<!--<!--<!--<!--<!--<!--
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، ثمّ الحمد لله ،
الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنّا لنَهْـتَديَ لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ، ولا اعتصاميَ ، ولا توكّلي ؛ إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، إقرارًا بربوبيَّته ، وإرغامًا لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنّ سيّدَنا محمّدًا ، صلى الله عليه وسلّم رسولُ الله سيّد الخلق والبشر ؛ ما اتَّصَلَت عين بنظر ، أو سمعت أذن بخَبر ، اللَّهمّ صلِّ وسلّمْ وبارك على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ، ومن والاه ، ومن تبعه إلى يوم الدين .
اللَّهمّ ارحمنا فإنّك بنا راحم ، ولا تعذّبنا فإنّك علينا قادر ، والْطُفْ بنا فيما جرَتْ به المقادير ، إنَّك على كلّ شيءٍ قدير .
اللّهمّ علّمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علّمتنا ، وزدنا علمًا ، وأرِنا الحقّ حقاً وارزقنا اتّباعه وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممَّن يستمعون القول فيتّبعون أحْسنه ، وأدْخلنا برحمتك في عبادِك الصالحين .
أيها الإخوة المؤمنون ،
لازلنا في القرآن الكريم ، ولكنْ في طريقة جديدة ؛ إنَّها التـفسير الموضوعي ، والتـفسير الموضوعي : أنْ تَتَتَبَّعَ موضوعًا واحدًا في القرآن كلّه . هذا نَمَطٌ يُعطيكَ شُمولاً واتِّساعًا في ملاحظة موضوعٍ ما ، ورَدَ في القرآن الكريم .
الحب غذاء القلب
يا أيها الإخوة المؤمنون ،
في الإنسان جانبٌ عَقْليّ ، وفيه جانبٌ نَفْسيّ ، وما الإنسان في حقيقته إلاعقلٌ يُدرك ، وقلبٌ يحبّ ، فإذا نما عقله على حِساب قلبهِ فقد اخْتلَّ توازنُه ، وإذا نما قلبه على حساب عقلهِ ، فقد اخْتلَّ توازنه . لا بدّ من أنْ ينْمُوَ القلب والعقل معًا ، والعقل غذاؤُه العلم والقلب غذاؤُه الحبّ.
محبتك لله شطر الإيمان
لذلك : ألا لا إيمانَ لمَنْ لا محبّة له
قال تعالى :
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ُ﴾
﴿ وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ ﴾
[ لن تؤمنوا حتى تحابوا ]
من حديث مرفوع صحيح الإسناد، ولم يخرجاه ، قال فيه الذهبي صحيح، اخرجه الترمذي والحاكم عن أبي مرسي الأشعري رضي الله عنه
[ لا يؤمنُ أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده ، وولده والناس أجمعين ]
آياتٌ كثيرة ، وأحاديثُ كثيرة ، لا مجال لاسْتِقصائها ، تؤكِّدُ أنّ الحبّ شطرُ الإيمان .
الإيمان قناعةٌ وانْفِعال . الإيمان إدراكٌ وتأثُّر . لذلك ؛ أصحابُ النبي عليهم رِضوان الله تعالى ؛ إن الذي أعلى مقامهم ، والذي جعلهم يستحقّون رِضوان الله تعالى ؛ أنَّهم أحبُّوا الله تعالى
يا أيها الإخوة الأكارم ،
الأصل أن تحبَّ الله تعالى ، فالكون كلُّه مُسخّر من أجلك .
أحبُّوا الله لما يغْذوكم به من نعَمه . الكون كلّه مُسخّر لك : أنت من نِعَم الله وُجوداً ، واسْتِمداداً ، واسْتِرشاداً .
أسْبَغَ الله على الإنسان نعمة الإيجاد ، وأسْبَغَ عليه نعمة الإمداد ، وأسْبَغَ عليه نعمة الإرشاد ، فالكون كلُّه ينطقُ بنعَمه .
بقيَ أنْ يُحبَّـَك الله تعالى .. وموضوع الخطبة اليوم : " أن يحبّك الله عز وجل " .
أنْ تُحبّه ؛ هذا هو الأصْل ، لأنّك نعْمةٌ من نِعَمِ الله ؛ في وُجودك ، وفي اسْتِمداد عناصر وُجودك ، وفي هدايتك .. بقيَ عليك أن يحبّك الله تعالى ، لأنّ الله عز وجل يقول :
﴿ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ُ﴾
قال تعالى :
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا ﴾
أيْ انْتَظـروا .. الطريق إلى الله ليْسَتْ سالكة ما دام في الدنيا شيءٌ تحبّه أكثر من الله عز وجل .
قال تعالى :
﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾
هذه كلّها مقدّمات ، وبيت القصيد :
أيها الإخوة الأكارم ، أيّها الإخوة الأحباب :
الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ذكرَ ثماني آيات تبيّنُ على وَجْه الوُضوح والقطْع ؛ مَنِ الذين يحبّهم الله عز وجل ؟ سنشرح بعضها ..
ما عليك إلا أن تفْعلَ ما يحبُّ الله حتى تنالَ حبَّ الله عز وجل .
يقول الله عز وجل :
﴿ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ﴾
﴿ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾
﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾
﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾
ساحة النقاش