة السواحيلية كي تصبح اللغة المشتركة في المنطقة، ولكن وزارة المستعمرات ألغت هذه المحاولة متعللة بسبب نورد نصه فيما يلي " إن تطوير لغة مشتركة أمر ضعيف الصلة بالمتطلبات العاجلة، لأنه أمر يتعلق في جوهره بالقيم الباقية، ومن ثم بتغلغل لابد وأن ينتشر باطراد حتى يشمل كل أنحاء البلاد، مهما كانت سرعة هذا الانتشار التدريجي أو بطئه. وإذا طبقنا هذا المعيار، وجدنا أنه لا اللغة السواحيلية ولا لغة الغاندا ولا أي لغة محلية أخرى تتمتع بمزايا تؤهلها لذلك".([14])

 اللغة جزء رئسي من هوية الأمم ، وهي تحمل الكثير من ثقافة الشعوب المنقولة ، وكانت اللغة يوماً ما سبباً في إنقطاع حضارة عن تواصلها بسبب تغير اللغة.

     ومع التقدم العلمى فإن اللغات التى تنتشر عبر الأجهزة الحديثة هي التى ستنتشر في إندثار العديد من اللغات المحلية، و التى تحمل معها موروث غنى مرتبط بطريقة حياة ، ومن هنا لابد من سرعة جمع وتوثيق الموجود من اللغات المحلية العديدة التي قاربت على الإندثار بجانب اللغات الرئيسية الأفريقية .

     أما الدين فلقد إستخدمت أوروبا الدين في إختراق القارة عن طريق رحلات التبشير المسيحية ، في مقابل هذا ظهرت فى الفترة الأخيرة من القرن العشرين العديد من مشاريع الدعم للأقليات المسلمة . ليصبح الدين عاملاً رئيسياً في تجذير مشاكل القارة الإنفصالية ودعم الجماعات المسلحة وأمامنا التجربة الصومالية، و تجربة السودان الإنفصالية وغيرها.

      وترى الباحثة أن الهوية الأفريقية وصراع اللغة والدين والعرق قد يساهم في دعم حلول جزرية للقارة، من خلال التعليم والذى سيصبح بوابة النجاة للقارة للدخول فى تنمية حقيقية والبدء في تجاوز تلك المراحل التنموية الأولية التى تقف عندها القارة.

7 .تنمية الثقافية التقليدية الإفريقية

       التنمية هي عملية تغير مستمر تقوم على الجهود المنظمة والمشتركة بين الحكومة والمواطنين تهدف إلى تحقيق تنمية اقتصادية، واجتماعية وعمرانية ، تعود فائدتها على الفرد بأقصى درجة من الكفاءة لتضمن تحقيق تنمية

         ويرى حامد عمار أن مفهوم تنمية القدرات (مثلاً) يتطلب توفير الحاجات اللازمة لإشباعها وهي احتياجات النمو البدني والمعرفي والثقافي والاجتماعي والنفسي والروحي والمعنوي وكلها أساسية.والتحدي الجوهري الذي يواجه صناعة السياسة هو إحداث تنمية تنهض على الموارد المحلية وعلى عناصر الثقافة التقليدية، وأن التقنية التقليدية توفر دعماً وخطوة إيجابية في ذلك الاتجاه. فالتحدي هو تطوير التقنية التقليدية وليس الاستعانة عنها بنظام مستورد وجاهز الصنع. ([15])

         أن التنمية يجب أن تتلاءم مع المعرفة التقليدية وطرق الإنتاج السائدة حتى يمكنها تلبية إحتياجات المجتمع المستهدف، فالتنمية تبدأ بالبشر وإمكاناتهم المتاحة، وبكل ما يحفزهم ويجعلهم مبادرين وكل ما ينظم حركة آدائهم وإسهامهم في المجتمع، وبدون ذلك فإن كل الموارد تظل كامنة وغير مستغلة، فالتنمية عملية تراكمية ومستمرة ولها قوة إنتاج تنمو عبر تحكم إجتماعي يشتمل على كلية من المتغيرات التي تمهد الطريق لإبداع آليات محلية تقود للتقدم الاجتماعي. وبهذا فإن التراث الشعبي المادي، منه وغير المادي للمجموعات المستهدفة بالتنمية، لابد أن يحترم ويستفاد منه كوسيلة تضيف البعد الثقافية والاجتماعي الذي يضمن نجاح إنقاذ المشروعات التنموية. ([16])

        وللأسف التقليدية في أفريقيا مرادفا للفقر في المناطق الريفية وزراعة الكفاف. وترتبط الثقافة الحضرية في أفريقيا الآن بالقيم الغربية، وهذا الأمر يعد مناهضًا للثقافة الأفريقية التقليدية الموروثة، والتي تعد غنية ويٌطمح إليها، حتى من جانب المعايير الغربية الحديثة. وقد حصلت بعض المدن الأفريقية مثل لوانجو، ومبانزا الكونغو، وتمبكتو، وطيبة، ومروي ذات مرة على مركز أكثر مدن العالم ثراءً من حيث التراث الثقافي والمراكز الصناعية ومن حيث النظافة التنظيم، ومن حيث كونها مليئة بالجامعات والمكتبات والمعابد. ([17])

      وترى الباحثة أن تنمية الثقافة التقليدية لابد أن تركن على دراسة تلك الثقافة ليس من مدخل الغرب ، والتى حملت تحليلاته ما يخدم أهدافه التوسعية و الاستعمارية، بل الدراسة هنا لإخراج إيجابيات تلك الثقافة التقليدية التي حافظت على خصوصيتها فى أرضها وفي قلوب أبناءها المهاجرين، لذا لابد من جمعها ودراسة المداخل التى يمكن إستثمارها لرفع قدرات المواطن الأفريقى والدفع بملامح تركن عليها الشخصية المحلية في القارة السمراء.

     أن هناك تمايز طبقي دولي بمعنى أن دول الشمال لا تنشد لأهل الجنوب إلا تحقيق تنمية من الدرجة الثانية، تقتصر على توفير حزمة محدودة من السلع والخدمات، للوفاء بالحد الأدنى من الحاجات الأساسية.([18])

       أن هناك أهمية فى التعامل مع التنمية الأفريقية بمدخل جديد يخدم الرؤية المحلية الأفريقية لملف التنمية حيث أن الإستفادة من الموروث التقليدى سواء في سبل نقل المعلومة أو تأهيل الأفراد لعمل ما سيضيف لخصوصية التعليم المحلي، ولكن هناك معوقات كثيرة عانت منها تجارب التنمية فى القارة، وقد تعددت ولكنها تركزت في التالي ذكره .

8.أسباب تعثر برامج التنمية الأفريقية

و تتركز المشاكل في التالي:     

1.    إنتشار الأسلحة حيث تعد أفريقيا السوق الرائجة له فى العالم.

2.    سوء الطرق وتدني وسائل النقل فى الدول الافريقية وبين الدول الإفريقية بعضها البعض .

3.    سوء أوضاع المرأة في أفريقيا .

4.    عدم توظيف الايجابي من الموروث التقليدي في خدمة قضايا المجتمع.

5.    الصراعات العرقية وعدم الإستقرار السياسي للعديد من الدول الإفريقية.

6.    إنتشار الأمراض وسوء إدارة ملف الرعاية الصحية للمواطن الأفريقي.

 

 

9 .آليات تنمية الموروث التقليدي في أفريقيا

        لقد أشار رشدي صالح إلى إمكانية توظيف الموروث التقليدي في التنمية من خلال إشارته لتجارب استخدام هيئة [الوالدية] في لندن في بداية حقبة السبعنيات من القرن العشرين في برامج (الثقافة السكانية والأسرة) حيث تم دعمها بنماذج من الصناعات اليدوية الدقيقة أو استخدام فن العرائس التقليدية [القرة قوز]، وهي كالتي أنتجت لأغراض التنمية في الهند، وأتخذت موادها من التراث الشعبي، وأنتجت بمعاونة برامج الأمم المتحدة للتنمية UNDP واليونيسيف، وقد أنتج على أساس موروث البلدان الأسيوية والأفريقية بمعاونةاليونسكو. ([19])

وآاليات التنمية تتركز في الاعتماد على:

أولاً :المجتمع المدني .

ثانياً :الجامعات والمراكز البحثية .

     أن المجتمع المدني والجامعات والمراكز البحثية يمكنها أن تلعب دور رئيسي في تجميع رؤية تجذر للهوية الأفريقية بين أبناء القارة الواحدة. فلتلك الجهات حريات فى العمل العام لا تتأثر فيها بالظروف السياسية ولا تنحاز لقضية ما ، وتملك من الموضوعية ما يجعلها ذات مصداقية فى التعامل مع الحكومات الرسمية ومع الجماهير.

      لقد كان تفسير الظواهر المختلفة، كالموت والمطر والمرض، مرتبط بتفسيرات طبيعية ولكنه حلن إرتبط فى التعليم بتفسيرات علمية حديثة كان يمثل ضربة شديدة وجهت إلى جذور العقائد والأفكار والمحرمات الدينية الأفريقية، فاهتزت لذلك أسس المجتمعات الأفريقية، الأمر الذي جر وراءه إحساساً بعدم الأمن والإحباط . وكثيراً ما زاد من حدة هذا الشعور بالإحباط وعدم الأمن سلسلة من الأزمات الاقتصادية التي طرأت، وخاصة في العشرينات والثلاثينات من القرن العشرين وبعد الحرب العالمية الثانية، ونتج عنها في المدن بصفة خاصة ارتفاع معدلات الجريمة والطلاق وا

المصدر: د. إيمان مهران،12. إشكالية تنمية الثقافة التقليدية الأفريقية ، المؤتمر الدولي، والذي أقيم تحت عنوان"التراث الحضاري بين تحديات الماضي وآفاق المستقبل" جامعة المنيا _كلية الآداب،من"24: 26" نوفمبر 2013 .
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 401 مشاهدة
نشرت فى 9 يناير 2015 بواسطة imanmahran

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

66,491

د.إيمان مهران

imanmahran
فنانة تشكيلية وكاتبة »