قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ
(الأعراف)
عارفين كيف نعرف إن كنا مخلصين لله أم لا ؟ ثم كيف نعرف درجة إخلاصنا لله؟ ثم كيف نعرف ثمرة هذا الإخلاص ؟ أنا أقل الناس علما .. وأقلهم في كل شيء ولكني بحمد الله وبفضله أستطيع أن أؤكد لكم أن الإجابة على هذه الأسئلة ستجدونها في الآية التالية :
قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ
عندما نسارع في تنفيذ أمر الله باتقان وتفاني وحب وتطلع إلى عظيم فضله وعطاءه سبحانه ( فقد قال عز وجل : ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا) ولدينا في حياتنا الخاصة والعامة أكبر دليل على ذلك.. إن أمرك والدك بشيء فإنك ستسارع في تنفيذه والتفنن أدائه لأنك تحبه.
وكذلك عندما يأمرنا ربنا بالقسط أي بالعدل فيجب أن نعدل عدلا مقسطا مع الرحمة، ونبرهن على حبنا لتنفيذ أمر الله كما فعل سيدنا إبراهيم عندما كان يرفع القواعد من البيت، فقد تفنن في رفع القواعد حتى كانت أطول منه، فوقف على حجر كبير زيادة في تنفيذ الأمر لأنه يحب أن يكون مطيعا لدرجة الإحسان. عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
وَأَقِيمُوا وُجُوهَـكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ
كذلك هنا يأمرنا ربنا أن نقيم .. جاءت من الإقامة والاستقامة، نقيم وجوهنا... أكبر وأفضل وأحسن وأبلغ وأروع تفسير لهذه الآية الكريمة نجده في صفات عباد الرحمن(وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ) هو نائم في بيته أو حجرته ولكن قلبه ساجد لله رب العالمين لأنه قد ذاق حلاوة الطاعة.
وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ
طريقتنا في الدعاء .. حالنا الذي ندعو بها الله .. إحساسنا ومشاعرنا وكل جوارحنا .. إن كنا مخلصين لله الدين والنية سنجد أثر ذلك في أنفسنا، قد نبكي .. نتضرع .. قد توجل قلوبنا .. قد يهتز كياننا كله ... قد نرجف ونرتجف ونرتعد من ذكر الله ومن أثر الوقوف بين يديه سبحانه ..
القلب الذي ينشغل بغير الله نادرا ما يشعر بمثل هذه الحالة.. فبقدر إخلاصنا لله بقدر تفاعلنا مع كلمات القرآن وكلمات الدعاء.
كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (29)
ليت شعري ليت قلمي ليت عقلي .. هيهات هيها أن أشرح شعوري بهذه الآية.. كما بدأكم تعودون ..نعود للحالة التى كنا عليها قبل الولادة؟؟
نعود للآمن والآمان والصفاء والنقاء والشفافية التى تمتعنا بها في ظلومات ثلاثة؟؟؟؟ ربما
نعود وقد تطهرنا من الذنوب والأحقاد والغيظ والغل بعد أن خرج كل ذلك مع الدموع ؟ ربما
أم يعيدنا الله إلى الحالة التى نحن فعلا نحتاجها ؟ وهذه أول درجات إجابة الدعاء الراحة النفسية .. والهدوء والسكينة .
فَرِيقًا هَـدَى
فريقا هدى ... اللهم برحمتك وقدرتك وعزتك وجلالك وكرمك أن تهدنا فيمن هديت وتولنا فيمن توليت لا إله غيرك ولا نعبد إلا إياك وبك نستعين ... أعيننا اللهم على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك... آمين.
وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30)
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من غضبك والنار
أجمل ما قرأت عن الإخلاص أنه نور يقذف به الله في قلب من يشاء فلا يعلمه شيطان فيفسده ولا يعلمه ملك فيكتبه فيصبح بذلك بين العبد وربه...
اللهم ارزقنا الإخلاص لك وحدك في القول والعمل
عارفين هذه الصفة الرائعة أين تجدونها؟ في الآية التالية
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُأَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
إذا أحبك الله فأنت ذو حظ عظيم وحكمة بالغة وذكاء نفاذ وفطرة نقية وقلب سليم ونفس مطمئنة.
قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ
(24 التوبة)
أما إن وجدت نفسك هنا فأبشر قد جعل الله لك مخرجا بأن تحول حبك هذا إلى حب في الله وبالله ولله فتنجى من ويلات المصائب والإبتلاءات.
جعلنا الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
سبحانك اللهم وبحمدك... أشهد أن لا إله إلا أنت... أستغفرك وأتوب إليك
ساحة النقاش