نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

أخلاق القرآن كما جاءت في نداءات الرحمن

كلما قرأت شيئا عن الأخلاق تذكرت نداءات المولى عز وجل للذين به آمنوا.. فكل النداءات كانت ليعطينا عناصر التكليف، وهي كلها أخلاقية، فالنداء الأول منها يمنحنا الله فيه صفة أخلاقية في غاية العلو والسمو، ألا وهي صفة الإيمان، هذه أعلى وأغلى درجة أخلاقية، لذلك كان عدد النداءات التى جاءت في كتاب الله 88 نداء بدأت كلها بيا أيها الذين آمنوا...

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ

هنا يجمع كل من آمن بالله تحت راية واحدة، وصفة واحدة، ولغة واحدة، ومنهج واحد، وفكر واحد، وأخلاقا واحدة.. ومن إله واحد لا شريك له في الملك.

ثم ينهانا ويأمرنا بأن نقول ولا نقول... وهذا معناه أن أول درجات الإيمان، وأول أخلاقيات المؤمن بالله العلي العظيم، هي أسلوبه في الكلام، فأنت تعرف أخلاق الشخص ومدى ثقافته وتقواه من كلامه، ثم يأتي دور العمل بعد ذلك، فإما أن يوافق قوله أو يخالفه، ولذلك كان أبلغ وأحكم تفسير لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال عن الإيمان: {{ الإيمان هو ما وقر في القلب وصدقه العمل }}.

 وهنا القرآن الكريم يوجهنا توجيه دقيق لنختار الكلمات إختيار دقيق، وسليم، فلا نتكلم بغير ما يليق بأخلاق المؤمن.

ثم يأمرنا بخلق آخر جليل وعظيم، ألا وهو خلق الإستماع، أن نستمع، أن نتعلم الصمتُ عندما يكون الصمت واجبا... وهذا في حد ذاته من أهم آداب الحوار الهادف والحكيم.

ثم خلق آخر لا يقل أهمية عن ما سبق، ألا وهو أدب الخطاب، تقدير وتوقير من هم أكبر منك مقاما وسنا وعلما، إبتداءا من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ثم يختم النداء بقوله عز وجل : {{ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ  }}، أي أحذروا تقليدهم في أخلاقهم، أو عاداتهم، أو في أي شيئ يفعلوه... لأن منتهاهم إلى العذاب الأليم.

أما عن النداء الثاني ففيه أكبر منحة وعطاء من الله العلي العظيم، فبعد أن دخلنا تحت راية الإيمان بالله العزيز القدير، وبعد أن أصبحنا فئة من المؤمنين بالله، يحكمنا منهج واحد، وعقيدة واحدة، وبعد أن أصبحنا أخوة في الإيمان، أخوة في الدين، ينادي علينا المولى عز وجل ليعطينا ما لم يعطيه لأحد من العالمين...وأسمعوا معي رحمكم الله نداء ربكم لتعرفوا عطاءكم :

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)

عطاءان من الله متصلان متحدان مقترنان، الصبر والصلاة، إذا ما أستقبلناهما استقبال الممنون الفرحان، وصلنا بهما إلى ما هو أعظم منهما، وصلنا بهما إلى معية الله سبحانه وتعالى،{  إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }، إذا أخذنا الصبر كعطاء واسع من الله، وذلك كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ ما رزق الله عبدا خيرا له ولا أوسع من الصبر . }}.

من ثمرات الصبر في آيات الذكر الحكيم

وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا

الصبر مع تقوى الله يجنبك الضرر، لا يستطيعك أحد، لا يضرك مع الصبر شيئا.

وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ

الصبر لا يأتي إلا بخير، فالصبر خير، والصبر ضياء، وهو ليس مرا، فقط علينا أن ندرك أن الصبر خير عطاء.

وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا

لقد إستحقوا كلمة الله الحسنى لما صبروا... بالصبر ننال الكثير من نعم الله وفضله.

إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ

العمل الصالح دليل الصبر، والصبر والعمل الصالح هما الباب الذي يؤدي إلى مغفرة وأجر كبير.

أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) الفرقان.

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ { فصلت}

الصبر يجعلك حليما، والصبر يجعلك حكيما، تحول عدوك إلى صديق حميم، وليس ذلك إلا بالصبر، ثم بعد ذلك أنت بما صبرت تكون عند الله ذو حظ عظيم .. هنيئا لك بصبرك يا من صبرت على طاعة الله.

وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ (154) البقرة

أراد الله سبحانه وتعالى أن يطمئن من سبقونا بالإيمان، عندما كانوا يرون القتلى من المؤمنين باعينهم، فطمأنهم الله، وعرفهم أنهم أحياء عند ربهم، ينعمون برفقة العزيز الغفور، في جنات النعيم.

هناك مرحلة أخرى من هذا النداء... يقول المولى عز وجل :

وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)

عندما نخرج من الصبر على طاعة الله، وهذا يحدث لأن كثيرا من الناس يعتقد أن عليه أن يصبر عندما تصيبه مصيبة معينة، على الرغم من أن الصبر هو من أساسيات الحياة، فالطبيب عليه أن يصبر على مريضه ويسأله بغير سقم ولا ملل عن أعراض مرضه حتى يعالجه..

سمعت محاضرة للدكتور عمرو خالد عن الصبر، يقول قد خلق الله الأرض في يومين، {  قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } هذا لنتعلم الصبر، فهو سبحانه وتعالى يقول للشيء إذا ما أراده كن فيكون.

وفي حديث عن الصبر أيضا لفضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله، يقول: سُئل الإمام على أبن أبي طالب عن الصبر فقال: تعلمون أنتم أن لا تؤذي جارك، قالوا نعم، فقال: لا وإنما أن تصبر على أذاه.

إذا فالصبر عبادة تقرب وزلفى إلى الله، ومن رحمة الله بنا أنه عندما تأخذنا الدنيا، ويجرفنا تيار الحياة، تبدأ الإبتلاءات والمصائب لنعود إليه سبحانه مرة أخرى، فهو سبحانه لا يضيع من به آمن، ولكن يظل يبتليه حتى إلى جانبه يعود.. وفي أجمل تفسير سمعته لفضيلة الشيخ الشعراوي رحمه الله يقول: الإنسان في معية ربه لا تجترئ عليه المصائب، وضرب مثلا بولد صغير، كلما خرج إلى الشارع ضربه الأولاد، ولكن إذا خرج مع أبوه فلا أحد يجرؤ عليه، لأنه بصحبة من هو أقوى منهم. كذلك العبد مع ربه، طالما أنه مع الله يحمده ويستغفره، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

ولكن هذا الصبر سواء في المرحلة الأولى{ الصبر على طاعة الله} أو في المرحلة الثانية،{ مرحلة الإبتلااءات} يحتاج إلى الصلاة.. فقد جمع الله سبحانه وتعالى بينهما جمعا لا يحتمل التفريق، لأن كل منهما يحتاج إلى الآخر،

 

 

 

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 337 مشاهدة
نشرت فى 28 يونيو 2012 بواسطة ibrahimelmasry

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

249,303

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »