يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
الآن وجب علينا أن نعرف أن لنا أخوة في الله لا يستطيعون الصيام، إنهم في رحمة من العلي العظيم، يتقلبون في رحمة الله ويتذوقون الصبر مع الألم، ويتحملون ألوان وألوان من الآلام، ثم بعد ذلك هم يتألمون ألما نفسيا أكبر من آلامهم العضوية لأنهم لن يستطيعوا الصيام…
يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ
أخي وأختي في الله، يامن تذوقتم رحمة الله مع الألم، أقول لكم لا تعتقد أنك قد حُرمت من نعمة الصيام،لأنك تمارس بشكل عملي الغاية من الصيام وهي التمتع بالصبر لكي نصل إلى تقوى الله..
فنحن عندما ندخل في الصلاة نكون قد حققنا أرقى أنواع الصيام، وهو الصيام عن الحركة وعن الكلام وعن الطعام والشراب وعن اللغو وعن كل ما يغضب الله وحتى عن الفكر السلبي وعن النظر إلى أي شيئ حلالا كان أم حراما، ففي الصلاة نحقق أركان الإسلام الخمسة بما فيها الحج وذلك بتصورنا الكعبة الشريفة والطواف ومن ثم الجنة والنار...
وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ
(185)
لقد جمع الله كل من آمن به سبحانه في هذه الآية، فإكمال العدة للأصحاء وتكبير الله وشكره على ما هدانا هو للجميع، للصحيح والمريض والمسافر والمقيم والصغير والكبير، ولعل أول ما يشعر به المريض بعد أن يمضي وقتا يفكر فيما أصابه ويتذكر أيام صحته وعافيته هو وجوب الشكر لله لأن فضله على جميع خلقه كان عظيما...
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أول من يسأل عن عافية الله المريض حتى يعافى، وأول من يسأل عن نصر الله المقاتل حتى ينصره الله، وأول من يسأل عن قرب الله الذي ذاق مرارة البعد عن الله حتى يقترب، وأول من يسأل عن أمن الله وآمانه الخائف والتائه والمغترب، وأول من يسأل عن حب الله من اشتاق له سبحانه، وأول من يسأل عن رحمة الله ذاك الذي جرفته إبتلاءاته فظن أنه فقد رحمة ربه وهو يتمرغ في أكبر قسط منها ولا يدري.
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
( البقرة )
وهنا يجيب المولى عز وجل بعظيم رحمته وبعظيم قدرته وبعظيم جلاله وبعظيم مكانته ورفعته وبعظيم كرمه أنه سبحانه قريب من كل خلقه، قريب من كل من يدعوه، فقط علينا أن نستجيب نحن له سبحانه ونؤمن بعدله وأنه سبحانه لم يظلمنا ولكنا نحن الذين ظلمنا أنفسنا وهو رحمنا بما إبتلانا به حتى نقابله يوم القيامة وليس بنا أثر ذنب أو معصية.
فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
( البقرة )
إذا فلنجدد إيماننا بالله، بمزيد من الرشد واليقين والدعاء، علينا بالدعاء بإخلاص وبيقين في الإجابة، وعلينا أن ننزع من رؤسنا الشك والريب في كل أمر غيبي، يغيب عنا وعن نظرنا وعن توقعاتنا، ولنعيش موقنين برحمة الله التى متعنا بها طيلة عمرنا وحتى يوم نلقاه...
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ
هذا شهر القرآن، وهو شهر الهدى والفرقان، وكل من حبسه المرض لديه فرصة أكبر من غيره ليعرف ويتذوق طعم الهدى، يلمس بقلبه وفكره حلاوة الفرقان، فيفرق بينه الآن وبينه في الماضي البعيد أو القريب، فيكتشف أنه في كنف الرحمن الرحيم، وهو أبدا لن يرده ولن يضيعه ولن يحرمه من فضله سبحانه وكرمه.
اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (64)
ونعم بالله رب العالمين، تباركت ياربنا، ما لنا من إله غيرك، وما لنا من رب سواك، أشفنا واشف كل مريض برحمتك يا أرحم الراحمين.
هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (65)
( غافر )
أدعو الله مخلصا له الدين، كاللبن الخالص الخالي من كل شائبة، خلص قلبك وذهنك وعقلك من كل من سواه ثم ادعوه مخلصا له الدين، مخلصا له إيمانك، مخلصا له الحب خالصا، مخلصا له عقيدتك خالصة، مخلصا له رجاءك خالصا ....
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
أدعوه وهو يليل الليل وينهر النهار، أدعوه مع كل آذان يرفع إلى السماء، أدعوه قائما وجالسا وعلى جنبيك، أدعوه واقسم عليه، ادعوه وأنت موقن بمقولة خليله عليه الصلاة والسلام :
فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ
والله الذي لا إله غيره أنه سبحانه قد هدانا الحمد لله رب العالمين، وأنت ستقولينها عندما يكشف عنك آلامك ويشفيك ويعفيك بإذن الله تعالى وبحمده.
ساحة النقاش