اعتمدت النوبة في فنونها على الدفوف والإيقاعات، والآلة الموسيقية الوحيدة التي اتخذها النوبيون هي آلة (الطنبور)، أو (الكسر) حسب المنطوق النوبي، وقد عرفت هذه الآلة في النوبة منذ عهد بعيد قد يمتد إلى آلاف السنين، وهي تصنع من أدوات من البيئة مع إضافة نوع معين من السلك المعدني الصلب كأوتار، وهي تعتمد على السلم الخماسي الذي يميز الموسيقى النوبية عن مثيلاتها في شمال وادي النيل.
وبالرغم من جمال الموسيقى الذي ينبعث من هذه الآلة وتعدد مدلولاتها في حالتي الشجن أو النشوة، إلا أنها لم تكن مستخدمة في حفلات الرقص في الأفراح أو المناسبات المختلفة إلا في مناطق محددة بالنوبة مثل منطقة (المحس ودنقلا) في شمال السودان، أما مناطق النوبة عند الكنوز والفاديجا والعرب، فإنها كانت وسيلة رئيسية في جلسات السمر والحفلات التي لا تصاحبها الرقص، كما كانت تمثل الصاحب والصديق للفنان في حال سفره أو ارتحاله أو انفراده بنفسه، ولم يكن استخدام الطنبور حكرا على الفنانين فقط، فقد كانت تعد من الهوايات المشهورة عند النوبيين يصبون بها ومن خلالها أشجانهم ووجدانياتهم وأحيانا روحانياتهم، حيث استخدمها بعض المتصوفين مصاحبة لقصائد المديح، وكانت هذه الآلة أيضا من أدوات المزارع الذي يجلس على مقود الساقية يترنم بها ويسلي نفسه بالعزف عليها حتى لا يصيبه الملل من طول الجلوس على المقود، ويقال إن كثيرا من الأغاني التراثية ولدت متأثرة بألحان الطنبور.
وتصنيع الطنبور كان يتم بتجهيز نصف كرة من القرع الزجاجي ويشد عليه جلد الغنم بعد تثبيت عمودين مثبت عليهما ضلع ثالث على هيئة مثلث، ثم يتم شد الأوتار من الضلع الثالث إلى رأس المثلث المثبت تحت الجلد، وقد يستبدل القرع الزجاجي بطبق كبير من الصاج، ويتم تزيين أضلع المثلث بلفائف من الخيوط أو الأقمشة الملونة، مع إضافة بعض الرسوم على سطح الجلد المشدود.