قوة التخيل والتصور
مستخلصه من :
(( هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ))
الأحزاب 43
ألم ترى جاءت في القرآن الكريم 33 مرة .. معنى ذلك أن التخيل والتصور شيء في غاية الأهمية في حياتنا اليومية الخاصة والعامة، لذلك خاطب الله العزيز الحميد نبيه الكريم الصادق الوعد الأمين صلى الله عليه وسلم بقوله :
((ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ))
سورة إبراهيم
<!-- إذاً وبدون شك علي كل واحد فينا أن يتخيل نفسه في النور عندما يصلي ويسلم على الحبيب المصطفى ﷺ وعندما يتكلم باطيب الكلام وعندما يذكر الله.
<!-- حقيقة أخرى لابد وأن ننتبه إليها أن في النور لا شقاء ولا عذاب ولا آلام .. بل محبة ومودة وانسجام.
(هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) الأحزاب 43
يخرجنا ربنا تبارك وتعالى من ظلمات الجهل الذي يسبب لنا الآلام والشقاء.. ومن ظلمات الظلم الذي يباعد بيننا وبين الصلاح.. ومن ظلمات الفكر الذي يقذف بنا ويدفعنا دفعاً إلى السلبيات .. ذلك لأنه لا يعيش في الظلام إلا الشياطين وأعوانهم والحشرات الضارة.
يقول الدكتور إبراهيم الفقي ( رحمه الله ) عن التخيل أو التصور أن كل واحد فينا بداخله حلم معين .. يريد أن يكون شخص ناجح .. ويحلم بأعلى الدرجات، وعن التصور قال أنك تشوف نفسك أو تتخيل نفسك وقد حققت حلمك وكل ما تريد.
وعن التصور قالوا :
<!--كل شيء أو كل حاجة تفكر فيها يجب أن تحصل بداخلك أولا لكي تستطيع أن تنفذها.. لأن كل حاجة أنت بتقولها لازم تفكر فيها الأول.
<!--التخيل هو بداية الابتكار.
<!--التصور أكبر من المعرفة ( معقول؟) نعم لأن المعرفة في الماضي أما التخيل يجيب لك من الماضي ويأخذك إلى المستقبل.
<!--كل ما نراه الآن كان مجرد تخيل عند شخص ما .. مثلا الموبيلات والتليفزيون والإنترنيت .. وكل ما نرى ونسمع ونستعمل كان مجرد تخيل في ذهن شخص ما.
من محاضرة للدكتور الفقي رحمه الله .
((ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ ))
الآن المولى عز وجل العزيز الحميد ذو القوة المتين يخاطب نبيه الكريم ﷺ وكل المسلمين ويسأل سؤال ( ألَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ ) ..
والإجابة يجب أن تكون نعم وسنحاول أن نتصور الشجرة الطيبة التى زرعها ربنا بداخلنا .. والتى تبدو وتظهر من خلال كلامنا وتصرفاتنا ومعتقداتنا.. وأجمل ما قرأت عن الشجرة في كتاب الله قول المولى عز وجل في سورة النور:
(( اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (35)) سورة النور
الآن لسنا بحاجة إلى تفسير بعد أن شرح لنا ربنا أن الكلمة الطيبة لا تخرج إلا من شجرة طيبة وأصل طيب وفكر طيب وتصور طيب وجميل.
ويؤكد لنا سيدنا رسول الله ﷺ في حديث رائع وجميل كل هذه المعاني العميقة والأصيلة في نفس كل موحد بالله:
((الطُّهورُ شطْرُ الإيمانِ ، والحمدُ للهِ تملأُ الميزانَ ، وسُبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ تَملآنِ ما بين السماءِ والأرضِ ، والصلاةُ نورٌ ، والصدَقةُ بُرهانٌ ، والصبْرٌ ضِياءٌ، والقُرآنُ حُجَّةٌ لكَ أوْ عليكَ،كلُّ الناسِ يَغدُو،فبائِعٌ نفسَهُ ، فمُعتِقُها أوْ مُوبِقُها))
صحيح مسلم
ولكي نحصُل على هذا النور فقد دلنا ربنا على وسائل كثيرة نذكر منها ما يلي:
<!--(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا)
النساء 174
<!--أوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) 122 الأنعام
<!--وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (الشورى 52).
<!--يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( الحديد 28)
في هذا النداء أثبت لنا ربنا الإيمان ولكنه يطالبنا بأن نؤكد الإيمان برسول الله ﷺ بأن نقرأ عنه وندرس سيرته العطرة لكي نحبه بعقولنا أولا ثم بقلوبنا ثانيا وبعد ذلك نرتقي في الأسباب.
*
ساحة النقاش