نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

 

{4}

الكلمة الطيبة هي حياة القلوب

والكلمة الطيبة هي روح العمل الصالح

وهي مهد السعادة، وهي بلسم الجراح العميقة

وهي  مثل الماء العذب الفرات الذي جعل الله منه كل شيء حي

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24)   تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) إبراهيم.

***

إن أول معمل كامل متكامل نرى فيه عناصر الكلمة الطيبة، وطبيعة تكوينها، وسرعة تأثيرها الفعال، هو قلب الإنسان، أعتقد أن كل من له أقل تجربة في الحياة، وفي أضيق نطاق لمعاملة الناس، لابد له من أن يلتمس تلك الحقيقة التى لا تقبل شكا ولا ريبا..

كلنا يعرف أثر الكلمة الطيبة في النفوس والعقول والقلوب، حتى الساسة الذين مردوا على التملق، قد ادركو فعالية الكلمة الطيبة، فبالغوا في استعمالها، حتى ضاع عند الناس مصداقيتها..

لذلك أخي في الله تمسك بكتاب الله، فهو لا يأتيه الباطل من بين يديه وهو لا ريب فيه، وهو كلام الرحمن، الذي بيده قلب الإنسان ومصيره...

المرأة  الصالحة المؤمنة هي التربة الخصبة والمناخ المناسب للكلمة الطيبة

فإن أكرمتها وأحسنت إليها فقد نصحت وأفلحت وأرضيت ربك

عندما تصبح الفتاة أما صالحة، تؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر،  يجعل الله منها برحمته التربة الصالحة والمناخ المناسب للكلمة الطيبة...

فهي أم الإنسانية، وهي أم الصلاح، وأم الجمال، وأم الحنان، وأم السعادة ، وأم الآمان، وأم المحبة، وأم المودة، هي أم لكل شيئ خلقه الله وسخره للإنسان لكي يطور ذاته ويعمر أرض الله بالصلاح والفلاح، فجعل الله في قلبها كل الحب الذي جعله الله في الأرض، والكلمة الطيبة بالنسبة للمرأة هي كالماء بالنسبة للنبات..{ وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39)}فصلت.

جعل الله من الحب غداء القلوب يبعث فيها الحياة

 وجعل من الكلمة الطيبة صيانة للحب من الضمور

وهيا بنا نعيش مع أجمل كلام نسمعه في هذه الدنيا التى ظهر فسادها وقبحها للصغار قبل الكبار، فهيا نهجرها وندعها لإصحابها، ونسافر من خلال الكلمات إلى الحياة الحقيقية المتوارية في كتاب الله ..

هل ستصاحبني أخي وأختي في الله في هذه الرحلة الجميلة .. رحلة إلى الحب في الزمن الماضي، وإلى الطهر والنقاء، وإلى أولائك الذي فازوا بمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟  تابع معي ولا تتخلف فإنها من أجمل الرحلات التى ستقوم بها في حياتك.

يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)
يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا

قبل أن نقوم برحلتنا إلى الماضي البعيد بحثنا عن آثار الكلمة الطيبة في قلوب الذين سبقونا بالإيمان، يذكرنا المولى عز وجل بالمستقبل، ذلك اليوم الذي سنجد فيه كل عملنا حاضرا أمامنا، سنجد الماضي كله حاضرا، كما عشناه، لحظة بلحظة، كل كلمة وكل فعل وكل حركة وكل نية باطنة، سنجده حاضرا، بمعنى أن الماض سيصبح حاضرا.. كل ما فعلناه من خير سنجده أمامنا مرة اخرى سنعيشه وكأننا نرى فيلما مسجلا لأهم أحداث حياتنا..

وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ

 قبل أن نبدأ رحلتنا سنحاول أن نتخلص من كل أعمالنا السيئة وذلك ضمن إستعدادنا لهذه الرحلة الجميلة، بأن نتوب إلى الله عن كل ما بدر منا من سيئات وكلمات ليست طيبة، وأعمال ليست صالحة..

وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)

 والمولى عز وجل يقول لنا أطمأنوا  فإنه سبحانه بنا رءوف رحيم.. فقط علينا أن نخلص النية لله ونتوب إليه لكي نستطيع أن نستمتع برحلتنا ونستفيد منها.

قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (31)

لايمكن أن نبدأ الرحلة بغير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهو قائدنا وهو معلمنا، وهو وسيلتنا إلى الله، وإلى الرحمة والمحبة والمودة من العلي العظيم الذي قال فيه:

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

لن يستمتع معنا في هذه الرحلة من لم يصلى ويسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن صلاة وتسليما كثيرا كثيرا، تكون شيئا هاما من مستلزمات حياتك، تصاحبك في كامل يومك، أجعل من صلاتك عليه صلى الله عليه وسلم وسيلتك ومطيتك في رحلتنا هذه ، التى ستقوم بها وحدك إن شاء الله بعد أن عرفت هنا طريقها.

قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (32)

طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم هي وسيلتنا الوحيدة في هذه الرحلة، وطاعة الله ورسوله تتمثل الآن في عصرنا هذا في نداءات الرحمن لعباده الكرام، في أول نداء له سبحانه يحثنا فيه على أن لا نقول إلا الطيب من الكلام، وينهانا أن لا نقول الخبيث منه ولا نتبع الكفرة والمشركين ونتكلم بكلامهم.

الآن سنبدأ الرحلة فانتبهو من فضلكم
وتخيل نفسك في الطائرة لحظة الإقلاع حتى تعيش المعاني الجميلة في رحلتنا 

إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (34)

هؤلاء هم الذين سبقونا بالإيمان ففازوا بمحبة الله، وبالطهر وبالنقاء وبالصفاء وبالنور، هم نهاية رحلتنا اليوم لنتعلم منهم كيف فازوا بمحبة الرحمن، فاصطفاهم وطهرهم، وأخلد ذكراهم في قرآن يتلى إلى يوم الدين.. هل أنتم مستعدون؟

إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)

لما رأت إمرأة عمران الفساد حولها، ورأت أن الفضيلة تنزوي، وأن الطغاة برز طغيانهم، وكانت حامل، فخافت على وليدها من الضياع..

ففرت إلى الله العلي العظيم، وتضرعت إليه أن يحمي طفلها عندما يخرج إلى الحياة، واستعاذت به وأجارت ابنها واستودعته العزيز الحميد ذو العرش المجيد، فكانت مريم أم عيسى عليهما الصلاة والسلام
وهكذا أصبحت هذه قاعدة ثابتة وسنة من سنن الله العلي العظيم في أرضه، يجير يعيذ كل من استجار واستعاذ به سبحانه وتعالى علوا كبيرا عن ما يصفون. هو القوي وهو الغني وقد دلنا هنا ودل كل أم تريد حماية طفلها من شياطين الجن والإنس، قديما كان كل شيطان يعمل وحده أما الآن فقد تعاونت الشياطين من الجن والإنس ليهدمو ويدمروا طريق ألإستقامة لعباد الله ، ولكن هيهات هيهات فقد لعنهم الله وصغرهم ولم يجعل لهم سلطان إلا على الغاوين.. والذي يتبعونهم
.

أختي في الله، يا من ستكوني أما لكل شيئ في المستقبل،  وأنت أيها الشاب المقبل على الزواج، أو يامن تزوجت فعلا.. ألا ترون معي أن الفساد قد ظهر وعم وطغى  في عصرنا هذا؟

ألم تخشى على ذريتك من الفساد ومن النار ومن الضياع ومن السباع ومن المتوحشيين ومن إخوان الشياطين؟

إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (35)

لقد وصلنا إلى قلوب الذين سبقونا بالإيمان، ذرية بعضها من بعض، هذه هي غاية رحلتنا، أن نحذو حذوهم، الرجال عليهم أن يعرفوا كيف كان من اصطفاهم الله تبارك وتعالى { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آَدَمَ وَنُوحًا وَآَلَ إِبْرَاهِيمَ وَآَلَ عِمْرَانَ } فيتبعوا خطواتهم، ليكونوا مثلهم..

وعلى كل أم تخاف على أولادها من الضياع أن تحذو حذو إمرأة عمران

{ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }

تنظر إلى الأصل الطيب، وتدع كل ما حولها من ظلام وظلم ويأس، وتذهب بنفسها وقلبها وروحها إلى الذين اصطفاهم ربهم بالهدى والصلاح، فتهب لله ما في بطنها، لخدمة دين الله، وعليها أن تتعلم دينها لتكون فعلا أما للهداية والصلاح والطيبة والطهر والجمال والحنان والمحبة والمودة، وتبعد الشيطان عن طريق أولادها.

ألان سنختم رحلتنا اليوم بذهابنا إلى قلب خليل الرحمن.. إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أبو المسلمين وأبو الأنبياء الذي دعا ربه أن يبعث فينا محمدا صلى الله عليه وسلم ليزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة..

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35)

لقد تغير شكل الصنم فاصبح من كلمات مقروأة ومسموعة ومرئية، اصبح الصنم كلمات نسمعها ونتبعها، ومسلسلات وافلام نراها ونحبها، وأشخاص ممن ظهروا وعلوا في الأرض علوا كبيرا مثل فرعون وهامان، كلهم أصبحوا اصناما جديدة.. لذلك دعا سيدنا إبراهيم عليه وعلى انبياء الله ورسله أفضل الصلاة والسلام ربه أن يجنبه وبنيه عبادة الأصنام.. فهل ستدعو أن أيضا بذلك؟

لقد عرفنا الآن كيف أن الكلمة الطيبة هي التى يقبلها منا ربنا فيحمينا ويتقبل بها دعاءنا ويعيذنا إذا ما استعذنا به، فطهر عقلك قبل قلبك من كل كلام خبيث، واربط لسانك بتقوى الله، واعلم أن عندك ملائكة كلاام يحفظونك من أمر الله، فأكرم صحبتهم لك فهم يقومون على خدمتك، فلا تؤذيهم بالسب واللعن وسوء الظن وقلة الأدب.

 

 

 

 

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 81 مشاهدة
نشرت فى 20 مارس 2013 بواسطة ibrahimelmasry

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

249,362

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »