الغفلة عن ذكر الله باب الدخول إلى عالم الأهواء
حافظ على قلوب المتقين من حولك فبهم يرحمنا الله.. فهم لله وإليه راجعون.
قال الله تبارك وتعالى:
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا
[ الكهف 28 ]
يقول الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله في كتابه قوة التفكير:
إذا أردت أن تغير واقعا تعتبره سلبيا ويؤثر عليك سلبيا يجب عليك أولا أن تغير الفكرة التى سببت لك هذا الواقع السلبي.
(( أي علاقة إنسانية تقوم بين اثنين يكون أساسها الإلتقاء حول نقطة معينة أو هدف معين فمثلا أثناء رحلة طويلة بالقطار أو الطائرة قد نتعرف على شخص ما ونتبادل الأفكار والأراء، ولكننا قد نختلف معه في أول معاملة مادية، ذلك أن الهدف والغاية التى كانت تجمعنا في الطائرة أو القطار قد أختفت بانتهاء الرحلة، وحل محلها فكر آخر وواقع جديد وبدأ الخلاف)).
وهذا نفسه يحدث قبل الزواج، فكل من الزوج والزوجة لهم هدف واحد وهو تكوين أسرة وأطفال وتأسيس عش الزوجية، وأثناء التخطيط لذلك هم يتفقون على كل شيء لأن غايتهم واحدة وهدفهم واحد.. ولكن عندما يتم الزواج يكتشف كل واحد منهم في الآخر أشياء جديدة لم يكن يعرفها، فتتغير فكرته عن الآخر وبالتالي يتغير واقع حياتهم وتبدأ المشاكل.
وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ
حدد لنا ربنا في هذه الآية النقاط الأساسية والمهمة التى يجب أن نبني عليها العلاقات الإنسانية، وهي أن نختار من له نفس الهدف ونفس الغاية الكامنة في إبتغاء وجه الله تبارك وتعالى، ثم أمرنا بالصبر عليهم والتغاضي عن أخطاءهم وستر عيوبهم ومعاملاتهم تحت نطاق المودة والرحمة، لأن طريقنا واحد وهدفنا واحد وغايتنا واحدة وهي عبادة الواحد القهار.
وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
ولكي يكتمل الأمر ويتم على أكمل وجه أمر الله خير خلقه وخاتم أنبياءه ورسله صلى الله عليه وسلم، كما أمر كل الأمة عن طريقه أن نضع هؤلاء في أعيننا، فلا نهملهم ونخرجهم من دائرة اهتمامنا، لأن الله جمعنا على غاية واحدة وألف بين قلوبنا.
وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا
الآن جاء دور التحذير من الآفة التى تحطم كل علاقة إنسانية حميدة وجيدة، وهي أن لا نطيع فيمن نحب من غفل قلبه عن ذكر الله لأنه اختار طريق آخر غير طريقنا واتبع هواه وشيطانه وفرط في جنب الله حتى لا يجرنا إلى الحفرة المظلمة التى وقع فيها.
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا
الذي اتبع الشهوات يحاول دائما أن يجرنا إلى واقعه المر الأليم لنكون سواء، فلنحذر ولنتمسك بكل من يتقي الله ولا نفرط فيه ولنحاول دائما أن ندخل في إطار الآية التالية لنسعد في حياتنا الدنيا وفي الآخرة:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)
[سورة الأحزاب ]
هذا كنز من كنوز الرحمن وحبل نجاة من الأحزان ورحمة مهداة من الواحد القهار.. فعلينا إذا أن نلبي ونذكر الله كثيرا ونسبحهه بكرة وأصيلا لنعيش في النور حيث الرحمة المهداة وحيث الراحة النفسية والأمن والآمان والإطمئنان.
ساحة النقاش