نادي العضلات الإيمانية للقراءة والتنمية

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } هذا ما سوف نحاوله

صفحة رقم { 1 }

إن لكل دين خُلق ، وخُلق الإسلام الحياء

هذه دعوة لكل مسلم ومسلمة لنعيد بناء شخصيتنا الإسلامية وذلك بالتخلق باخلاق سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم , لتعود لنا كرامتنا، ونصحح إيماننا، لينصرنا الله على أعدائنا ـ فهو سبحانه وتعالى القائل : وكان حقا علينا نصرالمؤمنين.  هيا  بنا نتعرف على الله من جديد.. فإذا عرفناه أحببناه، وإذا أحببناه أطعناه، فإذا أطعناه كنا من الفائزين ,:

{{ ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }} [ الأحزاب 71 ]

ما سيأتي هو  ما قد يسره الله لي بتلخيصه من كتاب {{ الحياء خلق الإسلام }} ، وبصدر  الكتاب حديث عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ، وإهداء من كاتبه :

عن أنس رضي الله عنه قال: قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :

{{ إن لكل دين خُلق ، وخُلق الإسلام الحياء }} . رواه ابن ماجة.

إهداء:

إلى كل أخ مسلم .. وإلى كل أخت مسلمة .. أهدي هذه الرسالة راجيا الله تعالى أن ينفع بها .

كاتب الرسالة

ابو عبد الرحمن .

عندما قرأت هذا الكتيب الصغير في حجمه ، الكبير في محتواه ، ادركت أهمية هذا الخلق الجليل في مجتمعنا الإسلامي.. وأدركت على الفور الفراغ الكبير الذي يتركه غياب هذا الخلق الحميد.. كما ادركت ايضا ان فهمي لخلق الحياء كان فهما ناقصا حتى قرأت هذا الكتاب..

وعن الحياء يحدثنا الكاتب ابو عبد الرحمن جزاه الله عنا خير يقول:

ياخادم الجسد كم تشقى بخدمته

أتطلب الربح مما فيه خسران

اقبل على النفس واستكمل فضائلها

فانت بالنفس لا بالجسم إنسان.

 

يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)

الأعراف 26

ففي هذه الآية أمتن الله سبحانه وتعالى على عباده باللباس الذي يواري العورات الظاهرة ، ثم بين أن التقوى خير لباس ، فكما للجسم عورات يجب أن توارى بلباس، فكذلك للنفس

صفحة رقم { 2 }.

عورات يجب  أن توارى، وقد اخبرنا  المولى عز وجل أن التقوى هي لباس النفس، وما أحسن ما قيل:

إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقى

تقلب عريانا وإن كان كاسيا

وخير لباس المرء طاعة ربه

ولا خير فيمن كان لله عاصيا.

قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :

-{{إن لكل دين خٌلق ، وخٌلق الإسلام الحياء}}

بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم  الحياء والإيمان قرينين ، فإذا ذهب احدهما ذهب الآخر، فعن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه وسلم :

{{ الحياء والإيمان قرنا جميعا، فإذا  رفع أحدهما رفع الآخر }}.  رواه البخاري.

ذلك لأن الحياء يحث صاحبه على الفضائل ويمنعه عن الرذائل ، وإنه كما قال صلى الله عليه وسلم :

{{ الحياء كله خير _ وفي رواية _ الحياء لا يأتي إلا بخير }}. متفق عليه من حديث عمران بن حصين . كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :

{{ إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت  }}.رواه البخارى.

إن من سمات الخير : الدعة والحيا . [ أي أن تكون وديعا حييا ].

ومن سمات الشر : القحة والبذاءة . [ أي الوقاحة والكلام الفاحش البذئ ].

وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :{{ الحياء من  الإيمان ، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء ، والجفاء في النار}} .وقال بعض الحكماء : من كساه الحياء ثوبه ، لم ير الناس عيبه.

             حياة الوجه بحيائه ، كما أن حياة الغرس بمائه .

وقال صالح بن عبد القدوس :

 إذا قل ماء الوجه قل حياؤه

 ولا خير في وجه إذا قل ماؤه.

 حياؤك فاحفظه عليك وإنما يدل على فعل الكريم حياؤه.

صفحة رقم  { 3 }

أوجه الحياء

أولا : الحياء من الله .

قال النبي صلى الله عليه وسلم : {{ إذا كره الله منك شيئا فلا تفعله إذا خلوت }}.رواه ابن حيان.  يقول الأمام محمد العزالي رحمه الله .: فالحياء في اسمى منازله يكون من الله عز وجل ..

روي احمد والترمذي والحاكم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهم : قال : قال

رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ أستحيوا من الله حق الحياء ، قلنا : يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله ، قال : ليس ذاك ، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى ، ولتذكر الموت والبلى ، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا ، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء}}. حفظ الرأس وما وعي : ان تحفظها من الموبقات، فلا تتلقى إلا من كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم ، ثم بعد ذلك تضع ما علمت في حيز التطبيق، واصبرعلى مشقة الطاعة حتى تصل إلى حلاوتها، فإذا ذقت حلاوتها أشتهيتها وكانت عندك من الأهمية بحيث لاتتركها ولا تفرط فيها، {{ إذا عملت بما علمت ، علمك الله ما جهلت }}، واحفظ البطن وما حوى [ الحديث] أي أن لا تملأ بطنك حراما،

فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ  [ عبس 24 ]

أمر من الله عز وجل أن تنظر إلى طعامك .. أي أن ترى بماذا تملأ بطنك .. وهذه من اكبر المسائل التى تدل على حق الحياء من الله عز وجل .. فأنت إن حيدت الحرام من طعامك ابتغاء مرضاة الله فقد علمت أنه سبحانه وتعالى معك يسمع ويرى، فخشيته، وخفته، وتمنيت رضاه ، وهذه درجة من درجات الإحسان .

امور تعين على اكتساب الحياء من الله تعالى:

أولا: معرفة الله سبحانه وتعالى حق المعرفة ومشاهدة معاني اسمائه وصفات الجلال والكمال فيه عز وجل . وهذا لا يكون إلا بالتفكر والتامل في اسماء الله الحسنى التى تتجلى بوضوح في آيات القرآن الكريم وفي صفحات الكون الفسيح . هل تعرف معنى اسم الله { السلام}، هل تعرف معنى اسم الله { الودود } هل تعرف بماذا تودد الله إليك ؟ لو عرفت ذلك لأحبتته كما لم تحب أحدا في حياتك ، ولتحقق فيك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : {{ لا يؤمن أحدكم حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من سواهما }} وكيف لا؟ ونعم الله علينا لا تعد ولا تحصى ..

 ثانيا: مشاهدة نعم الله عز وجل عليك وعلى سائر الخلق، ورؤية التقصير في اداء شكرها

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)ابراهيم

صفحة رقم { 4}.

 ثالثا : التفكر في الموقف بين يدي الله يوم القيامة .

نعود إلى حديث الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم /:

{{ ..... ، ولتذكر الموت و البلى، ومن اراد الأخرة ترك زينة الدنيا}}  الحديث اعلاه .

خلقت وسهم الموت من ورائك                ولكن الحقيقة إنك إليه راجع

  فالموت قبل الحياة كائن                       فلا تغفل عنه باتباع المغريات

فتصبح على ما فرطت نادما

ثانيا : الحياء من الملائكة:

قال الله سبحانه وتعالى:

  {{ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12) }} لإنفطار

{{ وإن رسلنا يكتبون ما تمكرون }} . يونس 21.

ملائكة كرام حافظين كاتبين يعلمون ما نفعل .. آلا نستحي منهم ؟

ثالثا: الحياء من الناس:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله قائلا:

 {{ اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى}}.. أرى والله أعلى وأعلم أن الهدى يحملك إلى التقوى، والتقوى تحملك إلى العفة ، والعفة تحملك إلى الغنى عن الناس .. عندما يهتدى الإنسان يحصل بهداه فائدتان عظيمتان، أولاهما كف الأذى عن الناس بالقول والعمل، ثم يمتد هذا الهدى إلى الناس،فإذا منحك الله سبحانه وتعالى تقواه ، فإنك تجد نفسك تتقى الله في نفسك واهلك وجيرانك وفي كل خلق الله .فأنت لا تسب ، لا تنم ، لا تظن السوء، لا تبادر إلا بخير، فيصبح بذلك كلامك خير، وفعلك خير، وافكارك خيرة،وكل هذه الصفات الحميدة تمكنك من تربية نفسك تربية صحيحة سليمة ، فتصبح نفسك من النفوس الكبيرة، عفيفة ، طاهرة، صافية وطيبة. ثم كل ذلك يجعلك غنيا بالله عن الناس لأنك دائما في رحابه وتعمل على إرضائه . صلى الله عليك وسلم ياسيدي ياحبيبي يارسول الله ، أُعطيت مجامع الكلم .. بدعاء واحد منك لو اتبعناه ودعونا به لأنصلح حال البشر جميعا وعم الخير في البرية جمعاء من جماد ونبات وحيوان وبشر.

ثم يكمل الحبيب المصطفى صـــــــلى الله عليه وسلم المسيرة فيدلنا على خير وسيلة يعم بها الخير على سائر الأمة ...[ أخي في الله ، استحلفك بالله ] أن تفكر في حديث النبي الهادى الذي بعثه الله بالحق هدى ورحمة للعالمين ، فكر فيه مليا ، ثم حاول أن تطبقه ففيه الخير لك ولسائر الخلق اجمعين ، وإليك هو :

قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :

{{ لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه }}.. أي إن كنت تحب ألا يتطاول عليك أحد فلا تطاول انت على الناس، وإن كنت تحب أن لا يتكلم الناس فيك ، فلا تتكلم انت على احد، وإن كنت تحب أن لا ينظر أحد إلى عوراتك ، فغض بصرك عن عورات الناس.وإن كنت

صفحة رقم { 5 }.

تحب أن يحترمك الناس فقم انت باحترام الناس، وإن كنت تحب أن ينالك الخير من الناس فقدمه لهم أولا وسيعود إليك ثانيا أضعافا مضاعفة..وهذا مصداقا لقول سيدنا جبريل عليه السلام لسيد الخلق وخاتم الأنبياء والرسل، صلى الله عليه وسلم :

{{ ... وافعل ماشئت فإنك كما تدين تدان}}.

رابعا: الحياء من النفس:

إن النفس التى تتعود على كل ما سبق من الحياء من الله ، ومن الملائكة ، ومن الناس ،تصبح نفسا كبيرة في ذاتها ، ولا يسعك إلا أن تحترمها، فتحاول دائما أن تكون محترما أمام نفسك فلا تسف ولا تذل وبذلك تجبر الكل على احترامك.واسمع كلام ربك في هذا الشأن لعلك تهتدي:

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)

يقسم المولى عز وجل بالتين والزيتون وطور سنين والبلد الأمين أنك خُلقت في أحسن تقويم .. روحك التى هي نفخة من روحه سبحانه وتعالى، ونفسك التى اقسم بها الله دالا على عظمتها ، وعقلك الذي لا حدود له، ثم جوارحك ، كيف ترى وتسمع وتتكلم و تتذوق، ثم انظر إلى تركيبك من الداخل و الخارج. تعرف أنك حقا قد خلقك الله سبحانه وتعالى في  احسن تقويم..فلا تلقي بنفسك إلى اسفل سافلين ، فليس في القاع إلا الضياع .

وفي النهاية لا يسعنى إلا أن اذكرك بالحديث القدسي :

جاءني جبريل عليه السلام فقال : إن الله ارتضى هذا الدين لنفسه ، ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق ، فأكرموه بهما ما صحبتموه. الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني.

أخي في الله هذا ما يسره الله لي من تلخيص لكتاب قرأته .. لخصته لك وزدت فيه .. فما به من خطأ فإنه مني واستعفر الله منه, وما به من صواب فمن الله ، وارجو الله أن ينفع به كل من قرأه ووعيه وعمل به .

وحقوق الطبع والنشر لكل المسلمين ، لكي تعم الفائدة إنشاء الله .

ساحة النقاش

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

232,712

Ahmed Ibrahim

ibrahimelmasry
إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6)[ سورة يونس]. لنا في كتاب الله آيات وفي أنفسنا وفي الناس وفي الأحداث والأقدار وفي الأيام والليالي وفي قلوب الناس وأحوالهم، وفي السماء والسحاب والنجوم .. آيات إذا ما انتبهنا إليها وقرأناها فهي من »