نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

نداءات الرحمن الرحيم لعباده المؤمنين

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
المبعوث بالحق هدى ورحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
لدينا في كتاب الله نداءات كثيرة بدأت كلها بيا أيها الذين آمنوا .. ورأيت أنه ليس من المنطق في شيء وليس من المعقول أن نعبد الله ولا نلبي نداءه ..
الآن وجب علينا أن نعرف لماذا ينادي علينا ربنا في قرآن يتلى إلى يوم القيامة.. لكي نعرف الإجابة سنستعرض معا نداءات سورة البقرة حتى نتبين مدى أهميتها في حياتنا اليومية :
النداء الأول:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104).
أول ما نلاحظ هنا في هذا النداء هو توجيه من العلي العظيم لمن به آمن لكي يتحكم في لسانه وينتقي كلامه فالكلمة تعبر عن أفكارنا ومشاعرنا ونوايانا ومدى إيماننا بالله .. والكلمة هي ميزان تقوى الإنسان، أي بتفسير علمي بحت هي فرصة ربانية لإعادة برمجة أفكارنا بطريقة إيجابية نورانية.
النداء الثاني :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴿١٥٣﴾.
نلاحظ هنا الإرتباط الوثيق بين النداء الأول والثاني.. فنحن في حاجة ماسة للصبر مع الصلاة لكي نستطيع أن نرقى إلى مستوى معية الله الخاصة جدا بعباده المؤمنين، كما إنه لا يمكن أن يقوم عمل ناجح بغير صبر، ولا يمكن أن نستمر في الإيمان بالله بغير صلاة. وكل ذلك يتشكل ويتبلور في كلمات نقولها في جميع حركاتنا ومعاملاتنا وعلاقاتنا الخاصة والعامة.
النداء الثالث:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ﴿١٧٢﴾.
وهكذا نواصل صعود السلم الإيماني درجة بعد درجة، فبعد نجاحنا في التحكم فيما نقول ونفعل بالصبر والصلاة والكلمة الطيبة، الآن جاء دور عامل مهم جدا من مقومات الحياة ألا وهو (( الطعام والشراب )) فيأمرنا ربنا بأن نتحرى الطيب من الطعام. حتى نحقق الإنسجام المادى والمعنوي في شخصيتنا الإيمانية، ونتمكن من إعادة برمجة أفكارنا ومشاعرنا التى جعلها الله في نداءاته.
النداء الرابع:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴿١٧٨﴾.
الآن بعد أن نجحنا في بناء شخصيتنا الإسلامية الإيمانية بأن اتبعنا تعليمات الخالق العظيم في نظام الغذاء المادي والمعنوي .. الآن أصبحنا مسئولين مسئولية تامة عن حياة الآخرين، فلا قتل ولا اعتداء ولكن عدل واحترام وقصاص.. حتى يقوم المجتمع كله على أساس سليم.
النداء الخامس:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴿١٨٣﴾.
ما أروع وأعظم هذا السلم الإيماني في نداءات الرحمن لعباده الكرام، فبعد أن أسس الله تبارك وتعالى أو بعد أن أعطانا التعليمات اللازمة لإقامة مجتمع كامل متكامل ومتجانس ومتفاهم ومتكافئ قد أمرنا بالصيام، حتى نستمر في الرقي والنهوض والصعود إلى أعلى إلى حيث درجات النور والتحلي بأخلاق النداءات والتخلي عن أسوأ العادات.
النداء السادس :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴿٢٠٨﴾ فَإِن زَلَلْتُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿٢٠٩﴾.
الأن أصبح المجتمع كله مجتمع إيماني قائم على تعليمات الخالق العظيم، مالك الملك، فيتوجنا ربنا بتاج المحبة والسلام، بأن نعيش في ود ومحبة بمعناهما الكبير والذي يتشكل في السلام الإجتماعي، فلا غش ولا خداع ولا نميمة ولا قتل ولا كذب ولكن مودة ومحبة واحتراما متبادل نتبادل فيه المعلومات والمصالح وكل ما من شأنه أن تستمر به عجلة الحياة في سلام وآمان.
النداء السابع :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٢٥٤﴾.
الآن وبعد أن حققنا السلام بيننا فقد جاء دور العجلة الإقتصادية، وأهم ما فيها الإنفاق، لأننا لكي ننفق لابد لنا من الكسب الحلال بالعمل الصالح المفيد، والرزق هنا كما قال السادة علماءنا الأفاضل هو كل ما لدينا من مواهب وملكات وحرفة وأموال وأولاد.. فقد ألزمنا ربنا بالإنفاق من كل ذلك لكي نحقق مجتمعا عاملا متكافئ الفرص رفيع الدرجات.
النداء الثامن:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴿٢٦٤﴾.
سبحان الله العلي العظيم، الآن نرقى بأعلى وأعظم القمم الأخلاقية، فتكون الصدقة بغير جرح لكرامة الإنسان، بغير استعلاء وخيلاء، بغير من ولا أذى ولا نفاق ولا رياء، ولكن صدقة يتساوى فيها الطرفان في الأخذ والعطاء، فهذا ينفق إمتثالا لأمر الله، وهذا يقبل بحب وامتنان وفضل دعاء ورجاء من الله العاطي الوهاب.
النداء التاسع:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴿٢٦٧﴾.
الآن يأمرنا ربنا بالنزاهة والكياسة والكرم والجود في العطاء، بأن ننفق من طيبات ما كسبنا، ماديا ومعنويا، لنخرج أحسن مالدينا إلى الآخرين، إنها لذة العطاء، وهذا النداء يذكرني بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال عنهم رب العالمين:
وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)
[ سورة الحشر ]
النداء العاشر:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴿٢٧٨﴾ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ۖ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ﴿٢٧٩﴾.
هنا يحذرنا ربنا من الفخ الذي ينصبه لنا شياطين الإنس والجن، الربا، أول نظام اقتصادي أصاب الدول النامية بالشلل الإقتصادي، والفقر والفاقة والحاجة الدائمة، (( حرب من الله ))، القروض والفوائد، المدين يزداد فقرا والدائن يزداد غنى، لقد قضى الربا على الصناعة وعلى الإنتاج وعلى النمو الإقتصادي والتطور، وحطم نهائيا إسطورة الإستقلال المادي، لأن المدين قد أنهكته الديون.
النداء الحادي عشر:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ۚ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ ۚ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَن يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ ۚ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا ۚ فَإِن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ ۚ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ ۚ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ۚ وَلَا تَسْأَمُوا أَن تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَىٰ أَجَلِهِ ۚ ذَٰلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَىٰ أَلَّا تَرْتَابُوا ۖ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا ۗ وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ ۚ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ ۚ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿٢٨٢﴾.
هذا آخر نداء في سورة البقرة يقع فيه من لم يطبق ما سبقه من نداءات وتوجيهات المولى عز وجل، وقد جاء بعد تحريم الربا، لأن هناك فئة من الناس يستعجل رزقه الذي كفله له ربه، فقد قال تبارك وتعالى:
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
[ سورة الزاريات ].
ضرب السادة العلماء مثلا في مسألة الرزق هذه فقالوا أن الذي ذهب يوم الأربعاء ليسرق مبلغ 1000جنيه مثلا، هذا المبلغ قد كتبه الله له بالحلال ولكنه استعجل وأخذه بالحرام.
وإن شاء الله تعالى لنا لقاء مع نداءات سورة آل عمران والتى تدربنا وتجهز المجتمع الإسلامي للتعامل داخليا وخارجيا، فإن الدين الإسلامي منهج حياة يبدأ من عش الزوجية وينتهي بالعلاقات الدولية.( مقولة للدكتور النابلسي).

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 85 مشاهدة
نشرت فى 19 مايو 2016 بواسطة ibrahimelmasry

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

249,406

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »