<!--
<!--<!--
21 أغسطس 2013
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ۚ فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ المائدة 52 ***** وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ التوبة 98 ***** وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ ۚ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ ۖ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا الفتح 6 *****
|
كيفية الخروج من دوائر الحياة الضيقة
إلى دوائر الكون الفسيح
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآَخِرَةِ فَأُولَئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ (16)
هذه دوائر يجب أن نخرج منها كلية إلى الدوائر الآتية لننجى من مصيرهم المشئوم:
فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)
هل تذكرون الطواف حول الكعبة؟ إنه يبدأ من الشمال لليمين عكس عقارب الساعة، وكذلك كل الكون المسبح لله يدور في فلك عكس دوران عقارب الساعة، ثم نأتي للحقيقة الكبرى أن دورة الدم في قلوبنا تدور أيضا عكس عقارب الساعة.. أي مع الكون المسبح لله العلي العظيم ..
وهكذا نجد أنفسنا أمام آية عظيمة من آيات الرحمن الرحيم تدلنا على كيفية الخروج من دوائر الدنيا الضيقة والحرجة والمجهدة والمحبطة إلى دوائر الكون الفسيح المسبح بحمد الله .. فنسبح ربنا ونحمده حين نمسي وحين نصبح وعشيا وفي الظهيرة.. أي في جميع أوقات حياتنا اليومية إلى أن نلقى ربنا ونحن له نسٌبح في ملكه ندور ونسبح في آيات ملكوته فهو سبحانه وتعالى ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء.
عيشوا معي الآية مرة اخرى وسوف نخرج منها إلى دائرة أوسع وأكبر وأعمق وأوضح في الرؤية والمسار:
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (19)
إذا بتسبيحنا لله العلي العظيم وبسباحتنا وسياحتنا في ملكه الواسع الكبير في الصباح والمساء وعند الظهيرة سنجد أنفسنا وقد تخلصنا من كل أعباء الحياة.. فلا نحمل هما لموت أو حياة أو فقر أو غنى لأنه سبحانه هو الذي يحي ويميت وهو يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.. ثم نهاية أمرنا سيكون إليه وبين يديه فهو سبحانه سيخرجنا مرة اخرى بعد الموت.
وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ (20)
وكأن الآية الكبرى والحكمة البالغة و غاية وجودنا تكمن هنا في هذه الآية.. أن ننتشر في الأرض بكل ما حصلنا عليه من سياحتنا وتسبيحنا مع الكون المسبح لله العلي العظيم فنعطى خلق الله مما أعطانا سبحانه في ملكوته الكبير والعظيم والذي يوسع فيه كيف يشاء من نعمة التفكر والتدبر ولإقتراب من حكمة الله البالغة البالغة في كونه.. ولا ننسى أنه سبحانه كل يوم هو في شأن.
وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)
وهكذا نعود إلى حياتنا الطبيعية واليومية لنتعامل مع من حولنا من خلق الله على اساس ما فهمناه وأدركناه وتأصل في نفوسنا من المودة والرحمة..
وهذا كله من نعمة السكينة التى ينزلها ربنا من السماء ويسكنها في قلب من يشاء من عباده.. ولكن لابد لنا من التفكر في خلق الله وآياته حتى لا نخلد إلى الأرض ونتثاقل عن الفهم والإدراك.
تابعوا معي فسنخرج إلى الكون الفسيح مرة اخرى محملين بكل ما تنعمنا به في الآرض صاعدين بذكرنا لله العلي العظيم إلى ملكوته الأعظم فهو سبحانه ذو الملكوت والجبروت والعزة والكبرياء...
وهو بعباده لطيف خبير وبهم رؤوف رحيم .. فهيا بنا نصعد في رحلة إلى الكون المسبح لله العلي العظيم ..
وَمِنْ آَيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22)
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُور فاطر 28ٌ |
وهكذا يحملنا التفكر في خلق الله العلي العظيم إلى اكتشاف آيات الله الكبرى في السماوات والأرض، ونتعلم ونستفيد من كل علماء الأرض على اختلاف ألوانهم وأجناسهم وألسنتهم، فندخل في دائرة العلماء الذين يخشون الله العلي العظيم .. فنتعلم ونعمل بما علمنا ليتعلم منا من هم في عقبنا .. فيظل العلم والإيمان في قبضة المسبحين الحامدين الخاشعين لله رب العالمين ..
وَمِنْ آَيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23)
وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَىٰ أَجَلٌ مُّسَمًّى ۖ ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ{الأنعام60}. |
بعد كل رحلة نخوضها بالتسبيح والتكبير في ملك الله الكبير المتعال نعود إلى أوطاننا لننام ونأخذ نصيبنا من الراحة لكي نتمكن من مواصلة السير إن قدر لنا الإله مزيدا من العيش في رحابه لنبتغي من فضل العلي العظيم ثم نقص ونحكي لكل من يريد أن يستمع ويستفيد ويتعلم مما علمنا الله وذلك تنفيذا لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه... والحديث يصلح لتعلم العلم وتعليمه للناس بعد العمل به.
وَمِنْ آَيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24)
وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَىٰ يَوْمِ الْبَعْثِ ۖ فَهَٰذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَٰكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{الروم 56}. |
نلاحظ هنا وفي كل ما سبق من آيات كريمة أننا في تدرج ورقي إلى أعلى دائما، ففي كل آية نجد أنفسنا في مستوى أكبر درجة من السابقة.. وهنا ختم الله تبارك وتعالى الآية بقوله { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ }أي أن كل من لديه رجاحة عقل عليه أن يسأل ويتعلم ممن سبقه بالإيمان لكي يكون عاقلا بحق، فالعلم بغير إيمان كالشخص الأعور رؤيته دائما ناقصة، أو كالذي يجدف بمركبه بمجداف واحد فهو كالأعرج يحتاج دائما لبذل مزيدا من الجهد ليحصل على اقل النتائج.
إلى هنا انهي رحلتى لنفاد الوقود .. فلست أهلا لأكثر من ذلك ... والمجال مفتوح لكل ماهر في السباحة في ملك الله ليكمل لنا رحلتنا التى قطعناها سويا..
وإلى لقاء قريب إن شاء الرحمن أترككم في رعاية الله نشيطين محملين بروح القرآن وعبير الآيات ورحيق العلم والتدبر والخشوع لله العلي العظيم والحمد لله رب العالمين ....
ساحة النقاش