نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

عن الأخلاق

عرَّف الجرجاني الخلق بأنَّه: (عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر ورويَّة، فإن كان الصادر عنها الأفعال الحسنة كانت الهيئة خلقًا حسنًا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة سميت الهيئة التي هي مصدر ذلك خلقًا سيئًا) .

وعرفه ابن مسكويه في (تهذيب الأخلاق) بقوله: (الخلق: حال للنفس، داعية لها إلى أفعالها من غير فكر ولا روية، وهذه الحال تنقسم إلى قسمين: منها ما يكون طبيعيًّا من أصل المزاج، كالإنسان الذي يحركه أدنى شيء نحو غضب، ويهيج من أقل سبب، وكالإنسان الذي يجبن من أيسر شيء، أو كالذي يفزع من أدنى صوت يطرق سمعه، أو يرتاع من خبر يسمعه، وكالذي يضحك ضحكًا مفرطًا من أدنى شيء يعجبه، وكالذي يغتم ويحزن من أيسر شيء يناله. ومنها ما يكون مستفادًا بالعادة والتدرب، وربما كان مبدؤه بالروية والفكر، ثم يستمر أولًا فأولًا، حتى يصير ملكة وخلقًا) .

وذهب الجاحظ إلى (أن الخلق هو: حال النفس، بها يفعل الإنسان أفعاله بلا روية ولا اختيار، والخلق قد يكون في بعض الناس غريزة وطبعًا، وفي بعضهم لا يكون إلا بالرياضة والاجتهاد، كالسخاء قد يوجد في كثير من الناس من غير رياضة ولا تعمل، وكالشَّجَاعَة والحلم والعفة والعدل وغير ذلك من الأخلاق المحمودة)

تعريف علم الأخلاق وموضوعه

عُرِّف علم الأخلاق بعدة تعريفات منها:

1- هو (علم: موضوعه أحكام قيمية تتعلق بالأعمال التي توصف بالحسن أو القبح) .

2-وقيل هو: (علم: يوضح معنى الخير والشر، ويبين ما ينبغي أن تكون عليه معاملة الناس بعضهم بعضًا، ويشرح الغاية التي ينبغي أن يقصد إليها الناس في أعمالهم، وينير السبيل لما ينبغي) .

موضوع الأخلاق

هو كل ما يتصل بعمل المسلم ونشاطه، وما يتعلق بعلاقته بربه، وعلاقته مع نفسه، وعلاقته مع غيره من بني جنسه، وما يحيط به من حيوان وجماد

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ[الحجرات: 11-12].

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)) رواه الترمذي{ حسن صحيح}

 

فمصادر الأخلاق في الإسلام تستمد مما يلي:

أولًا: القرآن الكريم:

يعتبر القرآن الكريم المصدر الأول للأخلاق، والآيات في ذلك كثيرة: قال تعالى: إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء: 9]. وقال سبحانه: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90].

وقال تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33]. ونظائر هذه الآيات كثيرة في كتاب الله تعالى، وكلها من مصادر الأخلاق.

والرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من تخلق بأخلاق القرآن الكريم وألزم نفسه بآداب القرآن، وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ((كان خلق الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن)) . قال الحافظ ابن كثير: (ومعنى هذا أنه قد ألزم نفسه ألا يفعل إلا ما أمره به القرآن، ولا يترك إلا ما نهاه عنه القرآن، فصار امتثال أمر ربه خلقًا له وسجية، صلوات الله وسلامه عليه إلى يوم الدين) .

ثانيًا: السنة النبوية:

تعريف السنة باعتبار كونها مصدرًا تشريعيًا: وهي أقواله وأفعاله، وتقريراته، والسنة النبوية الصحيحة المصدر الثاني للأخلاق بنص القرآن الكريم:

 وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ [الحشر: 7]. وقال تعالى:

 لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [الأحزاب: 21]. وقال سبحانه:

 فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ [النساء: 59]. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق)) . قال إبراهيم الحربي: ينبغي للرجل إذا سمع شيئًا من آداب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمسك به .

ولذا حرص الصحابة رضوان الله عليهم واهتموا اهتمامًا كبيرًا، وتخلقوا بالأخلاق الحسنة مستندين في ذلك إلى ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فهم قدوتنا وسلفنا الصالح في الأخلاق.).

أود أن أضيف شيئا لفت نظري.. كنت بغحدى المكتبات بمدينة طنجا اتصفح الجديد من الكتب،  فوجدت كتابا عنوانه { كيف تقول ما تريد } .. مؤلف الكتاب هو روزالي ماجيو، ترجمة هالة النابلسي، وهو عبارة عن 700 صفحة من الحجم الكبير...

قلت في نفسي سبحان الله العلي العظيم، لقد وضع الله سبحانه وتعالى قمة الأخلاق وعنوانها وأم راسها، وأكبر دليل عليها في آية واحدة  بها أقل من 10 كلمات، فيها أم الأخلاق، وعنوانها وهو اللسان، فقظ  في قل ولا تقل، والكلام موجه للذين آمنوا... لقد عرف الغرب أن الكلمة إنما تعبر عن شخصية قائلها، كيف هو، ماهي درحة أخلاقه، كيف يفكر، هل هو صادق، أمين، كاذب او مخادع، جاهل أم متعلم، مثقف أم لا ، مدى ثقافته، هل رزين، متزن، أم متردد ومتهور...

كل ذلك وضعه المولى عز وجل في أول نداء للذين آمنوا يأمرهم فيه بأن يتحروا الصدق وعدم الرعونة في كلامهم، فهو أدب الكلام، وأدب الخطاب، وأدب الإستماع والتلقي من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإليكم الآية الكريمة التى ختمها الله سبحانه وتعالى يحذرنا من التقليد الأعمى للغرب لأن مصيرهم جهنم والعياذ بالله:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) البقرة.

وعن الأخلاق حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق

الراوي: - المحدث: الزرقاني -خلاصة حكم المحدث: صحيح.

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا استفتح الصلاة كبر ، ثم قال :

إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ، لا شريك له ، وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين اللهم اهدني لأحسن الأعمال ، وأحسن الأخلاق ، لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، وقني سيئ الأعمال ، وسيئ الأخلاق ، لا يقي سيئها إلا أنت.

الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألبانيخلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح.

كما قال صلى الله عليه وسلم :

إن الله تعالى كريم يحب الكرم، ويحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها.

الراوي: سهل بن سعد الساعدي المحدث: السيوطي   خلاصة حكم المحدث: صحيح

 

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

231,738

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »