« أَلا أَدُلُّكَ عَلى أَبْوَابِ الْخَيْرِ ؟ »
قال الله تبارك وتعالى:
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215)
[ سورة البقرة ].
لقد وضع لنا الله تبارك وتعالى جميع فئات المجتمع في جعبة واحدة، وجعل لنا الخير على إطلاقه، فلم يحصره الله تبارك وتعالى في شيئ معين، ولكن جعله مطلقا فقال :<< مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ >> ثم بين لنا سبحانه طريقا آخر ووسيلة أخرى للخير فقال<< وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ >>.. وهكذا قد شمل الله في هذه الآية الكريمة جميع أوجه الخير من قول وعمل ونفقة.
وقال الله تبارك وتعالى عن الإنفاق:
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ. (219 البقرة ).
عَنْ معاذِ بنِ جبلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في سَفَرٍ فَأَصْبَحْتُ يَومَاً قَرِيبَاً مِنْهُ وَنَحْنُ نَسِيْرُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ وَيُبَاعِدُنِي مِنَ النَّارِ ؟ قَالَ :
« لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيْمٍ وَإِنَّهُ لَيَسِيرٌ عَلى مَنْ يَسَرَهُ اللهُ تَعَالى عَلَيْهِ ، تَعْبُدُ اللهَ وَلا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئَاً ، وَتُقِيْمُ الصَّلاةَ ، وَتُؤتِي الزَّكَاةَ ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ » ، ثُمَ قَالَ : « أَلا أَدُلُّكَ عَلى أَبْوَابِ الْخَيْرِ ؟ » قُلْتُ بَلى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ : « الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِيءُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِيءُ الماءُ النَّارَ ، وَصَلاةُ الرَّجُلِ في جَوْفِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ تَلا قَوْلَهُ تَعَالى : ( تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ المَضَاجِعِ ) حَتَّى بَلَغَ يَعْمَلُون » .
ثُمَّ قَالَ : « أَلا أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذَرْوَةِ سِنَامِهِ » قُلْتُ : بَلى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ :
« رَأْسُ الأَمْرِ الإِسْلامُ ، وَعَمُودُهُ الصَّلاةُ ، وَذرْوَةُ سِنَامِهِ الْجِهَادُ » ثُمَّ قَالَ : « أَلا أُخْبِرُكَ بِمَلاكِ ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ قُلْتُ : بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : « كُفَّ عَلَيْكَ هَذا وَأَشَارَ إِلى لِسَانِهِ » قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ فَقَالَ : « ثَكَلَتْكَ أُمُّكَ ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلى وجُوهِهِمْ إَلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ » .
أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حديث حسن صحيح.
ساحة النقاش