ماذا لو كان ابنك ضحية للتنمر ؟
من أكثر المشكلات التي يحتار بها الوالدان و يقف أمامها المربون بالمدارس عاجزون عن التعامل الصحيح أمامها هي التنمر, فهي مشكلة سلوكية نشهد وجودها بكثرة في مدارسنا و بيوتنا في ظل غياب دليل واضح للإجراءات الصحيحة بالتعامل معها .
والتنمر شكل من أشكال العدوان إلا أنه يختلف عنه في أن موازين القوى مختلفة فالمتنمر شخص متسلط يصب عدوانه و سخريته وعنفه على ضحيته بهدف فرض سلطته و هيمنته و النيل منه , و قد ذكر الباحثون بأن المتنمر يختار ضحية ضعيفة تتسم بشكل متميز عن غيره كالوزن الزائد أو العيب الخلقي أو أن يكون ذات شخصية ضعيفة أو يتسم بالخجل وانعزاله عن الاخرين و أحيانا لمستواه الدراسي المرتفع أو المنخفض, و لكن ما يلاحظ حاليا بأن المتنمرون قد يتخذون ضحاياهم من المتميزين و الناجحين والموهوبين خاصة بوسائل التواصل الاجتماعي حيث يمارس عليهم التنمر الإلكتروني .
سأركز هنا على دور الأسرة في التخفيف من آثار التنمر و سأقدم عدة تقنيات أثبتت فعاليتها بالحالات التي تعاملت معها و هنا أشدد على دور الوالدين في فهم هذه المشكلة و التعامل معها بحكمة و صبر و الكثير من الاحتواء لابنهم و عدم توجيه اللوم له مطلقا , علما بأن هذه التقنيات لا تغني عن طلب المساعدة من المدرسة لإيقاف هذا السلوك و اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتنمر .
وهي كالتالي:
1-إظهار التعاطف بالحوار مع الطفل و إيصال له الإحساس بمشاعره, فعندما يخبرك طفلك بأن أحد زملائه بالفصل علق عليه بكلمات جارحة و أنه محرج مما حصل, بادر باحتضانه و قل له ( نعم فعلا شيء محرج ما حصل لك اليوم و مزعج )
إن هذه التقنية إن طبقتها بالشكل أعلاه ستجعلك مشاركا لابنك بمشاعره و كأنك حملت نصف الحمل عنه وستخف حدة الحزن عنده لأنه وجد من يفهمه ويكون ملاذا آمنا يبوح له بهمومه.
2-قم بصياغة عباراتك بكلمات لها وقعا مؤثر على ابنك تبعث فيه إحساس الأمان لأن هدفنا في البداية تقديم الأمان للطفل الخائف و مساندته بمشكلته فحين يبوح بما يضايقه استخدم هذه الجمل ( الآن سنحل هذه المشكلة , أو سنفكر بحل لمشكلتنا ) بدلا من هذه الجملة ( كيف ستحل مشكلتك , كيف ستتصرف مع هذا الموقف الذي حدث معك )
العبارة الأولى تعطي الطفل دعم معنوي و مساندة كبيرة و تنقل له رسالة مفادها ( لست وحدك ) .
3-اذكر الصفات الحسنة لطفلك فعندما يتعرض إلى التنمر فإن قيمته تجاه نفسه و ثقته تنخفض إلى أقصى حد فتحيط به المشاعر السلبية و عندما تذكره بمواقفه الإيجابية فأنت ترفع من قيمته لنفسه, مثال: أنت كريم, عطوف, أمين..,هل تذكر ذلك اليوم حين ساعدتني بإيجاد المفتاح الضائع ؟ أنت ذكي جدا و كنت سريع و تفوقت علينا جميعا , أنت مساعدي الأول بالمنزل لأنك تقوم بأعمال مفيدة و هامة مثل : ترتيب الكتب سقيا الزرع ...الخ
إن ذكر هذه المواقف له والإشادة بأعماله ستصنع أثرا إيجابيا و تساهم بإعادة ثقته لنفسه والتي هي نقطة أساسية لمعالجة آثار التنمر.
4-شاركه تجاربك السابقة حين كنت صغيرا و مواقفك الصعبة التي مررت بها فهو يعتبرك قدوته و نموذجه القوي أخبره بأنك قد تلقيت تعليقات مشابهه و تعرضت للأذى من الآخرين, وقد تجاوزتها الآن و نجحت بالتغلب عليها, حين يستمع طفلك إلى قصصك سينجذب إليها و سيظل يتساءل كيف تصرفت يا ماما ؟ ماذا فعلت يا بابا ؟ لأن القصة يظل لها تأثيرا أكبر بنفس الطفل و إذا كان بطلها الأب أو الأم فإن أثرها سيكون أكبر.
و هنا رسالتين للطفل هما أن الكل معرضين لهذه المواقف الصعبة ليس لأنهم سيئين بل لأن هناك فئة من الناس تتعمد مضايقة الآخرين والرسالة الأخرى أن الشخص قادر أن يتغلب على تلك المواقف و يتجاوزها و ستصبح من الذكريات .
5-إقرأ له قصة تدور حول الموضوع ذاته أو هو يقرأها لك و يمثل شخصياتها مع إخوته فالقصص تحفز الطفل على التعبير عن مشاعره وأفكاره وستجده مندفعا بالأسئلة والحوار والأفكار .
6-الرسم له فعالية كبيرة في إزالة التوتر و إعطاء الطفل مساحة للتعبير عن إنفعالاته و تفريغها على الورقة .
7- لاتدع طفلك فريسة للقلق و للأفكار بالجلوس طول اليوم دون مزاولة أي نشاط , بعد المدرسة أشركه بنشاط مثل السباحة و الكاراتيه أو كرة القدم أو الرسم أو أي مجهود بدني يصرف به طاقته السلبية و يرفع بثقته من نفسه و يطور بمهاراته الدفاعية ضد أي اعتداء مستقبلا.
8-دعه يتحدث عن إنجازاته أو يعرض أعماله عند أفراد الأسرة أو باجتماع العائلة الأسبوعي سيحفزه ذلك و يشجعه على مضاعفة إنجازاته .
9-إن كانت تنتابه أحلام ليلية مزعجة أو نوبات استيقاظ بمنتصف الليل احتضنه و ابقى بجانبه حتى ينام فتلك فترة عصيبة يمر بها الطفل و يحتاج لإحتواء من الوالدين و مساندة و بمجرد تجاوز هذا المشكلة ستنتهي كل الأعراض .
10-اسند له مسؤوليات منزلية يقوم بها بشكل يومي .
11-إن لاحظت إنخفاض بمستواه الأكاديمي لا تؤنبه و قدم له المساعدة على رفع مستواه و تواصل مع المدرسة لتقديم حلولا لذلك و لتعلم بان هناك علاقة مباشرة بين التنمر و انخفاض المستوى الدراسي .
إن الحوار مع الطفل هو الشريان الأساسي لإنجاح تلك الفنيات فإن كنت صديقا لطفلك منصتا له فإن كل تلك المشكلات سيكون تأثيرها محدود بسبب قربك له أما إذا فقدت سبل الحوار مع الطفل او المراهق فإن اكتشاف المشكلة سيأخذ وقتا أطول مما يفاقم تأثيرها
- See more at: http://acofps.com/magazine/9#sthash.aSYDOYjZ.dpuf