سفينة العفو والمغفرة
فسارع إليها قبل فوات الآوان
-*-*-*-*-
وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
آل عمران
وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
أما عن كيف نُسارع إلى الله العزيز الحميد؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن رِضْوانِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَرْفَعُهُ اللَّهُ بها دَرَجاتٍ، وإنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مِن سَخَطِ اللَّهِ، لا يُلْقِي لها بالًا، يَهْوِي بها في جَهَنَّمَ.
صحيح البخاري
التوبة وكثرة الاستغفار وفعل الخيرات وإصلاح ذات البين والكلمة الطيبة تعتبر وسيلتك المُثلى التي تُسارع بها إلى الله الواحد القهار.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
صِلَةُ الرَّحِمِ تَزيدُ في العُمْرِ ، و صَدَقةُ السِّرِّ تُطفِئُ غضبَ الرَّبِّ
الراوي عبدالله بن مسعود – المصدر : صحيح الجامع – صححه الألباني.
قال الله تبارك وتعالى:
((ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ))
سورة إبراهيم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوْ إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ.
الراوي عمر بن الخطاب – المصدر صحيح البخاري.
ومن هذا الحديث النبوي الشريف نكتشف أن النية مرتبطة إرتباطاً وثيقاً بما نُفكر فيه، لأننا عندما نتبنى فكرة معينة نُركز عليها فتتحول إلى نية وعزم ثم عمل باليد أو اللسان.. وفي هذا المجال أجمع علماء الدنيا والدين على ما قاله الدكتور إبراهيم الفقي رحمه الله:
المفكر .. الفكر .. والتفكير
المفكر هو صانع الأفكار، والأفكار تسبب التفكير، والتفكير يسبب التركيز، والتركيز يسبب الأحاسيس، والأحاسيس تسبب السلوك والسلوك يسبب النتائج، والنتائج تحدد واقع حياتك فلو أردت فعلا أن تُحدث تغييرا في حياتك غير إدراك المفكر.
د/ إبراهيم الفقي رحمة الله عليه.
فكرك إن لم تدقق فيه أخذك إلى التفكير .. والتفكير يأخذك حتما إلى التركيز، والتركيز بغير شك سوف يسبب لك بعض الأحاسيس، ثم يتحول كل ذلك إلى سلوك ونتائج ..
والنتائج لا تخرج عن كونها إيجابية أو سلبية، وهذا يتوقف على النية المستخلصة من الأفكار ثم رسخت في القلب.. لذلك علينا أن ننتقي أفكارنا كما ننتقي طعامنا وشرابنا وملابسنا.
قال الله تبارك وتعالى :
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)
وفي نفس السورة وفي نفس السياق:
يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27)
الأعراف
الله أعلم بلباس آدم عليه السلام في الجنة كيف كان .. ولكن من الآية التالية سنعرف حتماً أن لباس التقوى هو ما نتحلى به من أفكار ونوايا طيبة تؤدي إلى أعمال صالحة بإذن الله:
خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ
ساحة النقاش