<!--
<!--<!--<!--
خلفية
عانت أفريقيا من لاستعمار لقرون، كما عانت من إستغلال مواردها الطبيعية و البشرية. فقد كانت تلك القارة المصدر الرئيسي لجلب العمالة للقارات الأمريكية ، لنجد أن الأفريقي ظل بعيداً عن مقومات المدنية بمفهومها الحديث حتى قيام حركات التحرر التي إنطلقت متتالية في منتصف القرن العشرون.
لكن قدرات الأفريقي وثقافته المرتبطة بالفنون والتي تُعد طرازاً فريداً في النمو الإنساني ، مَّكنته من سرعة الصعود والتنامي على الساحة الدولية.
ويتمتع الأفريقي بإخلاص وصدق وتعبيرية عالية جعلته يعتلي العديد من المناصب الرفيعة في العالم .واليوم رغم تطور الأفارقة الموجودين خارج القارة إلا أن أفريقيا عامة ما زالت تحتاج للكثير حيث أن هناك:
- تفاوتًا كبيرًا في مستويات التنمية بين دول القارة.
- إنتشار الأسلحة والذي يزيد من ملامح العنف داخل القارة.
- تنامي المشاكل العرقية بين بعض الدول.
- الصراع الطبقي وإتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء لعدم تحقق مبدأ العدالة الإجتماعية .
في ظل ذلك يبدو دور المؤسسات الرسمية متراجعاً نسبياً في العديد من القضايا على رأسها ملف (الشباب الأفريقي) الذي لا يجد رؤية تجمعه داخل القارة، لنجدهم وراء تنامي الهجرة من القارة عبر البحر المتوسط أو عبر صحراء سيناء ، هاربين من الصراعات العرقية وإهمال متطلباته في توفير حياة كريمة، وفي ضوء تراجع نسبي في برامج التعليم بما يواكب سوق العمل المحلي للقارة.
سوق العمل الذي جعل القارة مصدراً للخامة فقط دون إستثمار، كما فتحها سوقاً إستهلاكياً للهند والصين وغيرها دون فائدة تعود على المواطن الأفريقي.
ليبرز لنا دور جديد قد تنجح فيه مؤسسات المجتمع المدني، حيث تتيح القوانين صلاحيات عديدة لتلك المنظمات، والتي قد تملك رؤية أكثر مرونة في التعامل مع القضايا الملحة في المجتمعات المحلية.
وهنا نبحث وراء المجتمع المدني الأفريقي عن دور في تأصيل التواصل الحضاري لدى الشباب الأفريقي.
مشكلة البحث:
تتركز مشكلة البحث في:
1. ماهية مؤسسات المجتمع المدني؟
2. أُطر التواصل الحضاري وآلياته؟
3. الشباب الأفريقي وإشكالية التواصل ؟
4. إمكانات التأصيل بين الشباب الأفريقي لرؤية مشتركة في التعاون الأفريقي و شراكة المجتمع المدني؟
أهمية البحث:
ترجع أهمية البحث إلى :
1. عدم وجود رؤية إستراتيجية لتعاون الشباب الأفريقي .
2. عدم وجود قواعد بيانات أوآلية مشتركة للعمل المجتمعي في ملف التعاون الأهلي الأفريقي.
3. ندرة الأبحاث التي تتطرق إلي تفعيل المجتمع المدني الأفريقي كسلطة موازية لدور المؤسسات الرسمية.
أهداف البحث:
ترجع اهداف البحث إلي:
1. إحياء دور مصر الثقافي في افريقيا مع فئة الشباب الأكثر فاعلية،والأكثر إرتباطاً بقضاياه المحلية.
2. إعادة الرؤية للدور المعنية به المؤسسات الأهلية مع المجتمعات الأخرى.
3. وضع رؤية أولية للتعامل الفعال مع المجتمع المدني الأفريقي، بهدف خدمة الشباب الأفريقي وترسيخ التواصل الأفريقي بين شباب القارة بعضهم البعض.
حدود البحث:
يلتزم البحث بالحدود الزمنية الآنية، كما يلتزم بالشباب الأفريقي الموجود داخل القارة وخارجها.
ماهية منظمات المجتمع المدني ؟
تُعد المنظمات والجمعيات والمؤسسات المدنية هي المراكز التي تعمل لخدمة المجتمع وهي تمثل المجتمع ذاته، ولها مصداقية تعكس قوة تداخلها وقدرتها على تفعيل العديد من القوانين الذي قد تعجز المؤسسة الرسمية علي تفعيلها ، ويمكنها أن تُحدث نقلة نوعية في العمل الإجتماعي ، قد لا تستطيعه المؤسسات الرسمية.
وهنا نقصد بالمجتمع المدني في أفريقيا المؤسسات والجمعيات والمراكز التي تهتم بالمجتمع ، وتلتزم بتقديم المساعدات المختلفة وبرامج التأهيل لسوق العمل ، وقد توفر خدمات مختلفة للتعاون والتواصل خاصة لفئة الشباب، وهو ما يعنينا في هذا البحث.
وحتى يصبح هناك دور لمنظمات المجتمع المدني في تشكيل الوعي وتذليل الكثير من العقبات أمام أُطر التعاون من خلال عقد الإتفاقيات والبروتوكولات، يجب تغييربعض القوانيين لتمنح المزيد من الصلاحيات والمميزات التي تجعل للمؤسسات دور أكثر فاعلية .
الجمعيات الأهلية في مصر |
عرفت مصر العمل التطوعي منذ تاريخ طويل، وتضم شبكة الجمعيات الأهلية في مصر أكثر من 16.800 ألف جمعية تمارس أنشطة متباينة في التعليم والثقافة والأعمال الخيرية والخدمية وغيرها من مناحي الحياة، وتضم نحو 3 ملايين عضواً تعمل في مختلف المجالات الاجتماعية. وتعود بدايات ظهور المنظمات الأهلية في مصر إلى القرن التاسع عشر، حيث نشأت أول جمعية أهلية في مصر عام 1821 باسم الجمعية اليونانية بالإسكندرية. وبعدها توالي تأسيس الجمعيات. فهناك جمعيات ذات طابع ثقافي مثل (جمعية مصر) للبحث في تاريخ الحضارة المصرية(عام 1859)، وجمعية المعارف(عام 1868)، الجمعية الجغرافية(عام 1875)، وهناك جمعيات ذات طابع ديني مثل (الجمعية الخيرية الإسلامية) (عام 1878 )، جمعية (المساعي الخيرية القبطية) (عام 1881)، وزاد عدد الجمعيات مع اعتراف دستور 1923 في مادته رقم (30) بحق المصريين في التجمع وتكوين جمعيات، ثم قامت مصر باتخاذ خطوات لإصلاح الإطار التشريعي والمؤسسي المنظم لحركة الجمعيات والمؤسسات الأهلية وذلك بإصدار القانون رقم 84 لسنة 2002 ولائحته التنفيذية ، واليوم هناك مسئوليات أساسية أمام العمل الأهلي والتطوعي في مصر من خلال عدة مجالات حيوية بالنسبة للمستقبل مصر ضمنها: الصداقة بين جمهورية مصر العربية والشعوب الصديقة . (1) وترى الكاتبة أن القوانين ما زالت تحتاج للكثير من المرونة الإدارية والتي قد تساهم في الدفع بالعمل الأهلي، فكل تلك الجمعيات لا تعمل على الأرض، وجانب كبير منها يعتمد على منح الصدقات والهبات المرتبطة بالفقر، والنادر منها يعتمد على تفعيل العمل الثقافي والعمل المرتبط بالحراك النوعي للشباب لظروف عديدة أغلبها سياسية. لكن هناك تجارب لدينا كتجربة المركز العربي الأفريقي ، وهو مكون من مجموعة أعضاء الجمعية الأفريقية القدامى، و التي أقالهم الرئيس السادات ليكونوا تجمع ثقافي في كيان جديد داخل إطار رسمي لكنه لا يخضع لوزارة التضامن الاجتماعي،بل تم تشهيره كشركة، وهي تتعاون مع الأفارقة في محاولة لسد الفراغ الرسمي الذي أوجدته الساحة السياسية المصرية لسنوات منذ عهد الرئيس السادات وحتى قيام ثورة يناير 2011 . وهنا لابد من الاشارة للمجهود الكبير الذي يبذله هؤلاء الكبار محبي أفريقيا الأفراد، سواء أعضاء المركز العربي الأفريقي أو المجهودات الفردية للكتاب والفنانين المهمومين بالقارة ومشاكلها، في دولة عانى نظامها من تراجع في التعامل مع الملف الأفريقي بعد وفاة الزعيم عبد الناصر. |
التواصل وآلياته في عالم متغير؟
التواصل هو الفعل الذي يحقق أقصى درجات الاستثمار لكافة إمكانيات الإلقاء والتلقي باستخدام الوسائل والوسائط التي تناسب الحال في بعديه الزماني والمكاني.
وهو يتضمن العناصر التالية:
1. الفعل:
فالتواصل الفعال فعل يقوم به الكائن البشري وليس فطرة جبل عليها. أي أن الإنسان لا يمارس التواصل الفعال بطبعه، بل من خلال الفعل القائم على الجد والأخذ بالأسباب والتوظيف الأمثل للمعارف والمهارات والطاقات (البدنية والنفسية).
2. التوازن :
يقوم التواصل الفعال على مبدأ التوازن بين الإلقاء والتلقي من حيث استثمار إمكانيات الطرفين وتوفير شروطهما اللازمة التي تكفل عدم الإضرار بأحدهما لصالح الآخر.
3. الإستخدام :
يقوم التواصل الفعال على الاستخدام الأمثل لكافة أشكال التواصل الذاتي والبين شخصي والجماهيري، التقليدي منها والجديد؛ وتوظيف كافة وسائط تقديم الرسالة التواصلية من نصوص، وصور ثابتة أو متحركة، وأصوات، وألوان، في شكل منفرد أو متعدد وصولا بالفاعلية إلى أقصى مدى ممكن. يستنهض التواصل الفعال كل الإمكانات التي تسهل العملية التواصلية، فيأخذ من كل وسيلة تواصلية وكل وسيط أفضل ما يمكن أن يجود به.
4. الموائمة:
لا تتحقق فعالية التواصل بمجرد التطرق لمجموعة من العناصر المكونة للعملية التواصلية، بل لابد من مواءمة هذه العناصر لمقتضى الحال في بعديه الزماني والمكاني. وتتحقق هذه المواءمة عند النظر إلى الحال كبعد زمكاني واحد لا يتجزأ. (2)
وهنا نتحدث عن الأفارقة الشباب وإشكالية التواصل بينهم . فقد تقاعست الحكومات عن تذويب المشاكل المتعلقة بالتواصل في القارة ، حيث تعاني الطرق والأمن المتدهور في العديد من المناطق من تدهور، وهو ما أدى إلى إتساع الفجوة بين الدول الأفريقية بعضها البعض ، وأيضاً لم تلعب العديد من المؤسسات الهامة كالكوديسريا دوراً في التعريف بدورها وسط النشئ من العلماء والجامعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني.
ماهية الشباب الأفريقي؟
الشباب في المعجم اللغوي هو جمع مذكر ومؤنث معاً، وتعني الفتاء والحداثة، ويطلق لفظ شبان، وشبيبة، كجمع لمذكر مفرد شاب، ويطلق لفظ شابات، وشائب، وشواب، كجمع مؤنث على مفرد شابة، وأصل كلمة شباب هو شب بمعنى صار فتياً، أي )من أدرك سن البلوغ ولم يصل إلى سن الرجولة. (3)
والشباب هو الكتلة الحرجة التي تحمل أهم فرص نماء المجتمع وصناعة مستقبله .(4)
وهنا نتحدث عن الشباب الأفريقي وهو يتصدر بأعداده التي تتعدى نصف سكان القارة، لكنه يعاني من تهميش بات واضحاً من خلال:
1. عدم توليه المناصب والمسئوليات حتى لو لديه التعليم الكافي.
2. تهميشه من التعامل مع الأجيال الأكثر خبرة، حتى بات لا يملك رؤيته ولا يتعدى الأُطر التي وضعت له .
واليوم أين الشباب الأفريقي من قضايا قارته؟
الشباب الأفريقي و قضايا القارة
تتعدد قضايا القارة الأفريقية وتتركز مشاكلها في:
1. إنتشار الأسلحة والمخدرات حيث تعد أفريقيا السوق الرائجة لهم فى العالم.
2. سوء الطرق وتدني وسائل النقل فى الدول الافريقية وبين الدول الإفريقية بعضها البعض.
3. سوء أوضاع المرأة في أفريقيا وعدم وجود تشريعات كافية تحمي الأسرة .
4. عدم توظيف الايجابي من الموروث التقليدي في خدمة قضايا المجتمع.
5. الصراعات العرقية وعدم الإستقرار السياسي للعديد من الدول الإفريقية.
6. إنتشار الأمراض وسوء إدارة ملف الرعاية الصحية للمواطن الأفريقي.(5)
إن المخدرات والسلاح وإرتفاع سن الزواج والأمية، وعدم وجود فرص عمل وغيرها من القضايا الملحة التي تؤذي شباب القارة أدت إلى وقوع العديد من دول القارة في :
1. ظهور حركات شبابية إسلامية كالموجودة في الصومال.
2. إرتفاع حوادث الإغتصاب والتحرش وظهور حركات مناهضة للمرأة
3. الهجرة التي باتت حلم الشباب الأفريقي، لنجد مهاجراً من القارة كالرئيس الحالي للولايات المتحدة يحتل منصبه بعد الهجرة في فترة أقل من عشرون عاماً ، ليصبح نموذجاً لعديدون.
وهنا لابد من التساؤل هل هناك آليات للتواصل بين الشباب الأفريقي؟
آليات التواصل بين الشباب الأفريقي
عانت القارة من ظروف عديدة على رأسها التهجير للعمل خارج القارة ، وهو ما جعل للقارة الأفريقية أبناء ينتشرون اليوم في العديد من الدول الاستعمارية القديمة كفرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة وغيرها، لتصبح جملة الشباب الأفريقي أكثر إتساعاً من حدود القارة التي يسكنها الأفارقة، لكن علينا أن نعيد القراءة لبعض المنظمات الموجودة في إطار العمل المشترك.
المنظمات المعنية بالوحدة الأفريقية
أولاً: الاتحاد الافريقي
تعددت محاولات التجمع والوحدة بين الدول الافريقية على خلفية الدعوات المتكررة لإقامة اتحاد افريقي، وهي الفكرة التي أطلقها قادة أفارقة كبار مثل نكروما وجمال عبدالناصر وموديبوكيتا وغيرهم.
لتتأسس أولاً منظمة الوحدة الأفريقية في 25 مايو 1963 في أديس أبابا عاصمة اثيوبيا، بموجب توقيع رؤساء ثلاثين دولة إفريقية مستقلة على ميثاق المنظمة(ما عدا المغرب الذي لم يشارك في مؤتمر توقيع ميثاق منظمة الوحدة الافريقية في 1963)، وقد تم الاتفاق على أن تكون عضوية هذه المنظمة مفتوحة للدول الإفريقية المستقلة ذات السيادة، بما في ذلك الجزر الإفريقية، شريطة أن تؤمن هذه الدول بمبادئ المنظمة المتمثلة في سياسة عدم الانحياز وعدم ممارسة التفرقة العنصرية. وقد انضمت لاحقا 21 دولة للمنظمة، كان آخرها دولة جنوب أفريقيا عام 1994، لتصبح بذلك العضو الثالث والخمسين في منظمة الوحدة الأفريقية.
وقد كان ضمن أهداف منظمة الوحدة الأفريقية :تعزيز الوحدة والتضامن بين الدول الأفريقية، تنسيق التعاون وتعزيزه بين دول القارة وكذا جهودها في تحقيق حياة أفضل لشعوبها، تشجيع التعاون الدولي. (6)
في 26 مايو 2001 ولد الاتحاد الأفريقي كوريث لمنظمة الوحدة الأفريقية وهو هيكل مؤسسي افريقي قاري يتميز بالشمولية والمرونة ويضم آليات قارية أكثر استجابة للتعاطي مع تحديات القرن الحادي والعشرين، وتوفر إطارا شاملا لعرض رؤية فاعلة للنهضة الأفريقية الجديدة. وتعد مدينة أديس أبابا، عاصمة جمهورية أثيوبيا، هي المقر الرسمي للاتحاد الافريقي. (7 )
وكان للجمهورية الليبية الفضل الكبير في دعم فكرة الوحدة الأفريقية حتى أن حلم وحدة العملة وإنشاء خط طيران مشترك وغيرها من السبل التي باتت غير مستحيلة بعد تجربة الإتحاد الأوروبي.
ثانياً: الجامعة الأفريقية
توجد في دولة السودان الجامعة الأفريقية العالمية التي يلتحق بها العديد من الأفارقة ، وهنا لابد من ملاحظة أن مصر بكل ما بها من جامعات دولية كالألمانية والفرنسية والكندية، لا توجد بها جامعة أفريقية.
لقد دخلت 10 جامعات مصرية ضمن أفضل 50 جامعة على مستوى جامعات قارة أفريقيا، وذلك ضمن التصنيف الإسباني «ويبوميتركس» في تقرير يوليو 2013 لأفضل 12 ألف جامعة على مستوى العالم، الذي يعتمد في تصنيفه على «الموقع الإلكتروني» للجامعات، خاصة حجم محتويات ويب (عدد صفحات الإنترنت والملفات) والرؤية، وأثر هذه المنشورات على شبكة الإنترنت وفقا لعدد من المواقع الخارجية يتم تحليلها وفقا لمجموعة أبحاث من المجلس الوطني للبحوث الإسبانية بمدريد. (8)
كما تتعاون الجامعات العربية الموجودة بالقارة مع كافة الجامعات العالمية من خلال البعثات والتبادل العلمي .ورغم وجود هذا التعاون بين الجامعات الافريقية والمجتمع المدني الخارجي إلا أن هناك إخفاق كبير في التعاون بين الجامعات الأفريقية بعضها البعض ، وأيضاً مع مؤسسات مجتمع أفريقيا المدني، لنجد تعاون الشمال الأفريقي مع الحوض المتوسطي أعمق وأكثر تأثيراً من تعاونه مع جنوب القارة، والجنوب الأفريقي وتعاونه مع الجانب الأوروبي والهند والصين أكثر إيجابية عن تعامله مع المتوسط العربي. مما يثير سؤال: ما هي علاقة الشمال الأفريقي بجنوبه، وكيف أثر وجود العرب على القارة وتجانسها النوعي؟ وهل لمصر دور مختلف ؟
مصر وتواصل أفريقيا مع العالم
يقع ثلثي الدول العربية في شمال القارة الإفريقية (وهي تمثل 72% من مساحة الوطن العربي)، كما أن مساحة الدول العربية الإفريقية تمثل ما يزيد عن 39% من مساحة القارة الإفريقية وتمثل أيضا حوالي نصف أعضاء جامعة الدول العربية (عشرة دول من بين 22 دولة)، لذا آمنت ثورة يوليو بمطلب "التحرر من الاستعمار" في أفريقيا ، وهو ما جاء على رأس أولويات الأهداف لثورة يوليو وعلى نفس النحو الذي أقره جمال عبدالناصر زعيم تلك الثورة كأسبقية أولى لأهداف الثورة بالنسبة لمصر. (9)
أن مصر كانت ولا تزال البوتقة الأفريقية التي تفتح الطريق أمام أفريقيا لتصبح أكثر إتساقاًُ مع الحداثة ، وهي هنا تزيل الكثير من المعوقات أما التعاون العربي الأفريقي، والذي كثيراً ما كان يمر بمراحل غير متسقة.هذا الدور العبقري التي وهبته لها الطبيعة، فهي تمثل همزة وصل متوسطية أفريقية آسيوية ، بدماء أفريقيا القارة الأم، ترسخ للإسلام الوسطي في القارة، وتحافظ على الهوية الأفريقية. لتجد الحل المصري المتسق مع عروبتها..المعادلة السحرية التي أوجدتها الحضارات المتعاقبة على مصر.
الجمعية الأفريقية (البيت الأفريقي) في القاهرة
بدأت فكرة الجمعية الأفريقية في أذهان مجموعة من المثقفين المصريين الذين كانوا يلتقون بشكل منتظم في منزل الدبلوماسي المصري "محمد عبدالعزيز اسحق" (والكائن في الفيلا رقم 5 شارع أحمد حشمت بالزمالك) تربط بينهم القناعة الأكيدة بأهمية توعية المجتمع المصري بضرورة مساندة أفكار التحرر السياسي في إفريقيا ثم في مرحلة لاحقة أهمية دعم حركات التحرر الإفريقية على امتداد القارة والتي مثلت ثورة يوليو بالنسبة لها مثلا أعلى يحتذى وقمة عالية من قمم الوطنية والشموخ. كانت الغرف بالمبنى تستخدم مقراً للحملات الإعلامية والتواصل مع صناع القرار والمثقفين في مصر، ليصبح مبنى الزمالك هو مكتب لإدارة حملة التحرير للدول الأفريقية المستعمرة. (10)
واليوم ننادي بتحويل (بيت أفريقيا بالقاهرة) لمتحف نوعي لدعم التواصل بين مصر والشعوب الأفريقية، وهو جمعية أهلية من شأنها أن تكون نواة لتجمع إقليمي للجمعيات الأفريقية ولنؤسس (إتحاد الجمعيات الأهلية الأفريقية).
المجتمع المدني و الوعي بين الشباب
يلعب المجتمع المدني دوراً كبيراً في نشر الوعي بين الشباب ،فأغلب الشباب ينحى مناحي مختلفة بعيداً عن الانتظام في التعليم،فالفقر والإنخراط في سوق العمل، لذا كان أهمية إعداد كوادر من المتعلمين من خلال الجامعات وتعاونها مع المجتمع المحلي والوزارات المعنية.
أن المجتمع المدني والجامعات والمراكز البحثية يمكنها أن تلعب دور رئيسي في تجميع رؤية تجذر للهوية الأفريقية بين أبناء القارة الواحدة. فلتلك الجهات حريات فى العمل العام لا تتأثر فيها بالظروف السياسية ولا تنحاز لقضية ما ، وتملك من الموضوعية ما يجعلها ذات مصداقية فى التعامل مع الحكومات الرسمية ومع الجماهير.
التعاون الإفريقى
هناك أهمية في التنسيق في العمل الأفريقي المشترك ، فلابد من إجراءات لتوحيد منهج العمل الأفريقي وتتركز تلك الإجراءات في:
1- توحيد المفاهيم حول الهوية الأفريقية في مناهج التعليم الأفريقي خاصة في مرحلة التعليم الإلزامي لرفع الوعى بالذات الأفريقية .
2- الاهتمام بالربط بين الأكاديميين الأفارقة بهدف التعاون .
3- الإعتماد على الثقافة الأفريقية كرافداً رئيسياً لتنمية القارة .
هناك معوقات للتعاون المجتمعي في القارة
1. عدم وجود قاعدة بيانات للجمعيات الأهلية الأفريقية المعنية بالشباب.
2. عدم وجود إتفاقات تسهل حركة الشباب الأفريقي داخل قارته.
3. الفروق الإجتماعية والإقتصادية أوجدت حاجزاً نفسياً بين شباب القارة.
4. الوضع الأمنى المتدهور لا يسمح بالحركة والتنقل للشباب الأفريقي بين دول القارة .
5. الأمية وبرامج التعليم المتراجعة عن المنظومة العالمية، لا تساهم في الدفع بحراك الوعي والمعرفة لدي شباب القارة .
آليات تفعيل التعاون المجتمعي بين شباب القارة
أولاً : برامج تنمية الوعي الأفريقي
افتتح في مصر وبالتعاون بين وزارة الشباب والرياضة ومعهد الدراسات والبحوث الأفريقية(السبت 8 نوفمبر ٢٠١٤) برنامج «تنمية الوعي الأفريقي لدى طلاب الجامعات المصرية»، الذي تنظمه رابطة التواصل الأفريقي بمعهد الدراسات والبحوث الأفريقية، وإدارة الجامعات بالإدارة المركزية للبرامج الثقافية والتطوعية ومكتب الشباب الأفريقي بوزارة الشباب والرياضة، ليقيم فاعلياته في كل سبت من كل أسبوع خلال الفترة من(8 نوفمبر: 13 ديسمبر 2014) بمقر معهد الدراسات والبحوث اأفريقية بجامعة القاهرة .(12)
تلك خطوة جيدة لكنها في بحر رمال الجامعات المصرية التي تعدت الستون، فالجامعات المصرية يمكنها فعل الكثير ليس مع الافارقة الوافدين للدراسة بل مع الجامعات الافريقية من خلال المعسكرات والتبادل الطلابي والوحدات ذات الطابع الخاص التي توجه العمل الأفريقي، حيث يتطلع الأفارقة لدور مصر الفاعل على الساحة الدولية.
ثانياً: الرحلات الأفريقية والسياحة الداخلية بالقارة:
مازالت تعاني الخطوط البرية وخطوط الطيران من مشاكل كثيرة، لذا كان هناك اهمية في التواصل من خلال تيسير الحراك بين أنحاء القارة.
وهناك إمكانية في تسهيل رحلات السفاري بين بعض المناطق ، كما أن هناك دول تستطيع تزليل الكثير من العقبات بخبراتها كمصر والمغرب والجزائر وجنوب أفريقيا وبعض الدول الأوفر حظاً في الطرق وسهولة تنظيم الرحلات.
ثالثاً: الوزارات الحكومية التي تلعب دور رئيسي في التعاون الأفريقي:
تُعد وزارة الشباب ووزارة الرياضة من أهم الوزارات المعنية بالشباب، لكن يجئ التعليم ببرامجه ومناهج التاريخ والعلوم المختلفة نستطيع الربط بين أبناء القارة بترسيخ مفاهيم الانتماء لجغرافيا القارة وتاريخها،ثم يجئ دور وزارتي الثقافة والإعلام وهما المعنيتين بالانتشار والمعرفة في زمن أصبحت فيه آليات التنمية بين يد المالتميديا.
وترى الكاتبة أن هناك تعثر في تلك الوزارات مع جيل الشباب حيث:
1. تراجع برامج التعليم عن بُعد رغم ما تعانيه القارة من تردي في برامج التعليم الحديثة.
2. تراجع التواصل بين الدول الافريقية ثقافياً نتيجة لعدم وجود برامج لتكامل تلك الثقافات تُدار من خلالها آلية موحدة.
3. تردي الاتصالات في القارة عن مثيلاتها ، مما يُعثر أُطر تطوير التعامل مع المالتميديا.
4. هناك تعامل سطحي مع الرياضة الأفريقية لا يعتمد على إنه حق من حقوق الانسان بل فقط لدعم الفرق الكبيرة المنافسة ، دون الإهتمام بحق كل الشباب في ممارسة الرياضة.
نتائج الدراسة
توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:
1. أهمية وجود تعاون بين منظمات المجتمع المدني الافريقي، من خلال المؤسسات والجمعيات الأهلية.
2. التعليم وبرامجه والإعلام ورؤيته كمحور للعمل مع شباب القارة.