معطيات الإيمان وبرهانه ودليله من القرآن
****
وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
[البقرة 25]
إذا هذه هي الفئة المختارة من الله تبارك وتعالى وقد جعل لهم أول بشارة خير وسعادة في الدنيا والآخرة من العزيز الغفور في قرآن يتلى إلى يوم الدين..
نعم هذه هي الفئة الكريمة على الله.. خصهم ربهم بأول بشرى في كتابه.. بشرهم بكل ما تشتهيه الأنفس وتتمناه القلوب وتسعى إليه العقول الراجحة..
من أجل هذا جعل لهم ربهم معطيات الايمان.. ودليل وبرهان يتبعوه في عموم حياتهم وخصوصها.. وكل ذلك في نداء كريم من رب كريم لعباده المؤمنين..
وسوف نجد كل ذلك في سورة البقرة التي وصانا بها الرسول الكريم الصادق الوعد الأمين الذي بعثه الرحمن الرحيم هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم..
أول دعامة ودليل وبرهان في نداء من الواحد القهار لعباد الرحمن:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
[سورة البقرة 104]
هذه أول دعوة من الله وأول نداء.. ثم لدينا فيما يلي توضيح شامل كامل لأهمية هذا النداء :
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾
( سورة الأنفال الآية : 24 )
إذاَ الله ينادي علينا ليُحيينا، بمعنى أن الحياة التي نعيشها قبل أن نلبي نداء ربنا هي ليست حياة حقيقية، ولكنها حياة سفلى .. حياة دنيا حياة كلها مشاكل وغش وخداع، وفراق وكذب ورياء، لذلك في النداء يعطينا ربنا أولا لقب الإيمان ويثبته لنا لأنه قال يا أيها الذين آمنوا.
ثم يأمرنا أن لا نقول كلام المنافقين والكفار والمشركين، وأن نتحرى الكلمة الطيبة الصادقة التي يكون ظاهرها تماما كباطنها، فلا تقل لشخص أحبك وأنت تكرهه.. وعن الكلمة قال ربنا تبارك وتعالى:
مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ
الكلمة الطيبة تصعد مباشرة إلى الله تبارك وتعالى وتكون حبل وصل ووصال بينك وبينه، وأخطر شيء على الإنسان أن يمكر فيعلن عكس ما يُخفي.
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، حَدِّثْنِي بِأَمْرٍ أَعْتَصِمُ بِهِ، قَالَ:
"أَمْسِكْ عَلَيْكَ هَذَا ، وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ " .
لقاءنا القادم إن شاء الله سيكون مع الآيات التالية:
وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا
[سورة الفرقان 63].
ثم نواصل مسيرتنا مع كل خُلق من أخلاق النداء الأول ليرقى بنا إلى الذي يليه وهكذا إلى أن يتم الله علينا نعمته ويُحسّن أخلاقنا كما أحسن خلقنا.
وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ
[سورة القصص 55]
ساحة النقاش