<!--

<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Tabla normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0cm 5.4pt 0cm 5.4pt; mso-para-margin-top:0cm; mso-para-margin-right:0cm; mso-para-margin-bottom:10.0pt; mso-para-margin-left:0cm; text-align:justify; line-height:115%; mso-pagination:widow-orphan; font-size:12.0pt; font-family:"Times New Roman","serif"; mso-fareast-language:EN-US;} </style> <![endif]-->

الجزء الأول

إليكم الحديث عن السيدة فاطمة الزهراء من حيث:

نسبها, زواجها, أولادها, مكانتها عند أبيها

والحديث لفضيلة الدكتور/ النابلسي

*****

هي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمُّها خديجة أمُّ المؤمنين، كانت أصغر بنات النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت سيدة النساء في زمنها، وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أنه كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع، والسيدة فاطمة رضي الله عنها إحدى هؤلاء الأربع، وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

<< حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ >>

[خرجه الترمذي في سننه]

ولدت قبل البعثة بقليل، تزوجها الإمام علي كرم الله وجهه في ذي القعدة من سنة اثنتين بعد وقعة بدر، لها من الأولاد الحسن، والحسين، والمحسن، وأم كلثوم، وزينب، أبناء علي بن أبي طالب، وكان عليه الصلاة والسلام يحبها، ويكرمها، ويسرُّ إليها، ومناقبها غزيرة، وكانت رضي الله عنها صابرة، دينة، خيرة، قانعة، شاكرة لله عز وجل.....

مكانة السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها وأرضاها

. وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ, قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

((فَاطِمَةُ سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ, إِلَّا مَا كَانَ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ))

[أخرجه أحمد في مسنده]

 وعَنْ جُمَيْعِ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ, قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ عَمَّتِي عَلَى عَائِشَةَ فَسُئِلَتْ:

أَيُّ النَّاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: فَاطِمَةُ, فَقِيلَ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَتْ: زَوْجُهَا، إِنْ كَانَ مَا عَلِمْتُ صَوَّامًا قَوَّامًا

[أخرجه الترمذي في سننه]

وعَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ, عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا, أَنَّهَا قَالَتْ:

مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا, وَقَالَ الْحَسَنُ حَدِيثًا وَكَلَامًا, وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَسَنُ السَّمْتَ وَالْهَدْيَ وَالدَّلَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا, كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ, قَامَ إِلَيْهَا, فَأَخَذَ بِيَدِهَا, وَقَبَّلَهَا, وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ, وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا, قَامَتْ إِلَيْهِ, فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ, فَقَبَّلَتْهُ, وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا

[أخرجه أبو داود في سننه]

تربية سيد الأنام صلى الله عليه وسلم:

((كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ, قَامَ إِلَيْهَا, فَأَخَذَ بِيَدِهَا, وَقَبَّلَهَا, وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ, وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا, قَامَتْ إِلَيْهِ, فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ, فَقَبَّلَتْهُ, وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا))

زواجها من علي ابن ابي طالب رضي الله عنه :

يقول الدكتور النابلسي أن علي كان يعلم مكانة فاطمة رضى الله عنها من أبيها، فهي كانت جزءا منه صلى الله عليه وسلم، وربما منعه فقره أو عدم امتلاكه للمال، حتى شجعوه الصحابة الكرام على أن يتقدم ويخطبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

وأخيرا فعل وخطبها  فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن سأله :

(( فما راعه إلا أن التفت إليه صلى الله عليه وسلم, وسأله مترفقاً, هل عندك شيء ؟ -يعني هل عندك مهر لفاطمة؟- فأجابه علي كرم الله وجهه: لا, يا رسول الله، فذكره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أصاب يوم بدر درعاً, فقال له: فأين درعك التي أعطيتك يوم كذا؟ فأجاب علي رضي الله عنه: هي عندي يا رسول الله، قال له: فأعطها درعك))

هنا يتكلم الدكتور النابلسي عن المغالاة في المهور هذه الأيام، رغم علم الأباء  بالغلاء الفاحش وصعوبة الحياة، وفي الحقيقة أنا لا أريد المقارنة الآن، ولكن بعد أن نعرف النقاط الرئيسية والخطوط العريضة للقصة سوف نتكلم تحليلا ونستخلص سويا النقاط المهمة في هذه السيرة المباركة والعطرة إن شاء الله ..

أما عن غلاء المهور والمبالغة في الطلبات  فلدينا حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

((أَعْظَمُ النِّسَاءِ بَرَكَةً أَيْسَرُهُنَّ مؤنَةً))

[أخرجه أحمد في مسنده]

أكتفي بهذا القدر من كلام الدكتور النابلسي على أن نواصل معه غدا بإذن الله وربما استطعت أن احصل على مزيد من هذا النبع الطيب الطاهر والعطر السمعة والسيرة.

عن المهور وتعقيد الأمور والمغالاة في الطلبات التى تعجز الشباب وتجعلهم ينصرفوا عن الزواج، تجد الشاب اليوم يظل على علاقة بخطيبته سنوات طويلة،ضئيل،عدم وجود شقة،  حتى يفتر عزمهم ويذهب طهرهم وينقادوا لشهواتهم، وقد تتدخل الأسرة لتفصل بينهم..

لذلك ترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منهجا وهو الذي لا ينطق عن الهوى، ترك فينا حديثا بصيغة الأمر حتى ينصاع كل تقي يخشى الله ويخافه.. قال يأمر الأمة بالكامل:

إذا أتاكُم من ترضَوْنَ دينَهُ وخلُقَهُ فزوِّجوهُ إلَّا تفعلوهُ تكنْ فِتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ كبيرٌ

الراوي: - المحدث: الألباني - المصدر: غاية المرام - الصفحة أو الرقم: 219
خلاصة حكم المحدث: حسن

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

 العلاقات الإنسانية كلها مبنية على الحب .. وعلى الإحترام المتبادل.. فبالحب وبالإحترام ينتج بين الناس مودة ورحمة لا تنسى مدى الحياة ويباركها الله تبارك وتعالى ويزيد فيها حسنا وجمالا.. لنعرف هذا سنعود إلى مقطع جميل جدا من القصة التى لدينا ...

((كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ, قَامَ إِلَيْهَا, فَأَخَذَ بِيَدِهَا, وَقَبَّلَهَا, وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ, وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا, قَامَتْ إِلَيْهِ, فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ, فَقَبَّلَتْهُ, وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا))

هذه هي طبيعة العلاقة بين الآباء والأبناء، طبيعة إنسانية راقية جدا، ومحترمة جدا، تجعل كل ما بداخلنا من فطرة فطرنا الله تبارك وتعالى عليها تظهر في نطاق وإطار جميل يرضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، لقد تركنا هذا كله ورحنا نتبع غير رسول الله، وليس هذا بملكنا ولكن لأننا فرطنا في ديننا، ورحنا نجري وراء رغباتنا، الرغبات الدنيوية البسيطة أو الكبيرة التى حولوها شياطين الإنس والجن إلى أحتياجات...

لكني أقول لكل بنت ولكل أم عليك أن تجتهدي وتبني شخصيتك الإسلامية بناء على أركان الإسلام، وتبني شخصيتك الإيمانية بناء على أركان الإيمان، ثم تمضي في حياتك بالإحسان وذلك أن تعلمي أن الله معك يسمع ويري.. والمسألة سهلة جدا لقد وضع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم المنهج كله في حديث من سطر واحد:

عن أبي ذرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عنهُ قالَ قالَ لي رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ

اتَّقِ اللَّهَ حيثُما كنتَ وأتبعِ السَّيِّئةَ الحسنةَ تمحُها وخالِقِ النَّاسَ بخلقٍ حسنٍ

الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: الأمالي المطلقة - الصفحة أو الرقم: 131
خلاصة حكم المحدث: حسن

أقول لكل بنت ولكل أم تسلحي بلا إله إلا الله، وبحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب آل بيته وأزواجه وأصحابه فهم المصابيح التى تنير كل ما أظلم في حياتنا... ويكفينا سيدة نساء العالمين .. رضي الله عنها وأرضاها .

أنتظروني في الجزء الثاني من السيرة العطرة ولا تغيبوا عنا فقد جمعنا الله تبارك وتعالى على أطهر سيرة وأحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

سبحانك اللهم وبحمدك.. أشهد أن لا إله إلا أنت .. أستغفرك وأتوب إليك

الجزء الثاني

السيدة فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة

من جامعة قطر{ والكاتب لم يعلن عن أسمه }

****

اليوم سنعيش طفولة سيدة نساء أهل الجنة، نقلتها لكم من أحدى الصفحات وقد أعجبني الأسلوب، فسوف انقل لكم لقطات من طفولة سيدة نساء أهل الجنة عليها وعلى أبيها أفضل الصلاة والسلام ..

ملحوظه: تعليقي على الحدث سيكون إن شاء الله باللون الأخضر { بارك الله فيكم}

مولد فاطمة رضي الله عنها ينقذ قريش من الحرب والدمار والهلاك

ولقد شاء الله أن يقترن مولد فاطمة في يوم الجمعة الموافق للعشرين من جمادى الآخرة في السنة الخامسة قبل البعثة (1)بقليل بالحادث العظيم الذي ارتضت فيه قريش (محمدا) حكما لما اشتد الخلاف بينهم حول وضع الحجر الأسود بعد تجديد بناء الكعبة، وكيف استطاع عليه الصلاة والسلام برجاحة عقله أن يحل المشكلة وينقذ قريش مما كان يتهددها من حرب ودمار وإسالة دماء وعداوة بين الأهل والعشيرة.

في عهد كان الرجال يدفنون الأنثى وهي تنبض بالحياة، جاءت فاطمة رضي الله عنها رابع أنثى لخير البشر كلهم وسيد ولد آدم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام وكانت فرحة السيدة خديجة رضى الله عنها ببشاشة وجه زوجها المثالي والأب الحنون أكبر من فرحتها بقدوم وليدها الرابع{ ليت الحب يعود إلى بيوتنا مرة أخرى}

حمل الأب الحاني ابنته المباركة يهدهدها ويلاطفها، وكانت فرحة خديجة كبيرة ببشاشته ، وهو يتلقى الأنثى الرابعة في أولاده، ولم يظهر عليه غضب ولا ألم لأنه لم يرزق ذكرا وكانت فرحة خديجة اكبر حين وجدت ملامح ابنتها تشبه ملامح أبيها، وقد استبشر الرسول بمولدها فهي النسمة الطاهرة التي سيجعل الله نسله منها .

وعن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت : كانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه الناس وجها برسول الله صلى الله عليه وسلم .

وعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت :ما رأيت أحدا من خلق الله أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة.

وقد كان تسميتها فاطمة بإلهام من الله تعالى فقد روى الديلمي عن أبى هريرة رضي الله عنه عن علي أنه عليه السلام قال :"إنما سميت فاطمة؛ لأن الله فطمها وحجبها من النار ". والفطم هو القطع والمنع

يا من تريد الولد على من تعترض؟ نرى من الرجال ما يثير إشمئزازنا، يقتل ويسفك الدماء ويسرق ويرتشي، وها هي بنت خير الأنام تأتي ويخلد اسمها في السماء قبل الأرض.. يا بني آدم هذا عطاء ربك وليس لبشر دخل في عطاءه أو منعه...

ترعرعت فاطمة في بيت النبوة الرحيم، والتوجيه النبوي الرشيد، وبذلك نشأة على العفة وعزة النفس وحسن الخلق ،متخذتا أباها رسول الله صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى لها والقدوة الحسنة في جميع تصرفاتها. وما كادت الزهراء أن تبلغ الخامسة حتى بدأ التحول الكبير في حياة أبيها بنزول الوحي عليه، وقد تفتحت مداركها على أبيها وهو يعاني من صد قريش وتعنت سادتها، وشاهدت العديد من مكائد الكفار واعتدائهم على الرسول الكريم، وكان أقسى ما رأته فاطمة عندما ألقى سفيه مكة عقبة بن أبي معيط الأذى على رأس أبيها وهو ساجد يصلي في ساحة الكعبة ويبقى الرسول صلى الله عليه وسلم ساجدا إلى أن تتقدم فاطمة وتلقي عنه القذر.

حصار غير انساني .. لأسرة من أبوين وبنات أربع.. طفلة في الخامسة من عمرها ترى ما يجري لأبيها بعد أن اتخذته أسوة حسنة، لم يتزعزع إيمانها، ولم يقل أحد كلمة تغضب ربنا، ولكنها التصقت أكثر بأبيها، وصبرت وتعاطفت ولم تتركه لحظة يغيب عن بصرها، هذه هي سيدة نساء أهل الجنة وبنت سيدة نساء العالمين.

الآن نجد دول بالكامل يعيشون في حصار شيطاني بدأ بالتليفزيون .. ليستعمروا عقول البنات قبل النساء، فخربت العقول وراح الرجال يغصون في مغارات الأهوال .. حرروا عقولكم من غزو الشياطين فلم يبقى من عمر الدنيا إلا القليل

وكان من أشد ما قاسته من آلام في بداية الدعوة ذلك الحصار الشديد الذي حوصر فيه المسلمون مع بني هاشم في شعب أبى طالب ، وأقاموا على ذلك ثلاثة سنوات ، فلم يكن المشركون يتركون طعاما يدخل مكة ولا بيعا إلا واشتروه ، حتى أصاب التعب بني هاشم واضطروا إلى أكل الأوراق والجلود ، وكان لا يصل إليهم شيئا إلا مستخفيا، ومن كان يريد أن يصل قريبا له من قريش كان يصله سرا.

{ الآن الأسرة لديها كل مقومات الحياة، بل أن كل الكماليات أصبحت أساسيات في المنازل، كل يحصل على ما يريد، وتجده عابسا ومعترضا، ويلعن سوء حظه وهو يتمرغ في النعم .. نحن في حاجة لنفهم معنى الصبر ومعنى إنا لله وإنا إليه راجعون.. وسبيلنا هو هذه القصص التى لا زلنا نشم فيها رائحة الصدق والطهر والنقاء والصفاء والجمال والراحة والسعادة.. قد لا نستطيع أن نرد الحزن ولكننا نستطيع أن ندرك أن الأمل والرجاء لا يكون إلا في الله العلي العظيم فقد أمرنا العلي العظيم أمرا قاطعا بأن ندعوه ليستجيب لنا }.

وقد أثر الحصار والجوع على صحة فاطمة فبقيت طوال حياتها تعاني من ضعف البنية، ولكنه زادها إيمانا ونضجا . وما كادت الزهراء الصغيرة تخرج من محنة الحصار حتى فوجئت بوفاة أمها خديجة - رضي الله عنها - فامتلأت نفسها حزنا وألما،ووجدت نفسها أمام مسؤوليات ضخمه نحو أبيها النبي الكريم، وهو يمر بظروف قاسية خاصة بعد وفاة خديجة رضي الله عنها وعمه أبى طالب. فما كان منها إلا أن ضاعفت الجهد وتحملت الأحداث في صبر ، ووقفت إلى جانب أبيها لتقدم له العوض عن امها الغاليه واكرم الزوجات ولذلك كانت تكنى بأم أبيها.

{ اراد الله تبارك وتعالى أن يترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرثا لكل أمرأة ضعيفة وزوجها يعجز عن أن يأتي لها بخادمة، هذا الإرث هو لكل مسلم ومسلمة، وهو عبارة عن كلمات نرددها ذاكرين الله بهن ولكن النتيجة وكأنها السحر .. فتابعوا معي رحمكم الله وكل عليه أن يأخذ نصيبه من ميراث الزهراء وعلي }.

 فأتاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخفف عنهما عناءهما وقال لهما برفق وحنان :ألا أخبركما بخير مما سألتماني ؟ قالا: بلى: فقال :"كلمات علمنيهن جبريل :تسبحان الله دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا،وإذا أويتما إلى فراشكما تسبحان ثلاثة وثلاثين ،وتحمدان ثلاثة وثلاثين ،وتكبران أربعا وثلاثين "{حدث هذا عندما طلبا من النبي خادمة من السبي}.

وقد مرت السيدة فاطمة رضي الله عنها بأحداث كثيرة ومتشابكة وقاسية وذلك منذ نعومة أظفارها حيث شهدت وفاة أمها،ومن ثم أختها رقية، وتلتها في السنة الثامنة للهجرة أختها زينب ،وفي السنة التاسعة أختها أم كلثوم .

{ الموت الذي نفر منه جميعا وهو ملاقينا، نتمسك بالحياة الدنيا وما فيها إلا الغرور، ننسى في لحظة أن الحياة إبتلاء عند العطاء وعند المنع سواء..<< إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (8) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)يونس>>}.

وفاة فاطمة رضي الله عنها:

أوصت الزهراء رضي الله عنها علي بن أبي طالب بثلاث وصايا في حديث دار بينهما قبل وفاتها. وقالت الزهراء يا ابن عم، انه قد نعيت إلي نفسي ، وإنني لا أرى حالي إلا لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي. فقال كرم الله وجهه : أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فجلس عند رأسها وأخرج من كان في البيت . فقالت رضي الله عنها :يا ابن العم ما عهدتني كاذبة ولا خائفة، ولا خالفتك منذ عاشرتني .

فقال رضي الله عنه : معاذ الله ! أنت أعلم بالله تعالى ، وأبر واتقى وأكرم وأشد خوفا من الله تعالى، وقد عز علي مفارقتك وفقدك إلا أنه أمر لابد منه، والله لقد جددت علي مصيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجل فقدك، فإنا لله وإنا إليه راجعون.{ كما هي مريحة عندما نقولها بكامل كياننا .. إنا لله وإنا إليه راجعون }

وقد أوصت الزهراء رضي الله عنها عليا كرم الله وجهه بثلاث:

أولا:أن يتزوج بأمامة بنت العاص بن الربيع،وبنت أختها زينب رضي الله عنها .وفي اختيارها لأمامة رضي الله عنها قالت :أنها تكون لولدي مثلي في حنوتي ورؤومتي. وأمامه هي التي روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحملها في الصلاة .  { الإيمان بالله العلي العظيم يجعلنا نرى الدنيا بعيون الحقيقة، ويجعلنا نشم ريح الجنة وتتحول بيوتنا إلى روضة من رياض الجنة..{ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} يحبرون جاءت فعل مضارع.

ثانيا : أن يتخذ لها نعشا وصفته له ، وكانت التي أشارت عليها بهذا النعش أسماء بنت عميس رضي الله عنها، وذلك لشدة حياءها رضي الله عنها فقد استقبحت أن تحمل على الآلة الخشبية ويطرح عيها الثوب فيصفها، ووصفه أن يأتى بسرير ثم بجرائد تشد على قوائمه ، ثم يغطى بثوب .

ثالثا :أن تدفن ليلا بالبقيع .(27)

لم يطل مرض الزهراء رضي الله عنها الذي توفيت فيه ، ولم يطل مقامها في الدنيا كثيرا بعد وفاة المصطفى صلى الله عليه وسلم ،وقد اختلفت الروايات في تحديد تاريخ وفاتها ، فقيل في الثالث من جمادى الآخرة سنة عشرة للهجرة وقيل توفيت لعشر بقين من جمادى الآخرة، أما الأرجح فإنها توفيت ليلة الثلاثاء يوم الاثنين من شهر رمضان سنة إحدى عشرة من الهجرة .(28)

وتوفيت وهي بنت تسع وعشرين سنة . وقيل كانت قبل وفاتها فرحة مسرورة لعلمها باللحاق بأبيها الذي بشرها أن تكون أول أهل بيته لحاقا به وقيل لبثت الزهراء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة اشهر وفي رواية أخرى ستة اشهر.(29) وقد نفذ علي كرم الله وجهه وصيتها ،فحملها في نعش كما وصفته له ودفنت بالبقيع ليلا ، وهي أول من حملت في نعش وأول من لحقت بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهله. (30)

حملت فاطمة بين دموع العيون وأحزان القلوب ،وصلى عليها علي كرم الله وجهه ونزل في قبرها،فضم ثرى الطيبة الطاهرة فاطمة الزهراء رضي الله عنها كما ضم جثمان أبيها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخواتها الثلاث :زينب، ورقيــة وأم كلثوم رضي الله عنهن .

الحمد لله رب العالمين.. منذ زمن بعيد وأنا اتمنى أن أقرأ تلك السيرة العطرة مرة بعد مرة، عندما أستعيد في ذاكرتي تلك الكلمات الآتية:

((كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ, قَامَ إِلَيْهَا, فَأَخَذَ بِيَدِهَا, وَقَبَّلَهَا, وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ, وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا, قَامَتْ إِلَيْهِ, فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ, فَقَبَّلَتْهُ, وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا))

هكذا يجب أن تكون العلاقة بين الآباء والأبناء، لقد علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف نعامل أبناءنا، كيف نعطيهم حقهم من الحب والمودة والرحمة التى ينتج عنها احترام متبادل بين الناس بعضهم بعضا، ليتنا نستطيع أن نعيش في رحاب القرآن لتحيا قلوبنا مرة اخرى بعد أن كبست عليها الرغبات والشهوات والموبيلات والمسلسلات..

سبحانك اللهم وبحمدك.. أشهد أن لا إله إلا أنت .. أستغفرك وأتوب إليك